أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. على نحو غير متوقع، رحب نائب رئيس مجلس السيادة، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، بمشروع الدستور الانتقالي، الذي عكفت على إعداده اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، في وقت أعرب حميدتي عن أمله في أن يكون مشروع الدستور نافذة أمل لبناء الثقة بين الأطراف السودانية كافة، حتى الوصول إلى اتفاق شامل لحل الأزمة السودانية، لافتاً إلى أنه سيطلع على ما جاء في مشروع الدستور لإبداء الرأي وتقديم الملاحظات بشأنه.
نصوص الدستور
وكانت اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، قد أعدت مشروع دستور انتقالي من 12 باباً و76 مادة ليحكم الفترة الانتقالية، وينص على إلغاء كل القرارات التي أصدرها الانقلاب العسكري بما يشمل الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها، كما ينص على تشكيل هياكل السلطة الانتقالية بواسطة المدنيين وبعيداً عن أي شراكة مع العسكر، وشدد على إصلاح المؤسسة العسكرية وحل المليشيات وصولاً لجيش وطني مهني موحد لحماية البلاد والدستور.
تصريح غريب

المحلل السياسي الفاتح محجوب يقول لموقع “أفريقيا برس”؛ إن التصريح الصحفي الصادر من الفريق أول حميدتي قائد عام الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة والذي أعلن فيه ترحيبه بالإعلان الدستوري الذي أعدته لجنة المحامين بتكليف من قحت يعتبر “مجرد ترحيب بمبادرة إعداد إعلان دستوري من دون التورط في تأييد نصوص الإعلان الدستوري ولذلك تمت إضافة جملة مفادها؛ إن الفريق أول حميدتي لم يطلع حتى الآن على الإعلان الدستوري”، وهذا يعني بحسب الفاتح، إنه عمليا لا يؤيد ولا يعارض نصوص الإعلان الدستوري طالما أنه غير مطلع عليها، مستدركا “ولكنه يرحب بالجهود التي بذلت لإعداد إعلان دستوري وهو بذلك يوجه رسالة إلى مختلف الأطراف السياسية داخليا وخارجيا من دون ان يحدد بالضبط توجهاته القادمة وهذا هو فحوى تصريحه الصحفي، وأضاف “لذلك ترك الباب مفتوحا أمام كل التكهنات وهذا يفسر الاحتفاء الكبير بهذا التصريح الصحفي الغريب والمفاجئ على اعتبار أن هنالك جهات عديدة قد ترى فيه اقترابا منها بينما جهات أخرى قد تتوجس شرا من تصرفاته المستقبلية بينما هو كان مصرا على تجريد تصريحه الصحفي من أي قرارات واضحة وهذا يعني أن الرجل يرغب في مغازلة مختلف القوى السياسية من دون التورط في اتخاذ قرار واضح ورسمي بالانحياز إلى أي جهة خلاف الجيش السوداني”.
مغازلة حميدتي

الكاتب الصحفي عبدالناصر الحاج لم يختلف كثيرا عن الحديث السابق إذ يقول؛ إنه وبالرغم من النبرة الإيجابية التي تحدث بها حميدتي عن مشروع الإعلان الدستوري الذي اعتكفت على اعداده اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، وبمشاركة عدد مقدر من القوى السياسية، إلا أن تصريح حميدتي لا يخلو من الغرض، كما أنه ترك الباب موارباً للتنصل من تأييد الإعلان الدستوري، حسب الظروف، ويمضي الحاج قائلا “حميدتي أشار في نهاية تصريحه المبذول على كثير من المواقع الإلكترونية، بأن سيدرسه لإبداء الملاحظات عليه، وهذا ما يُفسر ظننا بأن حميدتي منح نفسه فرصة للتراجع عن التأييد حتى لا يُفهم من حديثه دلالات قطعية بالتأييد المطلق”، وقال عبدالناصر لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن حميدتي ينظر لموقف الأمم المتحدة والتسعة دول التي أعلنت عن ترحيبها بالإعلان الدستوري”.
هذا وقد رحبت أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني بمشروع الدستور التي عكفت عليه اللجنة، كما رحبت به 9 سفارات غربية، على رأسها سفارة الولايات المتحدة التي أصدرت بياناً مشتركاً في هذا الخصوص، كما تسلمته الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية التي تتوسط بين أطراف الأزمة السياسية السودانية.
وقال عبدالناصر “إن حميدتي بهذا الترحيب أراد مغازلة هذه الدول التي رحبت بالدستور، على اعتبار إنه يعلم سلفاً ان غريمه البرهان هو المتضرر الأول من هذا الإعلان”، مشيرا إلى إنه يتوجس من أن ينجح البرهان في رحلته لحضور الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنيويورك، وهو ما قد يمنح البرهان بحسب الحاج شرعية دولية، تجعل البرهان يذهب في اتجاه حل الأزمة بطريقته الخاصة سيما بمبادرة الطيب الجد، والتي لم يباركها حميدتي.
ويضيف عبدالناصر مشخصا ترحيب حميدتي قائلا “ايضا في بال حميدتي أن تنجح مناهضة ذهاب البرهان لنيويورك وتستجيب أمريكا لضغط الناشطين، وحينها يكون حميدتي قد افترش الملعب بأنه الرجل الذي ينتظره الغرب في إنجاز التسوية السياسية مع قطاع عريض من قوى الثورة”، ويفسر عبدالناصر الترحيب ايضا بأن حميدتي أراد أن يضرب عصفورين بحجر واحد، اولاها إن فشل الإعلان الدستوري، يخرج هو بباب إبداء التحفظات، وإن نجح الإعلان يقول انه هو من تسبب في نجاحه عبر إعلانه التأييد والمباركة، خصوصا وأن الإعلان لم يتطرق لوضعية الدعم السريع بالنص الواضح حول ضرورة حلها فورا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس