جرائم القتل في الخرطوم.. الدوافع والأسباب

346

بقلم : أحمد جبارة

أفريقيا برسالسودان. ثمة حديث واسع يدور هذه الأيام عن التفلتات الأمنية وجرائم القتل التي أصبحت ظاهرة يوميا ، في وقت توجه انتقادات للأجهزة الأمنية عن دورها في حماية المواطنيين. وبالرغم من تشكيل الحكومة لقوة مشتركة من الأجهزة الأمنية لحسم “التفلتات الأمنية” إلا أن جرائم القتل تتواتر بين الفينة والأخرى حاملة معها أخبار قتل بشعة.

مقتل طالب

استيقط سكان الخرطوم في الأيام الماضية على نبأ فاجعة بشعة، إذ قتل طالب جامعي يعمل سائق “ركشة” ليلا كان يتدبر مصروفاته ومعاش أسرته. حوالي التاسعة مساء تحرك لتوصيل مشوار من “المؤسسة” بحري إلى شمبات الأراضي لكنه اختفى عن الأنظار ولم يعد إلى بيت أهله كالمعتاد، وباشر ذووه ومعارفه عملية بحث واسعة، إلى أن عثر عليه في منطقة “العزبة” بحري مقطعاً أجزاء وملقيا بينما سرقت “الركشة” .

جريمة أخرى

لم يجف خبر مقتل الطالب الجامعي حتى فجعت الخرطوم بمقتل صاحب بقالة بطلق ناري بحي الجريف غرب ، شرقي العاصمة، وبحسب شهود عيان، فإن الرصاصة أصابت منطقة الكُلى مما عجل برحيله في الساعات الأولى من الحادث. وبالطبع الجريمة كانت بهدف السرقة حيث تم نهب أموال المجني عليه. وليس ببعيد عن حادثة الطالب الجامعي وصاحب “البقالة” فقد عثرت السلطات قبل أسبوعين على جثة طالبة جامعية في خور بالقرب من شارع الستين، وبحسب شهود عيان ، فإن الطالبة وجدت مقيدة داخل الخور ، فيما تم التعرف عليها بواسطة زملائها بجامعة الرباط.

النقيرز على الخط

كذلك عثرت السلطات، على ضابط إداري، مقتولا جنوبي مدينة الأبيض، وذلك بعد يومين من اختطافه، وأبلغت أسرة القتيل، عن تعرض الضابط لعملية اختطاف من منطقة أبوزبد، وبعد ساعات من البحث عثروا على سيارته في خور قرب منطقة جاد الله جنوب الأبيض ، فيما ظلت السلطات في حالة بحث عنه، حتى عثروا على جثته في منطقة البان جديد جنوب مدينة الأبيض.

أيضا ، فققد أوقفت الشرطة مجموعة متفلتة أثارت الرعب في شارع رئيسي بالخرطوم بحري، ما اضطر مواطنون لاطلاق النار على عناصرها التي تسلحت بالأسلحة البيضاء ، وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مقاطع فيديو تظهر تشكيلاً عصابياً يهاجمون المارة والسيارات بغرض النهب، بينما أمكن سماع اطلاق الرصاص من أحد المواطنين.

لماذا القتل؟

الصوارمي خالد سعد، خبير عسكري والمتحدث السابق بإسم الجيش السوداني

الخبير العسكري، والناطق السابق بإسم الجيش السوداني، الصوارمي خالد سعد، أرجع جرائم القتل في الخرطوم لهشاشة الوضع الأمني، بجانب الوضع الاقتصادي والذي بحسب الصوارمي دافع وراء السرقات حيث يمكن للسارق أن ينفذ جريمة السرقة بسرعة وذلك بإرتكابه جريمة القتل، مشيرا في حديثه لـ “أفريقيا برس” إلى أن معظم الجرائم التي حدثت في الخرطوم كانت في أماكن تجارية وهو الأمر الذي يوضح بجلاء أن الجاني يبحث عن هدف إقتصادي، نافيا في ذات الوقت أن تكون الجرائم سياسية أو من جهات تريد اضعاف الحكومة.

فقدان الأمل

طارق محمد عمر خبير أمني سوداني

ويتفق مع الصوارمي ، الخبير الأمني طارق محمد عمر ، إذ يرجع جرائم القتل في الخرطوم إلى ما أسماه الأزمة الإقتصادية الخانقة وفقدان الأمل في غد مشرق، بجانب غياب الشرطة عن الطرقات، وتوفر السلاح، ولم يستبعد طارق أن تكون التفلتات الأمنية سببها الحقد الطبقي في المجتمع، بجانب بطئ اجراءات التقاضي لجهة أن كثيراً من الجرائم التي تحدث لم تنصف أصحاب الضحايا. وطالب عمر في حديثه لـ “أفريقيا برس” بوضع خطة متكاملة لضبط التفلتات الأمنية وذلك من خلال تنفيذ دوريات مستمرة في الأحياء والأسواق، وإعادة توزيع نقاط ومراكز الشرطة، منوهاً إلى أن الشرطة تعمل بخطط قديمة وبلا استراتيجية، وحمل الخبير الأمني السلطات الأمنية ماجرى في جرائم في الأيام الماضية لجهة أن السلطات تأتي وتكثف جهودها الأمنية بعد وقوع الحادثة كما حدث لطالب كلية الاقتصاد.

وصفة للمعالجة

الفاتح محجوب، أستاذ العلاقات الدولية

يقول المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية الفاتح محجوب، إن مايحدث في الخرطوم سيولة أمنية ناتجة من تدهور كبير في المعيشة مع انكفاء رجال الشرطة وزهدهم في العمل بفاعلية خوفا من الوقوع تحت طائلة القانون لجهة أن مهاجمة جموع بالسلاح الناري دوما تنتج عنها خسائر. وتابع ، لا توجد مؤامرة في الأمر بل سيولة أمنية يمكن للحكومة إيقافها ان تبنت قضايا الشرطة وسنت قوانين رادعة تتيح للشرطة الحق في استخدام القوة في حالة الأشخاص المسلحين. وقال الفاتح لـ “أفريقيا برس” أي تبني لنظرية المؤامرة يؤخر تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتفعيل دور الشرطة، مشددا على حل قضية التجمعات، والتي قال عنها تشكل بؤرة للجريمة في الولاية، داعيا إلى حلها بواسطة استخدام حزمة متنوعة من الحزم والمعالجات الاجتماعية والمالية.

رؤية مختلفة

وإن كان الجميع اتفق على أن جرائم القتل في الخرطوم دوافعها اقتصادية وأمنية، فإن خبير أمني فضل عدم ذكر إسمه يرى أن الجرائم وراءها عناصر النظام السابق لجهة أنه يهدف لإعاقة الفترة الانتقالية وإجهاض الثورة والانقضاض عليها، منوها إلى أن ذات النظام يريد ترويع أمن المواطن بهذه الجرائم حتى يفقد ثقته في الحكومة، ومن ثم يتمنى عودتهم للحكم من جديد. داعيا في حديثه لـ “أفريقيا برس” الدولة لإفشال خطتها وذلك بالردع والعقوبات وتفكيك كل منسوبيهم في السلطة، في وقت طالب فيه الحكومة بضرورة دعم الأجهزة الأمنية من توفير كل المعينات والمطلوبات التي تحتاجها حتى تعزز الأمن والطمأنينة للمواطن.

تضخيم الحوادث

العميد إدريس عبدالله ليمان، الناطق الرسمي باسم الشرطة السودانية

بينما ، أكد الناطق الرسمي باسم الشرطة العميد إدريس عبدالله ليمان استقرار الأوضاع الأمنية بجميع أنحاء البلاد مشيرا الى أن هنالك تضخيم لبعض الحوادث. وقال في حديثه لبرنامج “كالآتي” على قناة النيل الأزرق ، إن الوضع المعيشي الصعب وغلاء الأسعار كان له أثر كبير في زيادة بعض الظواهر السالبة وألقى بظلاله على المشهد الأمني بالبلاد بجانب الوجود الأجنبي وعدم الاستقرار في بعض الولايات وأكد ليمان مقدرة قوات الشرطة على بسط الأمن وفرض هيبة الدولة وتطبيق القانون رغم التوسع الجغرافي الكبير للعاصمة والولايات. وأقر بوجود نزيف بشري كبير داخل الشرطة وضعف في الامكانيات وقال بأنها أصبحت مهنة طاردة، مؤكدا أن الوضع الأمني بولاية الخرطوم ليس بهذا السوء الذي تتحدث عنه وسائل الاعلام، مشيرا الى خطة التحدي التي وضعتها الشرطة لبسط الأمن والاستقرار بالعاصمة والولايات وشرعت في تتفيذها بمتابعة مباشرة من السيد وزير الداخلية ومدير عام قوات الشرطة، وقال إن المواطن سيجني ثمارها في وقت قريب.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here