من يعطل تنفيذ بند الترتيبات الأمنية؟

172
من يعطل تنفيذ بند الترتيبات الأمنية؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. على الرغم من مرور ما يقارب العامين على اتفاقية سلام جوبا، إلا أن الاتفاقية لم يتم تطبيقها على أرض الواقع، فالترتيبات الأمنية التي تعد أهم بنود الاتفاقية مازالت في مهدها، كما أن هنالك مخاوف بدأت تطفو على السطح من عدم تنفيذ البند المهم في اتفاقية جوبا، وذلك عقب حديث عن رفض الحركات المسلحة لعملية الدمج، وترى هذه الحركات أن الحكومة هي التي تماطل في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية بحجة أنها مكلفة وتحتاج إلى دعم لوجستي، كما تقول؛ إن الفترة الانتقالية لن تكفي لدمج القوات وإنه من الأفضل أن تحتفظ بقواتها لما بعد الانتخابات .. فيما يبرز سؤال عريض فحواه، من يعطل تنفيذ بند الترتيبات الأمنية؟

نص الاتفاق

وينص بند الترتيبات الأمنية في اتفاقية سلام جوبا على دمج الحركات المسلحة في المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية على ثلاثة مراحل تنتهي بانتهاء الفترة الانتقالية، حيث يتم الدمج بعد اكتمال عمليتي التجميع “90 يوماً” والتدريب “15 شهراً”، كما تبقى القوات التي يتم دمجها في دارفور لمدة أربعين شهراً من تاريخ توقيع الاتفاق قابلة للتمديد، على أن تدمج القوات في شكل وحدات عسكرية كاملة حسب تنظيم القوات المسلحة السودانية، كما نص الاتفاق على تشكيل مجلس أعلى مشترك لمتابعة عمليات الدمج، وتعيين عدد من ضباط الحركات في القوات البرية والشرطة والمخابرات العامة حسب حجم القوات التي يتم دمجها، فضلا عن تشكيل قوة مشتركة قوامها 12 ألف جندي لحفظ الأمن وجمع السلاح في دارفور.

حديث مجافي

حذيفة محي الدين البلول، الناطق الرسمي بإسم التحالف السوداني

ونفى القيادي بالجبهة الثورية والناطق بإسم التحالف السوداني، حذيفة محي الدين البلول ما أشيع عن وجود رفض من الحركات المسلحة لعملية الدمج، وقال حذيفة لموقع “أفريقيا برس”: “تابعنا مثل هذه الشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي حول أن عددا من الحركات المسلحة رفضت الدمج في الجيش، وأعتقد أن مثل هذه الشائعة ذات غرض ولم نتوصل لمرحلة الدمج حتى ترفض الحركات الدمج أو توافق عليه”، وأضاف: “موضوع الدمج هو اختياري، فمن شاء أن يلتحق بالجيش أو الدعم السريع أو الشرطة أو المخابرات ولا حجر على جهة في اختياراتها”، منوها إلى أن الشائعة تنطلق في ظل تشظي المشهد السياسي والصراع الذي تقوده بعض المجموعات السياسية للنيل من القوات المسلحة، مؤكدا إن حديث رفض الدمج حديث مجافي للواقع، ويقول البلول، إن تنفيذ الترتيبات الأمنية مسؤولية الحكومة في مراحلها الأولى وتتكامل مع مجهودات الداعمين للسلام من الدول الصديقة في مرحلة أخرى تختص بالتمويل، مستدركا: “لذلك أزمة عدم التنفيذ فهي حكومية في المقام الأول على اعتبار أن نص الاتفاق ألزم الحكومة بالقيام في تمويل المرحلة الأولى للترتيبات الأمنية والتي تتعلق بفتح معسكرات التدريب وتمويلها وكذلك عمليات الدمج وإعادة التسريح، وهذه المرحلة -حسب البلول- لا تحتاج لأموال طائلة حتى تتباطئ الحكومة في القيام بالتزاماتها، كما ارجع البلول تأخير تنفيذ الترتيبات الأمنية لعدم توفر الإرادة السياسية من الحكومة نفسها، حيث قال إنها لم تفي ببنود الاتفاق، وفي رده على سؤال، متى سيتم تنفيذ الترتيبات الأمنية؟ يجيب حذيفة قائلا: “لا تاريخ محدد للبدء في التنفيذ، وكل التواريخ التي حددت في السابق كانت “بندق في بحر” لم يتم الإيفاء بها”، وتابع: “العقبة الأساسية هي غياب الإرادة السياسية لتنفيذ اتفاق جوبا وهو ما سيلقي بظلال سلبية على المشهد بأكمله عاجلا أم آجلا”.

مزايدة الحركات

العميد ياسر أحمد الخزين، الناطق الرسمي باسم قوات السلام السودانية
العميد ياسر أحمد الخزين، الناطق الرسمي باسم قوات السلام السودانية

ويقول الخبير العسكري، ياسر أحمد الخزين، في إفادته لموقع “أفريقيا برس”، إنه “لاحجة لرفض أي حركة دمجها في الجيش، ولايوجد بند في اتفاقية جوبا ينص على ذلك، اللهم إلا من قبيل الحركات التي تريد المزايدة لمزيد من الكسب، أو إن لرفضها أسوة بممانعة قوات الدمع السريع”، فالأمر بحسب الخزين يختلف، إذ يقول: “إن قوات الدعم السريع نشأت وقننت بمرسوم دستوري صادر عن برلمان منتخب بتبعيتها للقوات المسلحة تحت إمرة القائد العام للجيش، ولا تحل أو يتم دمجها إلا عن طريق ذات الجهة التي قننتها، أي عبر برلمان منتخب من قبل الشعب السوداني.

تنصل الرعاة

وفي رده على سؤال، من يعرقل عملية تنفيذ الترتيبات الأمنية ؟ يقول الخزين: “هي عقبة التمويل التي تنصل عنها رعاة اتفاقية جوبا كما فعل رعاة اتفاق “نيفاشا” من قبل مع الحركة الشعبية، إضافة لذلك فالعديد من الحركات الموقعة بجوبا وقعت على حبر ورق دون وجود قوات فعلية على أرض الواقع مما استدعى لتجنيدها لكثير من المواطنين العاديين داخل المدن الذين لا صلة لهم بهذه الحركات”، حيث تم منحهم بحسب الخزين بطاقات من بعض هذه الحركات بمقابل مادي وهو الأمر الذي أدى إلى ان ينتهز البلطجية وذوو المآرب هذه الفرصة مما كان أحد أسباب الخلل الأمني داخل المدن، و لولا إجتهاد الحكومة -بحسب الخزين- وضغطها على الميزانية وفتحت معسكر “طوطاح” الذي فشلت قوات الحركة المخصص لها في تجميع مقاتليها بعتادهم الحربي، كاد أن يسبب شرخا جديدا أو مواجهة بين مواطني تلك المناطق وجنود الحركات التي فرت من المعسكر قبل أن يكتمل العدد مما أدى لإلغائه، وأكد الخزين أن بند الترتيبات الأمنية معقد جدا وليس بالسهل إتمامه في ظل الضائقة المالية الحالية وتنصل المانحين ورعاة اتفاقية جوبا.

لماذا المماطلة في التنفيذ؟

فيما حمّل مسؤول ملف الترتيبات الأمنية، ورئيس هيئة الأركان بالحركة الشعبية قطاع الشمال الفريق أحمد إدريس، الحكومة السابقة عدم تنفيذ بند الترتيبات الأمنية وفقاً للمصفوفة الزمنية الموقعة بجوبا، وقال إدريس بحسب صحيفة “الصيحة”: “إنّ الخطأ في الأصل يعود للحكومة السابقة لأنّ الترتيبات الأمنية وقعت في شكل مصفوفة زمنية ولم تلتزم بتنفيذها”، وأضاف: “نحن ندرك القلق الذي تسببه هذه القوات للجنة الأمنية ومن جهتنا كحركة نحن نتعاون مع الحكومة والشرطة في ضبط المتفلتين الخارجين عن القانون ونساهم في تسليمهم للجهات المختصة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here