مبادرة حمدوك، هل هي تقسيم فشل إدارة المرحلة الإنتقالية؟

49

بقلم : بدرالدين خلف الله

أفريقيا برسالسودان. يشدد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في خطاب قدمه للشعب السوداني لحل الأزمة الراهنة كمبادرة منه على أن تصاعد الخلاف بين شركاء الفترة الانتقالية يشكل خطراً جدياً لا على الفترة الانتقالية فحسب بل على وجود السودان نفسه، وقد بذلت مجهودات في التواصل مع الأطراف المختلفة ونزع فتيل الأزمة، والتي يرى أنها لن تحل إلا في إطار تسوية سياسية شاملة تشمل توحيد الجبهة المدنية والعسكريين وإيجاد رؤية مشتركة بينهما للتوجه صوب إنجاح المرحلة الانتقالية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تنهض على قاعدة المواطنة المتساوية. وأطلق حمدوك خلال مؤتمر صحفي بالخرطوم مبادرة من أجل “تحصين” المسار الديمقراطي في البلاد، الذي أعقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير.

بنود المبادرة

وتشمل بنود مبادرة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك عدة نقاط منها :
– بناء أسس للتسوية الشاملة وذلك عبر توحيد الكتلة الانتقالية.
– اصلاح القطاع الامني والعسكري والشروع في الوصول لجيش مهني وقومي.
– توحبد مراكز القرار داخل الدولة.
– الالتزام بتنفيذ اتفاق السلام الشامل الموقع في جوبا.
– معالجة قضية العدالة بأسس واضحة تضمن عدم الافلات من العقاب وانصاف الضحايا وأسرهم.
– تقوية التوجه الحكومي لمعالجة المشكلة الاقتصادية.
– الالتزام بتفكيك دولة الحزب لصالح دولة الوطن.
– تكوين المجلس التشريعي الانتقالي خلال شهر.

ومن المتوقع أن تجري المكونات العسكرية والمدنية في الحكومة الانتقالية المشاورات حول المبادرة إلى حين التوافق لتعزيز حماية الفترة الانتقالية من خطر الانزلاق.

تفاقم الوضع

وتتزامن مبادرة حمدوك مع استياء وسخط شعبي عام على تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في السودان بصورة مقلقة وخرجت العديد من الاحتجاجات والتظاهرات ضد الحكومة مطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية لاسيما ضد قرار رفع أسعار المحروقات موخراً والذي أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية الآخرى مما شكل عبئاً ثقيلاً على المواطن السوداني. ويرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة تقوم في سياساتها الاقتصادية الحالية بتنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي والمتعلقة بتحرير كامل للسلع الأساسية. وحذر مراقبون من خطورة الخطوة باعتبار أن السودان لايملك احتياطات كافة من النقد الأجنبي لتنفيذ سياسيات تحرير السلع و رفع الدعم عنها.

أزمات

أشار رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى أن الموارد المنتجة داخلياً تكفي لحل الضائقة الاقتصادية لا سيما الذهب والثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية وأعترف أن العائق الحقيقي يكمن في إدارتها وتحكم أجهزة الدولة في عائد صادرها وأن تتمكن وزارة المالية من فرض الولاية على المال العام. وطالب بتكوين آلية من الجهاز التنفيذي والعسكريين ومراقبة الجهاز التشريعي لضمان تحقيق هذه المطلوبات. وطالب حمدوك بضرورة إصلاح القطاع العسكري والأمني باعتبارها قضية وطنية شاملة ودعا لتكوين جيش وطني قومي واحد وقال إن دمج قوات الدعم السريع يتطلب توافق قيادات الدعم السريع والقوات المسلحة والحكومة. كما اعتبر السلام من أهم مكتسبات الفترة الانتقالية حيث طالب بتعزيز الإرادة السياسية لدى كافة الأطراف وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ الاتفاق وحل المعضلات التي تعترض تنفيذها واستكمال عملية السلام.

مجلس تشريعي

وفي ظل غياب مجلس تشريعي ومحكمة دستورية طالب رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بضرورة تكوين المجلس التشريعي الانتقالي. ودعا جميع مكونات الحكومة بشقيها العسكري والمدني بالإسراع بتكوين المجلس التشريعي في مدة أقصاها شهراً واحداً وبمشاركة جميع الأطراف باستثناء المؤتمر الوطني ومن أجرم وأفسد في حق البلاد.

إعتراف بالفشل

معتصم الشعدينابي، رئيس تحرير موقع الساقية برس

يشير رئيس تحرير موقع الساقية برس معتصم الشعدينابي إلى أن خطاب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك شخص أسباب الأزمة السودانية المعروفة لدى الجميع، بجانب استشعاره لخطورة الأوضاع التي يعيشها السودان حالياً والتي يتحمل فشلها رئيس الوزراء شخصياً. ويرى الشعدينابي في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك أصبح الآن رمزاً للفشل والاخفاق الواضح. و اعتبر خطاب حمدوك محاولة لتقسيم الهم والمسؤوليات بين مكونات الحكومة المدنية والعسكرية. وبحسب الشعدينابي فإن مبادرة حمدوك تعتبر اعترافاً ضمنيا بالإخفاق في الملفات السياسة والاقتصادية والعسكرية. ويضيف أن الوضع الذي يشهده السودان حالياً يجعل المواطن ينأى بنفسه عن الدخول في تفاصيل خلافات الحكومة وأزماتها المتعددة.

إحباط

ويلفت الشعدينابي إلى أن أحلام الشعب وآماله التي علقها على رئيس الوزراء لانقاذه من دائرة الفقر تحولت إلى إحباط كبير وسط الشعب السوداني.
ويتوقع أن يتم التوافق حول مبادرة حمدوك نظرياً لأنها ليست بعيدة عن الوثيقة الدستورية وما جاء في اتفاق السلام بيد أنه يستبعد أن تنعكس على حياة المواطن إيجاباً في تحقيق الحياة الكريمة وتوفير الخدمات الأساسية والضرورية للمواطنين.

الهروب من المسؤولية

علي جاد الله، القيادي في حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي

واعتبر القيادي بحركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي علي جاد الله أن مبادرة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك لم تخرج عما نصت عليه الوثيقة الدستورية واتفاق سلام جوبا. وقال جاد الله لموقع “أفريقيا برس” إن ما يفهم من خطاب رئيس الوزراء أنه يحاول توزيع المسؤولية التي ألقيت عليه والخلافات المتصاعدة بين مكونات الحكومة الإنتقالية التي كانت السبب الرئيس تجميد الوضع سواء في المجلس التشريعي أو السلطة القضائية أو إصلاح الخدمة المدنية أو العسكرية.

مبادرة بدون آليات

وتابع “في الفترة الأخيرة إحتدم خلاف خفي بين المكون العسكري كاد أن ينسف بالفترة الإنتقالية مضيفاً أن رئيس الوزراء يقف مجرداً من السلطة ولا يملك أي آلية لتنفيذ مبادرته في ظل تنعم القوى المستفيدة من تأخير عملية السلام وإكمال هياكل السلطة الإنتقالية وتصفية القوى الإقتصادية للمؤسسة الأمنية لصالح وزارة المالية. ويقطع بأن المبادرة لا تعدو سوى رسالة تحذيرية لتجنب المسؤولية في حالة إنزلاق الأوضاع نحو الأسوأ أو خروجها عن السيطرة. وبحسب جاد الله أمام حمدوك خيار واحد و هو إقامة حوار بين شركاء العملية الإنتقالية، يفضي إلى التوافق على برنامج لتنفيذ مبادرته بتحديد سقوف زمنية وإلتزام جاد من جميع الأطراف، وبإرادة سياسية قوية.

تهدئة الشارع

محمود الجمل، القيادي في الجبهة الوطنية للتغيير

يرى القيادي بالجبهة الوطنية للتغيير محمود الجمل أن مبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك القصد منها تهدئة الشارع السوداني الثائر ضد الوضع الاقتصادي المتدهور. وقال الجمل لموقع “أفريقيا برس” إن هنالك دعوة ثورية لتظاهرات يوم 30 يونيو المقبل ضد الحكومة يخشى حمدوك من عواقبها بعد تصاعد الغضب ضد سياسات الحكومة وتحميله مسؤلية الفشل. وأشار إلى تصاعد الخلافات حول مكونات قوى الحرية والتغيير مما يشير إلى تفاقم الوضع السياسي ويقلل من حظوظ حمدوك الوقوف مع كافة السودانيين على مسافة واحدة. وشبه الجمل مبارة رئيس الوزراء حمدوك بمبادرة الرئيس السابق المعزول عمر البشير الخاصة بالحوار الوطني والداعية لتهدئة الشارع السوداني بحسب وصفه.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here