قوى الحرية والتغيير : نرفض قرارات البرهان الاحادية

71
المتحدث بإسم قوى الحرية والتغيير الأمين العام لحزب الأمة الواثق البرير: نرفض قرارات البرهان الاحادية
المتحدث بإسم قوى الحرية والتغيير الأمين العام لحزب الأمة الواثق البرير: نرفض قرارات البرهان الاحادية

أفريقيا برس – السودان. منذ الانقلاب العسكري الذي قام به قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر الماضي، والأحداث تتسارع في السودان في مشهد بالغ التعقيد، فكيف تتعامل القوى السياسية مع الأوضاع المتفاقمة في البلاد وما هي رؤيتها للخروج من هذه الأزمة؟

«القدس العربي» حاورت المتحدث الرسمي بإسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الواثق البرير، الذي أكد أن موقفهم هو التصعيد والمضي في خط الشارع السوداني وصولا للحرية والديمقراطية والعدالة. وفي ما يأتي نص الحوار.

○ بعد إعلانه المجلس السيادي، يبدو ان عبد الفتاح البرهان، ماض في انقلابه، ما موقفكم من الخطوة التي قام بها قائد الجيش؟

•موقفنا واضح، نحن في قوى الحرية والتغيير نرفض بالكامل قرار البرهان الاحادي غير الشرعي والمخالف للوثيقة الدستورية. كنا نعتقد أن التعقيدات الراهنة في البلاد تحتاج لمزيد من التعقل والانفتاح ولكن للأسف قام البرهان بهذه الخطوة التي ستؤدي إلى احتقان وانفجار الشارع.

○ ما هي خطوتكم المقبلة كقوى للحرية والتغيير؟

•سنمضي في التصعيد السلمي مع الشارع السوداني لمقاومة الانقلاب.

○ هل تعتقد أن التصعيد سيكون مجديا في هذه المرحلة؟

•الوضع في السودان مأزوم وحرج، البلاد تمر بمرحلة مفصلية تاريخية، قوى الحرية والتغيير موضوعة عنوة في هذا الموقف، لأن العسكريين فضوا الشراكة من جانبهم وقاموا بالاعتداء على قيادات الحرية والتغيير الموجودين الآن في السجون، وكذلك سحبنا من الوثيقة الدستورية وشطبنا بالكامل فأصبحنا بين ليلة وضحاها في موقف يصعب التعامل معه إلا بالمقاومة السلمية والتواصل مع الشعب السوداني واللجوء إلى الشارع لإرجاع المسار الديمقراطي المدني إلى طريقه المخطط له. كانت الفكرة الاستراتيجية أن يتم الحفاظ على الفترة الانتقالية بأي ثمن، وكانت هذه رؤيتنا في حزب الأمة، تنازلنا عن أشياء كثيرة لتمضي الفترة الانتقالية.

○ الشارع السوداني يحمل قوى الحرية والتغيير جزءا كبيرا من مسؤولية مآلات الوضع الراهن؟

•صحيح كانت هناك بعض الأخطاء ولكن هذا لم يجعلنا نصل لمرحلة ركل كل ذلك ومحاولة إلغاء الوثيقة الدستورية وإلغاء الهياكل.

○ قوى الحرية والتغيير كانت لديها إخفاقات واضحة أضرت بالانتقال؟

•صحيح حدثت بعض الأخطاء، وناقش حزب الأمة ذلك مع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وعندما شعرنا بعدم وجود استجابة جمدنا مشاركتنا، وعندما شعرنا انهم استجابوا عدنا للمشاركة مرة أخرى. لكن الحقيقة الماثلة الآن أن المكون العسكري قرر فض الشراكة من طرف واحد ونفذ هذا الانقلاب ومزق الوثيقة الدستورية وهي أساس الشرعية، وبالتالي نحن الآن في حالة مقاومة لإرجاع الحقوق التي تمثل الشعب السوداني. على العسكريين ان يستجيبوا إلى صوت العقل وان يفتحوا حوارا حقيقيا بعد تهيئة المناخ وبعد طرح مبادرات الوساطة بشكل نستطيع جميعنا التعامل معها.

○ هل ستكون مبادرات الوساطة مجدية بعد الخطوات الأخيرة التي قام بها الجيش؟

•واضح ان المشكلة الراهنة في تمترس الشق العسكري وليس المدني. البعض يطلبون من المكون المدني القبول بانقلاب الجيش باعتباره أمرا واقعا، لكننا في المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير لن نقبله وكذلك الشارع السوداني لن يفعل ذلك.

○ هذا يعني أنكم ستمضون حيث تمضي الجماهير حتى في ظل التطورات الأخيرة؟

•المجلس المركزي مستجيب لصوت جماهير الشعب ولتطلعاته ومطالب الحرية والمدنية، الشارع السوداني نفسه مطالبه تتفاوت بين مطالب سقوفها عالية، البعض لا يريدون أي شراكة مع العسكر وآخرون يرون ضرورة التعامل مع الأمر الواقع وإعادة الشراكة وصولا لمرحلة الانتخابات. لكن المكون العسكري نفسه يقول إنه لا يريد شراكة وألقى بكل الاتفاقيات فى اليم.

○ يبدو أن قوى الحرية والتغيير لا تملك رؤية واضحة للتعامل مع الوضع الراهن؟

•نعول على جماهير الشعب وأدوات الضغط السلمية ونؤمن انها الحل، لكن أيضا نحن كقوى مدنية راشدة نعلم أن أرواحا كثيرة يمكن ان تهدر في هذا الحراك، دماء شباب صغار السن وأمامهم مستقبل، ومن مواطنين سودانيين يستحقون الحياة الكريمة، لم نكن نريد ان تؤول الأمور إلى هذه النقطة بالتالي الحل غير موجود، أما ان نقبل بالحكم الشمولي العسكري أو أن نقاومه. وإذا قبلنا نحن كقوى سياسية أم لم نقبل الشباب لديهم موقف من الحكم العسكري من حيث المبدأ، ومؤكد الشارع لديه كلمته وبالتالي يجب أن يعي العسكريون ان ما جرى كان خطأ ويجب ان يتم إصلاحه. ومن ثم إذا كانت هناك مراجعات يحتاج المدنيون لإجرائها هذا أمر ممكن وكذلك العسكر. قبل كل ذلك يجب أن يسحب العسكريون كل هذه القرارات ويطلقوا سراح رئيس الوزراء، وكل المعتقلين ورفع حالة الطوارئ.

○ الشارع نفسه ناقم على قوى الحرية والتغيير ويحملها مسؤولية ما حدث؟

•جزء من هذا الكلام صحيح، مؤكد الحرية والتغيير محتاجة لعمل مراجعات وسبق أن قلنا ذلك في حزب الأمة وأخرجنا العقد الاجتماعي الجديد في نيسان/أبريل 2020 وتحدثنا عن وجود عثرات وأداء غير مقنع لجماهير الشعب في عدة ملفات، الملف الاقتصادي والأمني والعلاقات الخارجية والتطبيع مع “إسرائيل” وملف إكمال مؤسسات الانتقال. هناك إشكالات حقيقية قد يكون لها مبررات باعتبار الفترة الانتقالية وتشظيها والضغوط الممارسة عليها وجزء من المشاكل من العسكريين الذين لم يكونوا يريدون تشكيل المحكمة الدستورية ومجلس القضاء العالي، جزء من هذه المشاكل كان تعطيلا مشتركا بين المكونين، ونحن في حزب الأمة تحدثنا بوضوح ودعونا لمؤتمر تأسيسي يحفظ الشراكة ويجددها، وطرحنا دستورا انتقاليا بدلا عن الوثيقة الدستورية التي فيها بعض العيوب والفراغات التي كان متوقعا ان تؤدي إلى ما حدث اليوم. هذه كانت مبادرتنا والحرية والتغيير نفسها تعلم أن هناك بعض القصور والبعد من الشارع خاصة في الولايات، لكن هذا لا يعني الذهاب بالديمقراطية والتحول المدني بكامله، الشعب السوداني تحمل الجوع والعطش وعنت وقطوعات كهرباء ونقص ضرورات الحياة من أجل التحول المدني الديمقراطي وتحقيق أحلامه وأحلام الشباب الذين خضبوا الشارع بدماهم بالتالي نحن واعين جدا كحرية وتغيير لمطالب للشارع وأن غضبه قد يتحول تجاه الحرية والتغيير في يوم من الأيام. لكن بالمقابل هؤلاء الشباب لديهم مشكلة حقيقية مع الحكم العسكري نفسه من حيث المبدأ، وهذا تطور كبير جدا في وعي الشباب الذين أدهشوا العالم بإيمانهم بالديمقراطية.

أؤكد، ما يحدث الآن هو ردة كبيرة جدا وإرجاع لعقارب الساعة إلى ما قبل الثورة، لا يمكن ان نتحدث عن إخفاقات الحرية والتغيير الآن، ولكن يجب ان نعمل لإرجاع الأوضاع في البلاد إلى المسار الصحيح ثم بعد ذلك فليذهب من يذهب من أجل الوطن، يجب ان تكون هناك خطة وخريطة طريق للخروج من هذا المأزق.

○ ما هي خطتكم للخروج من هذا المأزق؟

•المشكلة الآن ان الحياة السياسية حدث لها تجميد كامل، الاختناق الحالي إذا لم يتم حله لن تستطيع البلاد المضي للأمام ولن نخرج من عنق الزجاجة.

○ ما هي المآلات المتوقعة؟

•هناك سيناريوهات عديدة، هذا الاحتقان سيمضي إلى أحد أمرين، أما ان يرفض العسكريون تقديم أي نوع من التنازلات ويستمر الاحتقان والمواجهات التي ستؤدي إلى فراق وستؤدي إلى هدم اتفاقية السلام نفسها وكذلك هناك غضب من بعض دول الإقليم وهناك انهيار في بعض دول القرن الأفريقي. أيضا هناك نزعات غير حميدة جهوية وإثنية ونوع من التنافس في ظل وجود سبعة جيوش في البلاد كل منها أصابعه على الزناد، بالمقابل الشباب سينزلون للشارع مرة أخرى وسيطالبون بما هو أبعد «تسقط ثالث». هناك من يعد لنا هذا السيناريو من دول الجوار يريدون أن يصبح السودان دولة فاشلة ليرتعوا فيها وتصبح لهم مزرعة يفعلون فيها ما يشاؤون ويستفيدوا من أراضيها الزراعية ومن الذهب. السودان قد يتمزق، دول أمن البحر الأحمر عندها علاقة، بعض دول الخليج طامعة في أراضينا ومياهنا، هناك دول في الجوار الشمالي طامعة في السودان كعمق أمني والأخطر من كل هذا “إسرائيل” التي تعبث بالأمن السوداني وكل وفودها على مدار الـ(24) ساعة متواجدة في الخرطوم، أي مراقب للوضع الراهن سيستشعر خطورة هذه السيناريوهات إن كانت المحلية أو الإقليمية أو الدولية. وكذلك الاهتمام الأمريكي أيضا يضع علامات استفهام، ليس من عاداتهم الضغط بهذا المستوى ضد نظام ان كان شموليا أو غير ذلك، واضح ان هناك أجندة أخرى تدير الصراع في البلاد.

○ يبدو أن الجيش لا يريد ائتلاف قوى الحرية والتغيير في المشهد السياسي المقبل في البلاد وقد ينجح في ذلك؟

•هذه حقيقة، هم يستهدفون قوى سياسية بعينها يعتقدون أنه يجب التخلص منها، وأنا مستغرب لماذا كل هذا الغضب تجاه قوة بعينها؟ الحرية والتغيير مؤكد ستكون موجودة في المشهد المقبل، نحن نتحدث عن 41 مكونا لا يمكن أن يذهبوا هكذا ولا يكون لهم أي وجود، لكن قد تكون هناك إضافات أو حذف أو شكل تحالف جديد. قوى الحرية والتغيير تحالف تيار عريض، تحالف مرحلة، ومؤكد انه مع الزمن التحالفات تتطور وتصل إلى تحالفات استراتيجية حسب المرجعيات الفكرية، التحالفات تمر بمراحل، تحالف الحرية والتغيير الآن موجود ولا أعتقد انه بقرارات عسكرية يمكن انهاءه. ما يحدث من قبل العسكريين الآن هو محاولة تكوين حاضنة جديدة وهذه محاولة أيضا من بعض السياسيين للذهاب إلى اتجاه أقرب للعسكر وشرعنة الانقلاب وقد تتشكل جبهة ثالثة كجبهة معارضة، التحالف الذي كان موجودا كان حاكما لكن حسب الظروف السياسية الموجودة قد يتحول هذا التحالف إلى عدد من الأشكال.

○ تحدثت عن موقف الجيش الحاد تجاه بعض القوى السياسية، هل هذا الموقف لأنها كانت الأكثر مطالبة بإنفاذ بنود الوثيقة الدستورية وانتقال السلطة للمدنيين في النصف الثاني من الفترة الانتقالية؟

•كانت هناك وثيقة دستورية متفق عليها، حدثت تعديلات فيها بسبب اتفاق سلام جوبا ومددت هذه المدة، وأعتقد ان أحد الأسباب الأساسية لهذا الانقلاب العسكري هو تسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين، واضح ان للعسكريين رؤية مغايرة، ملحوظ ان أغلب الأحداث والمؤشرات التي كانت موجودة في البلاد من قبل انقلاب الحادي والعشرين من ايلول/سبتمبر الماضي، حدث إغلاق للطرق والمعابر وإغلاق غرب كردفان وإغلاق آبار البترول والعصابات المتفلتة في شوارع الخرطوم واختفاء بعض المواد التموينية والصعوبة في الحصول على المواد البترولية رغم توفرها، كلها أشياء مؤكد النظام البائد لديه يد فيها أو النظام الحالي، وبالتالي مسألة تسليم السلطة للمدنيين وإصرار قوى سياسية على ذلك بقوة قد يكون سببا. نحن في حزب الأمة ليس لدينا أي ممثل في مجلس السيادة، هل كان يمكن أن نرضى ان يأتي رئيس مدني للمجلس السيادي بدون مشورتنا، مستحيل، يمكن ان يكون هذا سبب من الأسباب يكون العسكريين قد رأوا أن هناك بعض المدنيين بدأوا بمناكفتهم وحقيقة حدث لهم استفزاز، استفزاز بعض الأعضاء في قوى الحرية والتغيير كان خطأ، فالمكون العسكري مؤكد لديه أهداف استراتيجية لا يتحرك خطوة ضخمة مثل هذه بدون أهداف استراتيجية. كان يمكن ان يجلس، ونحن تحدثنا معه وكونا لجنة في حزب الأمة لمحاولة فك هذا الاحتقان بين بعض عضوية الحرية والتغيير والمكون العسكري، ولم نستطع الوصول لحلول، واضح جدا ان الأمور كانت تمضي نحو الاصطدام، لكن مؤكد ان هناك أهدافا استراتيجية ليست فقط مسألة العد التنازلي لتسليم السلطة واحتمال انهم احتاجوا لبعض التطمينات في قضايا مثل فض الاعتصام أو المطلوبين من المحكمة الجنائية في السجون، قد يكون انهم كانوا محتاجين لمخاطبة طموحاتهم وأطماعهم بشكل واضح حتى لا تتخذ الخطوة التي قاموا بها، لكن على العموم هم مضوا في اتجاه الانقلاب العسكري، انا متأكد انهم الآن في غاية الجهد والتعب من هذا الانقلاب الذي يعتبر قفزة في الظلام ولا أعتقد ان هناك حاضنة حقيقية لهذا الانقلاب.

○ هل الإسلاميون ضالعون في هذا الانقلاب، البرهان قام بتعيين العديد من رموز النظام الإسلامي السابق؟

•من الصعب ان يضم البرهان تشكيلة حكومته رموزا أساسية من النظام الإسلامي السابق، لان بعض دول الجوار لن تقبل قيامه بهذه الخطوة بنظام إسلامي صارخ حوله، لكن المؤكد ان النظام السابق وفلوله وأتباعه يستفيدون من هذا الانقلاب بشكل أو بآخر.

○ إذن هو انقلاب قامت به دول جوار؟

•مؤكد السودان لديه بعض دول الجوار السامة التي لا تقبل أي نوع من الحكم المدني الديمقراطي فيه ولا تريد سودانا فيه تنمية بشكل واسع لأسباب كثيرة جدا وهذا كلام مؤسف قوله، ولكن حقيقة الأمر أن لدينا بعض الجيران لا يرضون لنا تقدما ولا تنمية ولا استقلالنا بمواردنا المائية والأرضية، يعتقدون اننا نبقى كحديقة خلفية عندما يحين الأوان لحاجتهم هم يستغلون هذه الموارد والمصادر الطبيعية، وهذه فكرتهم منذ أيام محمد علي باشا، هم يعتبرون السودان مخزنا لموارد وثروات طبيعية يستغلونها وقتما يحتاجون وللأسف بعض أبناء بلادنا يستجيبون لهم ويمضون في هذه الخطط ربما بدون دراية.

○ ما هي أبرز المبادرات التي قدمت لكم وما هي الأقرب للحرية والتغيير؟

•هناك ست مبادرات محلية وعموما الحرية والتغيير لم تصلها أي مبادرة إلا مبادرة وحيدة وليس كحرية وتغيير، بل مبادرة من مجموعة من القيادات السياسية والمجتمعية وكان على رأسها مضوي ابراهيم وفضل الله برمة وغيرهما، هذه المبادرة عرضت على مجموعة من السياسيين من الطرفين، وطرح كلام لا يرقى لأن يكون مبادرة. تحدثوا عن امكانية طرح عبد الله حمدوك كعضو رقم 15 في المجلس السيادي بدون تفاصيل أخرى، وإن كانت هناك تفاصيل أخرى فلم يتم تمليكها لنا، وأعتقد أنها فكرة غريبة، أكيد حمدوك عندما عرضت عليه اعتبرها شكلا من أشكال عدم الجدية، وقال لهم انتم القوى السياسية تناقشوا وقولوا رأيكم، والقوى السياسية رفضت ذلك.

○ هل كانت مبادرة منح حمدوك المقعد الخامس عشر مطروحة من قائد الجيش البرهان؟

•لم يوضحوا من طرحها بالتحديد، فقط أوضحوا انها من المجلس العسكري، عموما المعلومات كانت شحيحة.

○ لماذا لم تستوضحوهم؟

•طبعا فعلنا، قالوا إنهم ذهبوا لمقابلة حمدوك في الإقامة الجبرية ومعلوم أن مقابلته لا تتم إلا بأذونات معينة من العسكريين، شخصيا حاولت مقابلته ولم أستطع، بعدها علمت أن العسكريين لا يسمحون للأشخاص الذين قد يساندون موقفه أو يؤيدونه بمقابلته، المهم أصحاب تلك المبادرة استطاعوا مقابلته. وقال لهم حمدوك استشيروا قوى الحرية والتغيير والذي تتفقون عليه أنا موافق عليه. واعتقد ان هذا رد ذكي من حمدوك الذي وضع القوى السياسية أمام مسؤولياتها التاريخية وأمام جماهير الشعب السوداني وعموما مثل هذا العرض لا يمكن قبوله لعدم وجود تصور كامل واضح له.

○ حمدوك عندما تحدث عن التزامه بما تقرره قوى الحرية والتغيير، من كان يقصد، في ظل الانقسام بين مكونات قوى الحرية والتغيير؟

•حسب المرجعية الدستورية ليس هناك تشظيا في قوى الحرية والتغيير التي يمثلها المجلس المركزي، وهو موجود وهو الذي يعترف به حمدوك، وهو الذي عينه وحكومته. نعم هناك ممارسات قام بها البعض في محاولة خلق فراغ دستوري ونجحوا في ذلك وصولا لهذا الانقلاب. ونحن تحدثنا عن ذلك كثيرا. في النهاية كانت تتم صناعة انقلاب عسكري، اعتصام مصنوع قبل أيام من الانقلاب (الاعتصام أمام القصر الجمهوري) لو نظرت للمكونات السياسية التي تدعم البرهان لن تجد غير مجموعة صغيرة بقيادة يحي الحسين ومحمد وداعة، كانت ضمن مجموعة قوى الحرية والتغيير، وبعض مكونات الجبهة الثورية والتي بطبيعة الحال أمرها محسوم وفق اتفاق سلام جوبا. بالتالي العسكريون جمعوا بعض الإدارات الأهلية وفلول النظام البائد وكانت عملية واضحة وبالتالي هذه الفكرة التي أرادوا صناعتها، ان هناك تشظيا في المكونات المدنية وبالتالي هي غير صالحة للحكم تمهيدا للانقلاب. لكن السؤال المهم، كيف سيتعامل العسكريون مع حمدوك الذي أصبح رمزا للشارع السوداني وللحرية والديمقراطية، بوجود الحرية والتغيير أو بدونها العسكريون لديهم مأزق حمدوك.

○ بعض الذين قدموا المبادرة أعضاء في قوى الحرية والتغيير ومنهم فضل الله برمة رئيس حزب الأمة، واضح ان هناك تيارات داخل حزب الأمة وقوى الحرية والتغيير عموما، داعمة أيضا للانقلاب أو للحوار مع الانقلابيين؟

•هم كأفراد يمثلون أنفسهم، أما كرؤية دستورية تنظيمية لم تعرض على المجلس المركزي أو لجان اتصال قوى الحرية والتغيير أي مقترحات من هذه التيارات، وبالتالي ما قاموا به لا يمثل المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير. وكحزب الأمة نحن لسنا ضد المبادرات ولكننا ضد شرعنة الانقلاب وانكار ان العمل في إطار هذا الوضع الانقلابي لا يمكن. لا يمكن أن يتم تكوين كتل كل ما تقوم به هو شرعنة الانقلاب وإعطاء شرعية لرئيس وزراء جديد.

○ بالنسبة للمبادرات الدولية والأممية للوساطة هل تم عرض أي مبادرة عليكم؟

•فقط كان هناك لقاء مع رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس، هو يعتقد انه لا بد من إطلاق سراح حمدوك لاكمال مهامه كرئيس للوزراء وان على الحرية والتغيير إعادة مراجعة مواقفها، ويرى أن الأمور يصعب ان ترجع إلى ما قبل 25 تشرين الأول/اكتوبر، كان يشير أيضا إلى إعادة تكوين الحكومة وقرارات صحيحة في مجلس السيادة وإرجاع الوثيقة الدستورية وتطويرها ثم الحديث عن مراجعات للحرية والتغيير نفسها ولأدائها، وواضح ان المكون العسكري رفض هذه المبادرة ولكن لم تقدم بشكل نهائي أو حقيقي لقوى الحرية والتغيير. عندما خرجنا من الاجتماع في مقر البعثة تم إلقاء القبض على بعض القوى السياسية.

اؤكد أن كل المبادرات قابلة للنقاش ولكن يجب قبل ذلك تهيئة الأجواء بالإفراج عن المعتقلين والرجوع للوثيقة الدستورية وبعدها يمكن التعديل حتى في الوثيقة الدستورية وصولا لدستور انتقالي جديد.

○ ألا تعتقد ان التعديل المتكرر للوثيقة الدستورية واحد من أسباب تقويض الانتقال؟

•هذا صحيح، تحدثنا مرارا وتكرارا عن ان الوثيقة الدستورية حدثت فيها خروقات وانها لا تحتاج لترقيع بل لإعادة كتابة، وقدمنا مقترحا جاهزا لدستور انتقالي، وكان يحتاج لمؤتمر أو شكل من أشكال التوافق وهذا لم يتم مع الأسف.

○ هل صحيح أن الجيش يمارس ضغطا على بعض المكونات في قوى الحرية والتغيير بمن فيهم الجبهة الثورية، للخروج عن اتفاق إعلان الحرية والتغيير؟

•نعم، ونحن في حزب الأمة تعرضنا لضغوط كبيرة للتراجع عن الانضمام لإعلان قوى الحرية والتغيير ولم نفهم وقتها، ولكن يبدو ان ذلك كله كان في إطار التمهيد للانقلاب ومؤكد ان دكتور جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة قد تعرض لمثل هذه الضغوط أيضا ليقفز إلى الجانب الآخر.

○ إذن دعم جبريل للانقلاب بسبب ضغوط؟

•أعتقد ذلك ولكن أيضا هناك حركات قاتلت من أجل اقتسام الثروة والسلطة ولم تقاتل من أجل التحول المدني الديمقراطي، وبالتالي إذا لم تكن مؤمنة بالتحول لن تكون مستعدة للقتال من أجله بل ستكون هذه فرصة لاقتسام السلطة ببساطة.

○ وماذا عن رئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي مواقفه بدت متأرجحة، ساند الانقلابيين ثم تحدث عن قيامه بوساطة ثم عاد وأكد ان ما حدث هو انقلاب؟

•أستطيع ان أفهم ما حدث لمني، قال بكل شفافية انه لم يكن يدرك ان المآلات ستكون انقلابا عسكريا وحلل الوضع الراهن واعتقد ان تحليله صحيح، حيث يرى أن هذا الانقلاب إذا طال الزمن أو قصر سيؤدي إلى استقطاب ومعارك بين المكونات المدنية وسيؤدي إلى استقطاب جهوي وسيفشل عملية السلام، وهو كذلك يلومنا كحرية وتغيير لتقييمنا المشهد بشكل صحيح وأننا قللنا مما يمكن أن يفعله العسكر وكلامه صحيح. وواضح ان حركته تشهد حراكا عنيفا جدا، هذا الانقلاب مثل القنبلة التي انفجرت في كل المكونات السياسية حتى داخل أحزابنا هناك تيارات كثيرة تحدث فيها قلقلة.

○ كل المؤشرات تدل على أن الانقلاب كان مخططا له منذ بداية الفترة الانتقالية، هل قصُر نظر قوى الحرية والتغيير عن إدراك ذلك منذ البداية؟

•كنت من المتشائمين، والمتشككين في حدوث تسليم للسلطة للمدنيين، لكن حقيقة السياسة ليس فيها ضمانات، كل ما في وسعنا ان نقوم بعمل وثائق ونعمل على تنفيذها. اؤكد كان يمكن معالجة بعض الأمور لأن القوى السياسية نفسها متنافسة مع بعضها البعض وفي تنافس مع المكون العسكري. لا أعتقد أننا لم نقرأ المآلات جيدا لكننا التزمنا باتفاق الوثيقة الدستورية، الجميع كانت لهم قراءتهم للمشهد، والشيوعيون بناء على هذه القراءة خرجوا من الاتفاق ورفعوا شعار تسقط ثالث وهناك آخرون كانوا مؤملين خيرا فمن قبل سلم المشير سوار الذهب السلطة للمدنيين بكل يسر، وفي مجموعة ثالثة ونحن من ضمنها كنا نسعى لعدم استفزاز العساكر ومخاوفهم والبحث لحلول لمطامعهم حتى نقودهم لاكمال الفترة الانتقالية أي كنا نحاول ايجاد حلول.

○ لم تستطيعوا في النهاية قيادة العسكريين لنهاية الفترة الانتقالية؟

•ربما ما حدث فيه خير للسودان، ربما يدفعنا بقوة أكبر نحو الديمقراطية كما حدث في الثورة الفرنسية، بعد الارتداد الذي حدث في الموجة الأولى ثم جاءت الموجة الثانية وأكدت الديمقراطية وأرست قواعدها. نأمل ذلك.

○ عموما الشارع الآن رافض لكل مكونات المجلس العسكري، كيف يمكن أن تتعاملوا مع هذا الرفض حال حدوث أي تسوية بينكم وبين العسكريين، ربما في المستقبل؟

•هذه مشكلة حقيقية، الشارع متأهب ضد المكون العسكري، حتى لو حصلت تسوية المكون السياسي سيدفع ثمنا باهظا.

○ من قبل كتبت على حسابك على فيسبوك إن ذهاب الجميع مدنيين وعسكريين من الحكومة هو الحل، هل ما زلت على هذا الموقف بعد التداعيات الأخيرة؟

•أنا مؤمن ان الأخلاق والمبادئ مهمة جدا وممارسة السياسة من أجل المقاعد على الجماجم أمر غير مقبول. عندما قلت فليذهب الجميع كنت مدركا ان المشكلة أصبحت معقدة جدا، وكنت أرى ان إعفاء الحكومة ممكن، ولكن كذلك يجب أن تذهب مكونات المجلس السيادي من مدنيين وعسكريين. هناك الكثير من الرجال والنساء الذين يمكن ان يقودوا البلاد بدون هذا التطاحن.

○ هل هناك أي بارقة أمل للخروج من الوضع الراهن المعقد في البلاد؟

•نعم، الشعب السوداني مدهش دائما ويخرج بأفكار لا يمكن ان يتخيلها أحد، من كان يعتقد انه في لحظات سينهار نظام البشير بكل حراساته وأمنه وعتاده؟ عندما جاءت اللحظة التاريخية انهار كل شيء كقلاع الرمل ونزع الملك، أنا مؤمن بوجود حل. وهذا يمكن أن يحدث لهؤلاء الانقلابيين أيضا وينهاروا كقلاع الرمل أيضا. الإمام الراحل الصادق المهدي كان يقول دائما ان عبقرية الشارع السوداني ستأتينا بفكرة تخرجنا من هذا المأزق.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here