من يقف وراء تدهور الجنيه؟

59
جبريل إبراهيم وزير للمالية والتخطيط الاقتصادي، ورئيس حركة العدل والمساواة

بقلم : بدرالدين خلف الله

أفريقيا برسالسودان. يواجه السودان أزمة اقتصادية حادة في ظل التدهور المتسارع لسعر العملة الوطنية حيث بلغ سعر الدولار مقابل الجنيه مايقارب ال 500 جنيه، وانعكس ذلك على ارتفاع جنوبي في أسعار السلع والمواد الغذائية والوقود وتوقفت عمليات البيع والشراء في عدد من الأسواق. ويأتي التدهور الكبير للعملة السودانية بعد حزمة إصلاحات اقتصادية اتخدها السودان لمعالجة أوضاعه الاقتصادية ولتلبية شروط صندوق النقد الدولي.

تبرير

بعد انفلات أسعار الدولار وانخفاض قيمة الجنيه السوداني بررت وزراة المالية، بأن أسعار العملات الأجنبية المُعلن عنها في وسائل التواصل الإجتماعي لاعلاقة لها بواقع السوق وأكدت الوزارة قدرتها على تلبية حاجة الأفراد في السفر والعلاج. والأربعاء الماضي، أقام بنك السودان المركزي، أول مزاد للنقد الأجنبي في البلاد بهدف إحداث استقرار في سعر العملة. وفي فبراير الماضي أعلنت الحكومة السودانية توحيد أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، وفقاً لقاعدة “سعر الصرف المرن المدار”، وذلك ضمن حزمة إجراءات لمعالجة الأزمة الهيكلية التي تواجه الاقتصاد السوداني. وحدد بنك السودان 375 جنيها سعرا تأشيريا، مقارنة مع 55 جنيها السعر الرسمي، أي بزيادة 700 في المئة.

إزالة التشوهات

وقتها قال بنك السودان المركزي إن القرار يهدف إلى إزالة التشوهات والاختلالات التي يعانيها الاقتصاد السوداني المثقل بالمشكلات والأزمات. وفي سياق معالجة الأزمة وعدم تأثير الإجراءات الاقتصادية على المواطنين أطلق السودان برنامج الدعم النقدي مستهدفا الوصول إلى 80 بالمئة من سكان البلاد، البالغ عددهم حوالي 42 مليون نسمة، بمقدار يعادل 5 دولارات للفرد شهريا. البرنامج الذي أطلق عليه “ثمرات” قالت وزارة المالية في بيان إنه سيمول من قبل الحكومة وشركاء دوليين من أصدقاء السودان.

احتياطي نقدي

يشير الخبير الاقتصادي محمد النائر إلى أن أسباب تدهور الجنيه السوداني هو عدم وجود احتياطي نقد أجنبي. واعتبر النائر في حديثه لموقع أفريقيا برس أن قرار تخفيض قيمة الجنيه السوداني قبل أشهر من 55 جنيه إلى 377 جنيه دون وضع احتياطات كافية من النقد الأجنبي في البنك المركزي تقدر بـ 4 مليار دولار هو سبب رئيسي في ارتفاع سعر الدولار.

ضغوط وفشل

وعزا النائر خطوة الحكومة في تخفيض قيمة الجنيه لضغوط دولية، تهدف لتنفيذ موجهات صندوق النقد الدولي في الموعد المحدد دون دراسة اقتصادية لعواقب الخطوة. وأشار إلى عدم تشجيع الحكومة للمغتربين بتهيئة البنوك وإعطائهم حوافز تشجيعية لتحويل أموالهم بالطرق الرسمية. و أقر ببطء وفشل كبير في إدارة الشأن الاقتصادي في السودان وشدد على أن ضحية تلك السياسات الاقتصادية هو الشعب السوداني. وأقر بفشل الحكومة في تحسين قطاع التعدين حيث لم تنشيء بورصة للاستفادة من معدن الذهب حتى تحد من التهريب، بجانب عجزها في جذب تحويلات المغتربين.

قرار كارثي

المحلل الاقتصادي أبوالقاسم إبراهيم اتهم حكومة الفترة الانتقالية بالوقوف وراء تدهور قيمة العملة الوطنية باتخادها إجراءات وسياسات اقتصادية وصفها بالكارثية والفاشلة. وقال إبراهيم لموقع أفريقيا برس إن رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ومحافظ بنك السودان مسؤولين عن الوضع الاقتصادي المنهار. وأشار إلى أن سياسات الحكومة الأخيرة حول انخفاض قيمة الجنيه أدت إلى الهبوط المتسارع لفقدان الجنيه السوداني قيمته مقابل العملات الأجنبية.

وأكد إبراهيم بأن السياسيات التي اتخذها السودان مؤخراً يعني “سياسة التعويم” جاءت تلبية لمطالب واشتراطات صندوق النقد الدولي واعتبرها قرارات غير راشدة وغير مسؤولة. وكشف أن الحكومة السودانية أكبر مشتري للنقد الأجنبي، لجهة أنها لاتملك آلية للتحكم في بيع وتصدير الذهب أو تحويلات من المغتربين. واتفق إبراهيم مع ما أدلى به النائر حول عدم وجود احتياطي كاف للنقد الأجنبي لمقابلة قرار تعويم قيمة الجنيه قاد لقرار اقتصادي كارثي يتحمل تبعاته المواطن السوداني.

وتوقع متعاملون في بيع وشراء الدولار بالسوق الموازي تحدثوا لموقع أفريقيا برس أن تشهد الفترة المقبلة انخفاضاً كبيراً في قيمة العملة السودانية. وكشف أحد المتعاملين أن السلطات السودانية بدأت تلاحق العديد من تجار  لعملة وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة قرارات حكومية جديدة تجاه كل من يتجار في العملة.

ووفق إحصاءات الأمم المتحدة فإن معدلات الفقر في السودان بلغت 65 ٪ من السكان يقل دخلهم عن دولار واحد في اليوم. ويواجه السودان الآن ظروفًا معيشية صعبة إثر ارتفاع مستويات التضخم إلى 300%، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، بالإضافة للنقص المتكرر في الخبز، والوقود، والكهرباء، والدواء.

وفي يونيو الماضي أعلنت الحكومة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاح اقتصادي مدته 12 شهراً لتأهيل السودان للحصول على تمويل من المؤسسات الدولية لكن من غير المعلوم أن تؤدي هذه السياسة الى التغلب على التضخم وسقوط العملة الوطنية وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here