خطاب الكراهية.. من يقف وراءه؟

34

بقلم : خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. تدخل الثورة السودانية عامها الثالث وحكومتها الإنتقالية برئاسة عبدالله حمدوك مازالت مُثقلة بتركة وحمل من الجبال خلفته حكومة العهد المُباد كما يرى مراقبون، حيث أن مُشكلات متعددة لم تجد الحل بعد، بيد أن ذيوع خطاب الكراهية بين السودانيين زادت حدته وتفشت الصراعات القبلية والاثنينة وسقطت أرواح بريئة جراء ذلك خاصة في أطراف البلاد.

تقاسم الكعكة

كلما هدأت نار الفتنة بين مكونات المجتمع السوداني، أوقدت مُجدداً في منطقة ما ليتدفق الدم على أرض الوطن لأغرب الأسباب، مما ساعد على صعود خطاب الكراهية بين أبنائه، وبروز المخاوف أن يقود ذلك لتشرذم وتفتت البلاد بانفصالات جديدة.

حافظ كبير، صحفي ومحلل سياسي

يقول الصحفي والمحلل السياسي حافظ كبير، أنه بدأ ينال من القيم والتقاليد السودانية المتعارف عليها من تسامح وترابط وتماسك إجتماعي وسياسي. وأفاد كبير لـ “أفريقيا برس”، أن خطاب الكراهية المبني على أساس عرقي يعتبر خطير لكونه يحشد بسطاء المجتمع ويعمل على استغلالهم بحجة الدفاع عن العرق وتصوير أنه هناك معركة وجود أمام عدو متوهم. وتابع “كما أن الخطورة هو بلوغ ذروة الاستغلال بأن المسؤولية جماعية وتناقص درجات الكراهية تعني إنقراض العرق لصالح مجموعات عرقية أخرى”. وأشار كبير أن حوداث بسبب العرق وقعت في ولايات شرق أو غرب البلاد كانت فردية تطورت لصراع مُميت سقط خلاله أبرياء، فقط ذنبهم الإنتماء للعرق.

واتهم الصحفي والمحلل السياسي، حافظ كبير، أصحاب مصالح إقتصادية ورجالات إدارات أهلية وتقاطعات سياسية بالعمل على تغذية شريان خطاب الكراهية المبني على العرق لتحقيق إجنداتهم وان سقط آلاف الضحايا. ونوه أن ما يجري حالياً من صراعات في شرق وغرب السودان كان خلال العهد البائد ينطلق من أسباب سياسية، ولكن بعد الثورة تم تغذية خطاب الكراهية العرقي والإثني والقبلي لتندلع النيران بضراوة. وأبدى كبير أسفه بشأن مطالب لعرقيات وإثنيات تريد تقاسم الكعكة خلال اتفاق سلام جوبا الموقع في 3 أكتوبر 2020. وتابع “صراع الشرق يدور بسبب رفض مجموعات عرقية واثنينة للإتفاق الذي ترى أنه لم يمنحها حقوقها بشكل عادل”.

مرحلة الصدام

خليفة الشيخ الكباشي يحذر من تنامي خطاب الكراهية
الشيخ عبدالوهاب الكباشي مع الكاتب الصحفي محمد لطيف

دون شك أن هناك مسارات ووسائل يمكن أن تسهم في محاربة خطاب الكراهية وربما يقع على رموز الإدارة الأهلية و الطرق الصوفية دور تاريخي في ترسيخ التعايش السلمي وتعزيز التسامح بين مكونات المجتمع السوداني. الشيخ عبدالوهاب الكباشي ممثل الطرق الصوفية، يوضح إن التنوع في السودان قديم، لكن هناك ممارسات جديدة أدت إلى تنامي خطاب الكراهية، وأن الوسائط الحديثة أبرزت هذا الخطاب. وتابع “كل يوم نسمع خطاب سخرية وتقليل من شأن الآخر لمجرد الاختلاف في الرأي” ووصف ذلك بأنه من أكبر المصائب التي يعيشها السودان. وأكد الكباشي بأن السودان ليس به تفرقة دينية على أساس المعتقد، وأن المجتمع السوداني لديه أعراف حاكمة يحترمها الجميع بكل تنوعهم. وأوصى الأحزاب السياسية وحركات الكفاح المسلح بأن تتجاوز مرحلة الصدام التي قادت إلى تشريد الناس في المعسكرات، واعتبر التوقيع على السلام خطوة جيدة ينبغي أن تؤسس لمرحلة جديدة.

بالمقابل اعتبر الناظر محمد سرور رملي خطاب الكراهية يمثل خطراً على وحدة البلاد، مشيراً إلى أن أحد أسبابه الظلم، وأن تاريخ السودان الحديث كتبه أجانب وزوروا فيه كثير من الأحداث. ولفت أن الساسة الذين تعاقبوا على الحكم كان همهم فقط الجلوس على كراسي الخواجات. ونوه الناظر رملي إلى أن حدود السودان المفتوحة في الشرق والغرب هي أيضا واحدة من المشاكل التي يجب التصدي لها.

إلى ذلك كشف المقدوم صلاح الدين محمد الفضل عن نماذج تعايش فريدة في تاريخ سلطنة دارفور. وأضاف” رئيس لجنة مسجد نيالا في السابق كان من غير المسلمين” وأرسل رسالة للدول العظمى بأن تكف عن ممارسة خطاب الكراهية وأن تكف عن التفرقة بين المجتمعات، مؤكداً بأن مجتمعات دول العالم هي مجتمعات متسامحة.

ويعتقد مراقبون أن اللائمة في صعود درجة حرارة خطاب الكراهية تقع على السياسيين، وأشاروا إلى أن السياسيين يعملون بمنطق فرق تسد لتحقيق مآرب سياسية. كما طالبوا بإعادة مكتب الإدارة الأهلية في وزارة الحكم الاتحادي، وإعطاء الإدارة الأهلية صلاحيات وعدم اقصاءها، لأنها تحل مشاكل لا تستطيع الحكومة ولا القضاء حلها إلا بالعنف.

خطاب ايدلوجي

يرى البعض أن أبرز عيوب حكومة الاسلاميين الإصرار على فرض إيدلوجية مُرتكزة على الدين مما أفقدهم الرؤية الكلية لإدارة البلاد بعيداً عن صراعات مرتبطة تحديداً بالدين والسياسة.

الدكتور جمعة كندة، الباحث في مركز دراسات السلام والتنمية

ويقول الباحث في مركز دراسات السلام والتنمية الدكتور جمعة كندة، أن خطاب الكراهية المنطلق من رؤية إيدلوجية يُعتبر الأخطر علي حياة المجتمع. وأشار أن مشروع الانقاذ كان يتسهدف إحلال الإسلام السياسي على المجتمع السوداني دون النظر إلى العواقب والنتائج طويلة الأمد أو حتى قصيرة الآجل، وربما كانت النتيجة النهائية رفض السودانيين لمشروع الاسلام السياسي. ويفيد كندة لـ “أفريقيا برس”، بأنه خلال الفترة الاخيرة من عمر الثورة أصبحت هناك جراءة من بعض الشخصيات السياسية والقبلية والصحفية في  نشر وذيوع خطاب الكراهية تحقيقاً لأجنداتهم الخاصة. وأردف بالقول” أنهم يستغلون مساحة الحرية مابعد الثورة للأسف”، مشدداً على تعلية مفاهيم الحريات والتعبير عن القضايا والآراء بما يخدم المصلحة الوطنية وليس الشخصية للأفراد أو الكيانات والأحزاب.  وعبر كندة عن عدم رضاءه من أداء بعض مؤسسات الدولة في مايتعلق بمحاصرة ومحاربة خطاب الكراهية، مُستغرباً من وقوع بعضها في مستنقع الكراهية ربما دون إدراك لغياب الإستراتجية الحكومية.

فيصل محمد صالح، صحفي وباحث في مجال الحريات

بالمقابل قال الصحفي والباحث في مجال الحريات، فيصل محمد صالح، أن هناك حاجة حقيقية إلى محاربة خطاب الكراهية وضرورة وضع قوانين تقيد استخدام التكنولوجيا. ورأى صالح والذي سبق وأن شغل منصب وزير الإعلام والثقافة خلال النسخة الأولى للحكومة في حديثه لـ “أفريقيا برس”، ضرورة وضع نصوص قانونية تقيد الخطاب نفسه، نافياً أن يكون هذا تعدياً على الحريات، مبيناً أن مواقع وصحف الكترونية أصبحت ساحة لنقل ونشر خطاب الكراهية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here