بقلم : عثمان ميرغني
الأستاذ الحاج وراق سياسي ومفكر من القادرين على قراءة بصيرة لاتجاه الرياح في بلادنا.. تحدث مساء الخميس الماضي 24 أكتوبر 2019 في منتدى “كباية شاي” الأسبوعي بحديقة صحيفة “التيار” وأرسل تحذيرات واضحة في عدة اتجاهات..
وصف وراق الوضع بأنه (أخطر مرحلة منذ الاستقلال، وأهم فرصة أيضاً).. وهذا تعبير دقيق للغاية.. بل للدهشة فإن الفرص الضائعة نفسها هي المخاطر عينها.. ولم يترك الحاج وراق فرصة للحلول الوسط فعلى حد قوله (إما أن تنجو الأم والمولود، وإما تتوفى الأم والمولود أيضاً)..
لكن التهديد المباشر حسب قوله في مخاطر إنهاء الفترة الانتقالية بانقلاب عسكري نجح أو فشل فإنه يضع البلاد في المربع صفر الذي يفترض أننا غادرناه بتوقيع الوثيقة الدستورية وتدشين مؤسسات الفترة الانتقالية..
هذه المخاطر لن تتزحزح بالأماني، لا بد من الإقرار أن عدم إكمال مؤسسات الحكم الانتقالي هي الثغرة التي منها تأتي الريح.. وعلى رأسها غياب المجلس التشريعي “البرلمان”.. فرغم اقتراب الفترة القصوى المحددة لتكوين البرلمان حسب الوثيقة الدستورية إلا أن الأثير الرسمي خالٍ تماماً من أي انشغال به.. وتبدو المشاغل الصغيرة أكثر انتشاراً في الفضاء القومي..
فحسب الوثيقة الدستورية يفترض تعيين المجلس التشريعي “البرلمان” منتصف نوفمبر القادم.. أي بعد حوالى ثلاثة أسابيع فقط.. وبالقياس بتجربة تعيين مجلس الوزراء فالمهمة صعبة وشاقة وتحتاج إلى وقت.. فالوزراء العشرين تعذر إكمالهم لقرابة الشهرين.. فكيف بالبرلمان الذي يضم 300 نائب من مكونات سياسية متباينة..
غياب التشريع أشبه بتشغيل جهاز كمبيوتر بلا برمجيات “سوفت وير” يصبح مجرد كتلة حديد باردة غير قادرة على التفكير والعطاء.. والآن تبدو الحكومة مشلولة في كثير من المناحي مكبلة بالقوانين القديمة التي كانت سبب انهيار الدولة وفشلها المحيق..
من الحكمة إعادة النظر في خارطة الطريق – إن وجدت – التي تسير عليها الحكومة، فالوقت لا ينتظر والمحن تتخفى خلف الزمن..