من يقف وراء الهجوم على سد النهضة؟

39

بقلم : أحمد جبارة

أفريقيا برسالسودان. على نحو مفاجئ ، اتهمت أديس أبابا الخرطوم بدعم مقاتلي تيغراي لتخريب سد النهضة، الأمر الذي نفته الأخيرة جملة وتفصيلًا، مؤكدة أنه “عارٍ تمامًا عن الصحة” ، وقال المستشار الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة السودانية، الطاهر أبوهاجة ، إن على النظام الإثيوبي حل مشاكله الداخلية “بعيدًا عن السودان”، واستنكر أبو هاجة، تصريحات الجيش الإثيوبي والتي اتهم فيها السودان بدعم مقاتلي جبهة تحرير تيغراي، فيما يتمدد السؤال ، حول من يقف وراء الهجوم على سد النهضة؟

استهلاك سياسي
لم يكتف السودان بتصريحات المستشار الاعلامي للقائد الاعلى للجيش السوداني ، إذ لحقتها تصريحات نارية أخرى من وزارة الخارجية ، معلنة اعتراضها على اتهام أديس أبابا للخرطوم بدعم مقاتلي جبهة تحرير تيغراي للهجوم على سد النهضة، وبحسب البيان الذي أطلعت عليه “أفريقيا برس” فإن السودان ملتزم بمبادئ حُسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأُخرى، وطالبت الوزارة الحكومة الاثيوبية بالكفّ عن العدوانية في التعامل مع السودان، وشجبت ادعاءات الجيش الاثيوبي دخول مجموعة مسلحة عبر الحدود السودانية لاستهداف منشأة إثيوبية، كما اعتبرت الخارجية السودانية أن التصريحات الإثيوبية بهذا الخصوص لا أساس لها من الصحة وذات الغرض المفضوح الذي يهدف لمجرد الاستهلاك السياسي.

تكهنات سابقة
الشاهد إنه وفور بداية الملء الثاني لخزان سد النهضة من الجانب الاثيوبي ، بدأ الخبراء وأصحاب الشأن ، يتكهنون بما تؤول إليه الاوضاع ، ففي الوقت الذي توقع فيه البعض هجوم مصري -سوداني، على سد النهضة لمنع إكمال السلطات الاثيوبية للمرحلة الثانية من الملء ، رأى البعض الآخر أن السودان و مصر لا يملكون القدرة على ضرب سد النهضة لجهة أن السد تحرسه قوة لايستهان بها ، فضلا عن السند القانوني الذي تتمتع به إثيوبيا في بنائها للسد، لافتين إلى أن أي عمل عسكري من جانب مصر والسودان لن يتم إلا بموافقة المجتمع الدولي.

تصعيد عسكري

د. عبدالوهاب الطيب بشير، خبير في شؤون القرن الأفريقي، وأستاذ الدراسات الأفريقية بجامعة أفريقيا العالمية

المختص في شؤون القرن الافريقي ، وأستاذ الدراسات الافريقية بجامعة أفريقيا العالمية ، عبدالوهاب الطيب بشير ، يذهب في حديثه لـ “أفريقيا برس” إلى أن إتهام إثيوبيا للسودان بشأن دعمها لجبهة تحرير تيغراي يعزز اتجاهاً لتصعيد الخلافات مع السودان إلى مرحلة ترتقي إلى التصعيدات العسكرية ، كما لايستبعد الطيب أن يكون الاتهام الاثيوبي استعدادا لهجوم يحسم مجوعة تيغراي عسكريا في إقليمهم والمناطق الأخرى التي يسيطرون عليها في أقاليم أمهرة و عفار ، بجانب حسم المجموعات الاثينية الاخرى في مناطق عديدة في إثيوبيا مثل” بني شنقول/ قُمز و أوروميا وسيداما و الصومالية وعفر “. وأضاف ، كذلك قد يكون الاتهام الاثيوبي لكسب المشروعية وحجة لمهاجمة السودان في مناطق الفشقة وإسترداها بضغوط القيادات والنخب الامهرية المتنفذة على أبي أحمد .

تبرئة السودان

وبرأ عبدالوهاب السودان من الدخول في عملية الهجوم على سد النهضة لاعتبارات أنه منكفي على مشاكله الداخلية ، كما إنه أيضا وبحسب عبدالوهاب، فإنه أي السودان مشغول بمهام ومسؤوليات الفترة انتقالية والتي لاتسمح له بالعدائيات والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار ، و قال عبدالوهاب مايعزز عدم هجوم السودان على السد هو إنه حتى الآن لم يصدر المجتمع الدولي والاتحاد الافريقي بيان إدانة يؤكد ضلوع السودان في الهجوم على سد النهضة أو التدخل في حرب تغراي، وهو الأمر الذي يختلف تماما عند المقاربة مع الموقف الأرتري تجاه إثيوبيا حيث وقتها بحسب عبدالوهاب، أرسلت الولايات المتحدة وفدا لإرتريا يندد بالضلوع في مشاركتها وإجبارها على الانسحاب وإصدار عقوبات ضد عدد من قياداتها السياسية والعسكرية.

تطويق أبي أحمد
واعتبر عبدالوهاب أن الهجوم على سد النهضة من قبل مجوعة تيغراي ومجموعات أخرى يأتي في إطار خطط تطويق الحكومة الاثيوبية من محاور متعددة أبرزها محور العفر وتيغراي في الشمال والشرق والاورمو من الجنوب الصومالي ومن الجنوب الشرقي وبني شنقول والقمز والقامبيلا من الغرب والجنوب الغربي في مناطق سد النهضة، لافتا إلى أن ذات الهجوم بغرض تعطيل المرافق الحيوية والقومية، بجانب قطع الطرق الرئيسة من أديس أبابا المتمثلة في الطرق الشرقية والغربية. وقال عبدالوهاب إن الهجوم على سد النهضة من قبل تيغراي أصاب إثيوبيا في مقتل لجهة أن آبي أحمد كان يعتبره مرفق قومي ولحمة قومية لكل القوميات في إثيوبيا يستدعيها لحظة توحيد الجبهة الداخلية.

سياسة شد الأطراف
ونوه عبدالوهاب إلى أن الهجوم على سد النهضة يزيد من حالة إستقطاب الاثنيات على آبي أحمد وهو الأمر الذي سماه عبدالوهاب بـ “سياسة شد الأطراف” والذي يمكن أن يؤدي إلى إسقاط حكومة آبي أحمد أو الدخول في نفق حرب أهلية تعد الأخطر والأشرس في تاريخ إثيوبيا والتي قال إنها ، يمكن أن تكون نهاية لتقسيم إثيوبيا التي لا يريده الغرب باعتبارها حليف استراتيجي مهم في المنطقة.

إتهام غير دقيق

الصوارمي خالد سعد، خبير عسكري والمتحدث السابق بإسم الجيش السوداني

ويتفق الخبير العسكري ، والمتحدث السابق بإسم الجيش السوداني ، الصوارمي خالد سعد مع عبدالوهاب، إذ قال ، إنه ليست هنالك ثمة ضرر واقع على تيغراي من سد النهضة، معتبرا هجومهم على السد بغرض جعل قضيتهم قضية عالمية، بجانب البحث عن تعاطف شعبي ، وأضاف ، نعلم أن سد النهضة أنشأته إثيوبيا عندما كانت جبهة تحرير تيغراي في السلطة لذلك هم جزء أساسي في عملية بناء السد وهو الأمر الذي لا يجعلهم يقفوا سدا منيعا أمام اكمال إنشائه، وعليه ووفقا لهذه المعطيات، فإن إتهام الحكومة لمجموعة تيغراي قد لايكون دقيقا.

ولم يستبعد الصوارمي في حديثه لـ “أفريقيا برس” أن يكون الهجوم خلفه مجموعات متفلتة أخرى غير جبهة تحرير تيغراي تسعى لمحاربة آبي أحمد وتسعى إلى إسقاطه وإفشاله لذلك يمكن أن تقوم بعمليات إستفزازية فقط وليست تدمير السد ، مستدلا بقدرة مدفعية تيغراي و حركة بني شنقول وجيش تحرير الارمو والذين -بحسب الصوارمي- إذ أرادوا تمدير السد لكان ميسر لهم ، فضلا على أنهم لا يحتاجون إلى تشكيل قوات لتقوم بمحاربة القوات التأمينية للسد. وأضاف لذلك لو كان الهدف الأساسي هو السد فإن هذا الهدف يسهل إصابته من على البعد عن طريق الصواريخ والقذائف المدفعية التابعة لهذه المجموعات.

إنعدام المواجهة الحقيقية
وأكد الصوارمي أن السودان ليس له مصلحة أن يتدخل في شؤون إثيوبيا الداخلية ، مستدلا بعدم خوض الجيش السوداني حتى الآن أي حرب مع الجيش الإثيوبي ، فالحروب التي يقودها الجيش السوداني في منطقة الفشقة -بحسب الصوارمي- هي ضد عصابات الشفتة والمجموعات المسلحة التي يتهمها الجيش السوداني بأنها تتبع للجيش الاثيوبي أو يدعهما. وأضاف لذلك ليس هنالك مواجهة حقيقية بين الجيش السوداني والاثيوبي. وتابع ، كذلك السودان ليس له مصلحة في مهاجمة سد النهضة باعتبار أن الحكومة حتى الان غير متفقة حول أضرار السد على السودان وعليه ليس هنالك إتفاق بين مكونات الحكومة على مهاجمة سد النهضة أو تصنيفه منشأة تستهدفها الحكومة. وأردف، أيضا ما يعزز فريضة أن السد لم يهاجمه السودان هو أن عقيدة الجيش السوداني ليست في مهامها مهاجمة المنشآت في دول الجوار.

اتهام سياسي

الفاتح محجوب، أستاذ العلاقات الدولية

وإن كان عبدالوهاب والصوارمي اتفقا على مهاجمة جبهة تحرير تيغراي لسد النهضة ، فإن أستاذ العلاقات الدولية ، الفاتح محجوب لديه رؤية مختلفة عنهم ، إذ يقول لـ “أفريقيا برس” أن الهجوم العسكري المباغت على سد النهضة في الغالب نظمته جهات تتبع لحركة تحرير بني شنقول المتحالفة مع جبهة تحرير تيغراي وذلك بغرض الحيلولة دون سحب الجيش الأثيوبي من سد النهضة لمواجهة هجوم قوات تيغراي على إقليم أمهرة وعلى الجيش الأريتري في الجبهة الشمالية ، معتبر إنه عمل عسكري محدود لتحقيق أغراض حربية تكتيكية. وتابع، أيضا سد النهضة في الأصل مشروع أسسه تيغراي وكان يعتبر مشروعهم النهضوي لإثيوبيا عامة وللتيغراي خاصة وبالتالي يستحيل أن يقصدوا تدميره كما أن الهجوم نفسه محدود جدا سواء في عدد الأفراد أو نوعية الأسلحة المستخدمة.

ويتفق الفاتح مع سابقيه بشأن عدم علاقة السودان ومصر بالهجوم على سد النهضة لجهة إنه إذ أرادت مصر تدميره لكانت قدمت الأسلحة المناسبة لمثل هذا العمل، وأردف ، أما عن الاتهام بأن القوات جاءت من السودان فهو اتهام سياسي القصد منه اتهام جبهة تحرير تيغراي بالخيانة.

هجوم خارجي

العميد ياسر أحمد الخزين، الناطق الرسمي بإسم قوات السلام السودانية

لكن الناطق الرسمي بإسم قوات السلام السودانية العميد ياسر أحمد الخزين يرى أن الهجوم على سد النهضة تم من قبل جبهة تحرير تيغراي بمساعدة دول خارجية ، قال إنها لها مصلحة في زعزعة الاستقرار في المنطقة وذلك عن طريق ايقاف عملية إكتمال سد النهضة. وفي رده على سؤال لـ “أفريقيا برس” عن ماهي الدول التي تريد عدم الاستقرار للمنطقة؟ أجاب الخزين بالقول: الإمارات ومصر هما صاحبتا المصلحة في منطقة القرن الأفريقي فالإمارات لها يد طولى لما يجري من أحداث بشرق السودان وعينها علي الميناء لإيجاد موطئ قدم لها في هذا الموقع الإستراتيجي والذي يعد بوابة الدخول لأفريقيا ، أما مصالح مصر فالماء يمثل لها 80%من الحياة والفترة الآن حقبة حرب المياه.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here