خطاب البرهان في الأمم المتحدة.. نظرة عن قرب

5
خطاب البرهان في الأمم المتحدة.. نظرة عن قرب
خطاب البرهان في الأمم المتحدة.. نظرة عن قرب

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. تباينت الآراء واختلفت التحليلات ، بشأن خطاب رئيس مجلس السيادة ، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان الذي ألقاه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ففي الوقت الذي وصف فيه البعض الخطاب بالمتواون والدبلوماسي بإمتياز ، رأى البعض الآخر أن الخطاب قديم ومنقوص ولم يحتوي على قضايا مهمة سيما التي تتعلق بالشأن العالمي، كقضايا الإرهاب وحقوق الانسان.

ماذا قال البرهان؟

وقدم البرهان خلال مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة خطابا أكد فيه إلتزام السودان بالعمل على استدامة السلام وتعزيز آليات الانتقال السلمي وصولاً لتحول ديمقراطي كامل عبر انتخابات عادلة ونزيهة وشفافة، تقود إلى حكم مدني يمثل كافة السودانيين، وشرح البرهان خلال خطابه ملامح عن الأوضاع الداخلية بالسودان إلى جانب جهود السودان الإقليمية والدولية لترسيخ السلام ومحاربة الجريمة العابرة للحدود وقضايا اللاجئين.

وبشأن الإنتقال السياسي في السودان جدد البرهان التأكيد على انسحاب المؤسسة العسكرية من عملية الحوار الجاري بالسودان، بهدف افساح المجال أمام القوى السياسية والثورية المؤمنة بالحوار الديمقراطي، لتشكيل حكومة بقيادة مدنية من الكفاءات الوطنية المستقلة. وأشاد بالمبادرات الوطنية للحوار، التي تنخرط فيها قوى سياسية واجتماعية وشبابية إلى جانب الموقعين على اتفاق جوبا للسلام، وعبر عن أمله في أن تثمر في توافق يسهل الانتقال الديمقراطي بالبلاد. وجدد البرهان تعاون الحكومة التام مع البعثة الاممية المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان (يونيتامس) ، لتنفيذ مصفوفة مطلوبات الفترة الانتقالية حسب قرار تشكيلها رقم (2524) من العام 2020. كما أكد مواصلة التعاون مع قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقته في أبيي (اليونسفا).

وأكد البرهان خلال كلمته أمام الدورة 77 للأمم المتحدة على أهمية التضامن الدولي والعمل المشترك متعدد الأطراف وتفعيل آليات التعاون بين الدول لمجابهة التحديات العالمية الماثلة، مؤكداً إلتزام السودان بخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لسنة 2030. وبشأن إصلاح مجلس الامن أكد أن السودان يتعاطى حيال ذلك ضمن الموقف الأفريقي المشترك. وهنأ البرهان خلال كلمته، الرئيس الجديد للجمعية العامة للأمم المتحدة، تشابا كوروشي بتوليه رئاسة الدورة 77.

ارتباك البرهان

عروة الصادق، قيادي في حزب الأمة القومي ومقرر لجنة إزالة التمكين

وفي تعليقه على خطاب البرهان، يقول القيادي بحزب الأمة القومي، عروة الصادق لموقع “أفريقيا برس”: بدأ البرهان مضطربا ومرتبكا في قراءة الخطاب ومتعثر الخطى في الرواق ومتعجلا كأنه يريد التخلص من عبء أثقل كواهله، وتعابير وجهه بحسب عروة في كثير من الأحيان تكشف استغرابه الشديد وعدم تصديقه لما يقرأه من نص الكلمة والتي بحسب عروة يشير لاتفاقات ومعاهدات عطل بانقلابه الإيفاء بها وجمد عضوية السودان في مؤسساتها كما فعل الاتحاد الإفريقي، والتزامات السودان الدولية والتزامات العالم تجاه السودان. ويضيف ، كذلك يشتكي البرهان في خطابه من الديون الخارجية التي عطل جدولتها وقطع الطريق أمام إعفائها بانقلابه المشؤوم، بل وأوقف حتى تعديلات التشريع وهيكلة الاقتصاد وأوكلها لجماعات التخريب في وزارة المالية والبنك المركزي والشركات الرمادية التي تقع تحت حمايته.

عجز البرهان

بعد عام كامل يقول عروة إن البرهان يقر في خطابه بعجزه عن نزع السلاح وإدماج الجيوش، وتسرب كميات كبيرة منه في أيادي مليشيات قبلية أسهم هو شخصيا في تسليحها إبان عمله في دارفور، ولفت عروة إلى أن البرهان لم يذكر أن ضحايا هذه الأسلحة المنتشرة وصلوا لما يزيد عن الألف قتيل وعشرات الآلاف من النازحين. ونبه عروة إلى أن البرهان في خطابه تجنب الحديث عن القضايا الإقليمية وتحاشى الحديث في تحديد موقف السودان من أهم شواغل الأمم المتحدة في إفريقيا كسد النهضة، والإرهاب في القارة والإنقلابات التي أعادت الجنرالات لقطع الطريق أمام الديمقراطية.

ويرى عروة ايضا أن البرهان تحاشى التعرض للقضايا العربية كالقضية الفلسطينية ولم يشر حتى لموقفه من التطبيع، وقضية الانتهاكات المتكررة على القطاع والضفة، ولم يمر من قريب أو بعيد نواحي قضية الانتهاكات المتكررة على المسجد الأقصى، وأضاف، كذلك لم يتطرق لأهم القضايا الدولية التي تشغل العالم وموقف السودان من انتهاكات حقوق الإنسان المترتبة عليها والحرب الروسية على أوكرانيا، وبحسب عروة لم يبدي أسفه أو يعرب عن قلقه إزاء التهديدات الأممية للسلم والأمن الدوليين. وقال الصادق إنه ظل يكرر الحديث عن الانتخابات الحرة والشفافة وضرورتها لنقل السلطة وتأكيده على النأي بالجيش عن الحوار والعملية السياسية وأن الجميع سيشتركون في الحل عدا حزب المؤتمر الوطني، مستدركا إلا أنه عمليا مكن دهاقنة التنظيم وعتاة الإخوان من مفاصل السلطة في البلاد وسمح لقادة جماعات متطرفة بالعمل والنشاط في مؤسسات الدولة، بل بحسب عروة أعاد البرهان تنظيم الإخوان في القوات المسلحة. وختم عروة حديثه : لم يفتح الله على البرهان في خطابه أن يذكر كلمة واحدة عن الثورة السودانية وشهدائها، ولم يروي القصة كاملة كما قال أبو هاجة، لأنه يعلم بأن الله يسمع ويرى، وأن جميع ما ارتكب من فظائع وانتهاكات وقتل وتعذيب وتشريد واغتصاب وسحل وترويع جميعه مسطور، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.

خطاب قديم

بالنسبة للكاتب الصحفي ، طاهر المعتصم ، فإن خطاب البرهان ليس فيه جديد، فهو يحمل نفس ملامح خطاباته السابقة وخاصةً بعد 4 يوليو ، ولفت المعتصم في منشور له ، إلى أن البرهان أعاد استخدام ما عدا المؤتمر الوطني في حديثه عن ضرورة توافق القوى السياسية، وأضاف أن البرهان أكد في خطابه على انسحابه من التفاوض السياسي وإنه مجد ثورة ديسمبر وتجنب ذكر 25 أكتوبر، مستدركا ، لكنه طالب بازالة ما تمخض عنها من وقف للدعم الدولي. وقال طاهر إن البرهان في خطابه اجتهد في تسويق معادلة الأمن الاقليمي، و سلة غداء العالم- إشارة للسودان-، وقطع بانه لم تظهر لقاءات له مع قادة الدول المشاركة، والمعلوم بحسب المعتصم ان أروقة الامم المتحدة تشهد مثل هذه اللقاءات.

خطاب متوازن

الفاتح محجوب، أستاذ في العلاقات الدولية ومحلل سياسي

ويذهب بعيدا عن الحديث السابق، الخبير في الشأن الدولي الفاتح محجوب، إذ يقول لموقع “أفريقيا برس ” إن خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة جاء خاليا من المفاجآت، اذ انه بحسب محجوب أوضح بجلاء إنه متمسك بتسليم السلطة التنفيذية لحكومة توافق سياسي سوداني تشمل الجميع عدا المؤتمر الوطني وصولا لحكومة منتخبة. وأضاف كذلك جاء الخطاب حافلا بقضايا السودان الأساسية مثل إعفاء الديون الخارجية السودانية وفق مبادرة الهيبيك، مشيرا إلى إنه قدم دعوة للمجتمع الدولي لتمويل ودعم اتفاقية جوبا للسلام ولعودة النازحين الى قراهم وطلب أيضا دعم المجتمع الدولي للسودان بحكم انه يستضيف ملايين من اللاجئين وشرح أهمية مساهمة السودان في احلال السلام في أفريقيا عبر دوره الكبير في احلال السلام في دول مثل جنوب السودان وأفريقيا الوسطى والكونغو وغيرها وطلب من الامم المتحدة والمجتمع الدولي تبني مبادرة السودان لجعل السودان سلة غذاء العالم للخروج من أزمة الغذاء العالمية ، واعتبر الفاتح أن خطاب الفريق أول عبدالفتاح البرهان خطاب دولة متوازن جدا وغلبت عليه الروح الدبلوماسية وتجاهل كل بؤر التوتر الإقليمية والدولية، مستدلا بانه لم يدين اسرائيل ولا العدوان الروسي على أوكرانيا ولم يدين أثيوبيا في سد النهضة وبالتالي هو خطاب بحسب الفاتح دبلوماسي بامتياز، مستدركا لكن العالم كله سينظر الى ما بعد الخطاب من لقاءات رسمية وغير رسمية مع قيادات الدول الاخرى المشاركه في الجمعية العامة للأمم المتحدة وعلى ضوء ذلك يقول الفاتح ستتضح طبيعة نظرة قادة العالم للبرهان ومدى تقديرهم لاهمية الدولة السودانية وقيادتها الراهنة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here