بقلم : بدرالدين خلف الله
افريقيا برس – السودان. في 27 يناير كانون الثاني من العام الجاري أعلنت تل أبيب أنها ستنجز اتفاقاً دبلوماسيا مع الخرطوم لتطبيع العلاقات بينهما في حفل توقيع يقام في العاصمة الأمريكية واشنطن في غضون ثلاثة أشهر يتم فيها إعلان مسودة اتفاق تكون ايذانا ببدء مرحلة جديدة من العلاقات.
وتنظر الخرطوم رغم صمتها المريب حول ملف التطبيع إلى أن التطبيع فرصة لخروج السودان من عزلته الدولية لاسيما بعد رفع اسم السودان من قائمة الحظر الدولية بجانب أن التطبيع مع “إسرائيل” يُعد بوابة للخلاص من أزمات السودان الداخلية والخارجية المُتراكمة في وقت يواجه فيه أزمة اقتصادية حادة.
بنود الإتفاق
نقلت صحيفة «الرؤية» الاماراتية عن مصدر في وزارة العدل السودانية انتهاء الوزارة من صياغة قانون يُلغي قانون «مقاطعة إسرائيل لسنة 1958». ويمنع هذا القانون التعاقد والتعامل مع هيئات أو أشخاص مقيمين في الكيان الإسرائيلي، أو مع هيئات أو أشخاص يعلم أنهم ينتمون بجنسيتهم إلى الكيان أو يعملون لحسابه. وحسب مصادر صحافية محلية فإن ملامح القانون الجديد تضمنت بنود من التعهدات والالتزامات والاتفاقات، من أبرزها:
– تطبيع العلاقات بين الطرفين، وإنهاء حالة العداء بين البلدين.
– بدء العلاقات الاقتصادية والتجارية، مع التركيز على الزراعة.
– مواصلة التفاوض بشأن اتفاقيات التعاون في مجال تكنولوجيا الزراعة والطيران وقضايا الهجرة.
– توفير الحماية لأي شخص يطالب بإقامة علاقات مع الكيان الإسرائيلي.
– توفير الحماية لأي شخص يجهر بالعلاقة مع “إسرائيل” في الوسائل الإعلامية والمنابر الدعوية والاجتماعية.
– السماح للشركات والأفراد التعامل مع الكيان الإسرائيلي والاتجار والسفر إليه.
– يتيح التبادل الدبلوماسي بين الطرفين بما في ذلك فتح سفارات أو أي مكاتب للتمثيل الدبلوماسي.
– تأكيد العزم على العمل معاً لبناء لتعزيز فرص السلام بالمنطقة.
ولدعم هذه الخطوة التطبيعية اتفقت الولايات المتحدة و “إسرائيل” على:
– تعزيز الشراكة مع السودان في بدايته السياسية الجديدة.
– ضمان اندماجه بالكامل في المجتمع الدولي.
– تعهد الولايات المتحدة باتخاذ خطوات لاستعادة الحصانة السيادية للسودان.
– تشجيع الشركاء الدوليين على تقليل أعباء ديون السودان.
– التزام بدفع المناقشات حول الإعفاء من الديون بما يتفق مع مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
– التزام الولايات المتحدة و “إسرائيل” بالعمل مع شركائهما لدعم السودان في تعزيز ديمقراطيته.
– تحسين الأمن الغذائي السوداني.
– التعاون في مكافحة الإرهاب والتطرف بالمنطقة.
– الاستفادة من إمكانات السودان الاقتصادية.
وشهدت الخرطوم خلال الأسابيع الأخيرة زيارات مكثفة لمسؤولين إسرائيليين أبرزها زيارة رئيس المخابرات إيلي كوهيين في يناير الماضي ناقشت تلك الزيارات ملفات أمنية وعسكرية و العمل على فتح سفارات في الخرطوم و تل أبيب.
وتتوقع السودان أن يساهم التطبيع مع “إسرائيل” في تحسين الأمن الداخلي والإقليمي وإطلاق فرص جديدة لشعب السودان في تعزيز تجربته السياسية وتطوير إقتصاده المنهك. فمنذ العام 1993 ظل السودان يعاني من أزمة اقتصادية خانقة بعد إدراجه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في اللائحة السوداء للدول الراعية للإرهاب وألقت العقوبات الأمريكية تأثيرات كبيرة على الوضع الاقتصادي.
لكن الحكومة الحالية لا ترغب بالإنفراد بعملية توقيع الإتفاق وتقول أن اتفاق تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” لا يمكن أن يصبح ساري المفعول إلا بعد مصادقته من مجلس تشريعي انتقالي ويتوقع تكوين هذا المجلس في الشهر المقبل.
لماذا صمت الخرطوم؟
تخشى الخرطوم بحسب متابعين من إعلانها الصريح تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” في الوقت الحالي من ردة فعل تيارات رئيسة من اليساريين والقوميين والاسلاميين ترفض التطبيع مع الكيان الاسرائيلي.
حزب المؤتمر الشعبي قال إن حكومة بلاده الحالية ليست حكومة الشعب السوداني، بل هي تابعة لأجندات خارجية. وأشار إلى أن الشعب السوداني ضد التطبيع مع “إسرائيل”، وما توصلت إليه الإدارة الحالية يناقض تطلعات الشعب، لافتا إلى أن “هناك قوى دولية من بينها السعودية سعت إلى وصول الإدارة الحالية إلى السلطة وعززت مسار التطبيع”.
من جهته قال الحزب الشيوعي إن “التطبيع مسألة مبدأ، ونحن نرفضه، وندعو إلى حملة جماهيرية قوية لرفضه، باعتباره مخلب قط في المنطقة لخدمة مصلحة الإمبريالية”. وأضاف الحزب أن “الأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات، إذا لم تغير الحكومة من سياساتها الحالية”، متسائلًا “لماذا يتم التطبيع بالتآمر والخفاء، ولماذا تدوس الحكومة كرامة الشعب السوداني، وتهينها بابتراز من الادارة الأمريكية”.
على المستوى الشعبي تأسست حملات شعبية ضد التطبيع وقادت عدة مظاهرات وفعاليات للتحسيس بمخاطر التطبيع على المدى البعيد وأن السودان لن يحصل على ما يفكر فيه من تطور اقتصادي ومعيشي ولوكان الأمر كذلك لشهدت مصر هذه النقلة النوعية في تطوير بنيتها الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وهي التي طبعت علاقاتها مع الكيان الإسرائليي منذ أكثر من 40 عاما.
وقالت تنسيقية الحملة الشعبية ضد التطبيع “إن السلطات في السودان تبيع الأوهام للشعب للإستمرار في الحكم ، لأن التطبيع لن يأتي بالفائدة على الشعب كما يروّج المسؤولون، فمن خلال تجارب الشعوب التي طبّعت مع الكيان الصهيوني لم نرَ شعباً جائعاً شبع بعد التطبيع، ولم نرَ الصهاينة يدفعون باستثمارات حقيقية من أجل نهضة هذه الشعوب”.