البرهان يلوّح بتجاوز القوى السياسية وتشكيل حكومة طوارئ

27

افريقيا برسالسودان. كثف رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ضغوطه السياسية على القوى المدنية والحركات المسلحة، لتشكيل حكومة جديدة.

وانتقد البرهان الأحد تلكؤ قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية في تقديم مرشحيهم، وهدد بتجاوز الأحزاب والقوى المختلفة وتشكيل حكومة طوارئ برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، حال عدم الالتزام بتشكيل الحكومة بالسرعة اللازمة.

وذكرت صحيفة “اليوم التالي” السودانية الأحد، أن البرهان أشار إلى أن أوضاع البلاد لا تحتمل المزيد من التلكؤ.. وبعض قادة قوى الحرية والتغيير طالبوا من رئيس مجلس السيادة، عدم الإقدام على تلك الخطوة ووعدوه بالإسراع في إنجاز المهمة، وفق الروزنامة الزمنية التي اعتمدها مجلس الشركاء.

ودفع الخلل الواضح في صفوف المكون المدني وعدم قدرة تحالف قوى الحرية والتغيير على التوافق بشأن كيفية استكمال هياكل السلطة وحسابات الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية، المكون العسكري إلى القبض على زمام المبادرة للتدخل خشية اندلاع موجة ثورية لن تكون في صالح المؤسسة العسكرية.

ولم يبق أمام حمدوك سوى بضعة أيام قبل انقضاء المهلة الزمنية التي أقرها مجلس شركاء الفترة الانتقالية كموعد نهائي لإعلان تشكيل الحكومة الخميس، وسط توقعات بعدم قدرة القوى السياسية على الالتزام بالموعد، مع عدم تقديم حزب الأمة لمرشحيه حتى منتصف الأحد، وحاجة حمدوك لدراسة الأسماء والاختيار بينها.

وذهب متابعون إلى أن توقيت تهديد البرهان، والفترة الزمنية القصيرة التي حددها مجلس الشركاء لتشكيل الحكومة، يوحيان بأن هناك ما يجري ترتيبه في الخفاء لصالح إحكام المكون العسكري قبضته على زمام الأمور، وعدم إتاحة الفرصة لانفلات الأوضاع بشكل يؤدي للعودة إلى نقطة الصفر. واستطاع المجلس العسكري نسج تحالفات مع قوى مختلفة داخليا وخارجيا، بما يدعم وجوده كقوة فاعلة ومهيمنة على أوضاع المرحلة الانتقالية، وضامنة للأمن والاستقرار.

ويبرهن تهديد رئيس مجلس السيادة على أن الجيش يجد الفرصة سانحة أمامه للمزيد من الهيمنة على السلطة، لأن هناك جراحا غائرة في أكثر من ملف ومنطقة، بينها الأزمة المتصاعدة على الحدود مع إثيوبيا وعدم قدرة الأجهزة الأمنية على تثبيت الأوضاع في ولايات الهامش، مثل غرب دارفور، مع حاجة مجلس السيادة لإعادة التموقع إقليميا ودوليا عقب رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب.

في المقابل، قد يأتي التصعيد لمواجهة القوى المدنية بنتائج عكسية لرغبة المكون العسكري، فمن المتوقع أن يسهم الإعلان عن تشكيل حكومة طوارئ في تسريع لحركة الشارع والدفع باتجاه اندلاع موجة ثانية لتصحيح الأوضاع بدلا من حل الأزمة.

وقلّل المحلل السياسي مرتضى الغالي، من إمكانية تنفيذ تهديد البرهان، لأن الشارع السوداني ما زالت لديه هواجس عديدة من وجود العسكريين على رأس السلطة، فضلا عن وجود معطيات تتشكل حاليا، وتدعم اندلاع موجة ثورية جديدة لتصويب أخطاء أطراف السلطة الانتقالية.

وتتصاعد وتيرة المطالبات بضرورة التوافق حول حلول اقتصادية لانتشال البلاد من عثراتها، واستكمال هياكل السلطة المعطلة، منذ التوقيع على اتفاق السلام مع الجبهة الثورية في أكتوبر الماضي، والإسراع في إجراءات محاكمات رموز النظام البائد، والتوجه نحو تطهير الأجهزة الأمنية من العناصر المخرّبة، وتضييق الخناق على الميليشيات في الأطراف، والتي تملك قدرة فائقة لتهديد السلطة الانتقالية.

وأوضح مرتضى الغالي لـ”العرب”، أن حدوث موجة ثورية جديدة ستكون ضد القوى السياسية التي أثبتت فشلها، ثم ضد العسكريين الذين ينحازون إلى عناصر النظام البائد، وأيضا ضد الحركات المسلحة التي ذهبت إلى السلام لتمكين قياداتها سياسيا وليس لإحلاله.

وترجع غالبية الأزمات الحالية إلى طبيعة المحاصصات التي نتجت عن اتفاق السلام في جوبا، حيث كانت سببا في عدم قدرة القوى السياسية والحركات على التوصل إلى توافقات بشأن استكمال هياكل المرحلة الانتقالية، بجانب وجود تحالفات خفية بين قادة الحركات والمكون العسكري تميل إلى تهميش القوى الثورية وتقويض الحكومة المدنية.

وأعلنت لجان المقاومة الأحد، انسحابها من ميثاق تحالف قوى الحرية والتغيير وكافة توابعه السياسية والقانونية، واتجاهها لتسخير طاقتها وقواعدها للعمل مع الشارع ومن أسمتهم بـ”القوى الثورية الحقيقية”، وأرجعت قرارها إلى انفراد قوى مهيمنة على التحالف بسلطة اتخاذ القرار والإقصاء المتعمد لكوادرها.

ويأتي انسحاب لجان المقاومة بعد أن أقدم الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين السودانيين على الخطوة ذاتها، فيما جمد الحزب الاتحادي وحزب الأمة القومي عضويتهما في المجلس الرئاسي للتحالف، ما يصب في صالح إمكانية عودة تلك القوى إلى الشارع.

وبدأ تجمع المهنيين منذ أسبوع، ما أسماه بخطوات “التصعيد الثوري” ضد السلطة الانتقالية، ونظم مظاهرات في مناطق متفرقة، شارك فيها المئات من الشباب الغاضب، سمحت بتشكيل كيانات بمسميات سياسية لم تكن حاضرة من قبل، قد يكون لها تأثير في حركة الشارع في الفترة المقبلة.

ودشن عدد من المهنيين اتحادا جديدا باسم “تجمع المهنيين الاتحاديين”، وركز في بيانه التأسيسي على دعم قضايا الاقتصاد التي تعد الهاجس الأكبر أمام المواطنين حاليا، ما يشي بأن أي تحرك في الشارع ستكون وقوده الأوضاع المعيشية الصعبة التي فشلت حكومة حمدوك في حلها، ويحاول البرهان التنصل منها.

واعتبر القيادي بقوى الحرية والتغيير نورالدين صلاح الدين، أن انسحاب لجان المقاومة لا يؤثر على التحالف الحكومي، لأنها جسم غير هيكلي وليست لها صفة رسمية، مثل الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى، وتفتقر للقيادة المركزية التي تمتلك سلطة اتخاذ القرار، وبيان الانسحاب قد يشمل لجان ولايات دون أن تتأثر به ولايات أخرى تشارك في مشاورات يقودها التحالف لاستكمال هياكل السلطة.

وأضاف لـ”العرب”، أن ثماني من تنسيقيات لجان المقاومة بالولايات قدمت مرشحيها لشغل مقاعد المجلس التشريعي إلى المجلس الرئاسي لقوى الحرية والتغيير، وهناك رغبة في استكمال التوافق معها، لتكون جزءا فاعلا في الخطوات التي قطعتها الثورة.

وقال نورالدين، “ليس في مصلحة أحد عرقلة مسيرة الفترة الانتقالية، فهناك حكومة جديدة سترى النور الخميس المقبل، وقوى الحرية والتغيير قدمت ثلاثة مرشحين لكل منصب وزاري من بين 13 حقيبة إلى رئيس الوزراء، وقدمت الجبهة الثورية مرشحيها السبعة أيضا، ويتبقى أربع حقائب مخصصة لحزب الأمة القومي”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here