بعد تعيين سفير سوداني بواشنطن .. السودان وأمريكا .. حقبة جديدة

311
محمد عبدالله أدريس، درس العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم ،وعمل سفيرا للسودان في عدد من الدول ابرزها بريطانيا، وشغل عدة مناصب في الخارجية السودانية ارفعها وزير دولة بوزارة الخارجية، ومدير الشؤون الافريقية بالوزارة. كما عمل رئيس بعثة جامعة الدول العربية في مقديشو، بجانب تقلده المناصب عدة.

احمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. صادقت الولايات المتحدة الأمريكية رسميا على اعتماد أول سفير سوداني لديها منذ 24 عاما، وهو الأمر الذي جعل مراقبين يرسمون صورة جديدة لشكل العلاقات بين السودان وأمريكا .. فماذا قالوا عن الخطوة؟

موافقة أمريكا

ووافقت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية على ترشيح السفير محمد عبد الله إدريس سفيرا فوق العادة مفوضا لجمهورية السودان لدى واشنطن، وبحسب وكالة السودان للأنباء “سونا” فإن السفارة الأمريكية بالخرطوم أبلغت وزارة الخارجية بالموافقة المكتوبة بقبول الترشيح، وأفادت الوزارة أن السفير سيشرع في إجراءات المغادرة إلى موقعه الجديد بأعجل ما تيسر.

خطوة أساسية

عبدالرحمن أبوخريس، محلل سياسي سوداني

أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات السودانية، عبدالرحمن أبوخريس، يرى أن تعيين سفير فوق العادة تعني مهام وصلاحيات أكبر من مهام السفير العادي، بجانب أن التعيين يعني بحسب عبدالرحمن ثقة البرهان في القدرات والخبرات للسفير محمد عبدالله، واصفا الخطوة بالأساسية لتهيئة الخطوات لاستكمال توقيع السودان على التطبيع مع اسرئيل على نمط توقيع دولة الإمارات والبحرين والرئيس دونالد ترامب، وأضاف لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن قبول أمريكا بترشيح السفير من قبل البرهان يعني الاعتراف بأن قرارات 25 اكتوبر تصحيحية و ليست انقلابا عسكريا كما تصفها قحت”، وهنا يقول أبوخريس إن الخطوة تعكس ايضا قبول أمريكا بالوضع الراهن كما ظهر اليوم في تقرير معهد السلام في واشنطن القريب من دوائر صنع القرار الأمريكي.

هذا، وقال تقرير نشرة المعهد الأمريكي للسلام أمس، إن الإعلان المفاجئ الذي أصدره رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بأن الجيش على استعداد لتسليم السلطة للمدنيين يقدم فرصة لإعادة الانتقال الديمقراطي إلى المسار الصحيح، واعتبر التقرير أن خطاب البرهان فرصة ضيقة لإعادة الانتقال الديمقراطي إلى المسار الصحيح، وقال التقرير “يجب على السودانيين الاتفاق على الطريق إلى الأمام لثورتهم التي حققوها بشق الأنفس، بما في ذلك الدور المستقبلي للجيش”.

ويرى أبوخريس أن هناك تحول فى الرؤية الأمريكية لما يدور فى البلاد عكس ما يتم في الشارع خاصة بعد زيارة جون بايدن للمنطقة وفشله في تحقيق الاهداف والأجندات المعلنة لها، وشدد على أن الوضع في السودان يتطلب التحليل والإدراك والتعامل الواقعي وعدم السير عكس التيار الدولي وأن تتعظ الدولة من تجارب الماضي والراهن الدولي.

لماذا التعيين؟

الفاتح محجوب، أستاذ في العلاقات الدولية ومحلل سياسي

وفي تصريحات خاصة لموقع “أفريقيا برس”؛ يفسر المحلل السياسي الفاتح محجوب موافقة أمريكا على تعيين سفير للسودان في بلدها وبدلا عن قائم بالأعمال بالقول “الخطوة جاءت في سياق قرار الحكومة الأمريكية بترفيع تمثيلها الدبلوماسي من قائم بالأعمال إلى سفير، وهو قرار وافقت عليه الحكومة السودانية فتم الاتفاق بين البلدين على أن يسمي كل منهما سفيرا لإدارة البعثة الدبلوماسية لبلده، وجاءت موافقة أمريكا على تسمية السفير ضمن خطوات الحكومة الأمريكية لتسريع التعاون مع الحكومة السودانية الانتقالية سواء تم التوافق السياسي أم لم يتم”.

صفحة جديدة

ولم يذهب بعيدا عن الحديث السابق الكاتب الصحفي عبدالماجد عبد الحميد، إذ يقول في منشور له، “إن موافقة أمريكا على اعتماد سفير جديد للسودان بواشنطن يعني اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية لفتح صفحة جديدة من كتاب علاقاتها مع الخرطوم”، ويضيف “السفير محمد عبدالله إدريس سيمارس مهامه كسفير للسودان لدى أمريكا وسيكون بكامل صلاحياته وذلك بعد 33 عاماً من الممانعة الأمريكية والتي ظلت تتعامل مع السفير السوداني هناك بوجهين”، فهو من حيث الدرجة يقول عنه عبدالحميد سفير، مستدركا “لكنه عملياً قائم بالأعمال وهو عين ما ظل متبادلاً بين الخرطوم وواشنطن منذ واقعة ضرب مصنع الشفاء في عام 1998″، وقال عبدالماجد “إن أمريكا قررت الرمي بثقلها للمشاركة الفعلية في رسم سياسة السودان خلال المرحلة المقبلة وهو ما دشنته عملياً الموافقة على اعتماد السفير السوداني الجديد بواشنطن”، ويرى إنه سيكون المشهداً قاسياً على ما اسماهم ” قوى الثورة المصنوعة وبقايا شتات الحرية والتغيير، عندما يقدم السفير الأمريكي الجديد أوراق اعتماده للفريق البرهان”، وأردف “نعم سيقدم الدبلوماسي الأمريكي الرفيع أوراق اعتماده لقائد الانقلاب وإنه سيكون مشهد مؤلم بحق لهواة السياسة الذين توهموا أن أمريكا قلعة الديمقراطية ستتخذ موقفاً صارماً من قائد الجيش السوداني وها هي واشنطن تتجاوزهم لرعاية مصالحها بالأصالة”.

برغماتية أمريكا

عبدالقادر محمود صالح، باحث في العلوم السياسية

ويرى الباحث في العلوم السياسية عبدالقادر محمود صالح، أن موافقة الولايات المتحدة الأمريكية بالسفير محمد عبدالله يدل على اعتراف الولايات المتحدة بحكومة الانقلاب على اعتبار أن قبولهم بأن يكون هنالك سفيرا فوق العادة يمثل السودان في هذا الظرف الحرج، يعني أن الولايات المتحدة ترغب في التواصل مع النظام الانقلابي، وأضاف لموقع “أفريقيا برس”؛ “المعلوم أن مهام البعثات الدبلوماسية هي رعاية مصالح الدولة في الخارج والتعبير عن رمزية سيادة الدولة الداخلية والخارجية، فإن وجود تمثيل دبلوماسي للسودان لدى الولايات المتحدة وفي هذا الوقت وبمستوى سفير، يؤكد الفرضية القائلة بأن العلاقات الدولية هدفها تحقيق المصالح ولا شئ غير ذلك”، وتابع “كذلك، معلوم أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تتحدد بعدة عوامل؛ منها على سبيل المثال، الأمن القومي لحلفاءها في المنطقة والصراع الدولي على الموارد في أفريقيا”. و كلها عوامل قال عنها صالح تجعل صانع القرار الأمريكي أكثر براغماتيا في تعاطيه مع تفاعلات السياسة الدولية وتقاطعات المصالح بين القوى الكبرى في النظام الدولي، لذلك بحسب صالح فإن تعيين السودان سفيرا فوق العادة لدى الولايات المتحدة الأمريكية يقرأ في سياق براغماتية السياسة الخارجية للولايات المتحدة التي تدفع بها الاعتراف بحكومة الانقلاب لكبح جماح المارد الصيني والدب الروسي والتضحية بالدولة المدنية وشعارات الديمقراطية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here