بقلم : خالد الفكى
أفريقيا برس – السودان. منطعفات يواجهها طريق حكومة الفترة الانتقالية بقيادة رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك، حيث تلوح في الأفق تحديات جسام تشمل خلافات شركاء الحكم من العسكريين والمدنيين، وتقاطعات الإتئلاف الحاكم، وملفات السلام والاقتصاد وغيرها، ويرى مراقبون أن حمدوك يمارس دور القائد السياسي بطرحه لمبادرته المتعلقة بـ “الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام”، ليبقى السؤال هل سيفلح الرجل في توحيد رؤى السودانيين والعبور من محطة الانتقال؟
الإجماع الوطني
رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، قال عندما طرح المبادرة بإنها تهدف لإيجاد مخرج من الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال الديمقراطي. وتتضمن المبادرة 7 محاور، هي: إصلاح القطاع الأمني والعسكري، والعدالة، والاقتصاد، والسلام، وتفكيك نظام “30 يونيو” (نظام عمر البشير)، ومحاربة الفساد، والسياسة الخارجية والسيادة الوطنية، والمجلس التشريعي الانتقالي.

الإجماع الوطني لدعم الانتقال أمر لابد منه، كذلك يقول رئيس التحالف الوطني السوداني، العميد كمال إسماعيل لـ’’ أفريقيا برس’’. وأضاف” الان استشعرت القوى السياسية ومجموعة الاختطاف عملية الإصلاح وضرورتها”. وخلال اجتماع مشترك بين وفدين من المجلس المركزي للحرية والتغيير، والجبهة الثورية، جرى الاتفاق على دعم مبادرة حمدوك وتطويرها من أجل الانتقال في البلاد.
ولفت إسماعيل إلى أنه ظهرت عدة مبادرات كلها تصب في هذا الاتجاه ومبادرة رئيس الوزراء ليست بعيد عن ذلك. وتابع بالقول” ستحقق الإجماع متى ماكانت هناك أرادة وطنية وسياسية”، كما أكد بالقول “من جانبنا حانعمل لذلك”.
كما تتضمن مبادرة حمدوك اقتراحات لحل الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد، وتوحيد الكتلة الانتقالية في برنامج وطني، وإنجاز السلام الشامل، وتحصين الانتقال الديمقراطي، وتوسيع قاعدته، وتحقيق أهداف الثورة السودانية.

الناطق الرسمي للجبهة الثورية أسامة سعيد، قد دعا كافة الشركاء لتطوير مبادرة رئيس الحكومة الانتقالية، وتوسيعها كمشروع استراتيجي لإنجاح الانتقال وبناء السودان. القيادي بقوى الحرية وعضو المكتب السياسي لحركة(حق) مجدى عبد القيوم، لم يذهب بعيداً عن مسار سعيد. وأكد عبدالقيوم لـ’’ أفريقيا برس’’، بأن الحركة ترى أن مبادرة حمدوك تشكل أرضية يمكن الانطلاق منها لتعزيز وحدة قوى الثورة وبناء تحالف ينجز مشروعاً وطنياً.
مشاورات
رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، في إطار التشاور الواسع مع كافة قطاعات المجتمع حول مبادرته (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام)، التقى المطربين، المسرح والدراما، والشعراء، الموسيقيين، التشكيليين، كتاب وصحفيين وسينمائيين.

وقال الدكتور بكلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان، كمال يوسف ’’ أفريقيا برس’’، بأن اللقاء هدف للتنوير بالمبادرة وضرورة التعرف عليها. وكشف يوسف بأن قطاع المبدعين أقترح على حمدوك اضافة محور ثامن للمبادرة يُخصص للثقافة لكونها القاعدة الرئيسة التي تنطلق منها كافة المحاور الأخرى.
هذا وأكد رئيس مجلس الوزراء أن هذه المبادرة تعتبر ملك للشعب السوداني وبدأت بمحاولة لتشخيص الأزمة الحالية وربطها بغياب المشروع الوطني المتوافق عليه منذ الاستقلال، وتوصلت إلى أن الأزمة التي نعيشها الآن أزمة سياسية بامتياز.
الدكتور يوسف يشدد في حديثه لـ ’’ أفريقيا برس’’، على ضرورة اضافة الفاعلين الثقافيين بغية النظر بشمول أكبر لما يمكن تحقيقه من هذه المبادرة الوطنية. وأشار أن المبادرة تشمل ايجابيات تصلح أن تكون أرضية لتلاقي كافة السودانيين على مشتركات الوطن، مُحذراً من محاولات التنظير الكثير بشأن المبادرة. وأردف يوسف قائلاً ” لابد من التفاعل الحقيقي مع المبادرة حتى لا تبقى مجرد شئ نظري”.
بالمقابل يرى الكاتب والصحفي، صلاح شعيب، بأن مبادرة حمدوك تأخرت عن مواعيدها كثيراً، وكان ينبغي أن تسبق تشكيل الحكومة التي أتت بجناح من قوى الحرية والتغيير، وتجاهلت رأى جناح آخر. ولفت شعيب بأن كان ينبغي لحمدوك أن يجمع التيارين للإصلاح بدلاً عن الانحياز لطرف، والقبول بتصوره، ومنح الظهر للطرف الآخر. وزاد “هذا النهج الانفرادي أوصله إلى طريق مسدود طرح مبادرته المتأخرة جداً، ومع ذلك نحمد لحمدوك الاعتراف الآن وحده بقوله إننا نعايش أزمة سياسية”.
تحديات الطريق

الدكتور أحمد الطيب السماني الباحث في المجالات السياسية يفيد لـ ’’ أفريقيا برس’’، بأن المبادرة تحتاج لتهيئة الملعب، والملعب السياسي الآن غير مُهيئ مما يقلل من فرص نجاحها. ونوه السماني بأن المبادرة جاءت وكأنها برنامج لحكومة الفترة الانتقالية وتحمل تشخيصاً للعقبات التي تواجهها، منتقداً وضع هيكلة القوات النظامية على رأس المحاور. وأوضح أن الأولوية كان ينبغي أن تكون لملف الاقتصاد ومعاش الناس حيث أن هذه الأزمة هي التي أخرجت السودانيين على حكومة البشير ومازالت مستمرة.
يُشار أن حمدوك جدد خلال اللقاء مع المبدعين حرص الحكومة الانتقالية على معالجة الوضع الاقتصادي، وأن الحكومة ورثت تركة مثقلة لثلاثين عاماً إلا إنها تمكنت من فك عزلة البلاد الدولية.
وقال الدكتور أحمد الطيب السماني الباحث في المجالات السياسي، أن المبادرة تحتاج لترتيب فى محاورها حيث يجب النظر في ملف السلام بعد الاقتصاد، ثم يكون بعد ذلك عقد مصالحة شاملة لكل أهل السودان. وأكد أن المبادرة أشارت لمصالحة مكونات الحرية والتغيير مما يعني إستبعاد قطاع كبير من السودانيين من بينها عضوية النظام المُباد أو الحركات التي وقعت معه اتفاقات سابقة، مبيناً أن التجارب في رواندا وجنوب أفريقيا شملت الجميع دون أقصاء.
ويقول الكاتب الصحفي صلاح شعيب بأن المبادرة جاءت عمومية، وننتظر تفاصيلها لنرى حول ما إذا كانت تشمل اسلاميين وشركاءهم ، وتابع” فمعنى ذلك أننا عدنا لاستعارة حوار الوثبة الذي نادى به الترابي قبل الثورة”. كما قال شعيب “حسنا دعنا لا نستبق الأمور حتى نرى من شملته لقاءات حمدوك من الإسلاميين خلاف المؤتمر الوطني لتستبين لنا الفكرة”.

القيادي في حزب الأمة القومي الدكتور عبدالحليم تيمان يرى أن المبادرة أرسلت رسائل في بريد أكثر من جهة من بينها القوات النظامية التي سارعت وأعلنت وحدتها خلال أقل من 72 ساعة فقط. ويؤكد تيمان لـ ’’أفريقيا برس’’، أن تحديات ماثلة في طريق إنجاز المبادرة من بينها عدم توافق الحاضنة السياسية واتفاقها رغم استجابتها للمبادرة، إلا أن الخطي مازالت مُتثاقلة.
وأفاد أن حمدوك أصبح الآن يلعب دور القائد السياسي وليس الرجل التنفيذي في الدولة مما يُشير لضرورة النظر في تفاصيل المسارات الراهنة للمشهد السياسي. ويُشدد تيمان على ضرورة تجسير المسافات بين مكونات الحرية والتغيير، والنظر لصناعة مسار وطني يوحد وجدان السودانيين للعبور بالفترة الانتقالية.
ويقترح الدكتور أحمد الطيب السماني الباحث فى المجالات السياسي خلال حديثه لـ ’’ أفريقيا برس’’ ، إقامة مؤتمر جامع للتوافق الوطني ومن خلاله يتم طرح مثل هكذا مبادرات، الإ أنه عاد ووصف المبادرة بالممتازة وان كانت في ملعب غير مهيئ على حد قوله.