اغتصاب المتظاهرات في 19 ديسمبر.. هل تعدت السلطات الخطوط الحمراء؟

169

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. حالة من الغضب والغليان تسود الشارع السوداني، في أعقاب تقارير محلية حول تعرض فتيات في المظاهرات لعمليات اغتصاب، ماجعل ثمة تساؤل يلوح في الافق .. هل تعدت السلطات السودانية الخطوط الحمراء؟

حالات موثقة

وبحسب مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، سليمى إسحق فإن عدد ضحايا الاغتصاب من النساء في ليلة موكب 19 ديسمبر وصل إلى ثماني حالات موثقة تم التأكد منها، وأفادت، أن واحدة من الحالتين شرعت في تدوين بلاغ متمسكة بحقها القانوني، مضيفة أن واحدة من الحالتين استدعت تدخل جراحي، لكن الوضع الصحي للحالتين تحت السيطرة، وأشارت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة إلى حالات تحرش واسعة، وحثت سليمى الضحايا على أهمية التبليغ لضمان الحماية الصحية والقانونية وصولاً للمحاسبة. واعتبرت أن ما جرى خلال فض المليونية سياسة ممنهجة، مستبعدة أن يكون مجرد تصرف فردي لأفراد القوات النظامية.

إستنكار واسع

استنكرت عدد من المنظمات الدولية استخدام العنف الجنسي والعنف القائم كسلاح لإبعاد النساء عن المظاهرات وإسكات صوتهن، وقالت ليز ثروسيل، المتحدّثة باسم مفوّضية الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان ومقرّها جنيف، في بيان الثلاثاء “تلقّى مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان بلاغات أنّ 13 امرأة وفتاة تعرّضن للاغتصاب أو الاغتصاب الجماعي”. وأضافت: “تلقّينا أيضا مزاعم حول تحرّش جنسي من جانب قوّات الأمن ضدّ نساء كنّ يُحاولن الفرار من المنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي مساء الأحد”. وطالب كليمان فول، مقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحقّ في حرية التجمّع السلمي وتكوين الجمعيات، كما طالب السلطات بمحاسبة المغتصبين ومرتكبي أعمال العنف الجنسي.

الاتحاد الأوروبي على الخط

كذلك انضم الاتحاد الأوروبي ودول غربية، الخميس، إلى الأمم المتحدة في دعوة السلطات السودانية إلى إجراء تحقيق “مستقل” في مزاعم اغتصاب قوات الأمن لمتظاهرات بالعاصمة الخرطوم الأحد، وفي بيان خاص هذا الصدد: “نحث السلطات على إجراء تحقيق كامل ومستقل في مزاعم العنف هذه وضمان محاسبة الجناة بغض النظر عن انتمائهم. وتابع البيان: يجب أن يُمنح السودانيون الحق في حرية التعبير السياسي والتجمع بمنأى عن العنف”.

“مابكسروك”

اغتصاب المتظاهرات في 19 ديسمبر.. هل تعدت السلطات الخطوط الحمراء؟
سودانيات ينزلن للشارع بعد التعرض لمتظاهرات في مواكب 19 ديسمبر 2021

في المقابل، نزلت أكثر من ألف امرأة سودانية إلى الشارع الخميس للتنديد بظاهرة اغتصاب النساء، بعدما أفادت الأمم المتحدة بتلقيها 13 بلاغا بأعمال عنف جنسي وقعت خلال التظاهرات الحاشدة المنظمة بمناسبة الذكرى الثالثة للثورة، وحملت النساء لافتات كُتبت عليها شعارات من قبيل “الاغتصاب لن يوقفنا” و”نساء السودان أقوى والردّة مستحيلة” و”مابكسروك” وحملت نحو 150 متظاهرة رسالة إلى مفوّض مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان في الخرطوم، مطالبات بإحقاق العدالة لإنصاف المتظاهرات اللواتي تعرّضن للاغتصاب في 19 ديسمبر وأيضا لكلّ السودانيات ضحايا الاغتصاب الفردي أو الجماعي منذ بداية الحرب في دارفور (الغرب) سنة 2003. كذلك ، شارك نحو 1500 شخص، غالبيتهم من النساء، في وقفة احتجاحية أقيمت في أم درمان، شمال غرب الخرطوم.

أفعال شنيعة

الطيب العباس، قيادي بقوى الحرية والتغيير
الطيب العباس – الامين العامة لنقابة المحامين السودانيين والقيادي في قوى التغيير

يقول الامين العام لنقابة المحامين السودانيين، الطيب العباس، في إفادته لـ”أفريقيا برس”؛ إن جرائم الاغتصاب بحق المتظاهرات تعد افعال شنيعة وتخالف عادات المجتمع السوداني وأخلاقه، وكشف العباس عن إجراءات تحري يقومون بها للكشف عن المتورطين وتقديمهم لمحاكمة، وأكد أن الممارسات التي تمت يدينها القانون الجنائي والمنظمات الحقوقية، كما كشف العباس عن تشكيلهم لغرفة يتم من خلالها تقييم كل الانتهاكات التي تمت بحق المتظاهرين السلميين، وتقديمها للأجهزة العدلية، محذرا الاجهزة الامنية من الوقوع مرة أخرى في مثل هكذا إنتهاكات على اعتبار أنها قد تقود إلى عواقب وخيمة لا يحمد عقباها.

عنف ممنهج

ويرى مراقبون أن الاغتصابات التي تمت للمتظاهرات لم تكن وليدة اللحظة بل إمتداد لنمط عنف جنسي ممنهج تمارسه السلطات بغرض كسر شوكة النساء وردعهن وذلك حتى يبعدن عن ممارسة العمل العام ومنعهن ممارسة حقوقهن السياسية والمدنية.
بينما لفت كثيرون، إلى أن الممارسات التي تمت بحق المتظاهرات تعد جزءً أصيلاً من افعال المؤسسة العسكرية في السودان، والتي ترتكز في الأساس على الفكر الإرهابي الذي يقنن للعنف ضد المراة، معولين على قانون مكافحة الارهاب للحد من هذه الظاهرة الخطيرة على اعتبار إنه اصبح قانونا عالميا ومعروفا ويمكن أن يجرم مرتكبيه ويردعهم.

جريمة قديمة

المعز حضرة، محامي سوداني، وقيادي في قوى الحرية والتغيير

فيما يرى الخبير القانوني، المعز حضرة في حديثه لـ”أفريقيا برس” إن جرائم الاغتصاب من الجرائم التي لا تغتقر، كما إنها بحسب حضرة من الجرائم التي ظلت ترتكبها الاجهزة النظامية منذ فترة طويلة دون حسيب ورقيب، وقال إنهم تقدموا بعرايض للشرطة تؤكد اركتاب منسوبيهم لجريمة الاغتصاب، مستدركا؛ ولكن الشرطة لم تتعاون معنا اذ إنها ظلت في كل الجرائم لم ترفع الحصانة عن منسوبيهم، مؤكدا ان ذلك يعد السبب الرئيسي في تكرار جريمة الاغتصاب والجرائم الأخرى من الاجهزة النظامية.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here