جيوش الحركات بالخرطوم.. العاصمة على فوهة بركان!!

42
الكشف عن تفاصيل اشتباكات بين مجموعتين مسلحتين من الحركات قرب مستشفى رويال كير وسط الخرطوم

بقلم : خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. موجة من الخوف إجتاحت سكان الخرطوم، عاصمة البلاد، بعد دخول عدد كبير من قوات جيوش حركات الكفاح المسلح التي وقعت على إتفاق جوبا لسلام السودان، حيث تكاثر حالات التفلت من قبل بعض منسوبي تلك القوات بالتعدي على مواطنين وظواهر تهدد أمن العاصمة التي باتت تجلس على فوهة بركان بسبب إنتشار السلاح وحالة السيولة الأمنية مع التباطؤ في تنفيذ بروتكول الترتيبات الأمنية المتعلق بتقنين ملف تلك الجيوش المتناسلة من بعضها البعض.

حكاية أولى

ذاكرة السودانيين لم تكاد تنسى حادثة (الحديقة الدولية) والتعدي عليها من قبل قوة مسلحة تابعة لإحدى حركات الكفاح المسلح، والتي تلتها قوة أخرى بالاستيلاء على مقر سابق لاتحاد طلاب النظام السابق قبل أن تتدخل قوة رسمية بالقوة الجبرية لاخراجها من المقر.

وقرر مجلس الأمن والدفاع إيقاف عمليات التجنيد والاستيعاب السياسي الذي تنفذه الحركات المسلحة في المدن، وأمر الحركات بإنهاء الوجود المسلح في العاصمة الخرطوم.

ووقعت اشتباكات بالسلاح الناري داخل مجمع رهف السكني بسوبا غرب بين قوات أمنية ومسلحين من الحركات المسلحة تسكن المجمع، وسبب الاشتباكات ممانعة عناصر الحركة إخلاء الشقق. مجمع رهف يسكنه عدد من قيادات وأفراد يتبعون للجبهة الثالثة تمازج وبعض الحركات الأخرى التي وقعت على إتفاق للسلام مع الحكومة السودانية في أكتوبر من العام الماضي.

ويوجد في العاصمة الخرطوم ومدن دارفور الكبير الآلاف من مقاتلي تنظيمات “الجبهة الثورية” بكامل تسليحهم وعتادهم العسكري الخفيف والمتوسط والثقيل.

بلاغات وشكاوي كثيرة منذ شهر وردت لقسم شرطة سوبا وفقاً لمصادر عن قيام حركة تمازج باعتقالات واعتداء بالضرب لمواطنين داخل مجمع رهف السكني بسوبا غرب. مواطنو بالمنطقة قالوا بأن المسلحين يطلقون النار في أوقات من الليل مما سبب لهم الذعر والخوف، وأدخل في نفوسهم وسكان الاحياء المجاورة فقدان الامن النفسي.

المصادر تقول أن تلك القوة المسلحة تقوم بحلق رؤوس بعض المواطنيين خلال حالات التعدي، وعندما تقوم الشرطة باعتقال منسوب الحركة تأتي قوة مسلحة وتطلق سراحه.

أمين إعلام الجبهة الثالثة تمازج والناطق الرسمي باسمها محمد موسى بادي، أفاد بهدوء نسبي للأوضاع بمجمع رهف، لتواجد بعض كبار القادة و حكماء تمازج بالمجمع لحظة قدوم القوة إلى المجمع.

بادي أكد أن بعض القادة و الجنود التابعين لتمازج قد استقروا في المجمع بالتنسيق مع مفوضية السلام. والمجمع الذي يتبع للصندوق الاجتماعي للشرطة استضاف وفود نحو 13 حركة موقعة على السلام، وتم تحديد تلاتة شهور لمكثهم، ليرفضوا المغادرة بعدها وتأتي مجموعات لمنسوبي الحركات وآخرين مجهولة المصدر.

حالة سيولة
عدد الحركات المسلحة في منطقة دارفور وفقا لتقارير صحفية يصل نحو 84 حركة مسلحة صغيرة وأخرى منشقة من حركات رئيسية، بينما توجد نحو 5 ملايين قطعة سلاح بأنواع وأحجام مختلفة في أيدي المواطنين والمسلحين وفقا لمصادر.

رئيس التحالف الوطني السوداني وعضو لجنة الترتيبات الامنية، اللواء كمال اسماعيل، يقول لـ’’ أفريقيا برس’’، أن ظاهرة انتشار السلاح وعمليات التجنيد التي تجري من بعض الحركات غير مقبولة. وأكد إسماعيل أن مايجري من تصرفات لبعض عناصر تلك الحركات هو تفلت صريح وتعدي على أمن المواطن، كما تجاوز لهيبة الدولة، ومخالفة لبند الترتيبات الأمنية.

وبموجب اتفاق جوبا لسلام السودان كان يفترض بدء تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية بعد شهرين من توقيع الاتفاق الذي أبرم في 3 أكتوبر 2020.

وقالت مصادر لـ ’’أفريقيا برس’’، أن اجتماعاً بشأن الترتيبات الامنية عقد خلال ايام بالقصر الرئاسي ناقش انتشار أكثر من 5 جيوش داخل الخرطوم، وشهد مشادات كلامية واتهامات متبادلة بين قادة تلك الحركات.

وأكبر الحركات هي تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، والعدل والمساواة، برئاسة جبريل إبراهيم، و التحالف السوداني بقيادة اللواء خميس ابكر، وتحرير السودان (المجلس الانتقالي)، يقودها الهادي إدريس. كما هناك حركة تحرير السودان فصيل عبد الواحد، لم توقع بعد على اتفاق السلام بجانب، الحركة الشعبية، فصيل عبد العزيز الحلو، بينما وقع فصيل مالك عقار.

ويختص بند الترتيبات الأمنية بدمج وتسريح قوات الحركات المسلحة، إذ نصت اتفاقية جوبا التي تم توقيعها في أكتوبر 2020 بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة، على أن يتم دمج جميع القوات في الجيش الموحد.

ويطالب قادة الحركات وقوي سياسية وشعبية بتذويب قوات الدعم السريع المكونة بواسطة الرئيس المخلوع في 2010، ويقودها نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو” حميدتي” في الجيش.

تدخل وحسم
حالة التراخي الأمني وشكاوي المواطنيين المتكررة جعلت أجهزة الدولة الرسمية تشكل قوة مشتركة من الجيش والشرطة والدعم السريع والاحتياطي المركزي لإعادة الأمن للمواطن في مناطق الهشاشة الأمنية. ووفقا لبيان صادر من قوات الشرطة، فإن حملات منعية للقوات المشتركة تمشط مناطق بالعاصمة لمحاربة المتفلتين وازالة الظواهر السالبة والعشوائيات ودك أوكار الجريمة. هذا وعند التنفيذ تعرضت القوة لاطلاق الرصاص من بعض المتفلتين بمجمع رهف وتمت السيطرة عليهم وتوقيفهم.

أحمد عيسى، قيادي بالجبهة الثورية، وممثل التحالف السوداني في اللجنة الإعلامية للترتيبات الأمنية

القيادي بالجبهة الثورية، أحمد عيسى، ممثل التحالف السوداني في اللجنة الإعلامية للترتيبات الأمنية، أفاد أن الاحداث تمثل ضربة لإتفاقية جوبا وللحركات المسلحة والمدنيين العزل. وأضاف لـ ’’ أفريقيا برس’’، (أنها ضربة لمعسكرات النازحين واللاجئين والتظاهرات الشعبية المطلبية السلمية، مستدلاً بأحداث معسكر سورتني للنازحين بكبكابية. كما أشار لتدمير مكتب تجمع قوي تحرير السودان بقذيفة RBG بمدينة شعيرية، ونصب كمين لحركة جيش تحرير السودان وقتل أحد قادة الحركة بشمال دارفور.

وانتشار مجموعات مسلحة داخل شوارع العاصمة الخرطوم والمدن الرئيسية يثير مخاوف حدوث عمليات انفلات أمني وتصادم يُفضي لمواجهات عنيفة، مع تزداد الخشية من تداعيات انتشار المظاهر المسلحة على المرحلة الانتقالية الهشة.

رئيس التحالف الوطني السوداني وعضو لجنة الترتيبات الامنية اللواء كمال اسماعيل يوضح لـ’’ أفريقيا برس’’، بأن الترتيبات الامنية تمنع تواجد المسلحين في المدن، وتشدد على تواجدهم في معسكرات متفقة عليها.

يُشار بأن القوة المشتركة تكونت بموجب قرار مجلس الأمن والدفاع رقم (13/20201) لحسم التفلتات ومحاربة الجريمة وبسط الأمن والاستقرار بالمجتمع.

وأفاد إسماعيل أن حركات الكفاح المسلح هي موقعة على اتفاق الترتيبات الامنية وتدرك كافة التفاصيل لذا عليها الالتزام بما تم الاتفاق عليه والعمل على توفير الامن والحماية للمدنيين في المدن. وأضاف” أي سلاح غير محكوم بالقانون يعتبر عمليات نهب وسلب، وتهديد لأمن المواطن وسيادة المواطن”.

وطالب عضو لجنة الترتيبات الأمنية اللواء كمال اسماعيل، بالتحقق والمحاسبة حول مايقع من مخالفات لعناصر الحركات المسلحة التى تروع المواطن وتعتدي على حقوقه، مشدداً على اقامة المحاكم لحسم التفلتات الامنية.

وأبدت أطراف من قادة الجيش والحركات المسلحة قلقها من الوضعية الحالية للجيوش داخل المدن في ظل عدم تحديد أماكن لتمركزها، والتأخر الحاصل في دمجها.

محمد موسى بادي، أمين الإعلام بتمازج والناطق الرسمي

أمين إعلام تمازج، والناطق الرسمي، محمد موسى بادي، أوضح أن أحداث سوبا المؤسفة، تأتي لعدم التنسيق أو الأخطار المكتوب أو الشفهي حتى. وأضاف “مما يؤكد أهمية التنسيق و العمل المشترك في سبيل تطبيق إتفاق السلام و إحلال الأمن في كافة ربوع البلاد”.

ومن المقرر دمج جيوش 5 فصائل عسكرية وقعت على اتفاقية جوبا في القوات المسلحة أبرزها جيش مني أركو مناوي، والعدل والمساواة، والحركة الشعبية – شمال برئاسة مالك عقار، بجانب حركات أخرى.

وأكد بادي توفر الإرادة لدى قيادة الجبهة الثالثة تمازج، ووقوفها مع عملية السلام و توفير الأمن و الاستقرار، نافياً ما راج عن إشتباكات بين اي قوة تتبع لها و القوات الحكومية. وأردف بالقول” سكن عناصر من تمازج بمجمع رهف يأتي بالتنسيق مع مفوضية السلام و علمها، وقد زارهم وفد منها عدة مرات”.

أحمد عيسي ممثل التحالف السوداني في اللجنة الإعلامية للترتيبات الأمنية، يقول لـ’’أفريقيا برس’’، إن الاحداث تشير لإستمرار منهج الدولة العميقة و النظام البائد. وزاد” أنهم يسعون لإفشال السلام والتغيير المنشود والدولة المدنية”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here