بقلم: خالد الفكى
أفريقيا برس – السودان. سجالات مُستمرة وتصاعد حاد للأزمة بين المكونين العسكري والمدني منذ شيوع خبر “المحاولة الانقلابية الفاشلة”، حيث سارع كل طرف لاتهام الآخر بالتقصير في أداء مهامه خلال فترة الانتقال والعجز من تكوين مؤسساتها، و استكمال إجراءات التحول الديمقراطي، وبلغت حالات الشد والجذب بين شريكي الحكم مرحلة القطيعة بتجميد اجتماعات الشركاء، وبروز دعوات هنا وهناك بتنحي شخصيات من تلك المؤسسات، وربما كانت حملة جمع توقيعات للمطالبة بتنحي “البرهان وحميدتي”، هي الأكثر رواجاً على مسرح أزمة الشريكين.
روح التضامن
البرلمان الثوري الإسفيري الذي يضم عدداً من السياسيين والقانونيين وأفراداً من لجان المقاومة والتجمعات المهنية، يقوم بحملة لجمع تواقيعات شعبية، عبر الإنترنت، مُطالبة بتنحِّي البرهانَ وحميدتي من منصبيهما.
تم سابقاً جمع توقيعات لتسليم الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية، وأخرى لتنحيه، ورغم ذلك كانت التوقيعات دون الطموح، لأن أغلب السودانيين وقتها كانوا لا يهتمون باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لحسم هكذا قضايا.

وبشأن المسوغات القانونية لهذه الحملة، يوضح الخبير القانوني والمحامي، الصادق علي حسن لـ” أفريقيا برس”؛ بأنه طالما هو تجمع إسفيري ونشاطه في الأسافير فهذا يشير بأن الغرض منه حملة لتكوين رأي عام بالمطالب المرفوعة.
وأشار حسن الذي يشغل منصب الأمين العام لهئية محاميي دارفور، بأن هذا النوع من الحراك لا غبار عليه، وإن فيه استدعاء لروح التضامن والحراك المشترك.
وقد نادى التجمع، الذي يقوده السياسي فخر الدين حسن، بإصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، ورفض تعدُّد الجيوش والمليشيات وتكوين جيش مهني وطني موحد لحماية حدود الوطن وتُرابه.
ولكن القانوني والمحامي، يعود ويقول من الناحية القانونية: التعيينات في المواقع السيادية والتنفيذية في الدولة خاضعة لأحكام الوثيقة الدستورية.ويُشير إلى أنه حيثما توافرتا وفقا لأحكام الدستور والقانون فهما يحددان كيفية العزل أو التنحي.
ويعتقد البعض أن جمع التوقيعات ربما كانت بإيعاز من الحكومة نفسها، مشيرين بأن المواطنين مهمومون بالبحث عن احتياجاتهم الضرورية ولن يلتفتوا لحملة التوقيعات.
الأساس الدستوري

عضو اللجنة القانونية لقوى الحرية والتغيير، عبد المطلب الختيم يقول لـ”أفريقيا برس”، مضت في ذات الاتجاه بالحديث عن مطالبة البرهان بحل الحكومة، وقالت: “لايوجد اساس دستوري لهكذا مطلب”.
يقول مراقبون إن جمع توقيعات التنحي هي نتيجة لموافقة بعض المسؤولين بضرورة وجود العسكريين على رئاسة المجلس السيادي نسبة للمشاكل التي تحدث الآن.
وأفاد الختيم بأن البرهان لا يستطيع حل الحكومة ولا يملك بصفته الدستورية الحق بمطالبة رئيس الوزراء بحل الحكومة. وأضاف: “الآن أقول لا يوجد أي أساس دستوري للمطالبة بتنحي البرهان وحميدتي”.
وقال: “إن كانت الدعوة قد جاءت بناءً على تعهد رئيس مجلس السيادة بالتنحي في حال مطالبة الشعب بذلك فهذه الحملة جاءت الان كمخرج لتداعيات الصراع السياسي بين الشركاء”.
هذا وخرج آلاف المواطنين في مظاهرات بالخرطوم تحت شعار “المطالبة بالحكم المدني” مطالبين بتسليم السلطة للمدنيين.
وأضاف الختيم : ” ذلك في إطار التصعيد والضغط السياسي، فاستبدال أي طرف لممثليه في مجلس السيادة يأتي بالتوافق بين الشركاء”. وشدد خلال حدثيه لـ’’أفريقيا برس’’: “على أن ذلك لن يحقق مجرد التنحي.. الوحدة لاطراف الشراكة لأنهم اذا ذهبوا سيأتي خلفهم حاملا لذات مواقفهم”.
ويعتقد بأن “الصحيح هو إعادة هندسة الشراكة وهيكلة وإعادة صياغة عقيدة الأجهزة العسكرية والأمنية لتكون محكومة في أداء مهامها وواجباتها بضوابط القانون وليس وفق مزاج قادتها كما يحدث الآن”. ويرى بأن “الذي نحتاجه الآن هو الالتزام بالاطار الدستوري الحاكم للمرحلة الانتقالية”. وأردف: “فلنبدأ ولو لمرة بأن نملك إرادة الالتزام بالدستور والاحتكام للقانون”.
هذا ولعبت منصات التواصل الاجتماعي الدور في إشعال الثورة، واتسع اهتمام المواطنين بها، بل أصبحت جزءاً من حياتهم، وأصبحت الدعوات التي يتم إطلاقها للحكومة أو المواطنين في أي قضية تجد نجاحاً كبيراً.
إنجيل الانتقال
وبحسب الوثيقة الدستورية فإن تسليم المدنيين لرئاسة المجلس السيادي يتم في السابع عشر من نوفمبر القادم.

في المقابل رئيس الهيئة السياسة للتجمع الاتحادي، عز العرب حمد النيل، يوضح لـ” أفريقيا برس”، بأن لغة التصعيد التي ينتهجها الرجلان ضد الشريك المدني في الحكم لا تعزز هذه الشراكة المشار إليها.
وأضاف: ” في ذات الوقت يسعى الرجلان عبر قاموس مرن يخطب قوي سياسية أخرى كانت جزءا من النظام البائد بل وتترسم طريقه في إيقاظ القبلية في سمت بئيس غادرت بلادنا محطاته قبل أكثر من 80 عاما بمولد مؤتمر الخريجين”.
وأشار حمد النيل إلى أن هذا السلوك ما هو إلا التفاف على إنجيل الفترة الانتقالية المتمثل في الوثيقة الدستورية.
وأوضح بأنه “ما لم يتغير المنهج القائم على الخصومة بين الشريكين ستدخل بلادنا في سيناريوهات كارثية لا تخدم الشعار الذي أشار إليه رئيس الوزراء عبدالله حمدوك”. وأضاف: “نتطلع إلى تقديم نموذج للشراكة بين المدنيين والعسكريين يحتذى به في محيطنا الأفريقي والعربي”.
وظل التصعيد بين المدنيين والعسكريين عقب المحاولة الانقلابية التي أفشلتها السلطات، والاتهامات المتبادلة بين المكونين بالتقصير. ودعا حمد النيل إلى التحلي بالعقلانية والمضي بالثورة إلى نهاياتها والعمل على استقرار الفترة الانتقالية وصولا إلى ديمقراطية مستدامة.
المكون المدني كما ينظر البعض، لا يملك الخبرة الكافية في التعامل مع الأحداث، ولكن رأي آخر يقول أن هناك من يساند العسكريين لإبقائهم بمواقعهم حتى انتهاء الفترة الانتقالية.
مراقبون سياسيون أشاروا إلى أن الحكومة التنفيذية لا تريد الدخول في صدام مع العسكريين رغم أن المطالبة برئاسة السيادي منصوص عليها بالوثيقة الدستورية.
جمع التوقعات قد تمثل خطورة للحكومة، ويمكن أن يتم جمع توقيعات لتغييرها بحجة أنها ضعيفة، وهذا لا يعني استبدال الحكم المدني بالعسكري وفقاً لمراقبين.

هذا وتوقع عضو لجنة التمكين عروة الصادق “عدم نجاح الحملة نسبة لعدم تفاعل السودانيين بها، مبينا أنه أسلوب لمخاطبة المؤسسات الدولية والجهات التي تتعامل رقمياً، لكن في السودان ليست فعالة”.
وأوضح الصادق أن “رئيس البرلمان الثوري معروف، لكن الجهة التي تقف خلفه غير معروفة، لذلك سيشكك البعض فيها وربما لن يوقعوا لسحب الثقة من البرهان وحميدتي”.