الخرطوم وواشنطن..الترفيع الدبلوماسي هل يقود للتطبيع؟

54
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ووزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو ٠ صورة أرشيفية

بقلم : خالد الفكى
أفريقيا برسالسودان. بعد قطيعة دامت لنحو نصف قرن، تعود علاقات الخرطوم وواشنطن لمستوى التمثيل الدبلوماسي بتبادل السفراء في البلدين، حيث أنه طوال فترة حكم الرئيس المعزول البشير، عين البلدان قائما بالأعمال فقط لإدارة سفارتيهما بالعاصمتين، ولكن يبدو أن المبعوث لمكافحة الإرهاب بالخارجية الإمريكية جون غودفري يتصدر لائحة المرشحين لغدارة شؤون بلاده بالخرطوم والتي عينت السفير ساتي منذ العام الماضي، ويعتقد مراقبون أن هذه الخطوة تفتح الباب واسعاً لإستعادة علاقات البلدين لأرضيتها المفقودة والمضي في طريق التطبيع الكامل.

ترشيح أمني

السفير عبدالحليم عبدالمحمود ممثل السودان في الأمم المتحدة

وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، قبيل أن يغادر البيت الابيض قال في ديسمبر الماضي إن البلدين سيتبادلان السفراء بعد زيارة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إلى واشنطن والتي تمت فعلاً في وقت سابق.
وهذا ما أكد السفير عبدالحليم عبدالمحمود مبعوث السودان للأمم المتحدة سابقاً، بالقول لـ “أفريقيا برس” ، أن الولايات المتحدة أعلنت من قبل أن علاقاتها مع السودان قد وصلت وبلغت مرحلة التطبيع. وأفاد عبدالمحمود بأن الإجراءات التي تتم في واشنطن لاختيار وابتعاث سفير للخرطوم يأتي في إطار هذا التطبيع، مُضيفاً “نأمل أن يتولى السفير موقعه بسفارة الولايات المتحدة هنا والتي تُعد من أكبر السفارات بالمنطقة”. وشدد بأن وجود سفير يعزز ليس فقط ترقية العلاقات الثنائية وإنما يتيح تنسيقاً أكبر إزاء القضايا الاقليمية والحوارية ذات الاهتمام المشترك، علماً بإن الولايات المتحدة عينت من قبل مبعوثاً لها لقضايا القرن الأفريقي هو الدبلوماسي جيفري فيلتمان.

المتحدث باسم الخارجية السودانية، السابق السفير حيدر بدوي صادق، قال بأن موافقة واشنطن على إعادة السفير السوداني وقبولها ترشيح ساتي خطوة فارقة في ملف إعادة العلاقات والتطبيع مع الولايات المتحدة. وبيّن أن هذه نقلة في العلاقات بعد حوالي ربع قرن من عدم التمثيل المتبادل على مستوى السفراء، وهي خطوة كبيرة في طريق التطبيع الكامل، وبالضرورة، في اتجاه رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

د. الرشيد محمد إبراهيم، أستاذ العلوم السياسة في الجامعات السودانية

أستاذ العلوم السياسة في الجامعات السودانية، الدكتور الرشيد محمد إبراهيم، يذهب في ذات الاتجاه، ويوضح لـ ” أفريقيا برس”، أن واشنطن رشحت أهم رجالاتها في مكافحة الإرهاب بالقرن الإفريقي مما يؤكد بأن محتوى إدارة الرئيس بايدن هو أمني في الدرجة الاولي.

مؤشرات للإهتمام
المديرة التنفيذية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، سامنثا باور، تزور الخرطوم هذه الايام رفقة وفد كبير من منسوبي الوكالة، ويرى الكاتب والباحث السياسي، محمد المبروك، بأن خطوة ترفيع التمثيل الدبلوماسي لدرجة سفير تأتي مقرونة مع زيارة ثامنثا للخرطوم. وأضاف المبروك لـ “أفريقيا برس”، أعتقد أنها تؤشر على أهمية متزايدة للملف السوداني لدى مراكز القرار الأمريكي خاصة مع تدهور الوضع الأمني في القرن الأفريقي.

يُذكر أن رئيس مجلس الوزراء، عبدالله حمدوك، عبر عن شكره للولايات المتحدة وعلى دعمهم للسودان في هذه المرحلة التاريخية من تحول السودان نحو تأسيس نظام ديمقراطي راسخ وتحقيق السلام الشامل وتطبيق اتفاق جوبا لسلام السودان. كما إستعرض حمدوك خلال اللقاء مع ثامنثا باور، تعقيدات الانتقال وقدم شرحاً مفصلا لمبادرته (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام) وأولوياتها السبعة.

محمد المبروك، كاتب وباحث سياسي

وينظر الكاتب والباحث السياسي، محمد المبروك، فى حديثه لـ “أفريقيا برس”، لتزايد مخاوف واشنطن من انهيار الدولة الإثيوبية والنتائج المأساوية لحرب تغراي وأول مظاهرها تدفق اللاجئين على حدود السودان. وأضاف” يمكن للسودان أن يصبح محطة إنسانية وممر إغاثة دولي للقرن الأفريقي”. ويمضي المبروك نحو التأكيد بالقول” نشهد تطور لافت في العلاقة بين واشنطن والخرطوم”. وأشار أن المطلوب من الخرطوم استثمار هذه اللحظة لأقصى مدى ممكن لأن الدفء في علاقات الدول وخاصة دولة كبرى مثل أمريكا قد لا يستمر طويلاً.

مكافحة الارهاب
قال خبراء إن واشنطن بحاجة إلى مبعوث للمساعدة في رعاية انتقال السودان الهش نحو الديمقراطية، لذا يعتقد بأن المبعوث لمكافحة الإرهاب بالخارجية، جون غودفري، ربما يكون الرجل الأنسب لقيادة سفارتها بالخرطوم. ويقول أستاذ العلوم السياسة فى الجامعات السودانية، الدكتور الرشيد محمد إبراهيم، لـ “أفريقيا برس”، بأن قرار واشنطن بترفيع التمثيل الدبلوماسي ورغم أنه جاء متأخراً، الإ أنه يُعتبر خطوة موفقة. وأشار إبراهيم بأن التأخير كان مؤشر غير جيد بعد سقوط حكومة البشير وخلع نظامه بواسطة ثورة ديسمبر، حيث لم تترجم علاقات البلدين بذات السرعة المتوقعة فى التعامل مع حكومة الثورة. ويرى أستاذ العلوم السياسة، أن جون غودفري، كان أهم حلقات التواصل مع جهاز الأمن والمخابرات السوداني فى مايتعلق بملف الارهاب. وتابع” واشنطن تنظر لمصالحها وضرورة القضاء على منابع وبؤر الارهاب فى القرن الإفريقي والصومال وشمال أفريقيا”.

وغودفري هو ضابط رفيع المستوى في السلك الدبلوماسي، وهو حالياً القائم بأعمال منسق وزارة الخارجية لمكافحة الإرهاب والمبعوث الخاص للتحالف العالمي لدحر داعش. وشغل غودفري عدة مناصب في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال1 أفريقيا خلال فترة عمله في السلك الخارجي، من 2013 إلى 2014. كما شغل غودفري منصب رئيس الموظفين لنائب وزير الخارجية آنذاك ويليام بيرنز، الذي يشغل الآن منصب مدير وكالة المخابرات المركزية في إدارة بايدن.

ويبدئ إبراهيم، تفاؤله بإنفتاح مرتقب في علاقات الخرطوم وواشنطن بما يقود للتطبيع في كافة المجالات، بيد إنه يؤكد بأن الكورة حالياً في ملعب الخرطوم وليس واشنطن. ونوه إبراهيم بإن إلادارة الامريكية وبعد إنفصال جنوب السودان، ربما يكون قل إهتمامها بالملف السوداني، لذا على حكومة الفترة الانتقالية لفت ونيل اهتمام واشنطن مجدداً. وأضاف” على الخرطوم وضع إستراتيجية للتعاطي مع اهتمامات إدارة واشنطن بما يتوافق ومصالحها الاقتصادية والاستثمارية في القرن الأفريقي والداخل السوداني”.

محمد علي فزاري، محلل سياسي وباحث في العلاقات الدولية

الصحفي والمحلل السياسي محمد فزاري يعتقد أن الولايات المتحدة تحتاج للسودان كما يحتاجها هو. وأوضح لــ “أفريقيا برس” بأن الفوائد المرجوة لإعادة ترفيع العلاقات الدبلوماسية لدرجة السفراء في البلدين تشمل تبادل التجارة والإستثمار وعودة كبريات الشركات الأمريكية مثل شيفرون التي أوقفت حكومة البشير نشاطها في مجال النفط. وتوقع فزاري بإنتعاش كبير لعلاقات الخرطوم وواشنطن خلال المرحلة المقبلة في ظل التنافس الدولي على القرن الأفريقي من قبل روسيا والصين، بالنظر إلى أن السودان يمثل البوابة لأفريقيا ودولة ذات موارد مازالت بكر ومتجددة.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here