بقلم : خالد الفكى
أفريقيا برس – السودان. وفقا للوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري و إعلان الحرية والتغيير في 17 أغسطس 2019، كان مقررا الإعلان عن تشكيل المجلس التشريعي، في 17 نوفمبر 2019، ولكن حتى الآن لم يتم ذلك مما جعل السودانيين بكافة مكوناتهم فى حيرة من أمرهم بسبب عدم وجود موانع حقيقية تمنع ذلك كما يرى البعض، فيما يمضى آخرون بأن جهات لها مصالح تعطل استكمال أجهزة الحكم في فترة الانتقال.
تأثيرات قانونية
نصت الوثيقة على أن يشكل المجلس التشريعي ويباشر مهامه خلال 90 يوما من تاريخ توقيع الوثيقة، ويكون التشكيل بواقع 67 في المائة من قوى “إعلان الحرية والتغيير” و33 في المائة من القوى الأخرى المشاركة في الثورة على أن يتم تسمية النسبة الأخيرة بالتشاور بين قوى الحرية ومجلس السيادة.
ويرى الخبير القانونى أحمد موسى عمر، أن أكبر تأثير دستوري وقانوني مترتب على عدم قيام المجلس يتمثل في مخالفة الأجهزة القائمة حالياً فى الحكومة للوثيقة الدستورية، والتي حددت سقفاً زمناً لتشكيل المجلس التشريعي، وفال لـ “أفريقيا برس”، أنه تم تخطى الموعد المُعلن وذات الجهة التي أوكل إليها مهام إجراءات التشكيل هي التي تقوم بإصدار التشريعات الآن”.
و أفاد عمر بأن تلك الجهة ليس لديها مصلحة في قيام المجلس التشريعي حتى لاتفقد صلاحياتها في إصدار التشريعات وفقاً لرؤيتها، كما أفاد بأن غياب المجلس التشريعي يعني فقدان الركن الثالث في مثلث الدولة بجانب كل من الجهازين التنفيذي والقضائي.
بالمقابل عضو لجنة التشريع بقوى الحرية والتغيير أحمد حضرة، حمَّل مسؤولية تأخير تشكيل المجلس التشريعي للجان المقاومة والمكون العسكري وخمس ولايات، واتهم لجان المقاومة بالمماطلة، وقال: كان يفترض أن يقام اجتماع بينهم مع الحرية والتغيير، ولكن لجان المقاومة قدمت اعتذاراً، وطلبت تأجيل الاجتماع لمدة أسبوع لعدم اكتمال استعداداتهم، بالاضافة الى أن المكون العسكري لم يناقش حول الـ (٦٠) مقعداً المخصصة لهم والتي سيتم اختيار شاغريها من غير الموقعين على ميثاق الحرية والتغيير.
وبدأت بالسودان سلطة انتقالية في أغسطس 2019، تستمر لمدة 53 شهراً، وذلك عقب احتجاجات شعبية أطاحت بالرئيس عمر البشير في أبريل 2019، وهي الإطاحة التي على إثرها تم حل البرلمان والحكومة، قبل أن يتم تشكيل حكومة جديدة برئاسة عبد الله حمدوك. ونوه أحمد حضرة الى عدم تقديم قوائم الترشيحات تسبب أيضاً في تأخير تشكيل المجلس التشريعي. وكشف عن مغادرة وفود للولايات لتنويرها لتسليم قوائمها.
موانع سياسية
وأشار الخبير القانونى أحمد موسى إلى أن الجهاز التشريعي يمثل هرم السلطة في الدولة، وأن مايقوم بالأمر حالياً السلطة التنفيذية حيث تؤدي دور التنفيذ والرقابة ودن شك هذا خلل كبير في دولاب الدولة، وأردف قائلاً “لا يمكن أن تضع التشريعات والقوانين ومن ثم تقوم بتنفيذها”.
وأكد لـ “أفريقيا برس”، عدم وجود أية موانع قانونية تحول دون تشكيل المجلس، بيد أنه قطع بوجود موانع سياسية بسبب عدم رغبة الكثير من القوى الحزبية بالضغط على مجلسي السيادة والوزارء للإسراع في خطوات قيام التشريعي، مبيناً أن غياب المجلس حمل الجهاز السيادي والتنفيذي أعباء اضافية نتج عنها أخطاء كبيرة، مثل تعيين واعفاء رئيس القضاء والذي ينص القانون ليس حق للمجلس السيادي حيث أن هذا حق مجلس القضاء العالي.
ونوه إلى أن التأخير في قيام المحكمة الدستورية يرتبط بغياب المجلس التشريعي حيث أنها أدوات قضائية تشريعية ذات صلة مباشرة بالحريات والحقوق والرقابة على الاعمال الحكومية.
ويذهب عضو التشريع بالحرية والتغيير أحمد حضرة بأن كل الإجراءات والقوانين التي تم تشريعها أو تعديلها في الفترة السابقة كان يفترض أن يقوم بها المجلس، مؤكداً أن اعلان المجلس التشريعي سيتم في أقرب وقت، وتابع لم يتبقَّ وقت طويل، إلا أن موسى يرى ضرورة الضغط على الحكومة من قبل القوى الحية الفعالة في الثورة كلجان المقاومة وشباب التغيير لجهة أن التشريعي هو قلب التعديلات المرتقبة في القوانين التي تنسجم وروح الثورة خاصة المتعلقة بحقوق الانسان وكرامته، بالاضافة إلى قيام المفوضيات وملف الأمن الداخلي المدني حيث أن القانون المتعلق به مازال قيد النظر والمشكلات الأمنية تتفاقم.
إرساء الديمقراطية
اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والحركات المسلحة في 3 أكتوبر الماضي، ولتحقيق الانسجام معه تم تعديل الوثيقة الدستورية ومنح الحركات المسلح الموقعة على الاتفاق 25 في المائة من مجلس الوزراء المكون من 26 عضوا و3 مقاعد في المجلس السيادي و25 بالمائة من مقاعد البرلمان.
الكاتب الصحفى عبدالله آدم خاطر، أبدى استغرابه لكون السودان بعد الثورة يُغيب المجلس التشريعي والذي يُناط به إيصال صوت الشعب لكل من مجلسي السيادة والوزراء، وقال لـ “أفريقيا برس”، أمر مؤسف أن لا يتم الالتزام بتنفيذ بنود الوثيقة الدستورية التي نصت على قيام المجلس التشريعي، واصفاً الأمر بالعقبة الدستورية وهو أمر غير مقبول في ظل الوضع الراهن للسودان كدولة تتطلع لإرساء قواعد الحريات والديمقراطية ومنح السودانيين الحق في المشاركة السياسية بكافة ألوان أطيافهم وتعددهم.
وبعد إتفاق سلام جوبا أصبح توزيع مقاعد المجلس التشريعي، بواقع 165 مقعدا لصالح قوى “الحرية والتغيير” توزع بين المناطق الجغرافية والكتل السياسية (55 بالمئة)، 75 مقعدا نصيب الحركات الموقعة على الاتفاق ممثلة في الجبهة الثورية (25 بالمئة)، و60 مقعداً بالتشاور بين قوى التغيير والمكون العسكري لتوسيع دائرة المشاركة (20 بالمئة)، لكن التوزيع الجديد للمقاعد لم يرض تجمع المهنيين (المكون الرئيس في قوى التغيير)، التي أعلنت رفضها لهذا التوزيع في 6 فبراير الماضي.
ونوه خاطر بأن الفكرة من قيام المجلس التشريعى وجود علاقة وثيقة مابين الحكومة والشعب ومخاطبة هموم وقضايا الناس، بجانب تسهيل عمل المجلسين وعدم وضع مسؤوليات تشريعية على عاتقهما. وشدد على أن قيام المجلس التشريعي من ضرورات المرحلة لكونه يدعم تقويم عمل أجهزة الدولة ويرسخ مفاهيم الحرية والديمقراطية بما يمكن من وصول السودانيين إلى انتخابات حرة ونزيهة محل اجماع.
ويرى عدد من المراقبون بأن تأخير تشكيل المجلس التشريعي جعل مجلسا السيادة والوزراء، يقومان بعقد اجتماع مشترك يسمح لهما بإجازة القوانين والتشريعات، فيما يواجه ناشطون وأحزاب وقوى سياسية انتقادات شديدة حملت المجلسين أسباب تأخير تشكيل المجلس، وهو ما يرد عليه مسؤولين في المجلس بأن السبب يرجع إلى انتظار التوافق.
وكان سليمان الغوث القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، قال إن تأخر تعيين أعضاء المجلس التشريعي يعود إلى خلافات في أوساط تنسيقيات لجان المقاومة بالولايات.