تدخل البنك المركزي .. هل سيوقف نزيف الدولار المتصاعد؟

23

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في خطوة وصفت بالمهمة والمطلوبة، أعلن بنك السودان المركزي إنه سيقوم بالتدخل في سوق النقد الاجنبي بما يضمن إزالة الإختلالات والتغيرات الغير مرغوب فيها، بجانب إعادة الاستقرار إليه، وكشف البنك المركزي عن عدد من الاجراءات والتي قال إنها شملت تغيير منهجية إدارة سعر الصرف، وعمليات الصادرات، والاستيراد، وتصدير الذهب، في وقت أعلن فيه البنك المركزي، عن ضخ مبالغ بالنقد الأجنبي لصالح البنوك التجارية، لمقابلة احتياجات عملائها من النقد الأجنبي بغرض الاستيراد .. فيما يتمدد السؤال، حول مدى مقدرة بنك السودان المركزي في وقف نزيف الدولار المتصاعد؟

ارتفاع الدولار

ويواصل الدولار ارتفاعه أمام الجنيه السوداني حيث بلغ بحسب متعاملين في السوق الموازي 680 جنيها، في وقت حذر فيه خبراء اقتصاديون من انهيار كامل للإقتصاد السوداني والعملة الوطنية، ومع ارتفاع الدولار ارتفعت أسعار السلع الضرورية، سيما سلعتي الخبز والوقود.

خطوة مطلوبة

الفاتح محجوب، أستاذ في العلاقات الدولية ومحلل سياسي

يقول المحلل السياسي الفاتح محجوب في تصريحات لموقع “أفريقيا برس”؛ إن انهيار سعر الصرف للجنيه السوداني في الاسبوع الماضي نتج عن تحرير سعر الصرف للجنيه من دون تدخل بنك السودان المركزي ووزارة المالية ووزارة التجارة بسياسات نقدية ومالية تقلل الطلب على النقد الأجنبي، وهو ما جعل البنوك تتنافس مع تجار السوق الموازية علي موارد شحيحة وهذا هو سبب انهيار سعر الصرف للجنيه السوداني، وأضاف، لذلك فإن تدخل بنك السودان المركزي ووزارة المالية بضخ اموال من النقد الأجنبي في البنوك أمر مطلوب وممتاز وسيؤدي لانخفاض الطلب على الدولار وبالتالي زيادة العرض على الطلب مما يؤدي لانخفاض الدولار أمام الجنيه السوداني، مستدركا، لكن سيكون ذلك مؤقتا مالم يتم تدعيم هذا التدخل بسياسات متكاملة لتقليل التضخم وتقليل الطلب على الدولار وذلك عبر إيقاف كامل للاستيراد الا للسلع الضرورية لمدة ستة اشهر قابلة للتمديد، بجانب قفل الحدود مع مصر أمام حركة الباصات السفرية واقتصار الحركة على الشاحنات فقط مع وقف لكل انواع الاستيراد من مصر الا للسلع الضرورية فقط، وشدد الفاتح على ضرورة تدعيم تلك السياسات بخطة واضحة للاكتفاء الذاتي من البترول والغاز والقمح والكهرباء والسكر والزيوت، كما شدد الفاتح على ضرورة وضع خطة أخرى لزيادة الصادرات بشكل عاجل من اللحوم على اعتبار أنها الوحيدة القادرة على إعادة التوازن للاقتصاد السوداني في اسرع وقت ممكن.

تعهدات البنك المركزي

د.عبدالمنعم حميدة، أستاذ الاقتصاد بجامعة أمدرمان الإسلامية

أستاذ الاقتصاد بجامعة أمدرمان الاسلامية، عبدالمنعم حميدة، يقول في إفادته لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن تدخل بنك السودان في السوق الموازي وبعيدا عن جدواه من عدمها، فإنه يجعلنا نستدعي مدى ارتباك واهتزاز صنّاع القرار الاقتصادي في كيفية مواجهة الازمات الاقتصادية عامة وأزمة قيمة العملة المحلية على وجه الخصوص على اعتبار ان سياسات البنك المركزي تم فيها إقرار سياسة سعر الصرف الحر في منتصف العام الماضي على ضوء ذلك تم الغاء سياسة مايسمى بالدولار الجمركي”، ويضيف حميدة “لم تصمد هذه السياسات كثيرا في وجه عاصفة انهيار الجنيه الناتجة عن سبب واحد لا غير وهو عدم مقدرة البنك المركزي على مجاراة المضاربين”، ويؤكد حميدة أن البنك المركزي لا يملك دولار بكميات كبيرة لذلك فان تعهده الأخير للبنوك التجارية بالشراء منها كل الكمية الموجودة لديها وبالسعر الذي ترغب فيه لن يوفي بوعده لها، لكن حميدة أكد بالقول “بالرغم من ذلك قامت البنوك التجارية بمجاراة السوق الموازي في طرح أعلى سعر للدولار لجذب المودعين والمغتربين والعملاء وقد لاحظنا في الفترة القليلة الماضية انه في بعض المرات كان سعر الدولار مقابل الجنيه في بعض البنوك اكبر من سعره في السوق الموازي”، مستدركا “الا انه يبدو ان هناك حدث ما أدى لتوقف البنوك عن مجاراة المضاربين، لاندري ما السبب لكن نستنتج ان المركزي لم يستطع تنفيذ تعهداته للمصارف التجارية.

نتائج كارثية

عثمان أدم الشريف - باحث اقتصادي
عثمان أدم الشريف – باحث اقتصادي

ويرى الباحث الاقتصادي عثمان أدم الشريف، أن السياسات المتعلقة بإجراءات التعامل بالنقد الأجنبي -والتي اعلنها البنك المركزي بغية معالجة التشوهات في سوق النقد- تعد نتاج لأزمة تبني الكابينة الاقتصادية لقرارات موجهة بالتدخل في عمل الجهاز المصرفي، فالتخبط جراء تبني قرارات واجراءات غير واضحة المعالم يقول عنه الشريف كان عائقا في معالجة التشوهات في سوق النقد منذ اعلان اول حكومة تصريف اعمال بعد ثورة ديسمبر، وأضاف، كذلك خطوة التعويم التي أعلنها البنك المركزي جاءت متأخرة، كما إنها لم تخلق فرصة جيدة للمضي قُدماً في إصلاح البنية الاقتصادية وهو ذات الأمر الذي جعل التشوهات في سوق النقد بحسب عثمان تبلغ مداها وبات الامر كارثيا نتيجة للتعامل مع البنية الاقتصادية بالقرارات دون ان يكون هنالك سياسات محددة لإدارة النقد من بنك السودان المركزي، وشدد عثمان في حديثه لموقع “أفريقيا برس”؛ على ضرورة ان يوفر البنك المركزي قدرا كافيا من الاحتياطات النقدية من العملات الاجنبية او توفير غطاء من الذهب، مؤكدا إنه سيقود في إستقرار سعر الصرف، كما شدد عثمان على ضرورة إعداد رؤية واضحة لإعادة هيكلة السياسات المالية من قبل وزارة المالية للتوسع في المظلة الضريبية ومراجعة سعر الفائدة على القروض وإعادة النظر في سياسة الصادر وسياسات الإستثمار ووضع لائحة لتحفيز جذب مدخرات المغتربين، دون ذلك يقول عثمان سيترتب على إثره نتائج كارثية على بنية الإقتصاد المتآكل والمتشوه في كل قطاعاته المختلفة وذلك نتاج لفشل الكابينة الاقتصادية التي تعاقبت بعد ثورة ديسمبر في جميع المؤسسات الاقتصادية وعدم مقدرتها في معالجة التشوهات الهيكلية في الاقتصاد ككل، وختم حديثه بالقول “لا اتوقع ان يفضي تدخل بنك السودان المركزي الى نتائج ايجابية فالمشكلة الماثلة الان ستتفاقم وسترفع وتيرة ارتفاع العملات الاجنبية وبالمقابل ستتآكل العملة المحلية”.

فقاعة سياسية

كمال كرار ، قيادي بالحزب الشيوعي السوداني

ولم يختلف كثيرا عن سابقيه، عضو اللجنة الاقتصادية بالحزب الشيوعي كمال كرار، إذ قلل من فرص نجاح بنك السودان في حل أزمة سوق النقد الاجنبي، وقال كرار في تصريح لصحيفة الجريدة “ان التدخلات لن تعزز قيمة الجنيه، ولن توقف صعود الدولار لانها لا تنفذ لجوهر الأزمة”، وأكد خروج الحكومة من التجارة الخارجية، وبالتالي فقدانها للسيطرة على النقد الاجنبي، كما وصف كرار منشورات وقرارات البنك المركزي بأنها “بندق في بحر” منوها الى أن البنك المركزي نفسه في قبضة تجار السوق السوداء، وزاد، “ربما كانت هذه التدخلات فقاعة سياسية واعلامية لصرف النظر عما ترتب على التعويم من ويلات، او مداراة الخيبات الاقتصادية الكبيرة التي نتجت عن تطبيق شروط صندوق النقد”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here