تجربة رواندا في المصالحة..هل تتحقق في السودان؟

93
تجربة رواندا في المصالحة..هل تتحقق بالسودان؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. أثارت تصريحات وزارة الخارجية السودانية، بشأن إمكانية السودان الاستفادة من التجربة الرواندية في المصالحة، جملة من الاستفهامات، أهمها، ما مدى تحقيق التجربة الرواندية في السودان؟ وهل المجتمع الرواندي شبيه لمجتمع السودان؟ وماهي أوجه الشبه بين دولة رواندا والسودان؟

رغبة السودان

الزين ابراهيم، المدير العام للشؤون الافريقية بوزارة الخارجية السودانية
الزين ابراهيم، المدير العام للشؤون الافريقية بوزارة الخارجية السودانية

وأعلنت وزارة الخارجية، السودانية الرغبة في الاستفادة من التجربة الرواندية في المصالحات المجتمعية، وجددت تعهدها بمبدأ عدم الإفلات من العقاب، وسيادة حكم القانون واحترام حقوق الإنسان وتكوين المؤسسات المنوط بها القيام بذلك، وأكد المدير العام للشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية بالإنابة السفير الزين إبراهيم، في خطاب السودان أمام احتفال البعثة الدبلوماسية الرواندية بالخرطوم بمناسبة الذكرى 28 للإبادة البشرية في رواندا، أن إحياء هذه الذكرى يعني تذكر آلام الضحايا والحداد على أرواح الأمهات والأباء والأبناء والبنات والأصدقاء والأقارب الذين سفكت دماؤهم دون ذنب. ولفت الزين، إلى أهمية إحياء تلك الذكرى سنوياً، للحيلولة دون حدوثها في المستقبل، ودعا للعمل سوياً لمحاربة خطاب الكراهية والعنف والخوف من الأجانب، وتهميش الأخر والسعي إلى احترام حقوق الانسان، ورأى الزين أن السودان في أشد الحاجة إلى الإستفادة من التجربة الرواندية في المصالحات والتنمية الاقتصادية، ونقل رغبة السودان في الاستفادة من تلك التجربة في مجال المصالحات المجتمعية وتعزيز دور المرأة والشباب والبناء الوطني، كما أكد رغبة السودان الصادقة في تعزيز التعاون مع رواندا، من أجل تحقيق المصالحة الوطنية والرفاه الاقتصادي لشعبي البلدين وشعوب المنطقة.

تجربة مختلفة

الفاتح محجوب، أستاذ في العلاقات الدولية ومحلل سياسي

في الصدد، يقول المحلل السياسي، الفاتح محجوب في تصريحات لموقع “أفريقيا برس”؛ إن تجربة رواندا في المصالحة تجربة مختلفة تماما عن ظروف السودان، على اعتبار أنها تمت في ظل انتصار كاسح لقوات التوتسي المدعومة من الجيش اليوغندي على جيش الحكومة الرواندية الذي يسيطر عليه شعب الهوتو الذي يمثل نحو 70٪ من السكان، وهروب هذا الجيش إلى الكونغو الديمقراطية بدون أن يحصل على عفو، اذ لازالت جيوش حكومة رواندا تقوم بغزو شرق الكونغو الديمقراطية حيث توجد بقايا جيش الهوتو السابق، واضاف، إذن مصالحة رواندا تمت بمبادرة من طرف واحد منتصر قام بالعفو عن المهزومين الذين يمثلون غالبية الشعب، وسعى لدمجهم من دون التنازل عن السلطة لهم، إذ لا زال الجنرال بول كاغامي نائب وزير الدفاع اليوغندي السابق بحسب الفاتح يحكم رواندا منذ ثلاثين عام، ويقول الفاتح؛ إن الوضع في السودان مختلف تماما عن رواندا لأن الصراع الحقيقي في السودان هو بين أحزاب سياسية وليس بين شعوب أو قبائل، وبالتالي ما هو مطلوب في السودان ليس كبيرا، إن تحلت تلك الاحزاب بالواقعية السياسية، لأن التشدد في المواقف السياسية غالبا سببه الخوف من خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، كما أن معظم تلك الأحزاب السياسية البارزة الآن في الساحة بحسب الفاتح، اما سبق لها الفشل في الانتخابات السابقة او هي متخوفة منها لأنها لم يسبق لها خوض انتخابات وليس لها جمهور معروف مقارنة بحزبي الأمة القومي والاتحادي الأصل اللذان حكما السودان معظم فترة العهود الديموقراطية، وعليه فإن تجربة رواندا يقول عنها الفاتح تجربة مختلفة تماما ولا تنطبق ظروفها على السودان.

تجربة سابقة

عروة الصادق، قيادي في حزب الأمة القومي وقوى الحرية والتغيير
عروة الصادق، قيادي في حزب الأمة القومي وقوى الحرية والتغيير

بالنسبة للقيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق، فإن التجربة السودانية في التعافي والمصالحات سبقت التجربة الرواندية، مستدلا بأن الرئيس نميري أباد الآلاف من الأنصار ودفنهم في مقابر جماعية وقصفهم بالطيران وقتل إمامهم، وحرق الناس في ودنوباوي ونكل بالشيوعيين وأعدم محمود محمد طه، وبعده تمت المصالحات، كما إن عروة قال لموقع “أفريقيا برس”؛ إن الموروث الإجتماعي حافل بنماذج المصالحات والتسويات، مثل البروش في دارفور، والعفو عند الكثير من القبائل، وهو الدور الذي قال عنه عروة ينبغي أن تضطلع به الإدارات الأهلية والمؤسسات الدينية والكيانات الإجتماعية، وأضاف، “اليوم نسمع أصوات متسامحة لأسر الشهداء والضحايا مستعدة لتجاوز المرارات في سبيل بناء دولة الحرية والسلام والعدالة، وهذا لن يتأتى إلا بإقرار المذنبين والجناة واعتذارهم للضحايا وأسرهم وأن تعمد الدولة على دفع الديات والتعويضات الفردية والجماعية بمشروع متكامل للحقيقة والمصالحة والعدالة الانتقالية والعدالة الترميمية مقرونا بالعدالة الجنائية”، وتوقع الصادق أن يكون نموذج المصالحة شبيه بنموذج جنوب أفريقيا وتجربة رواندا، مستدركا، لكنه حتما سيكون سودانيا خالصا، لفردانية تكوين هذا الشعب، وسيظل العائق الوحيد أمام تحقيقه تعنت الجناة وإيغالهم في القتل والسحل والتنكيل وإنكارهم للجرائم والفظائع المرتكبة في حق الشعوب.

شروط المصالحة

ويستعبد مراقبون حدوث مصالحة كالتي حدثت في رواندا لجهة أن شروط المصالحة في السودان لم تتوفر حتى الآن، مستدلين بالقتل الذي مازال مستمرا من قبل الحكومة في المظاهرات، وقال المراقبون؛ إن بقايا النظام السابق ايضا مازالت تتشفى من الثوار والثورة، كما أن القصاص لأسر الشهداء لم ياتي بعد، لذلك بحسب المراقبين، فإن حدوث مصالحة في الوقت القريب يستحال أن تتحقق، ولتحقيق مصالحة شاملة في السودان دعا المراقبون النظام العسكري، إلى ضرورة الإعتذار للشعب السوداني فيما ارتكبه من جرائم، كما دعوه إلى الاعتراف بإخطائه وعدم العودة إليها مرة أخرى.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here