من يقود دارفور للموت من جديد؟

43
اتفاق وقف عدائيات بدارفور عقب اقتتال قبلي
اتفاق وقف عدائيات بدارفور عقب اقتتال قبلي

بقلم : خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. مثل برميل مُمتلئ بالبارود، وُضع بجواره عود ثقاب.. إنفجرت الأرض من تحت أقدام مواطني دارفور المنهكين أصلاً جراء حرب تجاوزت الـ 10 أعوام، في الوقت الذي إستبشر الجميع بتوقيع إتفاق سلام جوبا ودخول الحركات المسلحة بين مظلته، بيد أن الدماء يتجدد تدفقها وتتناثر الجثث هنا وهناك .. وكأنما أحدهم يرفض إلا وأن يكون الموت بـ (المجان) هكذا، رغم إجراءات تمضي فيها الحكومة يرى مراقبون إنها مازالت بعيد عن أرض الواقع وأن حاكم إقليم دارفور منى أركو مناوي يأتي خلال أيام للتنصيب رسمياً والصراع يتجدد ليُعيد ذكريات العام 2003.

إشعال النار
أكثر من منطقة في ولايات دارفور، خاصة غرب وشمال الإقليم شهدت أحداث دامية خلال النصف الأول من العام الجاري، وربما ضاعت أرواح بريئة جراء إشعال النار وأن تنوعت مسبباتها ليتجاوز العدد نحو 240 وفقاً لاحصائيات منظمات غير رسمية.
الحكومة سارعت لوضع خطة لمُحاصرة تصاعد القتال وإزهاق الأرواح وأمرت لجنة رفعية المستوى برئاسة عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي لتقصي الحقائق حول الأحداث خاصة بمنطقة كولقي وما جاورها من مناطق بشمال درافور.

اللواء الصوارمي خالد سعد، خبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية

الخبير في المجالات العسكرية والإستراتيجية اللواء الصوارمي خالد سعد، يرد على سؤال ’’أفريقيا برس’’، بشأن القوة المشتركة وهل هي كافية لتحقيق الأمن، قائلاً.. القوات المشتركة لها دور فاعل في تحقيق الأمن ولكن في هذه المرة أين هي القوات المشتركة؟ يتسائل.

وبدأت الحكومة اجراءات تتعلق بالترتيبات الامنية للحركات الموقعة على سلام جوبا، وأعلنت تشكيل قوة لحماية المدنيين بالإقليم.

كما أطلق سعد تساؤلاً .. وما هو شكلها وما هي عقيدتها القتالية، و هل اكتملت الترتيبات الأمنية مع الحركات المسلحة؟ ويُفيد بأن الحقيقة تُشير بأنه ما زال الجدل قائما حول هذا الملف ( الترتيبات الأمنية ) رغم أن الحكومة قد أعلنت في مارس الماضي اكتمال نشر 70 بالمائة من القوات المشتركة في دارفور عقب انسحاب البعثة المختلطة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي “يوناميد”.

ويرى الخبير في المجالات العسكرية والإستراتيجية اللواء الصوارمي خالد سعد، خلال حديثه لـ ’’ أفريقيا برس’’، بأن الصراع الدارفوري الدارفوري ما زال قائما على أشده دليلا على فشل تلك المهمة. وأضاف” لا أدري سبب ذلك الفشل هل هو بسبب ضعف تلك القوات أم بسبب ضعف الحكومة في إدارتها لتلك القوات؟
وأكد سعد والذي سبق وأن شغل منصب الناطق الرسمي للجيش السوداني، بأن القوات المشتركة هي أقصى ما تملك الحكومة من قوة بحسب المكونات المفترضة لتلك القوة من جيش ودعم سريع وشرطة وأمن وحركات مسلحة فماذا بعد ذلك؟

أنهار الدماء

أحمد محمد أبكر، الناطق الرسمي بإسم مجلس الصحوة الثوري السوداني

تحذيرات كثيرة سبق إجراءات خروج قوات اليوناميد من دارفور، بل طالب أهل المعسكرات والنازحين بالإبقاء عليها لحين تقوية أجهزة الدولة بالنظر إلى هشاشة الأوضاع الأمنية والعسكرية.
الناطق الرسمي بإسم، مجلس الصحوة الثوري السُّوداني، أحمد محمد أبكر، يُشدد بأن القوات التي شكلتها الحكومة في دارفور هي قوات غير محايدة وذات طبيعة قبيلة وسياسية ومنحازة بشكل صارخ. وتابع” لا نثق فيها أبداً وندعو الإتحاد الافريقي والأمم المتحدة بتكوين قوات مشتركة لحماية المدنيين في جميع المناطق المتأثرة بالحروب في السودان”.

الخبير في المجالات العسكرية والاستراتيجية اللواء الصوارمي خالد سعد، يوضح لـ’’ أفريقيا برس’’، بشأن مدى التأثير السالب لخروج اليوناميد في منع القتال بدارفور، بالقول” لا أعتقد أنها قد لعبت دوراً فعالاً في حسم الصراعات بل لا فرق بين بقائها وخروجها”. وأشار بأن الصراعات كانت ومازالت تندلع هنا وهناك ولا أعلم قط أن اليوناميد قد دخلت في معركة لحسم معركة بين طرفين، إنما انحصر دورها في الوساطات والتقارير وما إلى ذلك.

وجدد الناطق الرسمي بإسم، مجلس الصحوة الثوري السُّوداني رفضه لتسوية جوبا، مبيناً “كنا نعلم نتائجها مسبقاً والشاهد الآن على ذلك هو أنهار الدماء والدموع والموت والحرق والنهب والسلب الجاري”. ونادى بمحاسبة جميع المتورطين في إرتكاب هذه الفواجع العظمى وتقديمهم للعدالة الناجزة فوراً، داعياً عقلاء الإدارة الأهلية والطرق الصوفية والقوى السياسية بالتدخل العاجل لوقف نزيف الدماء.

الصادق على حسن، الأمين العام لهيئة محامي دارفور

بالمقابل يقول الأمين العام لهيئة محامي دارفور، الصادق على حسن، رداً على سؤال ’’ أفريقيا برس’’، بشأن التعامل الحكومي من ناحية قانونية مع الأحداث بدارفور بالقول.. أنها ذات السياسات الموروثة من النظام البائد لا زالت مطبقة وسارية.
وفقاً لحسن فإنه تم تقنين استخدام القبيلة في القتال وارتكاب أبشع انتهاكات حقوق الإنسان ومن كل النواحي المسؤولية مسؤولية الحكومة، حكومة الثورة القائمة غير مكترثة. وأردف قائلاً” قد سادت ثقافة القتل الجزافي والنهب والسلب والتعدي على المدنيين وظهور بندقية المليشيات المسلحة التي تأخذ القانون باليد وبعضها تتحصن بالسلطة”.

الصحفى والمحلل السياسي المتخصص في قضايا دارفور، لؤي عبدالرحمن، سبق وقد أنشئ تجمع الاعلاميين لمناهضة العنف القبلي بدارفور، يؤكد بأن تمدد النزاعات مجدداً تعود لإنتشار السلاح بصورة قد تكون غير مسبوقة، مما يعني هشاشة الاوضاع وضعف الاداء الحكومي.

تجار الحرب
الأمين العام لهيئة محاميي دارفور، الصادق على حسن، يفيد بأن المستفيد من إنتشار الموت بالاقليم، هم الطامحون للسلطة وتجار الحرب والأزمات الذين يستثمرون في القتل والصراعات القبلية والاثنية. وأضاف ” يهدفون لتحقيق أغراضهم الذاتية الرخيصة، سياسية كانت أم اقتصادية، الأوضاع الأمنية الآن في دارفور من أسوأ الأوضاع التي مرت بها”.

لؤي عبدالرحمن، الصحفي والمحلل السياسي المتخصص في قضايا دارفور

الصحفي والمحلل السياسي المتخصص في قضايا دارفور، لؤي عبدالرحمن، يوافق حسن في رأيه ويضيف بأن أجهزة مخابرات وعناصر دارفورية من النظام البائد ربما تقف وراء قيادة يقود دارفور للموت مرة أخرى.

رئيس السلطة الإقليمية لدرافور سابقاً الدكتور التيجاني سيسي، يحذر من تنامي حالات التدهور والإنفلات الأمني في نحو (14) ولاية في البلاد، ولم يستبعد تفجر الأوضاع في العاصمة الخرطوم.

وأشار لازدياد دعوات حمل السلاح للدفاع عن النفس والمال والعرض، وأضاف” هي الدعوات التي بدأت بها الازمة الامنية في دارفور”. ويوضح سيسي بأن النزاعات ظاهرها تقليدي قبلي ولكنها ذات بعد سياسي عميق، مُتهماً جهات متعددة بالعمل لاتساع دائرتها بأشكال مختلفة وكلها دلالات على انفلات غير مسبوق يمهد لانهيار أمني. ونوه بأن تسويات قد تمت لحصارها أو تجاوزها لحدودها لكن سماء البلاد مُلبدة بغيوم الانفجار، بطابع الحاجة والعدم وتردي الأوضاع فيها واحتقان قبلي سياسي وكراهية ورفض للآخر.

وشدد حاكم إقليم دارفور منى أركو مناوي على جمع السلاح وقيده على النظامين ورسم خارطة طريق عاجلة لمنع تدفق الدماء ووقف الموت، بينما يرى مراقبون بأن عدد الضحايا يتصاعد في الإقليم وللأسف في عهد السلام.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here