بعد ظهور كرتي.. هل يعود الإسلاميون الى الساحة السياسية؟

292
علي كرتي، الأمين العام المكلف للحركة الإسلامية
علي كرتي، الأمين العام المكلف للحركة الإسلامية

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. أثار حديث الأمين العام المكلف للحركة الإسلامية علي كرتي، بشأن عدم إنتاج نظام الإنقاذ مرة أخرى، وإن الحركة ستقدم مراجعات، وستقدم الشباب للقيادة، أثار جملة من الاستفهامات، أبرزها مدى إماكنية عودة الإسلاميين؟ وهل سيعودون عبر لافتات جديدة؟ وفي حال العودة هل سيرضى بهم الشعب؟

عبث كرتي

جعفر خضر، عضو مبادرة القضارف للخلاص والقيادي السابق بقوى الحرية والتغيير

قطع عضو المكتب التنفيذي لحركة بلدنا والقيادي السابق في الحرية والتغيير جعفر خضر؛ بأن الإسلاميين سيعملون على العودة عبر لافتات جديدة سيما وأن لهم “حربائية” تجعلهم أكثر قدرة على التحول فقد كانوا بحسب جعفر، (الإخوان المسلمون) ثم صاروا (جبهة الميثاق الإسلامي) فأصبحوا (الجبهة الإسلامية القومية)، ثم (المؤتمر الوطني) الذي انشق منه (المؤتمر الشعبي) والآن يحاولون الظهور تحت اسم (التيار الإسلامي العريض). وقال جعفر لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن الذي يساعد الإسلاميين بظهور جديد هو أن بيدهم أموالا طائلة نهبوها من الشعب السوداني على مدى ثلاثين عاما من انفرادهم بالسلطة”، مشيرا إلى أن لجنة إزالة التمكين لم تسترد منها سوى القليل، وأردف “حتى هذا القليل عاد إليهم بعد انقلاب البرهان-حميدتي الدموي”. وعاد جعفر ليقول إن هناك عاملا يحول دون عودتهم وهو انفضاحهم للشعب السوداني بعد تجربتهم المريرة في الحكم الذي استباحوا فيه دماء السودانيين، وبلغ فيه الفساد درجة غير مسبوقة تحت شعارات إسلامية كذوبة، فالسودانيون يقول عنهم جعفر، يعرفون عبث علي كرتي وإخوانه بحرمة الدم والمال العام، وأضاف، كذلك ثورة ديسمبر العظيمة قد حددت اعداءها بوضوح، ورفعت شعار (أي كوز ندوسو دوس) مما يجعل عودتهم لحكم السودان أقرب للمستحيل.

أوراق محروقة

عروة الصادق: الأصوات المنادية بالإصلاح في حالة تزايد
عروة الصادق: الأصوات المنادية بالإصلاح في حالة تزايد

يقول القيادي بحزب الامة القومي عروة الصادق في تصريحات لموقع “أفريقيا برس” إن كرتي يعد أحد أوراق الإسلاميين المحروقة والتي يحاولون اللعب بها على طاولة السياسة السودانية، ومحاولة تقديمه عبر مختصي الترويج الإعلامي، كما أكد عروة إن ظهور كرتي محاولة لوضعه كواجهة مقبولة يمكن أن تحدث اختراقا في الأوساط السياسية السودانية، وتقديمه كوجه خارجي للمحيط الإقليمي والدولي يمكن التغاضي عن ظهوره على السطح، واردف، كذلك في ظهوره مخاطبا لأشواق شتات الإسلاميين الذين يريدون تطبيق النظام الخالف الذي تركه  الترابي، مستدركا؛ لكن هذا خلق تصادما بين أبناء البيت الإسلامي الواحد وتجلى ذلك في بوادر الانشقاق في المؤتمر الشعبي ورفض قطاع عريض لأي دخول لجماعة كرتي في هذا النظام الخالف على اعتبار أن كرتي ضمن الذين تآمروا على شيخه وانحاز إلى السلطة والمال وترك الفكر والشرعية، وقال الصادق؛ إن عودة الإسلاميين عبر شخصية مثل كرتي تعيد للناس أصداء سيرة الرجل الدموية والعنصرية الملطخة بالانتهاكات والموصومة بالفساد وبيع المرافق والمؤسسات، ويضيف؛ إن كان للإسلاميين رغبة في العودة إلى العلن بعد تجربة البطش والتنكيل والفساد والاستبداد وتقسيم البلاد، فعليهم إعمال المراجعات السياسية والفكرية والاعتذار للشعب السوداني وقبول أي إجراءات عقابية في مواجهة المفسدين ككرتي عوضا عن ترميزهم وإعادة تدويرهم من جديد.

نموذج للعودة

وأشار عروة إلى أن هنالك نماذج إسلامية في العالم أعادت صياغة منهجها وتفكيرها وتدبيره، كحزب الرفاه في تركيا الذي تم حله ليصبح الفضيلة ومن بعد حله مرة أخرى صار التنمية والعدالة الذي دفع بأردوغان لسدة السلطة، وأضاف، كذلك نموذج المنادين بتقييم تجاربهم كالشيخ الدكتور عبد الفتاح مورو وغيره ممن أدركوا خطر الاستبداد السياسي باسم الإسلام، وأردف، حتى المراقب لحركة النهضة التونسية وجماعة الإخوان المصرية وحركة الشباب الصومالية، يجد أن هناك تنادي لمراجعات وتقييم للتجربة وتغيير للشخوص بل حتى الأسماء التنظيمية والهياكل المؤسسية، وجزم بأنه إذا لم يحدث ذلك حتى وإن عاد كرتي بالطريقة الترابية فهذا سيرفع من أصوات السخط عليه وعلى الحركة والتنظيم لأنه من أكثر المبخسين للثورة وأشد المستهزئين بالشباب، ويقول؛ “كذلك لم ينس الجميع استحواذه على آلاف الأمتار السكنية وعشرات الآلاف من الأراضي الزراعية وتاريخه في الأمن الشعبي والدفاع الشعبي والعمل الجهادوي والعمليات الخاصة وعبثه الدبلوماسي في الخارجية السودانية، فضلا عن تقمصه لدور المرجعية لحركة دينية هو أبعد ما يكون عن العلم والاجتهاد وسبر أغوار الدين، فأنى له أن يتقدم إن طبقت فيه حتى شروط القيادة النظرية الظاهرية للحركة الإسلامية”، فكرتي بحسب عروة لم يصنف حتى في الجماعات الإسلامية بأنه شخص “صالح” بل من “جماعة المصالح”، وقال عروة “يقيني أن نعومة التظاهر التي بدا بها كرتي تخفي خلف طياتها تاريخ من المؤامرات والدسائس التي أودت بالزبير محمد صالح ومجذوب الخليفة وإبراهيم شمس الدين وغيرهم من قادة الحركة والتنظيم”، وأضاف؛ “كذلك ما يؤسف له أنه لا زال الحبل السري لمصالح الإسلاميين في المؤسسة العسكرية الذي يغذي بعض الجنرالات ويتغذى من خلاله التنظيم والحركة وتحفظ مصالحه الشخصية على أسس قبلية وإثنية ضيقة فكما أسلفت فالرجل عنصري حتى النخاع”، وختم عروة حديثه قائلا “باختصار كرتي ورقة محروقة، زاد تأليب الشارع على الإسلاميين، وسيجلب لهم مزيدا من الهتافات التي ظلوا يرتعدون منها لثلاث أعوام مضت كـ”أي كوز ندوسو دوس”، وبهذه الصورة الفوقية لن يعود الإسلاميون إلى الساحة حتى تشرق شمس السودان من مغربها، أمامهم التغيير الجذري وإلا فالاقتلاع الجذري.

ترتيب الأوراق

لكن أستاذ العلوم السياسية مصعب محمد علي يختلف كثيرا عن سابقيه، إذ يرى أن حديث كرتي يأتي في سياق العودة للمشهد مرة أخرى للساحة السياسية وهو ما قد يحسب في إطار المراجعات التي يقوم بها الإسلاميون. ويقول مصعب بحسب صحيفة “اليوم التالي”؛ “ظهور كرتي في هذه الفترة يريد أن يرسل العديد من الرسائل لعل أهمها رسالة للإسلاميين بترتيب قواعدهم مرة أخرى والدخول في المشهد السياسي في البلاد، وحديثه عن أنهم سيكونون منفتحين على أي قوى يوضح أن هناك تغييراً في الخطاب وأن الخطاب القديم لم تعد له فاعلية وهو ما قد يجعل التيار الذي يقوده أن يدخل في تحالفات جديدة يكون لها الأثر في الواقع، وهذا الظهور يحسب في إطار ترتيب الأوراق”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here