كيف تفاعلت وسائل التواصل الإجتماعي مع الأحداث في السودان خلال شهر أكتوبر

37

بقلم: أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. كان شهر أكتوبر حافلاً بالعديد من المشاهد والأحداث السياسية في السودان، فقد تفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي معها سلبا وإيجابا ، ولعل أبرز تلك الأحداث، كان الانقلاب الذي قام به القائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق عبدالفتاح البرهان، حيث أعلن عن حل حكومة المدنيين وفرض حالة الطوارئ في البلاد ، إضافة اعتقال وزراء الحكومة ورئيسها عبدالله حمدوك، وفيما ندد نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي بالانقلاب الذي قام به البرهان، انتشرت وسومات ترفض الانقلاب وتدين ماقام به الجيش السوداني .

انقلاب البرهان

الصفحة الرسمية لمكتب رئيس الوزراء في الفيس بوك ، نشرت بيانا طالبت فيه بضرورة إطلاق سراح حمدوك وجميع الوزراء المدنيين ، ونوهت إلى أن ماجرى محاولة من العسكر للتغبيش على الشعب السوداني، رافضة ما أسماه البرهان بتصحيح مسار الثورة.

وأضافت الصفحة الرسمية: “الثورة السودانية ملك للشعب وهو من يستطيع تصحيحها وإدارتها نحو المصلحة العليا للبلاد وأهلها، وأن كلمات رأس الانقلاب وإجراءاته لا تعدو أن تكون إلا مجرد تلاوة لإملاءات تأتي من خطوط داخلية وخارجية ولا علاقة لها بالجيش السوداني أو مصلحة الوطن ، الجيش السوداني يعج بالشرفاء، والعالم أجمع كان قد شهد خدعة مماثلة ساقها نظام البشير بداية عهده وسوَّقها للعالم بأن انقلاب الثلاثين من يونيو كان من أجل إنقاذ الوطن، فبرزت الجبهة الإسلامية وقيادتها بعد أشهر قليلة وسيطرت على الحكم وطبقت إيديولوجيا التطرف والقمع والقتل والتعذيب وصدَّرتها لجميع دول العالم طوال ثلاثين سنة عجاف”.

في الاثناء أطلقت صفحات داعمة للتغيير دعوات للخروج للشوارع والتصدي للانقلاب، وما إن أطلقت الدعوات حتى بدأت تنتشر صور ومقاطع فيديو لمحتجين غاضبين من الانقلاب، وبالرغم من إغلاق السلطات للإنترنت والاتصال في السودان، إلا أن منصات التواصل الاجتماعي كانت تعج بخبر الانقلاب مستخدمين بعض التقنيات التي تفك شفرات الانترنت ، كما كان هنالك عدد كبير من السودانيين في الخارج يتفاعلون عبر منصات التواصل الاجتماعي مع الانقلاب العسكري بين مؤيد ومعارض .

كذلك نشر تجمع المهنيين صبيحة الانقلاب على صفحته في موقع فيس بوك بيانا رفض من خلاله الانقلاب داعيا إلى الإضراب السياسي العام والعصيان المدني الشامل والمفتوح.

السودان أمام سيناريوهين: إما التصعيد أو تخفيف التوتر إرضاء للمجتمع الدولي

وفي اليوم الثاني للانقلاب عادت خدمة الانترنت في السودان، وبعودتها انتشرت صور ومقاطع فيديو بكثافة عبر رواد وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أظهرت الصور المسيرات والمواكب التي رفضت الانقلاب، بينما أظهرت صور أخرى تعرض فيها المحتجون لضرب من قبل السلطات النظامية. وتداول نشطاء التواصل الاجتماعي وسوما كثيرة أبرزها ، #لا_للانقلاب_العسكري #العصيان_المدني_العام و #الردة_مستحيلة.

في اليوم الثالث للانقلاب دعت صحفات قوى التغيير عبر منصات التواصل الاجتماعي السودانيين للخروج في مليونية 30 أكتوبر وذلك رفضاً للانقلاب، كما دعت الفريق البرهان للتنحي والتراجع عن قراراته التي أصدرها، وطالبت بضرورة الإفراج عن المعتقلين السياسيين.

وبالفعل استجاب السودانيون للدعوات التي أطلقت في منصات التواصل الاجتماعي، حيث خرجوا في تظاهرة كبيرة منددين بالانقلاب، رافعين لافتات مناوئة للفريق البرهان، في المقابل أغلقت قوات الأمن السودانية غالبية الجسور في الخرطوم بالتزامن مع دعوات للتظاهرات في مليونية 30 أكتوبر، في وقت تداول فيه نشطاء مقاطع فيديو للمليونية  التي رفضت الاجراءات العسكرية التي قام بها الجيش السوداني.

اعتصام القصر

اعتصام القصر

وإن كان الانقلاب الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي في السودان يعد الحدث الأبرز والأهم في شهر أكتوبر، فإن اعتصام القصر الجمهوري التي قادته مجموعة الميثاق الوطني لا يقل أهمية عن الانقلاب، فقد غرد مناصرو الاعتصام، واصفين إياه بيوم الخلاص من مركزية قوى الحرية والتغيير والتي يرون أنها اختطفت المشهد السياسي والحكومة، ورفعوا شعارات تطالب بحل الحكومة وتوسيع رقعة المشاركة فيها، بينما رفعت لافتات داخل الاعتصام  -أظهرتها مواقع التواصل الاجتماعي- تطالب الجيش باستلام السلطة، وأخرى تفوض البرهان بأن ينقض على الحكومة المدنية.

أما الرافضين للاعتصام فقد سخروا في منصات التواصل الاجتماعي من الاعتصام ونعتوه باعتصام “الموائد” و”فاكهة الموز” ، وظل الرافضون للاعتصام يتداولون صوراً لشكل الاعتصام حيث نقلوا “الموائد والذبائح” وعمليات التنظيم، داخل اعتصام القصر الجمهوري، فيما استفسر “مغردون”  عن حقيقة الدعم الهائل الذي يتلقاه معتصمو القصر الجمهوري، وعن الجهة التي تدعم الاعتصام.

وأظهرت وسائل التواصل الاجتماعي صورا لوجبات “دسمة” في إفطار المعتصمين أمام القصر الجمهوري، فيما أظهرت صور أخرى، أطفالاً داخل الاعتصام يحملون “الفواكه” ومياه الشرب المعدنية غالية الثمن، فضلا عن التنظيم والترتيب المحكم لمداخل الاعتصام ، بجانب منصات الإعلام والخيام التي نصبت فور إعلان الاعتصام.

21 أكتوبر

“مبادرة حاضرين”: 63% من شهداء ثورة ديسمبر سقطوا في عهد المجلس العسكري

في يوم 21 اكتوبر، والذي يمثل ذكرى ثورة اكتوبر التي اقتلعت أحد الدكتاوريين في السودان، كان السودانيون يستعدون للنزول إلى الشارع وذلك أثر دعوات لتجمع المهنيين وقوى الحرية التغيير التي تطالب بضرورة عودة الحكم المدني والديمقراطي ، وبالفعل استجاب الثوار لنداءت قوى التغيير، إذ تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لمواكب تجوب الخرطوم والولايات، بينما أظهرت صور لوزراء في الحكومة يشاركون في التظاهرات.

وفيما أعتبر مغردون أن مشاركة الوزراء بمثابة تحفيز للثوار، رأى البعض الآخر، أنها تؤكد تمسكهم بالقيم الوطنية وأنهم داعمون حقا للتحول الديمقراطي والمدني. كما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر فيه وزير الصناعة والقيادي الأبرز بقوى الحرية والتغيير ابراهيم الشيخ محاصراً من الثوار وسط هتافات ضده ” بيكم .. بيكم بعتوا الدم”.

برلمان الثورة الإسفيري

تحليل-قادة الجيش السوداني قد يواجهون عزلة بعد الانقلاب

كذلك في شهر أكتوبر، سرت في مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للمطالبة بتنحي رئيس مجلس السيادة وقتها الفريق عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” من السلطة وذلك من خلال جمع توقيعات شعبية عبر الانترنت تطالب بالتنحي، وفيما رأى مغردون أن فكرة الدعوات للتنحي محاولة جيدة لتحقيق شعارات الثورة، وقلل أخرون من الفكرة على اعتبار أنه لن يكون لها  تأثير على أرض الواقع.

وتعود التفاصيل إلى تكوين جسم في الأسافير أطلق عليه تجمع “برلمان الثورة السودانية الإسفيري”، يطالب بتنحِّي رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ونائبه الفريق أول محمد حمدان “حميدتي”، والمكون العسكري بمجلس السيادة، من مناصبهم، وقام “برلمان الثورة الإسفيري”، الذي يضم عدداً من السياسيين والقانونيين وأفراداً من لجان المقاومة والتجمعات المهنية، بحملة جمع توقيعات شعبية، عبر الإنترنت، مُطالبة بتنحِّي البرهان وحميدتي من منصبيهما، ونادى التجمع؛ الذي يقوده السياسي فخر الدين حسن، بإصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، ورفض تعدّد الجيوش والمليشيات وتكوين جيش مهني وطني موحد لحماية حدود الوطن وتُرابه ، واستند التجمع في مطالبه، بحديث رئيس مجلس السيادة لمحطة “سى. إن. إن” الأمريكية في 25 أبريل 2019، بأنه مستعدٌ للتنحِّي ودون تردد “على الفور” إذا طلب منه الشعب ذلك، وقال التجمع: “كما أن حميدتي قد صرح بأنه استقال ثلاث مرات، ونحن الشعب نقبل استقالته الآن وفوراً، وإلا ستتم تنحيته من قبلنا”.

تراشق إعلامي جديد بين شركاء الحكم

إبراهيم الشيخ يفتح النار على البرهان: أين تذهب عوائد استثمارات المنظومة الدفاعية؟

وفي شهر أكتوبر تجدد التراشق الاعلامي بين شركاء الحكم في السودان، إذ تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للقيادي بقوى الحرية والتغيير ابراهيم الشيخ؛ يهاجم فيه الفريق عبدالفتاح البرهان قائلا: ” إن الإئتلاف الحاكم لم يعد يثق فيه بأن يسلم رئاسة السيادي للمدنيين”، وأضاف: “حتى لو حلف بالطلاق لن نصدقه فقد سبق وأن أقسم بأنه لن يفض الاعتصام ولم يوف بوعده”، وهدد ابراهيم: “بأنهم سيحاصرون القصر الجمهوري في حال لم يتم فيها تسليمهم رئاسة السيادي”، وقال الشيخ : “على الجيش أن يقدم بديلا للبرهان في هذه الشراكة”، واحتفل مناصرو قوى الثورة بالفيديو واصفين الشيخ بالشجاع والجريء ، كما سخر مغردون من حديث الشيخ واعتبروه إهانه لرئاسة مجلس السيادة والبلد.

طرد السفير البريطاني


تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للسفير البريطاني في الخرطوم، وهو في أحد الميادين العامة يدعو المتظاهرين للنزول إلى الشارع، ما أغضب السلطات في السودان والتي لم تتوانى في إصدار قرار بطرده من الخرطوم، حيث أمهلته ثلاثة أسابيع للمغادرة. فيديو السفير البريطاني الذي انتشر كانتشار النار في الهشيم وجد استنكارا واسعا من الشارع السوداني والقوى السياسية، ففي الوقت الذي اعتبره البعض بأنه انتهاك للسيادة الوطنية وعدم احترام للسودان، رأى آخرون أن دعوات السفير لإسقاط الحكومة هدفه التحريض وصب الزيت في النار على الأوضاع السياسية المشتعلة أصلاً.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here