بعد دخولها على خط الأزمة.. هل تملك أمريكا مفاتيح الحل في السودان؟

53

بقلم : أحمد جبارة

أفريقيا برسالسودان. دخلت الولايات المتحدة بثقلها على خط الأزمة السياسية التي يشهدها السودان، ودعت وزارة الخارجية شركاء الحكم الالتزام بالوثيقة الدستورية واحترام إرادة الشعب، كما التقى المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، بشكل مشترك مع رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، والفريق محمد حمدان دقلو.

وبحسب السفارة الأمريكية بالخرطوم، فإن فيلتمان شدد على دعم الولايات المتحدة لانتقال ديمقراطي مدني وفقاً للرغبات المعلنة للشعب السوداني، كما حث المبعوث الأمريكي جميع الأطراف على تجديد الالتزام بالعمل معاً لتنفيذ الإعلان الدستوري واتفاقية جوبا للسلام.

وصفة أمريكا

الشاهد أن حرص الولايات المتحدة على عملية الانتقال السلمي في السودان لم يكن وليد اللحظة، إذ ظلت مراراً وتكراراً تحذر من عرقلة التحول المدني في البلاد، كما أنها أعلنت استعداها لرفض أي تحرك عسكري أياً كان مصدره لتقويض الحكم المدني أو الإخلال بالوثيقة الدستورية المتفق عليها.

وأبدى المسؤولون السودانيون تجاوبهم مع الوصفة الأمريكية للخروج بالبلاد من أزماتها، إذ أكد رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان حرص القوات المسلحة على حماية الانتقال وصولاً لمرحلة الانتخابات والتحول الديمقراطي، وجدد تأكيداته بعدم السماح بأي محاولة انقلابية من أي جهة تعرقل عملية الانتقال الديمقراطية، وأشاد رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالموقف الأمريكي الداعم للانتقال الديمقراطي في السودان ولعملية السلام.

وشدد البرهان على ضرورة العودة لمنصة التأسيس والاحتكام للوثيقة الدستورية و اتفاقية جوبا. ودعا إلى ضرورة توسيع المشاركة السياسية لكل القوى الوطنية ما عدا المؤتمر الوطني وقال: “لا يمكن احتكار الحكومة التنفيذية بواسطة أحزاب بعينها لا تمثل كل أطياف الشعب السوداني”. كذلك أشاد رئيس الوزراء بحنكة رئيس مجلس السيادة وقيادته للفترة الانتقالية ووعد بالعمل سوياً معه لاستكمال مهام الفترة الانتقالية والتي يأتي في مقدمتها تحقيق التحول الديمقراطي في السودان.

حلول ناجعة

تماضر الطيب ، أستاذة العلاقات الدولية بالجامعات السودانية

وترى أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم الدكتورة تماضر الطيب؛ أن الولايات المتحدة تملك حلولاً ناجعة للأزمة السياسية في السودان، إذ تتمثل -بحسب تماضر- في دعم التغيير في السودان والذي بدوره يعمل على تحقيق الاستقرار والديمقراطية وحماية حقوق الانسان ووقف الصراعات، مؤكدة لـ”أفريقيا برس” أن الولايات المتحدة تنظر في الوقت الحالي للأنظمة العسكرية كأكبر مهدد لمصالحها حول العالم على اعتبار أنها لا تحقق سوى المزيد من الصراعات والانقسامات. وفي تعليقها على لقاء المبعوث الأمريكي بالمسؤولين في السودان، تقول تماضر: “اللقاء يهدف إلى حث الحكومة على استكمال هياكل السلطة الانتقالية على اعتبارها داعمة للتحول المدني والديمقراطي”، مؤكدة أن اللقاء يخفف عملية التصعيد بين أطراف الأزمة، وأن يكون سبباً رئيسياً لجلوسهم للاتفاق والابتعاد عن الخلافات.

رؤية مختلفة

الفاتح محجوب، أستاذ العلاقات الدولية

لكن المحلل السياسي، الفاتح محجوب لديه رؤية مغايرة عن تماضر، إذ يقول في إفادته لـ”أفريقيا برس” : “إن أمريكا تريد استمرار الشراكة بين المكونين العسكري والمدني على أن تكون السلطة التنفيذية في يد المكون المدني”، وأضاف: “كذلك أمريكا تعتقد أن مجموعة قوى الحرية والتغيير فرع الميثاق داعمة للعسكر وتريد من أولئك أن يعترفوا بأن المظاهرات الأخيرة يوم 21 اكتوبر جددت الثقة في قوى الحرية والتغيير فرع المجلس المركزي، لكنها مع ذلك غير راغبة في الانحياز بشكل كامل لجماعة الحرية والتغيير فرع المجلس المركزي بل تريد فقط ضمانات بعدم استيلاء العسكر على الحكم، كما أنها ترغب في أن تواصل الحكومة الانتقالية المدنية في ترسيخ العلمانية وقيم الحداثة جنبا إلى جنب مع الإصلاحات الاقتصادية الصعبة التي تمثلت في تحرير الوقود وتوحيد سعر الصرف للجنيه السوداني مع تحرير جزئي للكهرباء والغاز والخبز”.

وأضاف محجوب: “إذن الحكومة الأمريكية تريد استمرار الشراكة بين المكونين العسكري والمدني لكنها تريدها شراكة تجعل المكون المدني شبه منفرد بالسلطة التنفيذية وهي ليست لها مواقف ضد مجموعة قوى الحرية والتغيير فرع ميثاق قاعة الصداقة”.

تأييد أمريكي

الرشيد أبوشامة، سفير سابق بوزارة الخارجية السودانية

السفير السابق بوزارة الخارجية السودانية، الرشيد أبوشامة، يقرأ مواقف أمريكا إزاء الأزمة السياسية في السودان من عدة زوايا، إذ يرى في حديثه لـ”أفريقيا برس”؛ أن أمريكا تؤيد المكون المدني تأييداً كاملاً ومنقطع النظير، مستدلاً بتصريحات المسؤولين الأمريكين التي كانت تؤكد على ضرورة تحقيق الحكم المدني والديمقراطي، إضافة إلى التحذيرات التي أطلقها نفس المسؤولين بشأن حدوث انقلاب، معتبراً أن حدوث انقلاب من شأنه أن يعقد المشهد السياسي، ولم يستبعد الرشيد أن يتم فرض عقوبات جديدة على السودان من الولايات المتحدة في حال حدوث انقلاب، وأوضح أن حدوث انقلاب في السودان يعني عدم اعتراف به من أمريكا وكل المجتمع الدولي.

وحول مقدرة أمريكا على حل الازمة السياسية في السودان يقول أبوشامة: “أمريكا لن تحل الأزمة السياسية على اعتبار أنها لا تمتلك نفوذاً حقيقياً على الطرفين، و بالرغم من أن الحكومة الانتقالية معتمدة بشكل كامل على الدعم الدولي الذي تشرف عليه أمريكا، إلا أنها ستكون وسيطاً ذو قيمة عالية بينهم، مستدركاً: “لكن الحل يكمن في مدى قدرة الطرفين على تقديم التنازلات”.

ويضيف أبوشامة: “قوى الحرية والتغيبر “أ” حازت على كل شيء ولا ترغب في التفريط بمكتسباتها، بل ترغب في المزيد عبر استلام رئاسة السيادي وتمكين عضويتها في كل مفاصل الدولة وإعادة هيكلة كل المؤسسات الحكومية بحيث تسيطر عليها جميعاً، بينما تريد قوى الحرية والتغيير الموقعة على ميثاق قاعة الصداقة أن توقف تمدد “قحت المجلس المركزي” وإيقاف عملية تمكين أعضائها وحل الحكومة الانتقالية وإعادة تشكيل الحكومة من كفاءات مستقلين تماماً كما جاء في الوثيقة الدستورية وإكمال تكوين المؤسسات التي نصت عليها الوثيقة الدستورية أي المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية ومجلسي النيابة والقضاء العالي وتكوين مفوضية مكافحة الفساد ومفوضية الانتخابات وتحجيم تمدد لجنة تفكيك التمكين التي كادت أن تصبح حزباً سياسياً ودولة داخل الدولة، وباتت الندوات السياسية تعقد باسمها بدلاً من الحكومة أو قوى الحرية والتغيير”.

وخلُص أبوشامة إلى أن “أمريكا لا تستطيع أن ترغم الطرفين على التوصل إلى حل لكنها تستطيع أن تحول دون حدوث انقلاب عبر التهديد بحظر الدعم الدولي للاقتصاد السوداني ويمكنها أيضا تهديد أي طرف من أنه إن لم يساعد على التوصل إلى حل سيفقد الدعم الأمريكي، مستدركا: “لكن بشكل عام يظل الحل في يد طرفي قحت والمكون العسكري”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here