البرهان يحدد موعد تنحيه .. هل يفى بالوعد؟

123
البرهان: أسس الحرية والسلام والمساواة والعدالة. إن هذه الأسس لايمكن تحقيقها فى ظل مانعيشه من تشتت لقوى الثورة وتنامى وتصاعد الخطاب الجهوى ..

بقلم : خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، فتح باب النقاش والجدل بشأن رغبته فى التنحي عن السلطة حال انتهاء فترة الحكم العسكري في الفترة الانتقالية، وقال حتما متى ما حل وقت تسليم قيادة المجلس السيادي للمدنيين، من يجرب السلطة خلال فترة الإنتقال لا يفكر فيها مرة أخرى.
ثمة تساؤلات تبحث عن إجابات عن مدى إيفاء الرجل بوعده وهل من عقبات تقف أمامه، بالإضافة إلى جاهزية القوى المدنية فى الساحة السياسة لقبول نقل السلطة إليها، كما يبرز سؤال هل يريد البرهان إرسال رسائل إلى جهات بعينها أم لا؟

سلطة مطلقة

مايو الماضي كان الموعد المحدد لنقل السلطة من قبل المكون العسكري إلى المدنيين وفقاً للوثيقة الدستورية وذلك قبل أن يأتي اتفاق سلام جوبا الموقع بين الحكومة والجبهة الثورية ليمدد بقاء العسكر على هرم السلطة، وان كان الشارع يرى أن هذا تمكين جديد للعسكر في السلطة، بيد أن الخبير الامني والاستراتيجي الفريق حنفي عبدالله، يرى أن حديث الفريق أول البرهان في تأكيد لما يمكن وأنه ليس بجديد باعتبار أنه تاريخيا سبقه في ذلك المشير سوار الذهب.

وأبلغ عبدالله “أفريقيا برس”، بأن السلطة الآن ليس بيد البرهان فقط هناك مؤسسات الفترة الانتقالية ومجلس السيادة يضم آخرين بالإضافة إلى رئيس مجلس الوزراء الذي بيده كل السلطات التنفيذية وهو يبت في تعيين الوزراء والولاة وقادة الخدمة المدنية، بالإضافة إلى ملفات الحكومة التنفيذية الأخرى، كما يشارك في التشريع بمعني أن سلطات البرهان مقارنة بحمدوك تعتبر أقل.

بالمقابل الاكاديمي والكاتب الدكتور النور حمد، قال لـ “أفريقيا برس”، أنه يتوقع أن يفي البرهان بوعده وتسليم السلطة للمدنيين، بيد أنه إسترسل في الحديث بقوله ” ما لم تحدث متغيرات تفرض عليه البقاء، وهذه لا تأتي في تقديري إلا من جهة الملف الأمني، مُضيفاً: وعموما ينبغي أن تعمل كل القوى الفاعلة في المشهد السياسي الانتقالي، على تجنب المنزلقات التي تمنح العسكر فرصة التشبث بعجلة قيادة الدولة وتحدث المنزلقات حين يعمى الشركاء عن رؤية الصالح العام حين ينحجبون عنه بالكسب الحزبي والأجندة الشخصية وعمل القوى المتشاركة في النيل من بعضها.

القيادى فى حزب الامة القومي عروة الصادق يٌبين بشأن هل سيفي البرهان بوعده قائلاً .. السؤال إجابته البديهية نعم… ولكن في ذات الوقت هو سؤال يطرح من الذين لا يريدون تغيير السلطة للمدنيين وإظهارهم بمظهر الضعف والوهن. وأضاف “مع يقيني التام أن أكثر القصور في البلاد والتوترات الحادثة ليس لهم فيها يد باعتبار أن جميع مكونات السلطة تراضت على المضي قدماً في تحقيق شعارات الثورة إلا أن كثيرين حاولوا تحميل الشق المدني الفشل حتى من بعض جنرالات القوات المسلحة وفي قارعة الطريق يحرضون المواطنين على ذلك وهو بالتأكيد عدم مسؤولية و إيغار للصدور وتوسيع للشقة بين المدنيين والعسكريين”.
وشدد الخبير الاستراتيجي الفريق حنفي عبدالله على أنه ليست هناك سلطة مُطلقة للفريق البرهان وفق الوثيقة حتي تكون هناك معضلة للتخلي عنها، أي حقيقة وواقعاً السلطة هي مدنية وما يقال في وسائل التواصل الاجتماعي هو غير واقعي.

صراع الحاضنة

الاكاديمي والكاتب الدكتور النور حمد قال لـ “أفريقيا برس”، رداً حول هل القوى المدنية مستعدة وجاهزة لاستلام السلطة، قائلاً “ليست جاهزة من حيث القدرات، ولا من حيث القدرة على العمل الجماعي المنتج”، كما أنه يعتقد أن العسكر أفضل حالا منهم، ولذلك لا ينبغي أن نتخذ من قصور المدنيين ذريعة للتبرير للحكم العسكري الديكتاتوري، فقد جربناه مرات وعرفنا مزالقه، وقال أنه على القوى السياسية المدنية أن تجعل من الفترة الانتقالية فرصة للتعلم ولتأهيل نفسها للممارسة الرشيدة للحكم… وإذا لم تفعل فإن الحكم الاستبدادي سيعود مثلما عاد مرتين من قبل، وسيعود بصورة أسوأ وبما لا يقاس من المرات السابقات.

ويذهب الفريق حنفي نحو أن الأزمة هي الصراع الذي يدور وسط الحاضنة السياسية مقرونة مع تحديات أمنية خطيرة بالتفلت الأمني وغياب هيبة الدولة الواضح في المركز والولايات وأزمات الصراع الاثني والوضع الاقتصادي الصعب و تأخر تنفيذ بنود إتفاق سلام جوبا خاصة الترتيبات الأمنية وشعور المواطن بعدم الأمان في معيشته وحياته وممتلكاته … الخ.

وتابع بالقول” لذا لا قدر الله إذا تفاقم الوضع الأمني بصورة أكبر يكون هناك وضع صعب قد يفضي إلى إتفاق سياسي بتمديد وجود البرهان لفترة”، كما أنه يعتقد أن القوى السياسية الآن غير مستعدة لأنها انشغلت بالمحاصصات وظلت كثير من المكون للحاضنة خاصة الشيوعي وتجمع المهنيين يناهضون كل قرارات مجلس الوزراء.

القيادي في حزب الامة القومي عروة الصادق قال لـ “أفريقيا برس”، قبل تسليم السلطة للمدنيين علينا تهيئة الحرية والتغيير وإصلاحها بتوسعة أدواتها واستيعاب كل قوى الثورة التي لم تنضوي تحت الحرية والتغيير وكذلك تقييم أداء المدنيين في السيادي ولو استدعى الأمر استبدالهم ليرأس المجلس أحد المدنيين الجدد وكذلك على الحرية والتغيير الحرص على أن تكون مفاصل وموارد ومؤسسات الدولة جميعها تحت ولاية السلطة الحاكمة وليس طرف من الأطراف سيما الأموال التي بطرف المؤسسات النظامية لتضبط وفق إجراءات وزارة المالية وأن تحسم ملفات العلاقات الخارجية لتكون ضمن صلاحيات واختصاصات مجلس الوزراء ووزير الخارجية لا الأهواء والأمزجة والتمحورات.

التصدى للعسكر

عروة يوضح خلال حديثه لـ’’ افريقيا برس، بشأن هل سيقبل العسكر برغبة البرهان فى التنحى، بالقول” أما رفض العسكر أو قبولهم للأمر يحدده مدى توفير الضمانات السياسية التي تكفل لهم الاستمرار كشراء في السلطة الانتقلية لأن البعض يرى في فترة رئاسة العسكر لمجلس السيادة وسيطرته على المؤسسات النظامية والأمنية حماية له وحصانة من الملاحقات المحتملة”، لافتاً إلى أنه من الأوجب هو التصدي للمسؤوليات والسعي للوفاء بما تم الاتفاق عليه خصوصا أن هناك وساطة إقليمية وضامنون ومراقبون دوليون، وأي إخلال بما تم الاتفاق عليه يمكن أن يدخلنا في التضييق الذي كان مضروبا على السودان في عهد النظام البائد.

ويُشير الفريق عبدالله على أنه يكرر بأن السلطة ليست لدى العسكر كما تصف وكلمة محاككات غير مناسبة وذلك رداً على سؤال لـ “أفريقيا برس”، ونوه إلى أن مشاركة المكون العسكري وسلطاته لا تخرج من الاتفاق والوثيقة الدستورية وان المكون العسكري جزء أصيل من مجلس السيادة الذي يعمل وفق القانون وما تم الاتفاق عليه، ولكن شدد على أن الأوضاع العامة غير مواتية وفقا للحيثيات التي ذكرتها اعلاه.

وأفاد بأن البلد تحتاج أن يجتمع الكل علي قلب رجل واحد ويتناسوا المصالح الحزبية والمناطقية والإثنية ويعوا أنه دون ذلك مزيد من عدم الاستقرار وإذا لم تبسط الدولة هيبتها وحفظ الأمن والسلم الاجتماعي ووضع وتنفيذ رؤية واضحة للخروج من الأزمة الاقتصادية بالتدريج لن يستقر الوضع.

كما يذهب الاكاديمي والكاتب الدكتور النور حمد حول أمكانية قبول العسكر بتسليم السلطة طوعا دون أي محاككات بالقول إلى أنه ربما تحدث بعض المماطلة والالتفافات فترك السلطة وبهرجها وألقها وامتيازاتها ليس بالأمر السهل. وهو لا يسهل إلا على الأحرار، والأحرار قليلون، وقديما قيل: لقد صبرت عن لذة العيش أنفس وما صبرت عن لذة النهي والأمر، وتابع بالقول ” عموما الوضع الداخلي المتعلق بالشارع العريض والوضع الدلي من شأنهما التضييق على فرصة المماطلة والتسويف، وأرجو ان يكون ذلك موضوعاً في حسابات العسكريين.

التعلم بالتجربة

ثمة تحديثات ماثلة في طريق ممارسة الحكم ويرى مراقبون أن نقص الخبرة لعناصر تحالف الحرية والتغيير أحد الاسباب الرئيسة التي فاقمت من أزمات السودان، وربما هذا ينعكس سلباً على الاوضاع العامة في البلد وهل هي مهيأة لنقل السلطة للمدنيين، حيث يرى الاكاديمي والكاتب الدكتور النور حمد بأن الاوضاع في البلاد هي مهيأة تحت كل الظروف، موضحاً لـ’’ افريقيا برس’’، أن القول بعدم تهيؤها خطاب مخاتل، يصنعه انصار الأنظمة الاستبدادية لأغراض في أنفسهم، وتسأل .. هل كان عمر البشير وبكري حسن صالح وعبد الرحيم محمد حسين وصلاح كرار ومحمد الأمين خليفة وغيرهم مهيأون لممارسة الحكم حين قوضوا النظام الديموقراطي في عام 1989؟ لقد تعلموا بالتجربة وفشلوا عبر ثلاثين عام في الدفع بأحوال البلاد إلى الأمام بل أعادوها عقوداً إلى الوراء.

ويقول حمد أن الآن يغلب على مجلس السيادة، بعد دخول الحركات المسلحة، العسكريون وليس المدنيين لذلك، لا أتوقع أن تكون كفة المدنيين هي الراجحة، هي لن ترجح ما لم يقم المجلس التشريعي، الذي تعطل إنشاؤه كثيراً جداً، مشيراً إلى أن عدم تهيؤ الأوضاع لنقل الحكم إلى المدنيين حالة مصنوعة، ولا تعود لقصور في المدنيين، بدرجة تحول كلياً دون ممارستهم السلطة، وإنما تعود إلى دوامة متشابكة ومتقاطعة من خيوط التآمر على الثورة وأهدافها، لافتاً لم يتوقف التآمر على حكم المدنيين لدمغه بالفشل منذ بداية تطبيق الوثيقة الدستورية، متوقعاً أن يستمر هذا التآمر من بعض الجهات بعد أن يمسك المدنيون برئاسة السيادي، وأضاف” لكن لا خيار في كل الأحوال من العمل والصبر على المكاره والاصرار على تخطي العقبات للوصول الى منعطف التحول الديموقراطي”.

بالمقابل يفيد القيادى في جزب الامة القومي عروة الصادق بأن العقبات الماثلة أمام المشهد السياسي الغموض الذي يكتنف عملية الشراكة السياسية وعدم الوضوح في التعاطي خصوصا مع الأزمات الاقتصادية والسياسية والخوانق الأمنية ففي ملف معاش الناس هنالك من يسهم بصورة واضحة في رفع سعر الصرف بشرائه لحصائل الصادر والذهب واحتكار السلع تحت مرأى ومسمع أركان مهمة في الدولة.

وأشار إلى أن الخوانق الأمنية سببها الرئيس تقاعس الجهات المعنية والتي تقع تحت سلطة العسكريين من توفير المعلومة قبل وقوع الحوادث والتباطوء في احتوائها بعد الحدوث وهو ما كلف البلاد الكثير من الأرواح والأموال والموارد وهز الثقة في الشراكة السياسية، موضحاً أن أهم التحديات الماثلة هو ملف الترتيبات الأمنية والذي يمثل أكبر العثرات أمام استدامة السلام وتحفيز غير الموقعين على الجلوس للتفاوض إذ أن الإجراءات فيه تسير ببطء شديد وخلقت تزمراً شديداً وسط حملة السلاح وشركاء العملية السلمية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here