لماذا رُفِض مقترح “تقدّم” لتشكيل حكومة في المنفى؟

50
لماذا رُفِض مقترح
لماذا رُفِض مقترح "تقدّم" لتشكيل حكومة في المنفى؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. فاجأت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدُّم” الأوساط السياسية والرأي العام في السودان بطرح مقترح لتشكيل حكومة منفى. ورغم ذلك، قوبل هذا المقترح برفض واسع من السودانيين، بل ومن بعض مكوّنات “تقدُّم” نفسها.

يرى فريق من المراقبين أنّ تشكيل حكومة منفى سيؤدّي إلى خلق انقسام حاد وزيادة عمق الأزمة السودانية، بينما يعتبر آخرون أنّ الرفض جاء نتيجة كون المقترح صادر عن “تقدُّم”، التي ينظر إليها كشريك استراتيجي لقوات الدعم السريع.

الجدير بالذكر أنّ “الجبهة الثورية”، باعتبارها إحدى أبرز مكونات تنسيقية القوى المدنية “تقدُّم”، تقدّمت بمقترح حكومة المنفى خلال اجتماعات الهيئة القيادية للتحالف مطلع شهر ديسمبر الجاري.

إستهلاك محلي

يرى المحلل السياسي مجدي عبدالقيوم كنب أنّ الحديث عن تشكيل حكومة منفى لا يعدو كونه تصريحات للاستهلاك المحلي. ويضيف كنب، في تصريح لموقع “أفريقيا برس”، أنّه على الرغم من امتلاك حمدوك، من الناحية النظرية، بعض الأسس القانونية الدولية، إلا أنّ تطبيق فكرة حكومة المنفى على أرض الواقع مستبعد لعدة أسباب، أبرزها استحالة نيل اعتراف الدول، سواء الإقليمية أو الدولية، فضلاً عن غياب أي اعتراف من قِبل المنظمات الدولية والإقليمية التابعة للأمم المتحدة.

ويشير كنب إلى أنّ ما يُطلق عليه “حكومة الأمر الواقع” – في إشارة إلى حكومة البرهان – اتجهت نحو تفاهمات مع الوسطاء في مختلف المنابر التي تسعى لمعالجة الأزمة السودانية، وأنّ هذه الأطراف لن تجازف بدعم فكرة من شأنها إرباك تلك الجهود.

ويرى كنب أنّ الشعب السوداني نفسه لن يمنح حكومة متهمة بالعمالة أي مشروعية سياسية، منبّهاً إلى أنّ المقترح ليس سوى محاولة لإرباك المشهد وزيادة تعقيده. ويخلص إلى أنّ فكرة حكومة المنفى تلقى رفضاً أيضاً داخل إطار “تقدّم” نفسها.

مقاومة الحكومة

وفي سياق متصل، يرى الناطق الرسمي باسم “التحالف السوداني”، محمد السماني، في حديثه لـ”أفريقيا برس”، أنّ حكومة المنفى لن تكون ذات قيمة لدى الشعب السوداني المقيم داخل البلاد أو لدى اللاجئين في دول الجوار. ويؤكد السماني أنّ هذا التوجّه يعكس حقيقة أنّ “تقدُّم” برئاسة حمدوك تمثّل الجناح القوي لميليشيات الدعم السريع، وأنّها تسعى إلى تقسيم الدولة، وهو أمر مرفوض تماماً، متوقعاً في الوقت ذاته أن يواجه هذا المسار مقاومة من قِبل كل السودانيين المخلصين.

تعقيد الأزمة

من جهته، يشير المحلل السياسي محمد عبدالجبار إلى أنّ مقترح حكومة المنفى قد رُفِض؛ لأنه يكرّس الانقسام بين الوحدات الجغرافية للسودان، فضلاً عن أنّه سيزيد من حجم التدخل الخارجي في الشأن السوداني. ويوضح عبدالجبار أنّ حكومة المنفى ستكون على الأرجح موجّهة من دول تسعى لتحقيق أجنداتها الخاصة في السودان.

وفي تصريح لموقع “أفريقيا برس”، يرى عبدالجبار أنّ حكومة المنفى ليست حلاً للأزمة السودانية، مؤكداً أنّ الوضع يتطلّب توحيد كل السودانيين على اختلاف أفكارهم ومعتقداتهم، مع ضرورة ألا تتعدّد الحكومات وتتنوع مصادر القرار، بل أن تعمل البلاد تحت مظلة حكومة واحدة تمثّل الجميع.

وفي المجمل رُفض مقترح “تقدّم” بتشكيل حكومة في المنفى لأسباب عديدة متداخلة، أبرزها أنّه يعمّق الانقسامات الداخلية ويحرّض على المزيد من التشرذم بدل التوحّد، كما أنّه لم يحظَ بتأييد واسع، سواء من الشارع السوداني أو بعض مكوّنات “تقدّم” نفسها، مما أضعف شرعيته وقدرته على التأثير. إضافةً إلى ذلك، ينظر معارضو الفكرة إلى هذه الحكومة على أنّها ستكون خاضعة لتدخلات خارجية وبعيدة عن الإرادة الوطنية، فضلاً عن صعوبة حصولها على أي اعتراف دولي، ما يفقدها الأساس الذي يمكن أن تستند إليه في إدارة شؤون البلاد. وأخيراً، رأى كثيرون أنّ هذه الخطوة تشكّل إرباكاً للمشهد السياسي وتعطّل الجهود القائمة للتوصل إلى حلٍّ سياسي شامل ينهي الأزمة السودانية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here