“سلام السودان”.. مخاوف السقوط في منتصف الطريق

23

بقلم: خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. ثمة مخاوف لاحت في الأفق عقب مرور عام على توقيع اتفاق جوبا لسلام السودان بين الحكومة وتحالف قوى الجبهة الثورية بشقيه العسكري والمدني، بتعثر خطى إنزال بنود الاتفاق على أرض الواقع في مساراته الخمس بكل تفاصيلها وسقوطه في منتصف الطريق، حيث مسار شرق السودان مازال عالقاً، ولم يجد مساري الوسط والشمال أي أثر للاتفاق بعد، فيما حاز مساري دارفور والمنطقتين على الإهتمام المتعاظم رغم شكاوي تحيط بهما.

منتصف الطريق

الهادي إدريس – عضو مجلس السيادة ورئيس الجبهة الثورية

شكوك ربما وصلت حد اليقين لدى البعض بانهيار وشيك لبنيان هذا الاتفاق خاصة في ظل عجز الحكومة عن توفير نحو 7.5 مليار دولار تكلفة تنفيذ اتفاق السلام لكل بنوده.

عضو مجلس السيادة ورئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس، كان قد قال إن من حق المعترضين على اتفاق السلام، فتح الاتفاق وأن يتم حوله تفاوض.

وأشار إدريس إلى إيجابيات الاتفاق ومن أبرزها السلام الذي تشهده البلاد، مبينا إن الحركات الموقعة لم يحدث بينها أي احتكاك.

اللواء الدكتور الصوارمي خالد سعد – خبير في المجالات العسكرية والاسراتيجية

الخبير في المجالات العسكرية والاسراتيجية اللواء الدكتور الصوارمي خالد سعد، يُشير لـ’’أفريقيا برس’’، أن جملة تحديات تقف في منتصف طريق التنفيذ يقف على رأسها نقص وشح الميزانيات الكافية، وأخرى سياسية وإدارية.

وأفاد سعد بأن ملف الترتيبات الأمنية سيظل عقدة المنشار في تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان، وذلك بالنظر إلى تعقيدات الملف المتعلق بالدمج والتسريح.

هذا وقال والي شمال دارفور نمر محمد عبد الرحمن، إن اتفاقية “سلام السودان” تمثل خطوة مهمة ومفصلية في تاريخ الشعب السوداني ومواطني إقليم دارفور على وجه خاص.

وأشار سعد بأن الكلفة المالية للترتيبات الأمنية عالية وربما يصعب توفيرها في ظل أوضاع الحكومة الاقتصادية المتعثرة.

وفي شأن بدء الترتيبات الأمنية في المنطقتين مقارنة بدارفور، يوضح سعد أن خلافات أمنية وسياسية وراء الخطوة لكون أن الحركة الشعبية بقيادة عقار لها وجود بالنيل الأزرق وجنوب كردفان.

وأضاف: ” هناك أكثر من خمسة حركات مسلحة بدارفور تتنظر تقنين أوضاع منسوبيها”، مشيراً أن حاكم الاقليم يطلب نحو 700 مليون دولار لاطلاق مشروعات تنموية وخدمية.

ونوه سعد أن العمل العسكري يحتاج لصرف أموال ضخمة في كافة مستوياتها، مذكراً بعجز الحكومة وانشغالها بقضايا هموم المعاش.

وشدد سعد على أنه لا علاقة بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية بانتهاء الفترة الانتقالية وقيام انتخابات وحكومة منتخبة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الملف يجب أن يكون مستمراً وليس مرتبطاً بقيد زمني.

وأضاف: “اتفاقات مثل ابوجا والدوحة ظلت ترتيباتها الأمنية مستمرة لوقت قريب حيث إن الامر مرهون بتوفير الميزانية الكافية”.

وقال الخبير في المجالات العسكرية والاستراتيجية، بأنه غير متفائل بانضمام كل من عبد الواحد النور وعبدالعزيز الحلو لقافلة سلام السودان. وبرر ذلك بارتفاع سقف النور وارتباطها بمطالبات ديموغرافية، بينما الحلو يشدد على تنفيذ دعوها بشأن العلمانية وحق تقرير المصير.

نواقص الاتفاق

الفريق أول جمعة حقار، عضو فريق الترتيبات الأمنية يؤكد استعدادهم للانخراط في الوقف الدائم لإطلاق النار بدارفور، على اعتباره المدخل الرئيسي للأمن والسلام والاستقرار في الإقليم. ودعا حقار الحكومة لتسريع تنفيذ البنود الأخرى من اتفاق جوبا للسلام بالسودان ليتم بذلك طي صفحة الحرب نهائياً والانتقال إلى مرحلة الاستقرار النهائي.

إبراهيم سوناتا – موسيقار وباحث في مجال التراث

مستقبل سلام جوبا، تتعدد الآراء بشأنه ويقول، الموسيقار والباحث في مجال التراث، إبراهيم سوناتا، المقيم في الولايات المتحدة الامريكية، أن اتفاقية جوبا التي تم توقيعها بإشراف النائب الأول لمجلس السيادة العسكري محمد حمدان دقلو “حميدتي”؛ أنها أثارت لغطا كبيراً، وآراء متباينة في كل الأوساط.

ويعتقد سوناتا خلال حديثه لـ’’أفريقيا برس’’، أنه قد تم الاستعجال كثيراً في إبرامها بكل تلك النقوص.

ويوضح سوناتا بأن أكبر نقص في هذه الاتفاقية هو عدم الحرص على دخول فصيل حركة تحرير السودان جناح القائد عبد الواحد محمد النور لترجيح الكفة والاكتفاء فقط بمناوي وجبريل، حركات ذات ثقل خفيف.

وفي هذا السياق يفيد رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس بأن الاتفاق حقق أيضا العدالة الانتقالية حيث تم إجراء العديد من القوانين التي نص عليها الاتفاق مثل قوانين محاربة الفساد وإزالة التمكين. وأعرب عن أمله في أن تلحق الأطراف التي لم توقع بالاتفاق عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور.

وفي هذا الشأن يرى سوناتا: “وجود عبد الواحد النور سيكون فعالا جدا و له دوره الفعّال في نجاح الترتيبات الأمنية، ولكن إقصاء عبد الواحد هنا  لابد من النظر إليه بعيون ثاقبة”.

وأضاف: “لا ندري إن كان مقصوداً أو مرتبا له، لجعل الأمر أشبه بالقصة التي لم تنتهي، وقد يكون المقصود منها أيضا استمرار التصعيد العسكري في دارفور إلى ما لا نهاية”.

ويقول أن القائد عبد الواحد النور كان محقاً جداً فيما ذهب برأيه أن يعقد حوار السلام برمته داخل السودان ويعقد بعده الحوار الدارفوري الدارفوري وكل هذا يتم داخل السودان وبعدم تدخل أي محاور من الدول الأخرى في هذه الاتفاقية، لأن كل أطراف الخلاف هي أطراف من دول  أخرى.

هذا وأشار الهادي إدريس إلى آليات تنفيذ الاتفاق والتي من بينها المفوضية القومية والولائية والخاصة بالترتيبات الأمنية وآليات المتابعة كلها تحت إشراف بعثة “يونيتامس”.

واستعرض تحديات الاتفاق والتي قال إنها ممثلة في المال وغيرها بجانب النسيج الاجتماعي الهش بالبلاد وعدم الالتزام بالمصفوفة “الجداول الزمنية”.

عواقب التملّص

لؤي عبد الرحمن – صحفي ومحلل السياسي

الصحفي والمحلل السياسي لؤي عبد الرحمن، يشدد على ضرورة إيفاء أطراف العملية السلمية بكل البنود، محذراً من عواقب محاولات التملص والنكوص عن أتفاق سلام السودان.

عبدالرحمن يؤكد لـ’’أفريقيا برس’’؛ بأن الإرادة السياسية هي المفتاح الرئيس لحلحلة المشكلات التي تواجه الأطراف، مبيناً أن محاولات التكسب من الاتفاق لمصالح حزبية او مناطقية مضر بالسلام.

الموسيقار والباحث في مجال التراث إبراهيم سوناتا، يشدد في هذا السياق على أن تتم الاتفاقية على أسس سودانية سودانية.

ودعا لعدم الزج بالمحاور الأخرى التي أخرت السودان كثيرا بتدخلاتها غير الموفقة سواء أن كانت دول أفريقية أو دول الخليج أو مصر أو حتى جنوب السودان على الرغم أنها تعد من الدول الأخف وطأة.

وأضاف: “ولكن النخبة قد آثرت إتمام الاتفاقية سريعا بكل هذه (الكلفتة)، او العجلة وبعدم وضع المواثيق والنظم في كيفية حكم دارفور ومن يحكمها”

وفي هذا السياق يبين سوناتا بأنه كان يجب أن يوضع لها ألف حساب، حيث يجب أن تأتي بالتصويت والديمقراطية، وأن يتم الاختيار بين عدد من إثنيات وقبائل دارفور المختلفة ليتوافق الناس على زعيم مثالي.

ولفت إلى “التلكؤ في إبرام الترتيبات الأمنية، والسبب واضح؛ أن السلام منقوص جدا ولا تزال هناك تراشقات قبلية ومشاكل هنا وهناك”. معتبراً أن الحل يكمن في توافق كل الاطراف على سلام واضح دائم.

هذا وأكد حاكم النيل الأزرق أحمد العمدة، أن أولويات حكومته تتمثل في إنزال إتفاقية سلام جوبا على أرض الواقع بتنفيذ بروتوكول الشأن الإنساني والأمني، والتصدي للبؤر والصراع والنزاعات القبلية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here