القوى السياسية توجه انتقادات حادة لخطاب “حميدتي”

36
الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائب رئيس مجلس السيادة السوداني

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. تباينت الآراء واختلفت التحليلات بشأن بيان حميدتي الذي أصدره الجمعة الماضية، وفيما رأى البعض، أن البيان ليس به جديد، وإنه متسق مع خطاب البرهان، رأى البعض الآخر، أن البيان تضمن مطالب مهمة ينادي بها الشارع أبرزها وعود حميدتي بإنضمام قواته في الجيش السوداني، وبين هذا وذاك، يرى آخرون، إن بيان حميدتي تجديد لولاء البرهان ومساندته، سيما في ظل حديث كان يؤكد على وجود خلافات بينهم.

بيان حميدتي

وقال الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي” نائب رئيس مجلس السيادة؛ إن المؤسسة العسكرية لن تتمسك بسلطة تؤدي لإراقة الدماء، وإنها قررت بصورة صادقة أن تترك أمر الحكم للمدنيين، وأن “تتفرغ القوات النظامية لأداء مهامها الوطنية السامية المنصوص عليها في الدستور والقانون”، وأضاف في بيان أصدره مساء الجمعة “قررنا سوياً إتاحة الفرصة لقوى الثورة والقوى السياسية الوطنية أن يتحاوروا ويتوافقوا دون تدخل منا في المؤسسة العسكرية”، ودعا “كل قوى الثورة والقوى السياسية الوطنية للإسراع في الوصول لحلول عاجلة تؤدي لتشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي”، كما دعا من وصفهم بـ”الوطنيين الشرفاء من قوى سياسية وثورية ومجتمعية” للتكاتف والانتباه للمخاطر التي تواجه البلاد، والوصول لحلول سياسية عاجلة وناجعة لأزمات البلاد الحالية، وأكد أنه قد حان وقت تحكيم صوت العقل، ونبذ كل أشكال الصراع غير المجدي والذي لن يربح فيه أحد غير أعداء هذه البلاد ومن يتربصون به شرا حسب تعبيره.

بيان عاطفي

أحمد حضرة، عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير
أحمد حضرة، عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير

يقول عضو المجلس المركزي لقحت أحمد حضرة لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن خطاب حميدتي لم يأتي بجديد ولم يعترف بأن ما حدث انقلاب فاشل وأن اشتراكه فيه كان خطأ”، وأضاف “كذلك لم يقل إن الانقلاب سبب الأزمة الكبيرة، والتي أصبحت تهدد البلاد ووحدتها ومخاطر تقسيمها”، مستدلا باشتعال الصراعات القبلية، مشيرا إلى أن ذلك أدى ويقود لنسف واستقرار البلاد و ترابط نسيجها الاجتماعي والذي كان من أهم مميزات الوطن بحسب حضرة، وفي نظر حضرة أيضا أن الخطاب لم يعترف بحالة اللا دولة والتي يرى أن مصيرها أصبح بيد أفراد لا أجهزة أو حكومة أو مؤسسات حقيقية، ويقول حضرة إن “حميدتي في خطابه لم يعلن عن إبطال قرارات الانقلاب وينفض يده منها، وهنا لا ينفع اي حديث في ظل استمرار قرارات البرهان ونفاذها وتأثيرها السلبي على إدارة الدولة وكيفية إدارتها دون جهات رقابية أو مرجعية في الدولة تراقب وتحاسب وتحدد صلاحيات من يتخذون القرارات، وبشأن الإعلان المستمر عن الزهد في السلطة والرغبة بتسليمها للمدنيين من قبل العسكر، يقول حضرة “لا يتعدى كونه خطاب عاطفي وكلمات حق يراد بها الباطل”، متسائلا “لماذا لم يعلن حميدتي عن تنحيه عن أي مسؤولية إن كان جادا في ما طرحه في خطابه ويخاطب بقية العسكر بذلك ويبري ساحته وإن كان ذلك متاخرا؟”، وتابع “اذا لم يكن هناك اعتراف صريح وواضح أكثر بما سيقوم به حميدتي ويحدد فيه مصير الدعم السريع لن ينفع اي استقراء لما بين السطور”، مشددا على أن يكون الموقف واضحا وبشجاعة كافية لوضع النقاط على الحروف.

تشخيص الخطاب

عروة الصادق، قيادي في حزب الأمة القومي وقوى الحرية والتغيير
عروة الصادق، قيادي في حزب الأمة القومي وقوى الحرية والتغيير

القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق في تصريحات خاصة لموقع “أفريقيا برس” شخص وحلل خطاب حميدتي قائلا “تحدث الخطاب عن ظاهرة استشراء خطابات الكراهية والعنصرية، وهو – أي حمدتي- من أذكاها وواستدعاها من أضابير أجهزة مخابرات النظام السابق”، وأضاف  “كذلك أكد البيان أن هناك مخاطر ومؤامرات تحاك ضد البلاد من الداخل والخارج”، وأن – حميدتي – بحسب عروة ظل يراقبها، ولكنه لم يقر بأن تلك المؤامرات منها السياسية والأمنية والاستخبارتية والاقتصادية والاجتماعية والاستعمارية، وهو له سهم معلى في كل منها بدرجات تتفاوت تأثيراتها، وهو يعلم أن جل تلك المؤامرات تتم إما باسمه أو باسم أسرته أو باسم قواته أو باسم مكتبه في السيادي أو تحت غطاء الكارتل الذي يرعاه، ولا تعوزه المقدرة ولا القوة على إيقاف تلك الدسائس، إلا أنها تتم تحت بصره وسمعه، ويمضي عروة قائلا “تحدث دقلو ايضا عن ضرورة تحكيم صوت العقل، وهو الذي أقسم في سبتمبر 2021 قسما مغلظا بأنه لن يجلس مع الفرقاء السياسيين، وعطل لأجل ذلك مجالس كان بمقدورها حل الخلاف وفك الإشتباك، فقد عطل اجتماعات مجلس الشركاء، ومجلس السيادة، ومجلس الأمن والدفاع، والمجلس التشريعي المؤقت، واجتماعات الطوارىء الإقتصادية، كل هذا يأتي اليوم ليتحدث عن تحكيم العقل وضرورة الوصول إلى حل ينهي الأزمة التي سببها انقلابه في 25 أكتوبر 2021”. وبشأن إبداء حميدتي لزهده في التمسك بالسلطة قال عروة “هو لم ينطلق لهذا القول إلا من تحضيرات جيدة آخرها اجتماعات “سدنة” الإنقلاب الذين أوعز لهم التحرك نحو (المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير) للإسراع بتكوين «حكومة توافقية» تقود للانتخابات، متناسيا أن الخرق قد اتسع على الراتق، وليس (المركزي) وحده الذي يستشار في الحل السياسي وأن القوى التي مدها بالأموال والرصيد والحديد واستدعاها لاعتصام «القصر» لن تقو على إحداث “الاختراق” المطلوب في الأزمة السياسية، لذلك كلفهم بالتواصل مع قوى الثورة باذلا في ذلك ما شاء من مال وحديد ورصيد أو لمن أبى فالوعيد والبطش الشديد”.
وقال عروة إنه لفت انتباهه حث حميدتي للقوى السياسية للإسراع في التوافق لتكوين ما سماه مؤسسات الحكم الانتقالي، والتي قال عنها عروة قوضها هو والبرهان، ومزقا مرجعيتها الدستورية، وخرقا وفاقها الوطني، وخانا التزامها السياسي، وعبثا بمقدراتها الإقليمية والدولية، وسجنا طاقمها الوزاري، وغيرا قيادة مؤسساتها بالإخوان، وأغرقا أهلها بحمامات الدم والدموع، وهي ذات المؤسسات التي بحسب عروة أعاد إليها الفلول من الحركة والتنظيم المحلول، ومكنا كتائب الظل والعمل الخاص، والذين بحسب عروة استوعب “حميدتي” كثيرين منهم في قواته ومكتبه ومؤسساته، وكفل لهم الحماية بل وأرسل بعضهم كممثلين وملحقيات في الخارج.

خطورة البيان

الكاتب الصحفي عبدالماجد عبدالحميد، بدأ حديثه متسائلا “هل تراجع حميدتي عن قرار الاستقالة من مجلس السيادة السوداني ووافق على مقترح مجموعة المستشارين الذين كانوا في معيته حتى وقت متأخر من مساء أمس الجمعة؟ ولماذا صدر البيان في وقت متأخر من مساء الجمعة؟وماهي أهم وأخطر فقرة في بيان الجمعة الذي تمت صياغته بطريقة ذكية تقف وراءها أصابع مستشار جديد لم يكن ضمن المجموعة التي تكتب البيانات والملخصات الصحفية لقائد الدعم السريع؟”، وقال عبدالحميد في منشور له “منذ أشهر ظل حميدتي تحت ضغط مستمر من الولايات المتحدة الأمريكية التي استخدمت وتستخدم كل أسلحتها الدبلوماسية ضده وذلك لتحقيق ماتراه أمريكا هدفاً استراتيجياً لا تراجع عنه وهو أن يتم دمج قوات الدعم السريع ضمن القوات المسلحة السودانية وأن يخرج حميدتي من التأثير على المشهد السياسي السوداني أو يتم تقليص نفوذه لأقصى حدٍ ممكن”، وأردف “ليس سرّاً أن أمريكا باتت ترى حميدتي حليفاً قوياً لروسيا ليس في السودان وحسب وإنما في أفريقيا ومنطقة البحر الأحمر، وهي مخاوف ترددها واشنطن علناً وتعمل بكل جد للتخلص منها”، وتابع “المستشارون والمحيطون بحميدتي يعلمون أن الضغوط تتزايد على الرجل، ولذلك ظلوا يقدمون له في الآونة الأخيرة معالما للخروج من عنق زجاجة؛ الضغوط الأمريكية التي تركز على الضغط الممرحل على قائد الدعم السريع”، ويواصل “عقب عودته من دارفور دعا حميدتي لاجتماع تشاوري موسع مع أعيان ورموز أهله وعشيرته في قبيلة الرزيقات”، هذا اللقاء يقول عنه عبدالماجد لم يتخلف عنه حتى الشيخ موسى هلال، ويضيف “وفي لقائه الجامع مع أهله وعشيرته تحدث حميدتي بصراحة ووضوح عن التدهور الذي تعيشه البلاد بصورة عامة وما تعانيه دارفور بصورة خاصة، ويرى عبد الماجد أن حميدتي استمع باهتمام لنصائح وملاحظات زعماء الرزيقات ورموزهم، وبشأن حديث حميدتي عن سوء الأحوال في ولايات دارفور قال عنها عبدالماجد رسالة بعيدة المدى لخطوة قادمة قد يلجأ إليها دقلو ضمن خيارات أخرى في خطة مواجهة الضغوط غير المعلنة التي يتعرض لها داخلياً وخارجياً، ويقول عبدالماجد “ما يرجوه العقلاء والحكماء من أهل السودان أن تتم تسوية متفق عليها مع حميدتي تُجنّب السودان آثار أي صراع قد ينتج عن ضغوط خارجية على قائد الدعم السريع والذي أعلن في بيانه وللمرة الأولى عن نيته في (الوصول لجيش واحد مهني يعكس تعدد السودان وتنوعه ويحافظ على أمن البلاد وسيادتها)”، مشيرا إلى أن البيان يحمل بين طياته مئات علامات الاستفهام لأسئلة ملأ بها حميدتي الدنيا وشَغَل بها الناس.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here