زهير السراج يكتب : المُرتبات الدولارية !

26

*تكتظ وسائل التواصل الاجتماعي هذه الايام بصورة خطاب رسمي موجه من (مدنى عباس مدنى) وزير الصناعة الى وزير المالية يخطره فيه بتنازله عن مبلغ (18 ألف و350 دولار أمريكي) حصل عليه نظير رئاسته لاجتماعات مجلس إدارة شركة سكر كنانة التي تملكها حكومات السودان والسعودية والكويت!

*ويتكون مجلس إدارة الشركة الذى يرأسه وزير الصناعة السوداني من أربعة عشر عضوا، سبعة منهم من السودان واربعة من الكويت وثلاثة من السعودية، حسب موقع الشركة على شبكة الإنترنت الذى لم يتم تحديثه منذ وقت طويل، ولا يزال يحمل اسم وصورة وزير الصناعة السابق في آخر حكومة للنظام البائد، واسم وصورة المرحوم (حافظ عبد القادر) المحافظ السابق لبنك السودان الذى توفى في يونيو من العام الماضي ضمن أعضاء مجلس الإدارة، وهو أمر غريب على شركة تعطى مرتبات وحوافز ضخمة بالعملة الصعبة، لدرجة أن حافز رئيس مجلس الإدارة لبضع اجتماعات يبلغ (ثمانية عشر ألف وثلاثمائة وخمسين دولار)، بالإضافة الى شهرتها العالمية الواسعة، بينما تعجز أو تتكاسل عن تحديث موقعها الإلكتروني منذ أكثر من عام!

*ابدأ تعليقي على الموضوع بسؤال عن كيفية تسرب خطاب رسمي الى وسائل التواصل الاجتماعي، إلا إذا كان متعمدا بغرض (الشو) والظهور الإعلامي، أما إذا كان غير ذلك وانه حدث من وراء ظهري الوزيرين، فلا بد من التحقيق العاجل ومعاقبة المتورط او المتورطين في تسريب وثيقة رسمية، وذلك للحد من هذه الظاهرة التي استشرت في الفترة الأخيرة بدون ان تهتم بها الحكومة او تحاول ان تضع لها حدا، وهى جريمة يعاقب عليها القانون، فمستندات الحكومة ووثائقها ليست (لعبة) حتى نرى كل يوم وثيقة رسمية منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي!

*لا يعنى ذلك التعتيم على المعلومات، وإخفائها عن الرأي العام بل نشرها بالطريقة الصحيحة التي تبيح المعلومة وتمنع التلاعب بالوثائق الرسمية، وإلا سنجد في يوم من الأيام إحدى الوثائق السرية التي تحمل معلومات في غاية الخطورة قد تؤثر على الأمن القومي أو علاقات السودان الخارجية، او تضر بمصالحه، منشورة في الهواء الطلق يتداولها الجميع!

*على خلفية الحوافز الدولارية الضخمة، لا بد من التطرق الى المرتبات الدولارية التي يحصل عليها عدد كبير من القياديين والعاملين في الشركة، تصل في بعض الوظائف الى ( 15 و20 ألف دولار في الشهر) أي حوالى (مليون واربعمائة ألف جنيه سوداني) غير الحوافز والنثريات ..إلخ! وينطبق نفس الشيء على شركات البترول الحكومية!

*قد يكون من المقبول استثناء السفارات وبعض المنظمات والشركات الاجنبية العاملة في السودان من القوانين التي تقيد التعامل بالعملة الأجنبية، والسماح لها بمنح العاملين مرتباتهم بالعملة الصعبة، ولكن ما هو السبب في منح هذا الامتياز لشركات مملوكة للحكومة السودانية بالكامل كشركات البترول، أو تساهم فيها الحكومة بأكثر من النصف كشركة كنانة، الأمر الذى يميز بين العاملين في اجهزة الدولة، كما يسهم في نمو التجارة غير المشروعة للعملة بسبب تداول هذه المرتبات والحوافز الضخمة خارج المواعين الرسمية!

*وبما ان الحديث عن شركة كنانة، فلا بد من الإشارة الى استثناء حسابات الشركة من الخضوع لديوان المراجع العام، وإلغاء نظام التوظيف المباشر للعمالة قبل عدة اعوام وإعطاء هذا الامتياز لـ(شركة الهدف) الأمنية التي تحتكر استيعاب العمال الموسميين مقابل الحصول على عمولة مالية خصما على اجورهم المتواضعة!

*لا يكفى ان يعيد وزير الصناعة الحافز الدولارى الضخم الذى حصل عليه من شركة كنانة الى خزينة الدولة ليحصل على إعجاب وثقة الناس، ولكن يجب عليه إجراء مراجعة شاملة للشركة واتخاذ المزيد من القرارات والإجراءات التي تصحح مسيرتها وتحمى مصالح ملاكها، وتحقق المصلحة العامة!

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here