أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. منذ الإطاحة بحكم البشير في عام 2019 عبر ثورة شعبية، تطالب القوى السياسية في السودان مرارا وتكرارا بإعادة هيكلة الجيش، وذلك عن طريق دمج قوات الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة في جيش موحد، وهو الأمر الذي يرفضه قادة الجيش، ويقولون إن الهيكلة شأن خاص بالقوات المسلحة.. فهل سيتم هيكلة الجيش؟ ولماذا تطالب القوى السياسية بهيكلته؟
دعوة غريبة

يرى المحلل السياسي الفاتح محجوب في حديث لموقع “أفريقيا برس”؛ إن الوضع الحالي للجيش والدعم السريع وقوات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام يتطلب دمج تلك القوات جميعا في جيش واحد قوامه الأساس هو الجيش السوداني، وهو أمر يقول عنه الفاتح، يقر به قادة الجيش والدعم السريع أنفسهم، وأضاف “أما المطالبة بإعادة هيكلة الجيش من قبل بعض القادة السياسيين يعتبر دعوة غريبة جدا لأن إعادة هيكلة الجيش أن كانت مطلوبة أم لا هي من صميم مهام الحكومة المنتخبة لكن لا تمتلك القوى السياسية أي شرعية تتيح لها المطالبة بذلك في الفترة الانتقالية”، ورأى الفاتح أن مهام الفترة الانتقالية يجب ان تقتصر على التوافق على كيفية إجراء الانتخابات بما في ذلك التوافق على القوانين المنظمة لها وترك كافة القضايا الخلافية للبرلمان المنتخب الذي يمتلك الشرعية لحسم تلك القضايا جميعا، وأردف “لذلك الدعوات بهيكلة الجيش خاصة عندما تأتي من أناس كانوا يقاتلون الجيش مع قوات دول مجاورة فإنه يصعب قبولها”، مستدركا “لكن عندما تأتي من البرلمان المنتخب لن يكون بوسع الجيش غير التنفيذ لأوامر وخطط البرلمان والحكومة المنتخبة”.
عملية فنية

عضو المكتب السياسي لحركة “حق” مجدي عبدالقيوم كنب يذهب في حديثه لموقع “أفريقيا برس”، إلى أن هيكلة الجيش تعد أحد أبرز شعارات ومطالب الثورة، مستدركا “لكن الهيكلة عملية فنية بحتة لها معايير معلومة وفقا للتجارب العالمية وتشرف عليها هيئات دولية تتبع للأمم المتحدة وبالتالي من هذه الزاوية هي مسالة متخصصين من الناحية السياسية، وبشأن مطالبتهم بهيكلة الجيش يقول كنب “لأن المؤسسة العسكرية مثل غيرها من مؤسسات الدولة تعرضت للتجريف إبان النظام البائد وشهدت تجاوزات في منهج اداراتها كمؤسسة وتحولت إلى جيش عقائدي فى مستوياته العليا”، وأردف “كذلك نطالب بالهيكلة لأن من ناحية أخرى هناك أكثر من ستة فصائل مسلحة كانت تحمل السلاح قبل الدخول فى عملية السلام، وبالتالي لا بد من ترتيبات أمنية متعلقة بالدمج والتسريح حتى يبقى السلاح فى أيدي الجيش فقط”. فالمعلوم بحسب كنب أن الدولة هي التي يجب أن تحتكر العنف او أدواته. وفي رده على سؤال، هل ستتم هيكلة الجيش؟ يقول مجدي “إن عملية الهيكلة خاضعة لعدة عوامل تتصل في جزء منها بتوازن القوى في الصراع السياسي وأخرى متعلقة بما هو داخل المؤسسة العسكرية نفسها، وربما عوامل خارجية ذات صلة بالموقف من تعدد الجيوش كأحد عوامل مهددات الاستقرار في أفريقيا وما إلى ذلك”.
لماذا الهيكلة؟

أما القيادي بحزب الامة القومي عروة الصادق يقول لموقع “أفريقيا برس”، إنه يتراءى للكثيرين أن رفض عسكرة الدولة هو رفض للجيوش القومية، مستدركا “ولكن بالعكس هو رغبة في أن تكون تلك الجيوش قومية ومهنية ومستقلة عن الصراع السياسي، وما تفعله يكون نتاج العديد من التأهيل والتدريب والعمليات المعقدة والخطوات الراسخة والعقيدة القتالية المتجذرة بعمق في سجية أفرادها ومؤسساتها والبيئة التي تعمل فيها”، وأضاف “كذلك أن تعمل وفق ما هو متعارف عليه عالميا في الدول الديمقراطية والمدنية، فعادة بحسب عروة ما يتم تحديده في الدول الديمقراطية حجم القوات العسكرية من خلال المخصصات الوطنية للموارد ومن خلال ميزانية الدفاع المعتمدة سنويا في الموازنة العامة للدولة وغيرها من العمليات الموجهة دستوريًا وسياسيًا، كما نبه عروة إلى أن الهيكلة أن تعمل القوات المسلحة وفق قانون مجاز من برلمان ديمقراطي، وأن يتم تحديد طبيعة هذه القوات وتكوينها وتنظيمها وانضباطها في هيئة قيادة أو أركان موحدة وبشكل يوضح قوميتها، وواجب الدولة حينذاك تعزيزها وتأهيلها وتوفير كافة احتياجاتها والاهتمام بكافة المرافق والمؤسسات العسكرية وأفرادها على وجه الخصوص، وأن تتعامل مثل معظم المؤسسات الاجتماعية والمدنية التي يصرف عليها بامتياز، وأن تحدد طبيعة الأفراد فعالية القوات العسكرية من خلال تجويد الممارسة وتحسين السلوك عبر التدريب المتراصف مع دول متقدمة في هذا المضمار ومتطورة مهنيا وتقنيا. وفي رده على سؤال لماذا تطالب القوى السياسية بهيكلة الجيش؟ يقول عروة “ما يطمح له الساسة والمواطنون السودانيون هو أن يشهد الجيش السوداني زيادة في عدته وعتادة وعدد أفراده وقدراته وأن يتم دمج جميع الحركات المسلحة في جيش قومي مهني موحد”، وقال إن يقينهم التام هو أن أرسخ الديمقراطيات تحميها أعتى الجيوش، وأنه لاستدامة الديمقراطية تتزايد أهمية الجيش وضرورة تحديث أسلحته بسبب التطور السريع للتكنولوجيا الحديثة وحروب الجيل الخامس. ويشدد عروة على أنهم “يريدون جيشا بعيدا عن الملاحقات الجنائية الدولية وأن يكون غير موصوم بانتهاكات في مواجهة شعبه وأن يحترم السلام والحرية والعدالة ويحمي الديمقراطية والحكم الراشد”
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس