بقلم : بدرالدين خلف الله
افريقيا برس – السودان. أثار قرار مجلس الوزراء السوداني طلب بعثة أممية تحت الفصل السادس جدلاً كبيراً في الأوساط السودانية وترك موجة تساؤلات وسط الشارع السوداني ، منهم من أعتبر البعثة تدخلاً في السيادة الوطنية السودانية وبند من بنود الوصاية الدولية الجديد ، فيما يرى البعض الآخر أنها بعثة فنية لدعم مراحل الفترة الانتقالية.
بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2524 بدأت بعثة “السودانيونيتامس” عملها في مطلع يناير الماضي لدعم الفترة الانتقالية في السودان ، وحدد مجلس الأمن الدولي مهام البعثة في دعم عملية التحول السياسي ، وحماية المدنيين ودعم الحشد للمساعدات الاقتصادية والانمائية ووضع الدستور والتمهيد لإجراء الانتخابات لتحقيق عملية السلام والمساهمة في المصالحة الوطنية.
أول نشاط للبعثة
بدأت البعثة أول نشاط لها في ولاية شمال دارفور غرب السودان حيث وصل وفدها إلى عاصمة الإقليم الفاشر في أواخر شهر يناير الماضي برفقة ممثلين من الحكومة السودانية للوقوف ميدانياً علي مجمل الأوضاع وشمل وفد البعثة السيدة “ستيفان خوري” القائم بأعمال البعثة في الخرطوم ومسؤول قسم بناء السلام بالبعثة بجانب ممثل وزارة الخارجية السودانية واللجنة التنسيقية الوطنية .
حماية السلام والأمن
وتؤكد تماضر الطيب أستاذة العلاقات الدولية لموقع أفريقيا برس أن بعثة يونيتامس ليس لها أي علاقة بمسألة تكريس الاستعمار أو بند من بنود الوصاية الدولية وتضيف أن الفصل السادس من قانون الأمم المتحدة يتعلق بحل النزاعات بالطرق السلمية عن طريق المفاوضات وأشارت إلى أن الأمم المتحدة شكلت من أجل حماية الأمن والسلم الدوليين وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ونبهت في حديثها إلى موقع أفريقيا برس إلى أن السودان بحاجة لمثل هذه البعثات للحفاظ على السلام بصورة دائمة وللحد من أي صراعات أهلية قادمة تهدد الأمن والسلام وتحقق التحول والانتقال السلمي وتحول دون سيطرة الجيش على السلطة مرة أخرى.
جدلية المهام
يقول الخبير الأمني طارق محمد عمر لموقع أفريقيا إن تقيم مهام بعثة يونيتامس يفتقر للدليل ودقة التقييم وأشار إلى أنها بعثة لحفظ الامن وتحقيق السلام في السودان وأضاف لا أرى سبب للتشكيك في نوايا البعثة ودعا إلى أن يتم التعامل معها وفقاً للتكاليف الصادرة لها من الامم المتحدة وعدد مهام البعثة منها المساهمة في عملية الانتقال الديمقراطي السلمي للسلطة وحماية حقوق الانسان وبسط القانون وحماية المدنيين في مناطق النزاع والعمل على احلال السلام وحشد الدعم الاقتصادي العالمي للسودان وأشار إلى أهمية هذه القضايا في تعزيز السلم والحرية والديمقراطية في البلاد وأردف بأنها تسهم في انتشال الاقتصاد السوداني من أزمته الحالية .
ضعف الميزانية مع كثرة المهام
يقول الصحفي المختص في الشأن الأممي والأفريقي محمد أحمد عيسى إن بعثة يونيتامس ليست الأولي في السودان قد سبقتها بعثات أونميس ويونميد ومن خلال تجربتهما نستطيع أن نقول إن بعثات الأمم المتحدة بغض النظر عن قرار إنشائها تحت أي بند وطبيعة مهامها، تكتسب أهميتها من عاملين أساسيين، الأول هو مدي الإسناد المتوفر لها من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. والثاني هو مدي تعاون الدولة المستهدفة بالبعثة.
ويضيف في العامل الثاني نعرف أن طلب البعثة مختلف عليه إبتداءً بين مكونات النظام الإنتقالي الحاكم، إذ طلبها رئيس الوزراء دون تشاور مع حاضنته السياسية فضلا عن المكون العسكري الذي تفاجأ بتسريب الطلب بعد وصوله للأمين العام للأمم المتحدة، فأستدرك بالضغط لإعادة صياغة وتقليص وضبط مطلوباته لأقصي حد بعد أن تورط فيه لأنه لم يستطع ان يرفضه صراحة وهذا قاد المكون العسكري لتفعيل العامل الأول ويشير محمد عيسى في حديثه لموقع أفريقيا برس ” لاحظنا في مداولات مجلس الأمن لإختيار رئيس البعثة كيف عبرت الصين وروسيا عن موقف المكون العسكري برفضهما للمرشح الفرنسي المرحب به من رئيس الوزراء وحاضنته الدولية بقيادة فرنسا، بريطانيا وألمانيا والآخيرتين هما صاحبتا مشروع القرار.
ويعتقد أن البعثة لم تجد البند الدولي الكافي على الأقل حتى الآن وتجلى ذلك في الميزانية الهزيلة التي خصصتها لها الأمم المتحدة لهذا العام وهو عام التأسيس (34 مليون دولار) مقارنة بالمهام المطلوبة منها وإحتياجات دولة في حجم وظروف السودان الإنتقالية.
ويستمر في القول إن يونيتامس مثل بقية البعثات الأممية لديها القدرة على جمع المعلومات بحرية كبيرة وإرسالها في شكل تقارير إلى رئاستها وهي مصدر جيد لأي جهة تريد معلومات دقيقة عن ما يجري في السودان .
البند السادس
تندرج بعثة يونيتامس تحت البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة والذي ينص على حل المنازعات سلمياً بين الدول أو بین مكونات الدولة الواحدة ، يحتوي البند على 6 مواد من المادة 33 الى المادة 38 تتعلق بالحالات التي تتيح للامم المتحدة النظر في النزاع كمرحلة أولى ثم ارسال بعثات كمرحلة ثانية ثم اجراء تسويات كمرحلة ثالثة و اذا فشلت كل هذه المراحل يُنظر الى المرحلة الرابعة و هي تقديم توصيات لحل النزاع قبل الوصول إلى المرحلة الخامسة والتي تدرج النزاع الى محكمة العدل الدولية ومن ضمن مهام البعثة حسب ميثاق الأمم المتحدة .