مبادرة الطيب الجد.. هل تقود القوى السياسية للتوافق؟

337
مبادرة الطيب الجد.. هل تقود القوى السياسية للتوافق؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. أعلنت قوى سياسية وأهلية ودينية، عن مبادرة أطلقت عليها “نداء أهل السودان للوفاق الوطني” وتهدف المبادرة -التي يقودها أحد زعماء الطرق الصوفية أسمه الطيب الجد ود بدر- تهدف لخلق أكبر كتلة داعمة للحوار والوفاق الوطني ليكون رأيها هو الغالب، ويمثل الحاضنة الاجتماعية التي تدعم الوفاق والحوار، كما أن المبادرة ترمي لترجمة هذا الوفاق عمليا بإنجاز “اتفاق حد أدنى” حول إدارة المرحلة الانتقالية، وتضم المجموعة التي تبنت الوثيقة الجديدة، قوى سياسية وحركات مسلحة بدارفور، كما ضمت القوى الموقعة على الوثيقة، مجموعات إسلامية منها حركة الإصلاح الآن، بقيادة غازي صلاح الدين، وحزب دولة القانون، بقيادة محمد علي الجزولي، فضلًا عن تحالف التيار الإسلامي العريض، كذلك ضمت المجموعة، رجالات من الإدارات الأهلية، وآخرين من الطرق الصوفية.

من هو الشيخ الطيب الجد ود بدر؟

الشيخ الطيب الجد ود بدر

درس الشيخ الطيب الجد ود بدر الشريعة في كلية غردون عام 1955 وتخرج في 1959، وعيّن في العام ذاته بالسلك القضائي ثم تدرج حتى صار قاضيا بالمحكمة العليا. وفي أثناء ذلك انتدب للعمل في دولة قطر 5 سنوات منذ 1992، وبعد عودته واصل عمله قاضيا في المحكمة العليا إلى سن التقاعد. وفي العام 1998 صدر قرار بتكوين مجمع الفقه الإسلامي، وتم تعيينه عضوا مسؤولا عن دائرة الفتوى الشرعية. وحين توفي الخليفة عثمان عمر بدر في 2002؛ آلت الخلافة إلى أبناء الشيخ الطيب بدر، وأجمعت أسرة ود بدر على اختيار الطيب الجد خليفة للشيخ محمد بدر.

مبادرة موؤودة

عروة الصادق، قيادي في حزب الأمة القومي وقوى الحرية والتغيير
عروة الصادق، قيادي في حزب الأمة القومي وقوى الحرية والتغيير

يقول القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق لموقع “أفريقيا برس”؛ إن “الطيب الشيخ الجد سليل مسيد تاريخه حافل وحاشد بمعاني وقيم سودانية لا ينكرها إلا مكابر”، مستدركا ، “ولكن محاولة الزج به وبإرثه في معترك سياسي مشحون، واقحامه في أجندة الصراع المحموم أمر خاطئ”، مشيرا إلى أن بدايته في المبادرة كانت خاطئة ومنحازة للانقلاب، معللا بالقول “إذا كان هو من داعمي اعتصام القصر الممهد للانقلاب، وها هو يعزز عدم حياده بجمع السدنة وفلول النظام البائد ليكونوا محضرين لما سمي بمبادرة أهل السودان”، لذلك في نظرة عروة لن تكون المبادرة ذات جدوى، وبلا قيمة ولا يرجى منها خير. يقول عروة “شأنها شأن مبادرة سابقة كان فيها جماعة محمد مصطفى عبد القادر وآخرين، ستكون مثلها مثل المبادرات التي ولدت موؤودة”، وأضاف “إن المجتمع الصوفي ككل والإدارات الأهلية في السودان يجب أن تكون جامعة للكل مانعة للفرقة ومحصنة من الشتات، لا منحازة ومتواطئة”، فهذا بحسب الصادق سيضعف اللحمة ويمزق أهم الممسكات الوطنية”، وقال عروة “طالما أن المبادرة لم تقدم دعوتها للحرية والتغيير واختارت أن تعمل ضمن منظومة سقطت مع المخلوع فهي بذلك تكون مؤسسة على باطل لا يحقق خيرا للبلاد ولا للعباد، وكل ما يحقق عكس مقاصده فهو باطل”.

حوار واجب

الفاتح محجوب، أستاذ في العلاقات الدولية ومحلل سياسي

بالنسبة للمحلل السياسي الفاتح محجوب؛ فإن القوى السياسية السودانية باتت تعرف جيدا أن فرصة انفراد مجموعة منها بحكم السودان في الفترة الانتقالية من دون موافقة بقية القوى السياسية السودانية أمر مستحيل، وهذا يعني حسب محجوب أن التحاور فيما بينها أصبح واجبا وطنيا لا بد من تنفيذه خاصة وأن الضغوط الدولية كلها تصب في صالح التوافق خوفا من انهيار الدولة السودانية، وهو أمر قال عنه الفاتح “دفع القوى الدولية لتقديم مساعدات عبر برنامج الغذاء العالمي من دون انتظار التوافق السياسي على اعتبار أن وضع الدولة السودانية وصل مرحلة الخطر وبات انفجار الوضع السياسي والأمني متوقع في أي لحظة”، وأضاف، “لذلك مبادرة الشيخ الطيب الجد نظريا جاءت في وقتها ولكن نجاحها يتوقف على مدى استعداد القوى السياسية السودانية على العمل معا”، وهذا أمر قال عنه الفاتح لا زال مشكوكا فيه، وأضاف الفاتح لموقع “أفريقيا برس”؛ إنه ومن واجب زعماء المجتمع السوداني أمثال الشيخ الطيب الجد تقديم المبادرات والسعي لإنجاحها من دون الخوف من الفشل لأن النجاح الحقيقي هو السعي وليس الاعتصام بالصمت. ورأى أن الضغط السياسي الدولي على القوي السياسية السودانية قد يدفعها لقبول مبادرة الشيخ الطيب الجد أو اي مبادرة اخري لتجنب انهيار الدولة السودانية علي رؤوس الجميع.

معوقات المبادرة

عبدالقادر محمود صالح، باحث في العلوم السياسية

فيما يقول الباحث في العلوم السياسية عبدالقادر محمود صالح لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن تناسل المبادرات والتحالفات السياسية في الوقت الراهن يعكس أثر انسحاب المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي ومراقبته للأوضاع من على بعد حتى الوصول إلى وفاق وطني بين القوى السياسية الثورية من جهة والقوى السياسية التي كانت جزء من النظام البائد ومؤيدة لنظام انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر – تشرين الأول، من جهة أخرى”، ويرى عبدالقادر أن مبادرة نداء أهل السودان التي أطلقها الشيخ الجد ود بدر ضمت ذات المكونات السياسية المشاركة في عهد النظام البائد والمؤيدة بشكل أو بآخر للمؤسسة العسكرية، وهنا يقول صالح “إن الشيخ الجد نفسه كان من أشد الرافضين للقاء البرهان برئيس وزراء إسرائيل ومازال يرفض فكرة التطبيع مع الكيان الصهيوني وهذا يشير إلى أنه رجل يملك رؤية سياسية غض النظر عن عدم انتمائه السياسي إلى أي واجهة سياسية”، واضاف “كذلك الشيخ صاحب مبادرة نداء أهل السودان كان يعارض بشدة المناهج التعليمية التي تم تغييرها في عهد حكومة الثورة، ويرى أن مواقف الشيخ الجد السياسية ومضافا إليها المكونات التي حوتها المبادرة ستكون المعوق الأساسي أمام تقدمها نحو تحقيق أهدافها”، بجانب ذلك، ذكر السيد الشواني عضو المبادرة، في تصريح له للجزيرة “أن مبادرة نداء أهل السودان ستشكل الحاضنة الإجتماعية للحكومة المستقلة المذمع تشكيلها في مقبل الأيام”، وقال صالح “هذا الاتجاه يشير إلى حقيقة هذه المبادرة ومن يقف خلفها أيديولوجيا ولوجستيا، هو التيار الإسلامي العريض وأحزاب اليمين والوسط”، وتوقع صالح أن ترفض قوى الحرية والتغيير دعوة نداء أهل السودان للأسباب آنفة الذكر وأن رؤية الحرية والتغيير للأزمة الراهنة بحسب صالح تنطلق من أنها أزمة بين المكون العسكري والمدني وحلها يكمن في الجلوس مع المكون العسكري لحسم مسألة هيكلة المؤسسة العسكرية وإدارتها وخضوعها للمؤسسة المدنية للدولة. بالإضافة إلى ذلك قال صالح “هناك تحالف القوى الجذرية الرافض مبدئيا فكرة التسوية ناهيك عن الجلوس مع مكونات إجتماعية وسياسية تعتبر على حسب مبادئه هي السبب في إعاقة التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي للسودان منذ استقلاله”، ويرى صالح أن تحالف القوى الجذرية يصف هذه المكونات بالفئات الاجتماعية المستفيدة من الأنظمة الاستبدادية واستمراريتها في المشهد السياسي بأشكال مختلفة ومتلونة، وأضاف “في مقابل ذلك، نجد أن بعض مكونات نداء أهل السودان لها تأثير متواضع على الشارع لكن ليس للحد الذي يمكن أن يفرض رؤيته، خاصة في هذا الظرف الثوري الحرج”، ونبه صالح إلى أن جميع هذه المبادرات والتحالفات لا وزن لها بمثل الوزن الجماهيري الذي تتمتع به قوى الثورة الحية والتي تحاول جميع المبادرات سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية، تجاوزها والقفز عليها للوصول إلى تسوية سياسية تتماشى مع مصالحها وامتيازاتها دون مراعاة لأصحاب المصلحة الحقيقيين”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here