حزب الأمة .. إلى من تؤول الورثة من آل المهدي؟

85

بقلم : خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. مبارك الفاضل المهدي، رئيس حزب الأمة، يُعد من أكثر رجالات السياسة السودانية إثارة للجدل من خلال مواقفه في كثير من القضايا على المسرح السياسي. الرجل أطلق تصريح ينظر إليه مراقبين بأنه إيقاد عود كبريت فى بيت آل المهدي من خلال قوله أن زعامة حزب الأمة ستؤول إليه خلفاً للزعيم التاريخي الصادق المهدي الذي توفي في أكتوبر الماضي، ودون شك فإن الخلافات القديمة بين آل البيت حول زعامة الحزب ومن الأحق بتولي هذه الورثة الدينية والسياسية بعد رحيل الإمام ستعود للاشتعال مرة أخرى.

زعامة تاريخية

الصادق المهدي كان رئيساً لحزب الأمة مدة تقارب ستة عقود من عمر الحزب الذي تأسس عام 1945 من القرن الماضي. وربما يكون السؤال الأكثر أهمية في مسألة خلافة المهدي في الحزب هو ما مدى استمرار مسألة زعامة الحزب في الارتباط بأسرة المهدي الكبيرة.

رئيس القطاع السياسي لحزب الأمة، فتحي مادبو، قال لـ “أفريقيا برس”، نعم تحدث مبارك الفاضل المهدي رئيس حزب الأمة عن زعامة حزب الأمة أصبحت له بعد وفاة الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وأمام الأنصار، مبيناً أنه من الناحية النظرية والواقعية فعلاً يعتبر مبارك المهدي الآن هو زعيم حزب الأمة، مُضيفاً .. الزعامة كما تعلم مربوطة بمقومات عديدة ومبارك يُحظي بمعظمها فهو واحد من ستة قيادات تاريخية أعادت تأسيس حزب الأمة في العام 1985 وهم الراحلين الصادق المهدي وعمر نور الدائم و بكري عديل و سارا الفاضل وعبد الرسول النور إسماعيل فتبقي الأخير.

حزب الأمة يعد أحد أكبر الأحزاب؛ حيث تمتد جذوره إلى الثورة المهدية في السودان، وظل الفاضل من بين قادته المهمين طوال عدة عقود، بيد أنه انشق عن التيار الرئيس للحزب، الذي يقوده ابن عمه الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي، عام 2002. وكوّن حزباً موازياً يحمل ذات الاسم (حزب الأمة)، وفور إعلانه لحزبه الجديد، شارك الفاضل في حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، وتم تعيينه مساعداً للرئيس، لكن تمت إقالته بقرار من البشير بعد عامين من تقلده المنصب في الحكومة، التي أسقطت الحكومة المنتخبة، التي كان يشغل فيها منصب وزير الداخلية.

بالمقابل يذهب أستاذ العلوم السياسية فى الجامعات السودانية مصطفى الجميل للقول بأن اكبر مشاكل الأحزاب السياسيه القديمة هي مسأله التوريث في عالم حر مفتوح والوعي السياسي لكثيرين تطور وأسهمت العولمة في تعريف الكل بحقوقه وواجباته.

المؤتمر المرتقب

يُذكر أن مبارك الفاضل عاد للسلطة مرة أخرى بعد إعلان حكومة البشير لما أطلقت عليه وقتها (الحوار الوطني)، وتم تعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للاستثمار، وظل في المنصب حتى استقال منه قبل أيام قليلة من انطلاق الثورة الشعبية، التي أطاحت بحكومة الإنقاذ، وهو الأمر الذي جعل الثوار يعتبرونه جزءاً من النظام البائد، وبالتالي تم إبعاده من المشاركة السياسية في الحكم الانتقالي.

أستاذ العلوم السياسية الدكتور مصطفى الجميل

ويشدد أستاذ العلوم السياسية الدكتور مصطفى الجميل، على أن مسألة التوريث لن تذهب خطوة، وإن نجحت بفعل بعض الآليات إن كان مال أو تأثير سلطة ستموت في مقبل الأيام، مشيراً إلى أن ما ذهب إليه مبارك لا أظن أنه ينجح فيه، لأن الجمهور والشعب السوداني هو البرلمان للقوى السياسية يحاكمها على الأخطاء مهما كان القائد. وأضاف ” أظن أن الشعب يعلم جيداً ما يفيده، ويعلم مخاطر سيطرة جماعة معينة أو أسرة على مقاليد الحكم في حزب أو دولة”.

القيادية فى حزب الأمة القومي حليمة البشير أفادت لـ “أفريقيا برس”، قائلة “أي حزب سياسي لا يعتمد التوريث لأن كل حزب له مؤسسات وآليات اختيار مواقعه القيادية ولا أعتقد اعتماد التوريث مبدأ في عمل سياسي”.

ويذهب رئيس القطاع السياسي لحزب الأمة، فتحي مادبو، نحو أن الحديث عن وراثة وتوريث وهو أمر لا ينطبق في مفهوم الزعامة السياسية الآن فالزعامة السياسية تتطلب تضحيات شخصية وتاريخ نضالي وقدرة على المواكبة والتطور فبرز الكثيرين نتيجة لهذه المعطيات دون أن يكونوا جزء من أسرة بعينها وحتى أسرة المهدي الكبيرة.

وأشار إلى أن هناك الكثيرين من أفرادها لا باع لهم في العمل السياسي ومن يجتهد ويعمل منهم سيجد نفسه في المقدمة مُتنافساً مع الآخرين وحديث مبارك الفاضل يجب أن لا يثير الاستغراب أو الحساسية إلا إذا أخرج من السياق العام الذي ورد فيه فهو شرح بوضوح أن المؤتمر العام الموسع لحزب الأمة هو الفيصل فمن اختارته جماهير حزب سيصبح رئيساً للحزب.

هذا وقد قطع مبارك الفاضل بعودة قيادة حزب الأمة له، بعد وفاة زعيمه التاريخي الصادق المهدي بقوله: “بعد وفاة الصادق المهدي، فإن الزعامة وقيادة الحزب تحولت لي، لأننا من المؤسسين، بحكم الشرعية التأسيسية والنضالية”. موضحاً أنه سيظل زعيماً للحزب حتى اكتمال إجراءات إعادة توحيده، وأن هناك لجاناً تعمل على إنجاز العملية، التي تجري على قدم وساق للوصول لمؤتمر عام، ينتخب خلاله رئيس الحزب بنهاية العام الحالي.

قيادات أخرى

عدد من قيادات وكوادر فى حزب الأمة كان لهم رأي بشأن ترتيبات يعتقد إنها تجري من قبل الامام الصادق المهدي لتوريث قيادة الحزب لواحدة من بناته أو ابنه، وربما يضع هذا الأمر مستقبل أبناء عمومة الصادق المهدي وهم من الأنصار المؤسسين لحزب الأمة والذي من بينهم مبارك الفاضل، على المحك، كما أن هذا قطعاً لن يجعلنا نغفل قيادات كبيرة وفاعلة في الحزب من الأنصار و أبناءهم، في ظل صعود ملحوظ لكل من الصديق ومريم ورباح أبناء الأمام فى قيادة الأمة القومي.

المحلل السياسي والباحث في العلاقات الدولية محمد علي فزاري

ويقول الصحفي والمحلل السياسي محمد على فزاري بأن ماذهب إليه مبارك الفاضل بشأن نقل ورثة حزب الأمة إليه غير صحيح لكونه خارج أسوار الحزب بتشكيله حزب الأمة الاصلاح والتجديد في العام 2002 منشقاً عن الامام ورفاقه.

وأوضح فزاري خلال حديثه لـ “أفريقيا برس”، بأن الزعامة في حزب الأمة ليس بالتوريث كما يُشيع الفاضل، مشيراً الى أنه في العام 1958 كان السكرتير العام للأمة هو عبدالله خليل والذي يقوم مقام الرئيس وهو ليس ذو صلة قرابة بآل المهدي، منوهاً إلى صراع المحجوب والمهدي حينها على الزعامة مما يدلل على أن لا توريث في قيادة الأمة القومي.

وأجمع مراقبين على أنه من الصعوبة بمكان أن يخلف الصادق المهدي من يجمع بين رئاسة الحزب وإمامة طائفة الأنصار، فلا يبدو أنه هناك من يملك القدرات المتعددة التي أتاحت للمهدي ذلك الموقع الفريد، على المستويين الديني والسياسي معاً، فضلاً عن السمات الشخصية.

ولفت الصحفي والمحلل السياسي محمد علي فزارى إلى أن عدد من أنجال الصادق المهدي قد تولوا مناصب قيادية فى الحزب ولكن بالطبع هذا لا يعني المضى في طريق التوريث، كما إن معطيات ومستجدات الواقع الراهن لا تُشير الى أن الزعامة ستؤول لمبارك الفاضل وان كان هو ابن الصادق و أحد قدامي المؤسسين، ولم يستبعد أن يكون هدف الفاضل وضع رسائل في بريد آخرين.

يُشار إلى أن الصادق المهدي كان قد صرح بأن وجود اسم المهدي لدى بعض أفراد وقيادات الحزب لا يعني الأحقية والجدارة بتولي حقائب تنظيمية أو رئاسة حزب الأمة القومي. ويرى مراقبون بأن المهدي أراد إرسال رسالة حينها لكل من مبارك الفاضل والهادي المهدي ونصرالدين المهدي أبناء عمومته وربما عمه أحمد المهدي.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here