محاولة الانقلاب العسكري.. إلى من الرسالة؟

115

بقلم: خالد الفكى

افريقيا برسالسودان. عشرة انقلابات عسكرية شهدها السودان نجح منها أربعة منذ الاستقلال، والمدهش وقوع محاولتين خلال حكم الفترة الانتقالية التي أنهت ثلاثين عاماً من حكم البشير بثورة شعبية، محاولتان لم يكتمل بعد ميلاد الانتقال عامه الثالث، ويرى مراقبون أن محاولة انقلاب 21 سبتمبر 2021 تأتي في سياق محاولات الانقضاض على قواعد الدولة المدنية والسعي لجر عقارب الساعة إلى الوراء وإرسال رسائل إلى أكثر من بريد شركاء الحكم من العسكريين والمدنيين.

رواية الانقلاب

الجيش السوداني أعلن في بيان تفاصيل المحاولة الانقلابية الفاشلة، كشف فيه عن اعتقال 21 ضابطاً وجندياً تورطوا في المحاولة الانقلابية، وأكد ‏بيان الجيش السوداني السيطرة على كل المواقع التي استولى عليها الانقلابيون.

وفقا لمصادر ’’أفريقيا برس’’، فإن ماجرى ليس محاولة انقلاب على السلطة الحاكمة بل هي أشبه بالتمرد الاحتجاجي داخل وحدة المدرعات بسبب تردي أوضاع منسوبي الجيش عموماً.

حضور عبد الفتاح البرهان في سلاح المدرعات بعد محاولة الانقلاب

بعد السيطرة على الأوضاع زار رئيس المجلس السيادي، القائد الأعلى للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان سلاح المدرعات بمعسكر الشجرة وحيّ الضباط والجنود على حكمتهم في التعامل مع الأحداث.

وقال البرهان:” لم نثبت حتى الآن صلة الجماعة الانقلابية الفاشلة بأي جهة ”، ودعا إلى وحدة القوى السياسية في السودان وتعاونها لمواجهة المخاطر.

ضباط في سلاح المدرعات خلال حضور عبد الفتاح البرهان

وأضاف البرهان: “سنتعاون مع المكون المدني للوصول إلى تحول ديمقراطي لصالح الشعب” وخاطب البرهان قادة سلاح المدرعات: “سنواصل بكل قوة حراسة الفترة الانتقالية في السودان”.
وأوضح البرهان أن القوات المسلحة هي من أجهض المحاولة الانقلابية الأخيرة وليست أي جهة أخرى. مشدداً على أن ثمة قوى سياسية كل همها هو القتال من أجل الكرسي متجاهلة معاناة المواطن وتركز على الإساءة للقوات المسلحة.

 

عبدالله حمدوك – رئيس الوزراء السوداني

في السياق قال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك: “إن المحاولة الانقلابية الفاشلة كانت تستهدف الثورة وسعت لتقويض الانتقال المدني الديمقراطي وإغلاق الطريق أمام حركة التاريخ، وكل ما حققه الشعب السوداني من انجاز”.

واعتبر حمدوك أن ما حدث انقلاب مدبر من جهات داخل وخارج القوات المسلحة وهو امتداد لمحاولات الفلول منذ سقوط النظام البائد لإجهاض الانتقال المدني الديمقراطي.

وأضاف:”المحاولة الانقلابية سبقتها تحضيرات واسعة تمثلت في الانفلات الأمني في المدن واستغلال الأوضاع في شرق البلاد ومحاولات إغلاق الطرق وإنتاج النفط والتحريض المستمر ضد الحكومة المدنية”.

حمدوك شدد على أن الانقلاب مظهر من مظاهر الأزمة الوطنية ويؤشر لضرورة إصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية ويستدعي مراجعة الشراكة على أسس وطريق يؤدي الى الانتقال المدني الديمقراطي.

محمد حامد – خبير في الشؤون السياسية والأمنية

الخبير في الشؤون السياسية والأمنية محمد حامد يقول لـ”أفريقيا برس”: “قياسا على ملاحظات كثيرة تتعلق بالإعلان والتسريب من خارج مؤسسة الجيش لقصة الانقلاب، وتجاهل الأخير لإصدار بيان، وعدم الظهور المشترك بين أعضاء المكونين مثل أحداث هيئة العمليات وما يمكن إعتباره ردة فعل باردة من القيادة العسكرية لدرجة ذهاب رئيس الأركان بنفسه لسلاح المدرعات ثم رئيس المجلس السيادي ونائبه والصور التي تظهر الضباط في غير المظهر الذي يدل على أن هناك معركة أو أزمة حدثت.

فورة غضب الضباط

وفي سياق المحاولة الانقلابية قال الخبير في الشؤون السياسية والأمنية محمد حامد  “ظهروا وكأنهم في تنوير معتاد مع كثافة رتب عليا من السلاح نفسه ! كما أنه يبدو غريبا أن يدير أحدهم انقلابه من الخرطوم ليتم القبض عليه في الشجرة ومعه رفاقه”.

ويرى حامد أنه في المقابل لم تدلل جهة الى أن جهاز المخابرات العامة او الشرطة قد أجريا عملية استعداد او تأهب كما لم يلحظ أحد تحركات لقوات الدعم السريع.

ويعتقد حامد أن كل ماحدث يفسر في إطار احتمالين؛ إما أن العملية أحبطت قبل فترة، واخرجها الجيش من باب “قيام التقل” وهي إحدى التدريبات العسكرية، او أن الأمر مجرد فورة غضب من الضباط احدثت ملمح احتجاج وظفه الجيش، أو ان طاش كل ذلك فلا خيار من افتراض أن الحدث مناورة أو تمرين حضانة،، ملمح البرهان في الزيارة تشير إلى حالة إنبساط عالية”.

وهنا أشار حامد إلى أن رئيس مجلس السيادة استنكر الدعوة التي وُجهت للشعب السوداني للخروج صبيحة المحاولة الانقلابية لحماية الثورة مؤكداً أنه لن تستطيع أي جهة إبعاد القوات النظامية من المشهد خلال المرحلة الانتقالية.

أ.د نجم الدين كرم الله – أستاذ الاقتصاد بجامعة الخدمات والتجارة في بولندا

أستاذ الاقتصاد بجامعة الخدمات والتجارة في بولندا، البروفيسور نجم الدين كرم الله، يقول في حديث مع ’’أفريقيا برس’’، بأن الانقلابات العسكرية لايمكن ان تكون حلاً لأي مشكلة في السودان، بل ستعقد الازمة، معتبراً أنه مهما تعقدت الأوضاع وساءت في البلاد فلا سبيل من إيجاد حلول واضحة، وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها كاملة اتجاه الشعب واستكمال عمل مؤسسات فترة الانتقال.

وانتقد كرم الله بشدة محاولات التعامل مع ما جرى من قبل مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، محذراً من مغبة إغلاق باب المجتمع الدولي بسبب تلك الممارسات غير المسؤولة، مضيفاً: “كل من يعتقد أن الانقلاب العسكري سيكون حلاً لمشكلات سياسية أو إقتصادية فهو واهم وغير مدرك بالعقبات”.

رسائل متعددة

محمد حمدان دقلو – النائب الاول لرئيس مجلس السيادة

النائب الأول لرئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو  لم يذهب بعيداً عن مسار البرهان وقال:”السياسيون هم الذين أعطوا الفرصة لقيام الانقلابات لانهم أهملوا المواطن ومعاشه وخدماته الأساسية وانشغلوا بالصراع على الكراسي وتقسيم المناصب مما خلق حالة من عدم الرضىا وسط المواطنين.

 

 

ياسر عرمان – المستشار السياسي لرئيس مجلس الوزراء

في المقابل يوضح المستشار السياسي لرئيس مجلس الوزراء، ياسر عرمان، إن على الشعب والجيش والقوى السياسية والمدنية الانتقال إلى مربعٍ جديد، يُجنِّب البلاد شرور ما جرى في ليبيا والعراق واليمن وسوريا.

وقال” فشعبنا وبلادنا لا يستحقان ذلك، وهذا لن يأتي إلا بتنفيذ شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة، لأن استعادة الوضع القديم مدعاة للانقسام، وعلينا أن نضعه خلف ظهرنا”.

ودعا عرمان إلى شراكة حقيقية، قوامها أجندة ثورة ديسمبر وأن القوات النظامية ليست جناحاً عسكرياً للفلول، بقدر ما هي وتد من أوتاد بناء وطن جديد.

 

طاهر المعتصم – نائب رئيس تحرير صحيفة السوداني الدولية

نائب رئيس تحرير صحيفة السوداني الدولية طاهر المعتصم يقول لـ’’أفريقيا برس’’: “التداعيات السياسية والأمنية تستوجب مراجعة مسيرة الانتقال الديمقراطي” مدللاً على تراجع الإجراءات الامنية واكمال مسيرة الترتيبات الامنية والجيش القومي.

 

 

 

فتح الرحمن أحمد – رئيس قسم العلوم السياسية فى جامعة النيلين

رئيس قسم العلوم السياسية فى جامعة النيلين، فتح الرحمن أحمد، يلفت النظر خلال حوار مع “أفريقيا برس” إلى أن ماجرى جاء في توقيت تشهد فيه البلاد أزمة حقيقة تتعلق بالأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، معتبراً أن الذين قاموا بالخطوة لم يضعوا الحكمة في مسارهم خاصة صعوبة وجود حكم عسكري في ظل الظروف الراهنة.

وحذر أحمد من المضي في طريق الدائرة الشريرة (حكم عسكري ديمقراطية ثم حكم عسكري)، مستغرباً محاولة الانقلاب على فترة الانتقال على اعتبارها الممهد لحكم ديمقراطي.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here