حكومة حمدوك.. أزمة مؤسسات أم أفراد؟

73

بقلم : خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. لم يكن أكثر المتشائمين يعتقد أن حكومة الإنتقال بقيادة رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك ستخفق في طي ملفات كانت تمثل هاجس للمواطن السوداني خاصة المُتعلقة بالأوضاع الإقتصادية ومعاش الناس، بجانب الوقوع في فخ الاختيار السياسي والحزبي لوظائف الدولة مما أضعف العمل التنفيذي بالمؤسسات والوزارت ذات الصلة بهموم المواطن، ويرى مراقبون أن حكومة حمدوك تُعاني أزمة تتناصف مابين المؤسسات والأفراد الذين يتولون مراكز إتخاذ القرار بها.

حالة تشظي

تحالف إعلان الحرية والتغيير يمثل الحاضنة السياسية لحكومة حمدوك، بيد أنه بعد الإجماع على “تسقط بس”، فشل في الإبقاء على وحدة كلمته وعقيدة العقل الجماعي، كما يرى مراقبون للأوضاع المرتبطة بمسار حكومة الإنتقال.

تاج الدين بشير نيام، باحث في الشؤون الدولية والأمن الإنساني

حالة من الخلافات والإرباك تضرب الساحة وتمثل احدى التحديات ويرى الباحث في الشؤون الدولية والأمن الإنساني، تاج الدين بشير نيام، بأن الحاضنة السياسية تكونت من أطراف غير حقيقة وإنتهازية.

وأفاد نيام لـ “أفريقيا برس”، أنه تم إهمال الفعالين الحقيقيين لأسباب عدة من بينها عدم الإنتماء لليسار والجهوية المناطقية والإنانية، مُضيفاً: كل مرة يتضح أن أصحاب (الوجع) الذين عانوا أثناء الثورة (التي أكثر من نصفها مصنعة) تم إبعادهم.

وكان حمدوك قد طرح مبادرة (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الإمام)، بعد حالات الانسداد في الأفق التي أعترت المسار الوطني.

وأشار نيام بأن الذين ركبوا الموجة غير قادرين علي سرعة اللحاق بالحكومة الانتقالية التي هي في حالة إرتباك دائم. وأضاف” المكونات غير منسجمة لأنها لا تربطها وحدة الهدف والمصير(فقط مصالح) و عندما تتعارض كل يرفع (لافتة) تحذير”.

حمدوك كان قد قال إن الأزمة واضحة في التشظي الحالي في كل المؤسسات، تشظٍ بين المدني والمدني نراه في الحرية والتغيير. وتابع بالقول “التشظي في تحديات الشركات بين المدنيين والعسكريين، أيضاً التشظي العسكري – العسكري داخل المؤسسة، وهذه واحدة من الأشياء المقلقة جداً”.

أزمة وزراء

حالة من التخبط وفقاً لآراء سياسيون كانت السمة الأبرز لحكومة النسخة الأولى لحكومة حمدوك مما استدعى الرجل وتحت ضغط الشارع لإجراء تعديلات أطاحت بعدد كبير من الوزراء المغضوب عليهم من الثوار تحديداً.

الدكتورة شذى عثمان الشريف، مسؤولة المرآة بالحزب الإتحادي الأصل

مسؤولة المرآة بالحزب الإتحادي الأصل، الدكتورة شذى عثمان الشريف، ردت على سؤال “أفريقيا برس” بشأن هل الأزمة تتعلق بالمؤسسات أم أفراد الحكومة خاصة التنفيذيين، بالقول أن القضية لها أبعاد مُتعددة. وأفادت شذى أن مؤسسات الدولة لها مشكلات تتعلق بالبنى التحتية وبيروقراطية الخدمة المدنية الموروثة من نحو ثلاثة عقود كما أشارت لعدم كفاءة العديد من الوزراء والمسؤولين بالحكومة الإنتقالية بسبب الإختيارات الحزبية والسياسية دون معايير تتناسب والمنصب.

ولفتت أن الحكومة الانتقالية بقيادة حمدوك يجب أن تكون حكومة مهام وصولاً للانتخابات وربما عدم التقييد بهذا المسار خلق الربكة وصنع أزمات الراهن وأضعف الأداء الحكومي.

بالمقابل الباحث في الشؤون الدولية والأمن الإنساني، تاج الدين بشير نيام، يؤكد أن المسؤولين معظمهم جدد ليس لهم تجربة لا في الخدمة المدنية ولا السياسية.

كما أنه وفقاً لنيام لا يعوضون بالمستشارين أكفاء، وزاد “لا يعلمون انهم لا يعلمون وكثير منهم حتي لا يتوقعون مثل هذا المنصب”. ويرى أن أزمة المسؤولين الجدد لعدم قدرتهم على إتخاذ القرار في الوقت المناسب، أو عدم إتخاذها أبدًا، للضعف وقلة علمهم أو تجربتهم أو الإثنين معا. وأوضح نيام أن الأزمة من الرأس وعالجها صعب، مضيفاً” رئيس الوزراء لم يتخذ قرار ولم يحدد موقفه من الحزب الشيوعي الذي أعلن إنسحابه من الحكومة ودعا لإسقاطها، وقد إلتقى بهم ليناشدهم دعم حكومته.

خالد الفحل، قيادي بالحزب الإتحادي الديمقراطي

ولم يذهب القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي، خالد الفحل، بعيد عن مسار نيام وأفاد لـ “أفريقيا برس”، بأن أزمة حكومة حمدوك تتمثل في إنعدام التوافق بين مكونات الحكومة وحضانتها السياسية. وأكد الفحل أن تفكير الحاضنة يتركز في إدارة الصراع وتبادل الاتهامات و المشاكسات والصراعات أكثر من التفكير في إيجاد مشروع وطني وخطاب سياسي يتوافق مع مطلوبات الحاضر.

هذا وعاد نيام ليُشير بأن تم إقالة خيرة الموظفين في معظم المؤسسات وإستبدالهم بآخرين أقل درجة وعلما و تجربة، وهذا يعني إنهيار تدريجي نحو السقوط. وزاد “لعدم إنسجام التنفيذيين”، لافتاً لإستشراء الفساد بكافة أنواعه، والمحسوبية وعدم الشفافية.

هزيمة الداخل

القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي، خالد الفحل، يوضح لـ “أفريقيا برس”، بإن حمدوك هُزم من داخل الحاضنة السياسية .. كان ينبغي أن تمثل له قوة الدفع إلى الأمام ولكن ما حدث العكس تماماً. ولفت أن نتاج ذلك أن تعطلت هياكل السلطة الانتقالية وعلى رأسها المجلس التشريعي، مضيفاً: حمدوك أقر بإن فشل قيام المجلس التشريعي بسبب إنعدام الارادة السياسية.

الفحل يرى أن اختيار الوزراء في هذه المرحلة كان يجب أن يكون من كفاءات وطنية مستقلة كما نصت الوثيقة الدستورية. وشدد على أن تعيين وزراء حزبيين هو الأمر الذى أدى في المقام الأول لضعف أداء الجهاز التنفيذي مع ضعف التجربة العملية، وأردف” لدينا نماذج على رأسها ما حدث في وزارة الخارجية وما يحدث في كثير من مؤسسات الدولة”.

نجاح الفترة الإنتقالية مهمة لأنها تؤسس لتحول ديمقراطي في السودان، هذا مايراه تاج الدين نيام، ويدعو الجميع بأن يحتكم الى الصناديق، وزاد” فشلها نتحملها جميعاً”. وقال بأن هناك ضرورة بإنخراط الجميع في الكتابة ومطالبة ومساعدة الحكومة الإنتقالية، بالطرق السلمية على إنجاح الفترة، حاثاً على إعلاء قيم العدالة والتسامح والإخاء. كما دحض نيام على معالجة الإختلالات والاخفاقات، والعمل معاً لقطع ما تبقى من المسافة.

الدكتور عبدالله الرمادي، أستاذ العلوم الاقتصادية بالجامعات السودانية

أستاذ العلوم الاقتصادية بالجامعات السودانية، الدكتور عبدالله الرمادي، يقول لـ “أفريقيا برس” بشأن مسببات عدم القدرة على معالجة المشكلة الإقتصادية، أن عدم وجود كوادر تنفيذية مؤهلة أكبر العقبات. ووصف الرمادي عدم الخبرة في إدارة شؤون الدولة بالمشكلة الحقيقة، مبيناً أن الكثيرين من الناشطين السياسيين أصبحوا في مركز متخذ القرار المتعلق بقضايا إقتصاد الدولة.

وأضاف” لا يمكن لمن خرج في مسيرات فقط ضد نظام البشير قيادة مؤسسة إقتصادية دون مؤهل وخبرة”. وشدد بأن هناك فوضى ضاربة بإطنابها في مؤسسات القطاع الإقتصادي لغياب الرؤية الإستراتيجية في التعامل مع الأزمات والضوائق المعيشية ووضع بدائل وحلول.

وأعاب أستاذ العلوم الإقتصادية بالجامعات السودانية، الدكتور عبدالله الرمادي، على الحكومة الإنتقالية الإتيان بأفراد ووضعهم في مراكز ذات صلة بقضايا المواطن اليومية وليس له قدرة طرح مبادرات لأزمات متلاحقة.

وبشأن سيطرة عناصر النظام البائد على المشهد الإقتصادي، أستغرب الرمادي هذه المزاعم وقال “قادة وعناصر النظام البائد هم في ذمة التاريخ”، والتعلل بهذا هو عين الفشل للذين يقودون مؤسسات الدولة الإقتصادية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here