خيارات البرهان.. هل تجعل الفشقة ميدان لحرب قادمة؟

80

بقلم : خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. مُستجدات عدة على المشهد الداخلي، وتداعيات إقليمية جعلت الكثير من المياه تعبر من تحت الجسر خاصة فيما يلي ملف أراضي الفشقة التي أعاد الجيش السوداني السيطرة عليها عقب إحتلال إثيوبي إستمر لنحو ربع قرن.
ورغم لغة التهدئة التي كانت سمة حكومة الانتقال بشأن الصراع الحدودي مع الجارة الشرقية، الا أن لغة رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان موخراً المتعلقة بخيارات للتعامل بشأن ملف الفشقة وعدم التفريط فيها يفتح الباب أمام سيناريوهات مُحتملة بحرب قادمة حال اللجوء للقوة العسكرية لحسم الأمر.

مكاسب أخرى

مثلث منطقة الفشقة التي يمتلك السودان الوثائق على سودانيتها بموجب اتفاقية تم توقيعها في عام 1902 مع إثيوبيا ، تصل مساحتها نحو 100 ميل مربع من الأراضي الزراعية على طول حدود ولاية أمهرة الإثيوبي، المتأخم للسودان.

الدكتور محمد الناير، محلل وخبير في مجالات التنمية الاقتصادية

المحلل والخبير في مجالات التنمية الاقتصادية، الدكتور محمد الناير، يرى أن إستعادة الجيش لهذه  الأراضي له مكاسب متعددة خاصة المتعلقة بالاقتصاد. وشدد الناير في تصريح لموقع “أفريقيا برس”، على وضع خارطة إقتصادية ترتكز على تدفق الإستثمارات على المنطقة التي تعتبر ذات قيمة تسويقية عالية.

هذا وكان عبد الفتاح البرهان استبعد لجوء السودان لسيناريو الحرب مع إثيوبيا. وقال “علاقتنا مع إثيوبيا تحتم التوصل لاتفاق مرض وقانوني وليس لدينا رغبة في حدوث صدام وتصعيد مع الجارة إثيوبيا ولكن حقنا في السيادة على أراضينا لن يقف أمامه أي عائق”.

الناير يشير إلى أن نذر الحرب قد يتوقف من خلال إقامة مشروعات وإعادة تأهيل أراضي الفشقة وجلب المستثمرين من خلال تسهيلات وضمانات. وتابع” على الجيش قطع الطريق أمام المحاولات الاثيوبية باستعادة المنطقة من خلال التأمين وصنع الاستقرار والسلام”. وكانت تسربيات إعلامية قد قالت أن دولة الامارات دفعت نحو 800 مليون دولار لدولة أثيوبيا للاستثمار في الفشقة وذلك قبل أن يبسط الجيش يده عليها. وسبق أن دفعت الامارات بُمبادرة للتوسط مابين الخرطوم وأديس أبابا لحل مشكلة سد النهضة، بيد أن حكومة الإنتقال رفضتها. البرهان قال حينها “بالنسبة لنا نسعى أن تكون كل المبادرات متكاملة وتحت رعاية الاتحاد الأفريقي”.

ولفت الناير، الخبير في مجالات التنمية الاقتصادية، بأن الفشقة تحتاج لاقامة مشروعات للبني التحتية خاصة الطرق والجسور ومشروعات الكهرباء والمياه. وأضاف” هذه المشروعات تجعل من المنطقة حيوية وقبلة للتدفق السكاني مما يعتبر خطة للتأمين الذاتية لحمايتها من أي خيارات عسكرية مُحتملة”.

الخيار العسكري

رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان، يرى مراقبون أنه كان طيلة فترة التلاسن والتشاحن مابين الخرطوم وأديس أبابا، صاحب بال طويل. البرهان قال “لدينا أراضٍ باقية في الفشقة ونسعى عبر التفاوض والطرق السلمية لإرجاعها.. سنسلك الطرق الدبلوماسية لأجل هذا، لكن لدينا خيارات أخرى، في إشارة للخيار العسكري.

الدكتور راشد محمد علي، باحث في الشؤون السياسية

الباحث في الشؤون السياسية، الدكتور راشد محمد علي، يوضح لـ “أفريقيا برس”، أنه كانت هناك مسافات مابين الجيش والقوى الوطنية ولكنها بدأت في الذوبان بعد التغيير. وأشار على أن المؤسسة العسكرية بقيادة القائد العام البرهان بدأت تستعيد عافيتها عقب محاولات الإضعاف الإقليمي، لذا تجد التعاطف الشعبي حيال إقبالها على الخيار العسكري.

وأوضح أن السند الوطني كان حاضرا للجيش كل خاض غمار حرب إقليمية أو تعرضت البلاد لتهديد وطعن في سيادتها، لافتاً لدعم الشعب لها في نزاع الفشقة ومباركة خطوات إستعادتها. وكشف البرهان بأن هناك ما بين 6 و7 جيوب في منطقة الفشقة لا تزال خارج سيطرة الجيش السوداني. وأضاف “نريد من الجارة إثيوبيا أن تستشعر علاقتنا معها، وتستمع لصوت العقل، واخترنا الاحتفال بأعياد القوات المسلحة في الفشقة للتأكيد على أن هذه الأرض سودانية”.

الدكتور محمد المصطفى، خبير في مجال الإستراتيجيات الأمنية والعسكرية

بالمقابل يرى الخبير في مجال الإستراتيجيات الأمنية والعسكرية، الدكتور محمد المصطفى، أن الأوضاع الداخلية والهشاشة الأمنية بأثيوبيا مُحفزة لتقدم الجيش السودان في العمق الحدودي. وقال المصطفى لـ “أفريقيا برس” أن خيارات البرهان التي أشار إليها ربما تأتي في سياق الحديث السياسي أكثر منه عسكري. ونوه بأن الداخل السوداني يُعاني من تباينات وإختلاف في وجهات النظر تحتم صناعة جبهة وطنية موحدة، داعيا البرهان الى تقويتها بغية إسناد الجيش حال المضى في خيار الحسم العسكري.

لمن الرسائل

رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك، بدوره لم يتخلف عن وضع الرسائل في بريد إثيوبيا، بالتأكيد بأن السودان يسعى لجوار وسلام وتنمية، لكنه في الوقت ذاته قادر على حماية أراضيه. وقال حمدوك إن كل المواثيق والمعاهدات الدولية تؤكد سيادة السودان على هذه الأرض. وأضاف “نريد أن تكون علاقتنا جيدة مع إثيوبيا، لكننا لن نتنازل عن شبر واحد من أرض السودان”.

وعاد الباحث في الشؤون السياسية، الدكتور راشد محمد علي، خلال حديثه لـ “أفريقيا برس”، للقول بأن البرهان ومن خلال منصبه رئيساً للمجلس السيادي الإنتقالي يمارس دوراً سياسياً. ويُشير بأن منصب البرهان كقائد عام للجيش يمنحه كذلك قيمة وطنية تؤهله للقيام بمهام سياسية خاصة بعد التغيير الذي جرى، والتوقيع على الشراكة ما بين العسكر والمدنيين. وأضاف “دون شك أن البرهان أصبح من الفاعلين سياسياً و إن جاء من البوابة العسكرية لذا رسائله يمكن أن تضع في أكثر من بريد داخليا واقليمياً”.

هذا وقد أشار البرهان بأن الجيش حاول استرداد الفشقة عام 2017 لكن قادة النظام المعزول، كانوا مترددين وخائفين من المجتمع الدولي. وأكد أن كل القرارات في الدولة تتم بالتشاور والتراضي بين مؤسسات السلطة الانتقالية، مجلسي السيادة والوزراء. وقال: إننا نعمل من أجل مصلحة السودان ولا نفكر في أي أمر آخر.

لؤي عبدالرحمن، صحفي و باحث في الشأن السياسي

عدد من المراقبين يشيرون بأن عبدالفتاح البرهان أراد إرسال رسائل خاصة في ظل المشاكسات الداخلية والأطماع الخارجية والتقاطعات الدولية المتعلقة بـ”الفشقة”. وقال الصحفي والباحث في الشأن السياسي لؤي عبدالرحمن، بأن خيارات البرهان يحتاج أن تُوضع في البال ولا يُستهان بها.

وقال عبدالرحمن لـ “أفريقيا برس”، من غير المستبعد جعل الفشقة ميدان لحرب قادمة حال تراخي الداخل السوداني وعدم توفر الدعم والسند للجيش. ورأى أن خيارات الحرب ودق ناقوسها يظل محتمل لو أفلحت حكومة آبي أحمد في القضاء على الصراعات الداخلية وحشد جهدها لخيار المواجهة العسكرية مع السودان.

وشدد على أهمية تفادي جر منطقة القرن الأفريقى نحو هاوية الصراعات والنزاعات المُميتة، مُحذراً من إطماع إقليمية ودولية لهدر موارد دول القرن بنقلها للخارج. وأفاد عبدالرحمن أن أي محاولات لجعل الفشقة ميدان حرب قادمة يعني خسارة إقتصادية وعسكرية للسودان، لذا لا خيار للجيش سوى إغلاق الطرق أمام ذلك.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here