البرهان.. في مرمى نيران قوى الثورة

248
وزير الصناعة والقيادي بالحرية والتغيير إبراهيم الشيخ مع عبد الفتاح البرهان في اعتصام القيادة قبل ساعات من تعيين البرهان على رأس مجلس السيادة

بقلم : أحمد جبارة

أفريقيا برسالسودان. يواجه رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبدالفتاح البرهان، هجمة شرسة من قوى الثورة في السودان، فبعد خروج الشارع الذي هتف برحيله، برزت أصوات حادة داخل المكون المدني تطالبه أيضا بالرحيل، وبين مطالب الشارع وشركائه في الحكم يبرز سؤال عريض لدى المراقبين، فحواه: هل يصمد البرهان في وجه العاصفة؟

هجوم سابق

والهجوم على البرهان لم يكن وليد اللحظة، حيث سبق وأن هاجم المدنيون شركاءهم في الحكم وذلك عقب تعليقهم على المحاولة الانقلابية الفاشلة التي حدثت الشهر الماضي، عندما اعتبر المدنيون وقتها حديث المكون العسكري بأنه مهدد للتحول الديمقراطي وأن حديثهم عن المحاولة الانقلابية أخطر من الانقلاب نفسه، مؤكدين إنهم  ليسوا أوصياء على البلاد.

وكان رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ونائبه قالا في خطاب: “إن السياسيين لا يهتمون بمشاكل المواطنين، وإن الانقلابات العسكرية سببها السياسيون الذين أهملوا خدمات المواطن وانشغلوا بالكراسي وتقسيم السلطة”.

وفي خضم تطورات المشهد السياسي في السودان، بدأت العلاقة بين شركاء الحكم تسير كل يوم في معترك جديد لا يمكن الفكاك عنه، سيما أن جزءً من المدنيين انشق عن التحالف الحاكم وتماهى مع العسكر، فضلا أن مناصريهم طالبوا خلال مظاهرات واعتصامات من العسكر استلام السلطة وهو الأمر الذي جعل قوى الثورة ترفضه جملة وتفصيلاً، وأمس زادت نبرة المدنيين اتجاه المكون العسكري، إذ استل القيادي بقوى الحرية والتغيير، ابراهيم الشيخ سيفه مهاجما البرهان، قائلا: “إن الائتلاف الحاكم لم يعد يثق فيه بأن يسلم رئاسة السيادي للمدنيين”، وأضاف: “حتى لو حلف بالطلاق لن نصدقه فقد سبق وأن اقسم بأنه لم يفض الاعتصام ولم يوف بوعهده، وهدد ابراهيم، بأنهم سيحاصرون القصر الجمهوري في حال لم يتم تسليمهم رئاسة السيادي، وقال الشيخ “على الجيش أن يقدم بديلا للبرهان في هذه الشراكة”.

الاصم على الخط

محمد ناجي الاصم، قيادي في قوى الحرية والتغيير

ولم يكن الشيخ هو الوحيد الذي هاجم البرهان، فقد لحقه في ذلك، القيادي البارز بقوى الحرية والتغيير، محمد ناجي الأصم إذ قال:  “على البرهان أن يذهب إذا لم يلتزم بالوثيقة الدستورية”، مضيفاً: “إنّ رئيس مجلس السيادة ونائبه لم يقوما بأي عمل يظهر نيتهما لدعم التحول الديمقراطي في السودان”، موضحاً أنه لا تزال لديهما مؤسساتهما المالية الموازية لمؤسسات الدولة، وقال: “نحن نفرق بين البرهان وحميدتي وبين المؤسسة الأمنية في السودان”، وتابع: “المؤسسات الأمنية ليست مؤسسات تتبع لأشخاص”، وأشار إلى أنّ البرهان وأعضاء المكون العسكري قصّروا وهم أصحاب التقصير الأكبر في الشراكة والوثيقة، ولم يقوموا بواجباتهم المتعلقة بأهم عنصر بالوصول إلى قوات مسلحة موحدة. كذلك، تظاهر أمس الآلاف من السودانيين دعماً للحكم المدني والديمقراطي، وطالب المتظاهرون بضرورة رحيل البرهان من رئاسة مجلس السيادة وتسليم السلطة للمدنيين.

كيد المدنيين

الصوارمي خالد سعد، الناطق السابق بإسم الجيش السوداني

أعتبر الناطق السابق باسم الجيش السوداني، الصوارمي خالد سعد، هجوم المدنيين على البرهان بالكيدي على اعتبار أن البرهان طالبهم بالعودة إلى منصة التأسيس وتوسيع المشاركة في الحكم وهو الأمر الذي جعل المدنيين- بحسب الصوارمي- يتخوفون من توسيع المشاركة في الحكم على اعتبار أن المشاركة تشمل قوى سياسية كبيرة بما فيهم أحزاب خارج قوى الحرية والتغيير في الحكومة ،وبحسب الصوارمي فإن الهجوم يقرأ في سياق خوف المدنيين على مزاحمتهم في مناصبهم.

ولم يستبعد الصوارمي الذي تحدث لـ”أفريقيا برس” أن يكون الهجوم ايضا بسبب مطالبة البرهان بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة على اعتبار أن هنالك قطاع عريض من الشعب السوداني يطالب بحكومة كفاءات مستقلة وذلك بالرجوع للوثيقة الدستورية التي نصت على حكومة كفاءات لذلك فإن المدنيين سيفقدون مناصبهم في الحكومة القادمة في حال تشكيل حكومه كفاءات وبالطبع سيكونوا خارجها على اعتبار أنهم ينتمنون لقوى سياسية.

وحول مطالب الشارع التي نادت برحيل البرهان، يرى الصوارمي أن صوت الجماهير كان عالياً، بأن البرهان سيرحل مثله ومثل حمدوك على اعتبار أنهم الآن يديرون فترة انتقالية مؤقتة، وبعد ذلك سيسلمونها لحكومة مدنية منتخبة، مستدلا بتعهدات البرهان السابقة والذي قطع بأنه مع التحول الديمقراطي وإنه سوف يسلم الحكومة لحكومة مدنية يختارها الشارع عبر صندوق الانتخابات.

مطالب متضاربة

الفريق حنفي عبدالله خبير أمني ومحلل سياسي

الخبير الأمني والمحلل السياسي، الفريق حنفي عبدالله، لم يختلف عن الحديث السابق، إذ يقول في إفادته لـ”أفريقيا برس”: “إن رئيس مجلس السيادة في كل تاريخ السودان لم يستهزا به، ولم يوصف قط بعبارات غير أخلاقية كالتي أطلقها ابراهيم الشيخ”، واعتبر الهجوم خروجاً عن اللباقة والكياسة، والغرض منه تهديد السيادة في البلد. وعن مطالب الشيخ بتسليم السلطة للمدنيين، يقول حنفي: “أساسا السلطة في يد مجلس الوزراء وأن البرهان في هذا المنصب لايقوم بأي أدوار سوى أن منصبه شرفي”، واعتبر هتافات موكب 21 أكتوبر كانت مطالبها متباينة ولم تكن المطالبة منحصرة برحيل البرهان بل جميع المدنيين أيضا المدنيين طالتهم الهتافات بالرحيل.

ولم يستبعد حنفي، أن تكون المطالبات التي رفعت في الموكب يقف خلفها قادة قوى الحرية والتغيير فرع المجلس المركزي، موضحا بأنها -أي المطالب- عبارة عن رد فعل لمطالبات قوى الحرية والتغيير فرع ميثاق قاعة الصداقة والتي طالبت بحل الحكومة الانتقالية والاستغناء عن حكومة المحاصصة الحزبية وتكوين حكومة كفاءات مستقلين.

وعن مطالب الشيخ برحيل البرهان يقول حنفي أيضا: “هذه المطالبات المتضاربة هي عبارة عن رفع سقف للتفاوض للوصول لحل وسط مقبول”. وأضاف: “ستجتمع اللجنة السباعية برئاسة حمدوك للتوصل لحل وسط ينتج عنه حكومة متوافق عليها وإنهاء أزمة شرق السودان وفتح الميناء والطرق المؤدية إليه”، واردف: “إذن الجميع بعد ان أثبتوا أنهم يمتلكون جماهير شعبية باتوا قادرين على التفاوض من موقع قوة وباتت آمال الشعب السوداني كلها تنتظر أن يتحلى أعضاء اللجنة السباعية بالحكمة للتوصل لحل شامل لكل أزمات السودان الحالية التي تسببت في ضيق معيشي غير مسبوق في تاريح السودان.

مطالب مشروعة

صلاح الدين الدومة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أمدرمان الإسلامية

لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة أمدرمان الاسلامية صلاح الدين الدومة، يذهب بعيدا عن سابقيه، إذ يرى في حديثه لـ”أفريقيا برس” أن المطالبات برحيل البرهان سواء من الشارع أو من ابراهيم الشيخ تعد مطالب في محلها على اعتبار أن البرهان أظهر نوايا انقلابية خلال الفترة الانتقالية، إضافة إلى أن أدائه كان ضعيفاً وسيئاً مقارنة برئيس الوزراء عبدالله حمدوك، حيث وبحسب الدومة، البرهان فشل في الجانب الأمني على اعتباره الملف المسؤول عنه، مستدلاً بالتفلتات الأمنية وظهور عصابات النيقرز و”٩ طويلة”، التي ظهرت في الفترة الانتقالية، ولم يستبعد الدومة أنه تمت صناعتها من قبل البرهان نفسه بحجة أن الوضع الأمني خطير لكي تتم مطالبته بتفويض لاستلام السلطة، وأردف الدومة: “كذلك ما يظهر نوايا البرهان الانقلابية على الحكم المدني هو صناعته لقوى سياسية معادية لقوى التغيير وتناصره، فضلا عن تصريحاته التي تؤكد أنه غير محترم للشراكة والوثيقة الدستورية لاسيما في مسألة تسليم رئاسة السيادة للمدنيين”. واعتبر الدومة أن وجود البرهان في الحكم عار على الفترة الانتقالية، مشدداً على ضرورة رحيله، ولا يستبعد الدومة أن يكون للبرهان نوايا بأن يكون ديكتاتور جديد وامتداد للبشير ونظامه السابق، مستدلاً باستماتته في بعض المواقف والتصريحات.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here