روسيا وأمريكا.. صراع على أرض السودان

8
روسيا وأمريكا.. صراع على أرض السودان
روسيا وأمريكا.. صراع على أرض السودان

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. يبدو ، أن السودان سيكون مسرحا للصراع الروسي الامريكي ، وهذا يقرأ من خلال التراشق الاعلامي الذي بلغ ذروته بين سفارتي البلدين في الخرطوم ، فبينما هدد السفير الأمريكي الحكومة السودانية بالعزلة الدولية حال قبولها بإنشاء قاعدة روسية على ساحل البحر الاحمر، ردت السفارة الروسية على تصريحات السفير الامريكي بقوة واصفة حديثه “بالسخيف” ، وأضافت في بيان لها، يحاول السفير الأميركي، مثل أسلافه، أن يتكلم مع الشعب السوداني بلغة التهديدات والإنذارات النهائية في شأن سيادة الخرطوم في سياساته الخارجية ، وأردفت، على ما يبدو، وبسبب قلة خبرته وكذلك استنساخه لتعاملات وزارة الخارجية الأميركية المتعالية، أنه بعيد كل البعد عن الملائمة الدبلوماسية ، وتابعت ، تظهر حججه حول النظام العالمي الحالي سخيفة ، والأكثر سخافة هو تصريحاته حول ما يسمى بعزلة روسيا والسودان عن المجتمع الدولي .

مقابلة السفير

وكان السفير الأميركي المعين حديثا في السودان جون غودفري، قال في حوار صحفي أجرته معه صحيفة التيار السودانية ، إن العزلة الدولية حول الاتحاد الروسي والرئيس فلاديمير بوتين تتزايد حالياً بسبب الغزو غير المبرر لأوكرانيا ، وتابع ، إذا قررت حكومة السودان المضي قدماً في إقامة المنشأة العسكرية الروسية أو إعادة التفاوض حولها، فسيكون ذلك ضاراً بمصالح السودان، وسيؤدي إلى مزيد من عزلة السودان، في وقت يريد معظم السودانيين أن يصبحوا أكثر قرباً من المجتمع الدولي، وأضاف، تتمتع جميع البلدان بحق سيادي في اختيار البلدان الأخرى التي تنشئ شراكات معها، ولكن هذه الخيارات لها عواقب.

نفوذ متصاعد

عبدالقادر محمود صالح، باحث في العلوم السياسية

الباحث السياسي عبدالقادر محمود صالح يقول لموقع “أفريقيا برس” إن التراشق الإعلامي بين سفارتي روسيا والولايات المتحدة الأمريكية متوقع في ظل النفوذ المتصاعد لكلا الدولتين في السودان من خلال قوى عسكرية وسياسية لهما صدى واسع في المشهد السياسي السوداني ، ورأى صالح أن روسيا تحاول أن تجد لها موطئ قدم في البحر الأحمر عن طريق بناء قاعدة عسكرية تعزز النفوذ الإستراتيجي الروسي في منطقة شمال وشرق أفريقيا على وجه التحديد ومنطقة الشرق الأوسط بوجه عام حتى تستطيع إحكام سيطرتها على أهم الممرات الدولية في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط عبر قواعدها في سوريا. وفي نظر عبدالقادر أن أهم دافع وراء السعي لبناء قاعدة في البحر الأحمر هو مورد الذهب الذي أصبح الشغل الشاغل لروسيا وبالإضافة إلى الميزات الإستراتيجية الأخرى للسيطرة على البحار والمحيطات، وهنا يقول صالح يمكن الإشارة إلى حديث الدبلوماسي الأمريكي المخضرم هنري كسنجر الذي قال ان من يريد الهيمنة على العالم فعليه بالسيطرة على بحاره ومحيطاته.

نظرة أمريكا

وفي نظر الباحث السياسي عبدالقادر أن الولايات المتحدة الأمريكية تراقب عن كثب تحركات روسيا في شمال وشرق أفريقيا وفي أكثر من مرة أبدت عدم ارتياحها من نية النظام البائد منح روسيا مساحة على البحر الأحمر لإنشاء قاعدة عسكرية، وقطع بأن الولايات المتحدة لن تسمح لروسيا القيام بذلك على اعتبار أن منطقة البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط تعتبران من مناطق النفوذ الحيوي والجيواستراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ، وأضاف، كذلك هنالك شبه الجزيرة العربية التي تعتبر منطقة محمية بالقواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في المنطقة. وأضاف “هنالك الحرب الروسية الأوكرانية التي فضحت السلوك الروسي بنيته إستعادة الحلم السوفياتي والوقوف أمام الولايات المتحدة بالندية” . كل هذا بحسب صالح “زاد من حدة التوتر بين البلدين في كافة المستويات بما فيها التراشق الدبلوماسي بين سفراء البلدين في الخرطوم”.

إستقطاب حاد

ويقول صالح إنه ليس من مصلحة السودان في الظرف الحالي الوقوف مع أو ضد طرف على الآخر، مشددا على ضرورة الوقوف مع من يخدم مصالح السودان الإستراتيجية ، واستدرك ، لكن في ظل الاحتقان السياسي والاستقطاب الحاد بين مكونات الصراع السياسي في السودان، يتضح أن كلا الدولتين تدعم فريق ضد فريق آخر لكسب معركة تصفية الحسابات الإستراتيجية ، وهذا في نظر صالح سيضر بسيادة السودان ومصالح شعبه، على اعتبار ان كلا الدولتين لا يعنيها في شئ مصلحة السودان وإنما مصالحهما في موارد السودان ومقدراته الإقتصادية والجيواستراتيجية.

حديث حاد

الفاتح محجوب، أستاذ في العلاقات الدولية ومحلل سياسي

أما المختص في العلاقات الدولية الفاتح محجوب يذهب بعيدا عن الحديث السابق ، إذ يقول في تصريحات لموقع”أفريقيا برس” إن حديث السفير الأمريكي لجريدة التيار كان خاليا من التحفظ على غير العادة اذ توعد الحكومة السودانية بالعزلة ان تعاونت مع روسيا في مشروع القاعدة البحرية في شاطيء البحر الأحمر وهو المشروع الذي تم الاتفاق بشانه في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير ولم يتم الغائه حتى الآن بشكل نهائي لكن تم تجميده تحت ضغوط أمريكية وإقليمية. ويضيف ، تحلت أمريكا بالدبلوماسية في تعاملها مع اطاحة الفريق أول عبدالفتاح البرهان بشركائه في قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، من الحكم ، مستدركا ، لكن لقاء البرهان بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نيويورك هو السبب في حديث حاد النبرات والمملوء بالتهديدات الموجهة تجاه كل من السودان وروسيا هو ما دفع بالسفارة الروسية الى اصدار بيان احتجاج شديد اللهجة تجاه الخطاب البعيد تماما عن اللغة الدبلوماسية. ولفت الفاتح إلى انه لولا الظرف السياسي المعقد للحكومة السودانية لم تكن لتسكت بل في الغالب كانت ستستدعي السفير الأمريكي وتقدم له احتجاجا شديد اللهجة أو ربما تعتبره شخصا غير مرغوب فيه ، وأضاف لكن ظروف مرحلة الانتقال تجعل الحكومة السودانية الانتقالية تتغافل عن كثير من التصرفات التي لا تراعي احترام التقاليد الدبلوماسية ولا تحترم مؤسسات الدولة السودانية.

صراع المصالح

وفي تحليلها لحالة الصراع والتراشق الاعلامي بين روسيا وأمريكا بالسودان، تقول أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم تماضر الطيب لموقع “أفريقيا برس” إن هذا الصراع شأن العلاقات الدولية في اي زمان وهو صراع المصالح والقوة والنفوذ وقد بدأ واضحا تماما مع الغزو الروسي لاوكرانيا حيث بدأت الدول الكبرى في العالم باعادة هذا الشكل من الصراع الذي شهده العالم ابان الحربين العالميتين وتطور هذا التنافس في فترة الحرب الباردة ، وتتوقع تماضر أن يكون هنالك صراع كبير وعنيف بين روسيا وأمريكا في كل أفريقيا ليس في السودان فحسب لجهة إن كل دولة تريد ان تستقطب وتكسب دولة تكون إلى جانبها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here