بقلم : خالد الفكى
أفريقيا برس – السودان. تحول مُفاجئ في موقف تحالف الحرية والتغيير بشأن الأزمة الراهنة، وحالة الخصومة مع مخالفيه من جانب، والمكون العسكري من جانب آخر، حيث أعلن قبول “المبادرة السباعية”، التي طرحها رئيس الوزراء لفك الاحتقان السياسي، ولكن التحالف الحاكم وفقاً لمراقبين رهن الموافقة على جملة اشتراطات من بينها انتظار نتائج مواكب 21 أكتوبر، ليبرز سؤال مُلح؛ هل يمكن إنقاذ الموقف من حالة التوتر المُرتقب؟
موافقة مشروطة
تحالف“الحرية والتغيير”، وافق على مبادرة حمدوك لحل الأزمة بعد تصاعد الاحتجاج، مطالب بانتقال رئاسة مجلس السيادة للمدنيين. وسلم التحالف الحاكم رسالة لـ”حمدوك” حول مبادرته، موافقاً على اللجنة السباعية ورهن البدء بها وعقد أي اجتماع بعد الخميس، فيما سيتم تسمية الممثلين لاحقاً.

في السياق الكاتب الصحفي والباحث السياسي، محمد مبروك، يوضح لـ’’أفريقيا برس’’، أن الخيار الافضل، وذو التكلفة البسيطة، هو قبول الأطراف الثلاثة بالعمل من خلال لجنة حمدوك السباعية. وحث مبروك على تقديم تنازلات ليتم التوافق والتراضي على نقاط وسط تعطي كل طرف جزء من مطالبه. مضيفاً: “خيار المواجهة مكلف وخسائره ستكون كارثية”. وأكد التحالف الحاكم على إصلاح مجلس السيادة وانتقال رئاسته للمكون المدني وفقاً للوثيقة الدستورية، وإصلاح الحكومة وفق تقييم بين رئيس مجلس الوزراء والحرية والتغيير.
ويعتقد مبروك، أن الشروط التي وضعتها الحرية والتغيير، مفهومة وموضوعية وحتى إذا رفضها الطرف الآخر. وأكد إنه بمزيد من النقاش والحوار حولها التوصل لنقاط مشتركة يتم البناء عليها، مُضيفاً: “الخيار المفضل دائما هو الحوار وفق فقه المساومة”.

مدير المركز السوداني لحقوق الإنسان وحرية الإعلام، أمية يوسف حسن أبوفداية، توقع خلال حوار مع ’’أفريقيا برس’’، قبول الطرف الآخر لطرح الحرية والتغيير باشتراطاته. وأكد أبو فداية، بأن الطرفان حريصان بأن لا يخسر ثوابت الفترة الانتقالية، ويعتقد أنهما، الشريك العسكري .. ومصدر القوة، وحمدوك، الذي يمثل رمز التغيير. كما شدد على التأمين بأن المخرج الوحيد هو الحوار الجاد والمسؤول حول القضايا التي تقسم قوى الانتقال، والعودة للعمل بجميع مؤسسات الانتقال.
الطرف المفقود
تحالف الحرية والتغيير شدد على إصلاح الأجهزة العدلية وتشكيل المحكمة الدستورية ومجلسي القضاء والنيابة وتعيين رئيس القضاء والنائب العام. كما طالب بحل قضية شرق السودان وتكوين المجلس التشريعي الانتقالي في أسرع وقت.
وبحسب مدير المركز السوداني لحقوق الإنسان وحرية الإعلام، سيقبل الطرفان بأي مبادرة من حمدوك. وقال لـ’’أفريقيا برس’’، الخلاف الحالي في من يمثل طرف الحكومة المفقود ..هل هو “قحت١” أم “قحت٢”؟ مع المكون العسكري ومع حمدوك.
ويرى أبوفداية بأن المبادرة تفقد آجالاً زمنية، وآليات ضغط، إضافة إلى خارطة طريق تفصيلية. وتوقع استمرار طرفي الصراع بالضغط من خلال التظاهرات والاعتصامات المضادة خاصة أن آليات واستخدام مؤسسات الدولة يصعب الحسم لصالح أي طرف. وأضاف أبوفداية: ” كانت قحت تحسم به تظاهرات سابقة لمن اسمتهم فلول فقد أجلت إفطارات او اعتصامات بقوة الشرطة”.

القيادي في المؤتمر الشعبي، إدريس سليمان، يُبين لـ’’أفريقيا برس’’، بأن لب الخلاف ادعاءات “مجموعة الاختطاف” بأنها تمثل الشعب والثورة والشارع والفترة الانتقالية. وأضاف: “بالتالي الاحتكار لكل الفضاء السوداني وللسلطة والتخندق وراء ذلك وإقصاء الجميع بمن فيهم حلفائها من قوى الحرية والتغيير”. ويرى سليمان أن المجموعة، بهذه الاشتراطات تدعي دعوى أكبر منها فهي ليست في موقع يسمح لها بالاشتراط.
وأشار سليمان بأنها هي المتهمة بالاختطاف والاستئثار وبالتالي عليها استحقاق تقديم تنازلات لحلفاءها، قبل غيرهم، حتى يستقيم ميزان الشراكة بينهم. ويلفت القيادي في المؤتمر الشعبي “ثم إنها كانت هي كل التحالف الحاكم وبيدها القرار، لماذا لم تنفذ ما كان يمكنها تنفيذه مما تشترطه الآن؟”
وتضمنت لجنة حمدوك السباعية الاتفاق على الابتعاد عن اتخاذ أي قرارات أو خطوات أحادية، و”عدم استغلال مؤسسات وأجهزة الدولة، التي هي ملك لجميع السودانيين، في الصراع السياسي”.
الحل السياسي
هذا وقالت مبادرة حمدوك بأن قضايا مثل الإرهاب والمهددات القومية الداخلية وعلى الحدود أو من خارج الحدود “لا يجب أن تخضع لأي نوع من التكهنات أو المزايدات أو الشكوك في النوايا”.

القيادية في تحالف الحرية والتغيير سلمى نور، أكدت الترحيب بالمبادرة السباعية لرئيس الوزراء بشأن التحول الديمقراطي بعد تسلمها رسمياً، على اعتبار أن هذه الأزمة سياسية حقيقية ومن أكبر الأزمات التي تمر بالبلاد. وأفادت نور في حوار مع ’’أفريقيا برس’’؛ بأن الفترة الانتقالية تتعرض لمشكلة سياسية سواء كانت في الخرطوم أو شرق السودان، مما يستوجب الحل السياسي. وقالت أن الحل السياسي لن يكون إلا بالحوار، مؤكدة إيمان الحرية والتغيير بهذا الأمر، ورهنت الحوار بأن يكون من خلال مواعينه الصحيحة.
وأضافت نور: “الحوار في القضايا السياسية يجب أن يكون منفصل عن القضايا الدستورية والأخرى المُتعلقة بالشراكة”. كما أوضحت القيادية بالحرية والتغيير، أن القبول بطرح رئيس الوزراء مرهون بفصل مبادرته حول قضايا الاصلاحات في هياكل السلطة الانتقالية والمجلس السيادي ليتم مناقشتها مع المكون العسكري. وشددت على مناقشة قضايا توسيع دائرة المشاركة والسياسية الأخرى مع قوى الاتفاق السياسي المنشقة عن الحرية والتغيير.
القيادي في المؤتمر الشعبي يعود قائلاً: “الحرية والتغيير تدرك أن موازين القوى الآن ليست في صالحها، خاصة بعد أن أثبت شركاؤها المعتصمون أن لهم شارع لا يستهان به”. وأردف: “لذلك لا ترغب هذه المجموعة في بدء أي حوار الآن، ينتظرون الخميس، ظناً أنهم في الخميس يستطيعون إعادة التوازن في ميزان القوة الذي رجحت كفته الآخرين”.
ويرى سلمان أن مبادرة رئيس الوزراء نفسها، حتى في حالة نجاحها غير مجدية وغير كافية ولن تغير كثيراً في أرض الواقع المأزوم، وهي إعادة إنتاج للأزمة بنمط آخر وفقا وصفه. ويؤكد بأن “قصة انتقال رئاسة مجلس السيادة للشق المدني، أي شق مدني؟، الشق المدني الآن متشاكس ومتصارع، كما أنها معركة لم يحن وقتها بعد”. ويعتقد أن اتفاقية سلام جوبا “صفرت” عدّاد الفترة الانتقالية وبدأتها من تاريخ توقيع الاتفاقية في أكتوبر 2020, وبالتالي تبدأ رئاسة العسكر من هذا التاريخ الجديد لمدة 21 شهر.
وأضاف: “تنتهي فترتهم في يونيو أو يوليو العام القادم، هذا اذا توفر حسن النية، أما اذا أحب طرف أن يعقد الأمور، فيمكنه أن يدعي”. وتابع بالقول: “هو على شيء من الحق، إن اتفاق جوبا قد ألغى التاريخ القديم لتبادل الرياسة ولم يثبت نص صريح بديل حول هذه المسألة في الوثيقة”. وشدد القيادي في المؤتمر الشعبي على أن “وثيقة كورنثيا هي سبب أساسي في أزمة السودان الحالية، فهي وثيقة لمحاصصة كراسي السلطة الانتقالية”. مضيفاً: “تم اختراقها عشرات المرات.. لم يلتزم بها أحد من أطرافها ولم تعد تصلح لشيء، لذلك ستظل الفترة الانتقالية مأزومة وسيستمر هذا الارتباك”.