قوات كيكل.. هل تلعب دورًا في تحرير الخرطوم؟

38
قوات كيكل: هل تلعب دورًا في تحرير الخرطوم؟
قوات كيكل: هل تلعب دورًا في تحرير الخرطوم؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. مرة أخرى، يضع قائد درع السودان، أبو عاقلة محمد أحمد “كيكل”، نفسه في رهان أمام الشعب السوداني. فبعد قسمه بتحرير مدينة مدني، يتعهد مجددًا بتحرير الخرطوم. وقال كيكل في خطابه الموجه لعدد من الضباط والجنود في جبال الغر بالبطانة: “كما أوفينا بالوعد الذي قطعناه بالدخول إلى مدني خلال يومين، سنوفي أيضًا بهذا الوعد بدخول قواتنا إلى الخرطوم خلال ٤٨ ساعة”.

خطاب “كيكل” حول وعده بتحرير الخرطوم، أثار العديد من التساؤلات، أبرزها: هل ستتمكن قوات درع السودان من تحقيق هذا الهدف؟ وما العقبات التي تواجه الجيش في مسعاه لتحرير الخرطوم؟

تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من الخرطوم، حيث تتمركز وسط العاصمة وجنوبها، كما تسيطر على جنوب أم درمان وأجزاء من غربها، بالإضافة إلى مناطق في محليتي بحري وشرق النيل. في المقابل، يتواجد الجيش السوداني في مقر القيادة العامة وسط الخرطوم، وسلاح الإشارة في بحري، وسلاح المدرعات جنوب الخرطوم، إلى جانب عدد من المعسكرات في بحري. كما يسيطر الجيش على معظم أم درمان، حيث تقع قاعدة وادي سيدنا، المعقل الحصين الذي تنطلق منه عمليات الطيران العسكري.

وفي الشهر التاسع من العام الماضي، شن الجيش السوداني هجومًا مباغتًا على قوات الدعم السريع في مواقع تمركزها بالخرطوم، حيث سيطر على معظم جسور العاصمة وتوغل في مناطق تواجد قوات الدعم السريع، مما ضيق الخناق عليها وأدى إلى محاصرتها من عدة محاور.

يسعى الجيش السوداني، بعد تحرير مدينة مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، إلى السيطرة على الخرطوم. يأتي هذا بينما يواجه ضغوطًا من الشعب السوداني الذي عانى من التشريد والقتل بسبب جرائم قوات الدعم السريع، التي استولت على منازلهم. ويأمل الشعب السوداني في العودة إلى الخرطوم التي اضطر إلى تركها تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

ضربة البداية

معلقًا على قدرة قوات “كيكل” على تحرير الخرطوم، يقول الخبير العسكري ياسر أحمد الخزين لموقع “أفريقيا برس”؛ إن كيكل قادر على بدء عملية تحرير الخرطوم، نظرًا لمعرفته بقوات الميليشيات وأسلوبها وطرق قتالها. وبحسب الخزين، فإن كيكل يعتمد على نفس أسلوب الميليشيات المتمثل في السرعة والحركة مع كثافة النيران، بالتزامن مع عنصر المفاجأة الذي يشل قدرات العدو، بالإضافة إلى الانسحاب السريع.

ويشير الخزين إلى أن كيكل طبق هذا الأسلوب في عدد من مدن وقرى ولاية الجزيرة، خاصة شرقها. ويضيف أن هذا التكتيك يجعل قوات الميليشيات في حالة هلع دائم، مما يتيح لقوات العمل الخاص التفرغ للتعامل مع القناصة، وهم العائق الأكبر أمام تقدم القوات البرية.

كما يوضح الخزين أن القناص الذي يدرك غياب التأمين الأرضي له يضطر إلى ترك سلاحه والفرار. ويؤكد أن جبن الكثير من عناصر الميليشيات أصبح واضحًا، إذ كانوا يعتمدون على كثرة العدد والأسلحة النوعية والثقيلة التي يمتلكونها. إلا أن الانسحابات المتكررة والكبيرة منهم تعد دليلًا قاطعًا على ضعف شجاعتهم.

ويرى الخزين أن أسلوب المباغتة وسرعة الحركة والانسحاب الذي ستتبعه قوات كيكل سيكون له أثر كبير ودور مهم في تحرير الخرطوم. كما أشار إلى أن كيكل سيقاتل بشراسة لتغيير الصورة القاتمة التي ارتسمت في أذهان غالبية السودانيين خلال اجتياحه مع قوات الميليشيات لولايات الجزيرة وسنار والنيل الأزرق.

ويعتقد الخزين أن هجوم كيكل على الخرطوم يمثل الخطوة الأولى نحو تحريرها، مما يمهد لاجتياح شامل من قبل القوات المسلحة.

وقال الخزين إن كيكل لعب دورًا كبيرًا في استعادة مدني، وسيكون له دور مماثل في تحرير الخرطوم لسببين: أولًا، علاقته الوثيقة ومعرفته بكافة قيادات الميليشيات التي انتشرت في ولاية الجزيرة وتتمركز الآن في ولاية الخرطوم، إضافة إلى معرفته بتمركزها وأنواع تسليحها ومواقع تخزين أسلحتها عندما كان متعاونًا معها.

وأضاف أن معرفته الدقيقة بطرقات ولاية الجزيرة والبطانة تساهم في قطع خطوط الإمداد وتعطيل نظام التنسيق لدى الميليشيات، وذلك عبر نصب الكمائن لقواتها، مما يؤدي إلى تحييد الكثير من العتاد الحربي والقوات المنسحبة نحو الخرطوم، وبالتالي تقليل أعداد المقاتلين الشرسين. وأوضح أن أغلب القوات المتمركزة في الخرطوم تتألف من عناصر لا تمتلك عقيدة قتالية واضحة، بل تركز فقط على النهب والسلب.

وأشار الخزين إلى الدعم المعنوي الكبير الذي حصلت عليه قوات كيكل من خلال زيارة القائد العام للقوات المسلحة وتفقده لأحوالها، ثم زيارة مساعد القائد العام ياسر العطا، بالإضافة إلى الإمدادات العسكرية والعتاد الحربي الذي قدمته القوات المسلحة لقوات درع السودان. وشمل ذلك تعزيز القوات بخيرة المقاتلين الذين خاضوا عمليات عسكرية عديدة، إلى جانب إضافة قوات مساندة، مع توفير غطاء جوي من الطيران الحربي والطائرات المسيرة والمدفعية. كما أكد أن الميليشيات تلقت خسائر كبيرة وهزائم متتالية في كافة المحاور والولايات.

أما بشأن العقبات التي تواجه الجيش في تحرير الخرطوم، فقد أوضح الخزين أن العقبة الوحيدة هي انتشار القناصة على عدد من البنايات وسط المدنيين، مما يجبر الجيش على التعامل بحذر لتقليل الخسائر بين المدنيين.

رهن المشاركة

في هذا الصدد، يرى خبير الحكومة الدكتور عبد الله الطيب علي الياس أن مشاركة قوات كيكل في تحرير الخرطوم مرهونة بخطة القوات المسلحة وما تسنده إليها من مهام، مضيفًا: “ربما يتم إسناد مهمة تأمين الجزيرة إليها على سبيل المثال”.

وقال الطيب لموقع “أفريقيا برس”؛ إن قوات كيكل حاليًا تعد جزءًا لا يتجزأ من القوات المساندة للقوات المسلحة السودانية، وجميع هذه القوات تقاتل تحت قيادات الجيش السوداني وتلتزم بشكل كامل بخطته. وأضاف أن الجيش السوداني معروف بالتزامه الصارم بالضبط والربط وفقًا لقانون القوات المسلحة.

وأوضح الطيب أن كيكل وقواته شاركوا في تحرير مدني وولاية الجزيرة بشكل عام، في إطار خطة القوات المسلحة، وسيساهمون في جميع المعارك القادمة في الخرطوم وغيرها من مناطق السودان ضمن نفس الخطة وتحت قيادة نفس القادة. وأكد أن هذا ما لوحظ خلال الأشهر التي استمرت فيها الحرب السودانية، والتي وصفها بأنها تمثل “الحرب العالمية الثالثة”، حيث قاتلت جميع القوات المساندة للجيش السوداني بانضباط صارم وفق خطة القوات المسلحة والتزمت بالأدوار المحددة لها تمامًا.

عمليات الاجتياح

كشف مصدر عسكري لموقع “أفريقيا برس” عن خطة محكمة لتحرير الخرطوم، مشيرًا إلى أن قوات كيكل تعد جزءًا من هذه الخطة، متوقعًا أن تلعب دورًا مهمًا في تحرير المدينة. وأوضح المصدر أن الجيش سيدخل الخرطوم من عدة محاور في عملية أطلق عليها اسم “عملية الاجتياح”.

ويرى المصدر العسكري أن قوات كيكل ستكلف بمهام محددة لتحرير الخرطوم، كما حدث في مدني، حيث أُسندت إليها مهمة المناورة في المحور الشرقي، مما مكنها من دخول مدني عبر جسر حنتوب. وقد أربك ذلك قوات الدعم السريع، مما أتاح للمحاور الأخرى استغلال الموقف والدخول إلى مدني من عدة اتجاهات.

من جهة أخرى، قلل المحلل السياسي عبد الباقي عبد المنعم من قدرة قوات كيكل على تحرير الخرطوم. وقال لموقع “أفريقيا برس” إن قوات درع السودان تفتقر إلى خطة مدروسة وتهاجم بكثافة دون تركيز، موضحًا أنها تعتمد أسلوب الاقتحام الذي تكون تكلفته عالية.

وأضاف أن تحرير الخرطوم يتطلب قوات أكثر خبرة وتكتيكًا، مشيرًا إلى أن القوات التي ستدخل الخرطوم يجب أن تكون مدربة بشكل جيد على عمليات اقتحام المدن. وأوضح أن هذه المزايا تفتقر إليها قوات كيكل، نظرًا لحداثة تكوينها. ولفت إلى أن الخرطوم مدينة معقدة ومكتظة بقوات الدعم السريع المسلحة بمختلف أنواع الأسلحة، بالإضافة إلى وجود مبانٍ عالية تستخدمها قوات الدعم السريع في عمليات القنص والمراقبة، مما يزيد من صعوبة تحرير الخرطوم.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here