التعاون العسكري والأمني .. على ماذا تقوم استراتيجية “الخرطوم وواشنطن”؟

33

بقلم: خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. مرت علاقات الخرطوم وواشنطن خلال نظام الثلاثين من يونيو بقيادة الرئيس المخلوع البشير بمنعطفات حرجة وصلت حد فرض عقوبات قاسية على السودان، وبعد ثورة ديسمبر تحولت العلاقات تحولاً جوهرياً لتؤكد واشنطن دعم مؤسسات الانتقال الديمقراطي وتفتح أبواب التواصل مع المؤسسات السودانية خاصة العسكرية والأمنية من خلال تبادل زيارات لقيادات أمريكية رفيعة المستوى للخرطوم في الفترة الأخيرة.

الدعم الأمريكي

الجيش الأمريكي، أكد أهمية دعم القوات المسلحة السودانية للحكومة الانتقالية بقيادة مدنية وانتقال السودان إلى الديمقراطية. وطبقاً لإعلام سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالخرطوم، أجرى قائد قوة المهام المشتركة – القرن الأفريقي، اللواء ويليام زانا، زيارة للسودان.

الدكتور عبد الرحمن أبوخريس – أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الدبلوماسي، التابع لوزارة الخارجية السودانية

أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الدبلوماسي، التابع لوزارة الخارجية السودانية، الدكتور عبد الرحمن أبوخريس، أفاد لـ’’أفريقيا برس’’؛ بأن علاقات البلدين العسكرية والأمنية ضاربة الجذور، ونوه أبوخريس إلى أن العلاقات ترتكز على استراتيجية ذات أهمية للسودان بعد التغيير السياسي بسقوط نظام البشير، لافتاً للتحول الكبير في العلاقات العسكرية خلال عهد الرئيس نميري، وأضاف: ” تحول حكومة نميري من المعسكر الاشتراكي ليكون حليفا لأمريكا ضخ الحيوية في علاقات البلدين العسكرية”.

وأشار إلى أن هذا التحول جعل الجيش السوداني يمتلك ترسانة دفاعية من المعدات والآليات الأمريكية، اثبت النجاعة في ميادين القتال التى خاضها السودانيون حينها، وأوضح أبوخريس ضرورة التدريب المشترك بين الأجهزة الأمنية السودانية والأمريكية، إضافة إلى التعاون المستمر في ملفات ذات قيمة عظيمة.

وأكد أن المؤسسات العسكرية والأمنية بعد الثورة هي في أمس الحاجة لنيل مزيد من جرعات التأهيل والتدريب، بالإضافة إلى حاجة السودان لامتلاك أسلحة متطورة تتعلق بالمنظومة الدفاعية.

هذا وبحث زانا مع قائد القوات البرية السودانية الفريق عصام محمد حسن كرار، مستقبل العلاقات العسكرية الثنائية بين الولايات المتحدة والسودان، وقال بيان للسفارة إن اللواء زانا، التقى أيضا مسؤولين عسكريين آخرين لتشجيع استمرار إحترافية القوات المسلحة السودانية، والتأكيد على دعم الانتقال الديمقراطي في السودان.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية السودانية خلال حديثه لـ’’أفريقيا برس’’، بأن استراتيجية العلاقات تنطلق من مهددات بالداخل والإقليم، وأردف قائلاً: “كثير من دول الجوار تمتلك ترسانات دفاعية ضخمة، مما يجعل الشراكة العسكرية السودانية الأمريكية حتمية”، مضيفاً: “إن هشاشة الأوضاع الداخلية وتقلبات الأحداث في الإقليم تحتم على السودان تحصين نفسها بتعزيز التعاون والشراكات العسكرية والأمنية مع الغرب وأمريكا تحديداً”.

تبادل المعلومات

ويرى مراقبون أن العلاقات الاستراتيجية في المجالات العسكرية والأمنية بين الخرطوم وواشنطن تقوم على المصالح المشتركة بتبادل المعلومات خاصة المتعلقة بالتطرف وجماعات الإرهاب.

طارق محمد عمر ، خبير أمني سوداني

في المقابل الخبير في الدراسات الأمنية في الجامعات السودانية الدكتور طارق أحمد عمر يوضح لـ’’أفريقيا برس’’؛ بأن طبيعة التعاون الأمني بين البلدين يشمل تبادل المعلومات.

وأشار إلى إمكانية نيل عناصر المخابرات العامة لدورات في القطاع الأمني في واشنطن، مع التنسيق في مكافحة الارهاب، كما أشار إلى التزويد بالأجهزة التقنية في مجالات التجسس ومكافحة الأعمال السلبية والمهددة للأمن الاستراتيجي، وأضاف: ” لابد من عقد جلسات خبراء بين الطرفين لوضع الرؤى والخطط المشتركة”.

وقد زار نائب قائد القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا “الأفريكوم”، السفير أندرو يانغ السودان في يناير الماضي على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، وهي الزيارة الأولى من نوعها لمسؤول عسكري أمريكي منذ إزالته من لائحة الدول الراعية للإرهاب.

ويفيد عمر أن المكاسب التي يمكن أن تحققها الخرطوم من هذا التعاون الأمني مع الولايات المتحدة الأمريكية أقلها العمل على ترقية وتطوير أداء الأجهزة الأمنية.

وتزامنت زيارة الوفد الأمريكي مع زيارة وفد إسرائيلي رفيع المستوى للسودان، برئاسة إيلي كوهين وزير الاستخبارات الإسرائيلي، لتعزيز العلاقات العسكرية والأمنية مع السودان.

ويعتقد أبوخريس بأن هناك مهددات إقليمية تواجه السودان في أرضه وسيادته من خلال جوار غير آمن وتدفق هائل لكتل بشرية لمختلف الأسباب نحو مدنه. وأضاف: ” من منظور استراتيجي لابد للسودان من تسليح ورفع قدرة قواته لمجابهة تعقيدات مماثلة على رأسها صراع المياه وتمدد الجيران على الحدود”.

ويؤكد أن تعزيز التعاون العسكري بين الخرطوم وواشنطن لا يعني إلغاء وتقليل كفاءة التصنيع الحربي السوداني، بل يجب أن يطور منظمومة الصناعات المتعلقة بالأمن والدفاع.

وأوضح أبو خريس أن فوائد ومكاسب السودان من التعاون مع أمريكا عسكريا متعددة، تبدأ بالتصنيع الحربي والتدريب ورفع كفاءة تسليح القوات العسكرية والامنية، وتبادل المعلومات، وإقامة الدورات المشتركة.

ولفت أبوخريس لأهمية الاستفادة من الخبرات العسكرية والأمنية لدى الطرفين بعد التقاعد من الخدمة، مضيفاً” أمريكا تمتلك كفاءات نالت تأهيل عالي وتقاعدات يُمكن الإستفادة منها في السودان”. وأقترح أن يسعى السودان لعقد صفقة تتعلق بإنشاء قمر صناعي للاغراض العسكرية والأمنية بالاستفادة من التكولوجيا الأمريكية المتطورة في القطاع الدفاعي. وأضاف: “هذا القمر سيعمل لحسم التفلتات على الحدود وتعقب حركة الإرهابين والمجموعات الخارجة عن القانون”، داعياً لتعاون إستخباري وأمني عالي المستوي بين البلدين.

الاستراتجية العسكرية

وكان النائب العام مبارك محمود، أحال ملف محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى نيابة الجرائم الموجهة ضدّ الدولة. وتُشير مصادر بأنّ التحقيقات في القضية في انتظار دعم فني من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.

الدكتور لواء أمين اسماعيل – الخبير في الاستراتيجيات العسكرية.

الخبير في الاستراتيجيات العسكرية، الدكتور لواء أمين اسماعيل يقول لـ’’أفريقيا برس’’: “لا شك أن السودان سيحقق فوائد كاملة من خلال توثيق التعاون العسكري مع أمريكا”. ويعتقد إسماعيل أن التقنية الرقمية والتطور الأمريكي محفز لمد جسور التعاون، إضافة إلى اجراء صيانات لآليات ومعدات في المؤسسة العسكرية السودانية منذ زمن طويل. وأوضح أنه على السودان وخلال فترة الانتقال؛ الاستفادة من فرص الانفتاح على أمريكا عبر امتلاك كافة الوسائل التي تجعل قواتها عالية الكفاءة المهنية.

وتُبدي واشنطن اهتماماً ملحوظاً بتعزيز الشراكة العسكرية والأمنية مع السودان، لاسيما بعد توقيع اتفاق سلام مع الحركات المسلحة يقضي بدمج الأخيرة في الجيش.

ويُشير الخبير أمين اسماعيل إلى أهتمام واشنطن بتأهيل وتدريب القوات العسكرية والأمنية السودانية وإعادة تأهليها بما ينسجم مع المرحلة الجديدة في البلاد.

وحذر أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية السودانية خلال حديثه لـ’’أفريقيا برس’’، من تأثيرات الأوضاع الداخلية على تلك العلاقات. ويرى أهمية توحيد الرأي الداخلي في القضايا الخارجية والنظر إلى مصالح البلاد العليا، مشيراً أن العلاقات الدولية تنطلق من استقرار الداخل والتوافق السياسي بين كافة المكونات.

وترغب واشنطن وفقا لمراقبين بأن تكون على مسافة قريبة من ملف إعادة هيكلة القوات المسلحة السودانية. ويضيف أبوخريس في هذا السياق: “التعاون العسكري والأمني للسودان مع أمريكا دون شك يحقق فوائد استراتيجية على كافة الصُعد”.

ويأتي اهتمام إدارة بايدن بتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في السودان لحماية المصالح الأمريكية،.ويقول مراقبون أن واشنطن تسعى لاحتواء نفوذ روسيا والصين، هذا بجانب تفاهم أمريكي-إسرائيلي على تعزيز الحضور الإسرائيلي في السودان والبحر الأحمر.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here