الدعم الدولي.. هل سيعبر بحكومة حمدوك؟

119

بقلم: خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. جدل كبير يدور في الشارع السوداني بسبب الوعود المُعلنة من قبل المجتمع الدولي ومؤسساته لدعم حكومة الانتقال بقيادة عبدالله حمدوك، عقب نحو ثلاثة سنوات على ثورة ديسمبر ومازالت العديد من المشكلات قابعة، بل يرى البعض إنها زادت تعقيداً مع مخاوف تكرار سيناريو وتجارب سابقة لعدم الإيفاء بالتعهدات الدولية لحكومة وشعب السودان.

الوعد الأمريكي

عبدالله حمدوك رئيس مجلس الوزراء، بعد وقت قصير من تسلم مهامه زار عواصم غربية، خاصة واشنطن وباريس، في المقابل شهدت الخرطوم زيارات لكبار المسؤولين الغربيين.

الدكتور الصادق خلف الله – رئيس مجلس أمناء معهد همبتي دمتي الأمريكي

رئيس مجلس أمناء معهد همبتي دمتي الأمريكي الدكتور الصادق خلف الله يقول لـ” أفريقيا برس”، حول مدى إيفاء الأسرة الدولية بتعهداتها لحكومة الانتقال: “للأسف السودان في انتظار الدعم الدولي الموعود لأكثر من عامين من عمر حكومة الثورة، و هناك العديد من الدول تنتظره لسنوات طوال”.

وأبدى خلف الله أسفه بأن المحور الأساسي لحشد الدعم الدولي هي الولايات المتحدة الأمريكية والتي في استطاعتها الدعوة لمؤتمر مانحين لحكومة الانتقال.

واشنطن تقول إنها تعمل مع بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية “يونيتامس”، لدعم السلام والعدالة والديمقراطية في السودان.

وأضاف خلف الله: “هي قادرة بالضغط على دول إقليمية للدفع المباشر وحل الكثير من الأزمات لعبور حكومة حمدوك”، واصفاً الموقف الاوروبي بالمتفرج أكثر من كونه مساهماً بفعالية.

خلف الله يوضح بأن الولايات المتحدة وأوروبا رغم تصريحاتهم المتكررة عن دعم الفترة الانتقالية “لكن لم نرى أي دعم على أرض الواقع”. وقال: “ما لا يصدقه السياسيون في السودان أن أمريكا غير راضية عن ما أُنجز في العامين الماضيين وغير واثقة من قدرة حكومة حمدوك على وضع رؤية اقتصادية واضحة تكون أساساً للدعم”.

وكشف خلف الله المقرب من دوائر القرار في واشنطن، أن أمريكا تشكك في نوايا العسكر والتحول الديمقراطي، مضيفا: “أتوقع عدم انفراج أو دعم قادم هذا العام”.

وأفاد خلف الله: “سينتهي الامر كما حدثونا عنه في مؤتمرات سابقة وكدعم المانيا و فرنسا وأحاديث لا تتعدى الإعلام و الصحف”. عقبات متوقعة لتوقف وحجم الدعم للسودان، يشير خلف الله إلى أنها  تتعلق بالاستقرار السياسي والامني في البلاد.

كما أشار على الخلافات بين العسكر والمدنيين، وملفات الفساد و إهدار المال العام من قبل حكومة الثورة كسابقتها الإنقاذ، ولفت لعدم كفاءة و قدرة بعض الوزراء على تسيير وزارتهم والخيارات السياسية مقارنة بالوعود بتعيين أصحاب الكفاءة.

ولم ينسى خلف الله الإشارة إلى الملف السوداني_ الإسرائيلي، و التطبيع، حيث موقف اللوبيات اليهودية في أمريكا ضد السودان لعدم سيره في التطبيع. ويؤكد بأن هذه اللوبيات لها تأثير كبير على الإدارة الأمريكية والمؤسسات النقدية الدولية.

الدعم بـ”مقابل”

فتحي حسن عثمان – الأمين السياسي لحزب الأمة

الأمين السياسي لحزب الأمة، فتحي حسن عثمان، يوضح لـ”أفريقيا برس”، بأن الدعم الدولي قائم على فرضية الواجب الأخلاقي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتجاه أي دولة ما من الأعضاء.

وأشار بأن هناك خمسة دول تمتلك حق النقض “الفيتو” وهي صاحبة الامتيازات الكبرى في المؤسسات الأممية، ابتداءً من مجلس الأمن الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبقية المؤسسات.

وأردف قائلا: “ليس هناك دعم لوجه الله تعالى لأن العلاقات الدولية تحكمها لغة المصالح المشتركة والمتبادلة”. وأفاد عثمان بأن الدعم الدولي لحكومة الفترة الانتقالية بقيادة حمدوك يكون دعماً بنفس لغة المصالح المشتركة.

وأكد عثمان أن للغرب قيم يريد نشرها، بجانب المصالح المادية المباشرة التي تتمثل في الاستثمار الذي تقوده شركات متعددة الجنسيات، وهناك قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والليبرالية والنيوليبرالية. وأضاف عثمان: “كل هذه القيم يسعى المجتمع الدولي لجعلها قيم كونية حسب ما يود في ظل العولمة واقتصاد السوق الحر”. وأضاف: “فليس هناك هبات ومعونات من أجل سواد عيون أهل السودان لذلك لهذا الدعم تأثير حتى على القرار السياسي”.

محي الدين قمر الدين – الصحفي والمحلل السياسي

في المقابل يرى الصحفي والمحلل السياسي، محي الدين قمر الدين، أن المطلوب من الحكومة المدنية الحفاظ على الشراكة القائمة مع العسكر للحفاظ على استمرار الدعم الدولي

ويقول قمر الدين خلال حديثه لـ’’أفريقيا برس’’: “على الحكومة معالجة الخلافات المحتدمة بين مكونات التحالف الحاكم”. وأضاف: “هذا التشاكس سيتسبب بانزلاق البلاد في الفوضى وتشجيع المغامرين على الاستيلاء على السلطة ووقف الدعم الدولي”. أما المجالات التي تستحق الدعم العاجل، يوضح قمر الدين، بأنها بلا شك مجالات الطاقة، وتصفية الديون، وتدفق الاستثمارات الضخمة.

روشتات دولية

معاوية التوم – سفير سابق

السفير معاوية التوم رداً على سؤال ” أفريقيا برس ”، بشأن المطلوب من الحكومة للحصول على كافة التعهدات الدولية، يقول: “مهما فعلت الحكومة القائمة ولبت من شروطهم لأجل الحصول على تعهدات دولية فليس هنالك من وفاء أو ضمانات دولية”.

وقال التوم: “من واقع التجارب السابقة في كل مرحلة من تفاوض الغرب في الحوار السوداني الاوروبي أو مع الولايات المتحدة الامريكية، نجد تطبيق روشتات تفرضها مؤسسات مالية دولية”.

وأضاف: “تتقاعد الخطى وتتجدد العقوبات، والضغوط والالتفافات من قبلهم لأجل المزيد من الخنق والإحاطة والتركيع”.

وأشارالتوم لفرض شروط جديدة ومواقف إن لم يكن عمل تصعيد داخلي أو في الحدود أو من قبل الحركات المسلحة وتاريخ الاوضاع الداخلية. ويرى التوم أن هذا تمهيداً للهروب من أي التزامات سبق وأن وعدت بها هذه الدوائر الدولية.

وبشأن إمكانية عدم إيفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه الحكومة يوضح التوم، أن المجتمع الدولي هو مصطلح فضفاض لا يمكن الوصول الى كنهه وتحديد مداه الا بالقدر الذي يحقق إرادة الدول العظمى. مضيفاً: “وهو سلاح يصوبونه لاجل العقوبات الدولية واستدامة الأجندة السياسية والإطباق وتحقيق مطامعهم”.

كما يرى التوم أنه هو في جوهره هي ذات الدول التي تمارس سياسة الضغط وتوظيف هذه المنظمات الدولية لجعل السودان في الحالة التي عليها من الافقار واللااستقرار والضعف الاقتصادي بصورتها في الذهنية العالمية.

وأشار إلى تسفيه الحلول الوطنية الداخلية وفرص إنجاح التوافقات الداخلية وتضييق فضاءاتها.. وبالتالي “لا مجال للوفاء من قبل هؤلاء”. وأضاف التوم: “سنظل  في دائرة مفرغة وهذه الدول المتسلطة لا تأبه بأي التزامات حتى ولو كانت موثقة ومكتوبة، دعم عن الوعود والشواهد أكبر من أن تحصى”.

الدكتور الهادي عجب الدور – رئيس المعهد الأفريقي الدولي للسلام في بروكسل

في المقابل رئيس المعهد الأفريقي الدولي للسلام بروكسل الدكتور الهادي عجب الدور يقول: “مازال التحول الديمقراطي في السودان يمر بحالة مأزومة وانسدادات في الافق السياسي وارتبكاك مقلق”.

وأفاد عجب الدور لـ”أفريقيا برس ”، بضرورة المراجعة وإعادة صياغة هيكيلة وبنيوية الفترة الانتقالية وإحداث اختراق حقيقي في مواعيد الحوار.

ودعا لضرورة الاعتراف بالآخر وسيادة القانون وهذا الحوار المعمق ضرورة للانسجام التام بين مكونات الانتقال والولوج لمرحلة العبور واستحقاق كامل الدعم الدولي.

وحذر عجب الدور من حالة الاستحواذ على المناصب وتمكين تكتلات سياسية محددة على حساب المجموع السوداني، مبيناً ان هذا يشكل قلقاً لدى المجتمع الدولي الذي ينظر لمصالحه. ويفيد بأن الدعم الحقيقي هو الدعم الشعب السوداني وليست دعم دول الإقليم أو المجتمع الدولي.

وبشأن المجالات المستحقة للدعم الدولي فى السودان، يرى عجب الدور أنها مجالات التنمية المستدامة. وأضاف: :تتبلور في التنمية البشرية وهي تشمل الصحة والتعليم والتدريب والتأهيل ورفع الكفاءة”.

وأشار عجب الدور للتنمية الاقتصادية وإصلاح المؤسسات وضخ تسهيلات في مواعين الاقتصاد لتسري في شريان الاقتصاد ويتحول السودان لدولة منتجة.

إما الحديث عن البنك الدولي ومساهمته في دعم للسودان، يُشير عجب الدور:  “إن الأمر يتضح لنا ببساطة بأن البنك الدولي ليست جمعية خيرة”.

وأضاف: “الشروط التي يفرضها البنك الدولي فى ظل قيود التمويل تظل عملية شاقة لتعافي الاقتصاد أو تحرك مؤشرات التنمية المستدامة”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here