أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أثار الموقف السوداني بشأن الحرب الروسية الأوكرانية جدلا واسعا، سيما إنه دعا إلى للحوار والحل الدبلوماسي لحل الأزمة، وفيما رأى البعض أن الموقف برغماتي وأن هنالك مصالح مشتركة وواضحة بين السودان وروسيا، اعتبر البعض الآخر، أن الموقف السوداني يعكس مدى التخبط الذي تعيشه الحكومة في سياستها الخارجية، وبين هذا وذاك، تبرز أسئلة عدة بشان الموقف السوداني إزاء الحرب الأوكرانية، أبرزها؛ لماذا لا يدين السودان التدخل الروسي؟ وهل الموقف الذي أتخذه ضبابي أم وفقا للمصالح؟
تجاهل السودان
وقالت الحكومة السودانية إنها تدعم الحوار بين روسيا وأوكرانيا لحل الأزمة، متجاهلة مطالب غربية بإدانة علنية للعدوان العسكري الروسي على أوكرانيا، وعقد مجلس السيادة السوداني اجتماعه الدوري بالقصر الجمهوري برئاسة عبد الفتاح البرهان، وناقش الاجتماع عددا من الملفات بما فيها الحرب الروسية الأوكرانية، وقالت المتحدث باسم المجلس سلمي عبد الجبار في تصريحات عقب الاجتماع “إن المجلس أكد على موقف السودان الداعم لاعتماد الحوار وسيلة لحل الأزمة بين روسيا وأُوكرانيا وأن السودان مع الحل الدبلوماسي سبيلا للخروج من الأزمة ويدعم المساعي الجارية الآن بين البلدين”.
موقف برغماتي
الخبير الاستراتيجي محمد يوسف العركي قال في حديث لموقع “أفريقيا برس”: “دعونا نتسآل أولا عن مستوى العلاقات بين السودان وروسيا والسودان وأوكرانيا، أيهما أقوى؟” وأضاف؛ بالضرورة العلاقات السودانية الروسية اقوى بلا شك، ثم ان الموقف المتخاذل من دول الاتحاد الاوروبي تجاه أوكرانيا اعطى الروس قوة معنوية وبالتالي هناك مصالح مشتركة واضحة بين السودان وروسيا في كل الفترات السياسية منذ الاستقلال وحتى اليوم، كما أنها بحسب العركي، تزيد أحيانا وتخفت أحيانا أخرى، مستدركا؛ لكن الشاهد ان المصالح حاضرة، فالتسلح السوداني كان يعتمد كثيرا على المنتج والتقنية الروسية، وأردف؛ لا ننسى كذلك شأن القاعدة البحرية الروسية التي طرأت على الإعلام في نهاية عهد الانقاذ ولم ينقطع هذا الامر حتى تاريخه، ويقول العركي: “ليس من المصلحة أن يخسر السودان حليفاً قوياً يمكن ان يستفيد منه ويناور به الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والتي لم تقدم موقفاً قوياً لاوكرانيا كما اشرت”، وتابع: “لذلك موقف السوداني هو موقف برغماتي ممزوج ببعض الدبلوماسية”، ورأى العركي أن السودان ينظر لموقف حلف قادم يتشكل من روسيا والصين ويريد ان يكون له مكان محفوظ في السودان و معتمداً على الجغرافية السياسية التي يتمتع بها من حيث العمق الأفريقي والإطلالة على البحر الاحمر.
حياد السودان
كذلك، يقول المحلل السياسي الفاتح محجوب في إفادته لموقع “أفريقيا برس”؛ إن الحرب الروسية الأوكرانية هي حرب بين دولتين كانتا جزء من دولة موحدة وهي الاتحاد السوفيتي السابق، لذلك السودان لا دخل بشأنهما، وتابع؛ الدول تتعامل وفق المصالح وليس وفقا للبحث عن الحق ولهذا أعلنت البرازيل وقوفها على الحياد، بينما رفضت الهند إدانة روسيا بالرغم من أنهما حليفتان لأمريكا في كثير من القضايا، مستدركا؛ لكن كلا الدولتين اختارتا مراعاة مصالحهما مع روسيا بعدم إدانتها، وأردف؛ الحكومة السودانية التي جمدت أمريكا والغرب كل المعونات المقدمة لها والتي تطمع في جلب استثمارات روسية ليست لها مصلحة في أن تغضب روسيا بإدانتها كما أنها ليست لها مصلحة في غضب الغرب بتأييد روسيا، لذلك التزمت الحياد تماما مثلها مثل الهند والبرازيل والإمارات العربية المتحدة ودول كثيرة في العالم أبرزها الصين ومصر.
موقف لايحسد عليه
ويقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبداللطيف محمد سعيد في حديثه لموقع “أفريقيا برس”؛ إن زيارة حميدتي لروسيا كانت بهدف الحصول على القمح ولم يكن يتوقع ان تصل العلاقات الروسية الأوكرانية إلى هذا المستوى، والآن وقد تأزم الموقف وصحب ذلك تدخل عسكري في أوكرانيا من قبل روسيا ووضع السودان نفسه في موقف لا يحسد عليه، منوها إلى إنه ليس له القدرة على إدانة التدخل الروسي في أوكرانيا ولا إعلان الوقوف مع روسيا رغم مطالبة الاتحاد الأوروبي من السودان أن يدين التدخل الروسي، وأضاف سعيد، أن السودان يبرر بأن الزيارة كانت معلنة قبل التدخل، مستدركا، لكن هذا يوصم السودان بأنه غير قادر على قراءة المستقبل أو التنبوء بالأحداث، كما اكد سعيد أن السودان غير قادر الآن على اتخاذ قرار وهو في موقف لا يحسد عليه.
تخبط وتوهان
لكن القيادي بالحرية والتغيير والمؤتمر السوداني نور الدين صلاح يغرد بعيدا عن سرب سابقيه، إذ استهجن بيان مجلس السيادة الذي أعلن فيه موقفه حيال الحرب الروسية الاوكرانية، وأعتبر ان البيان يكشف عن حالة التخبط والتوهان الذي تعيشه السلطة الانقلابية، وقال صلاح الدين بحسب صحيفة الجريدة: “في ذات الوقت الذي يخرج فيه مجلس السيادة عبر بيان رسمي أحد أعضائه يجلس مع طرف من أطراف الأزمة”، وسخر من البيان قائلاً: “السلطة الانقلابية يبدو أنها فقدت البوصلة تماماً مما يؤكد بأنها لا تمتلك القدرة على إدارة الشأن الدولي للسودان”، ورأى أن هذه المواقف التي وصفها بالمتأرجحة ستزيد الوضع تعقيداً خاصة وان أي موقف يجاهر به السودان سيحسب عليه، ودعا صلاح السلطة الحاكمة أن تتنحى وتسلم مقاليد الحكم لمن هم أجدر به خاصة وأنها فقدت البوصلة والحكمة السياسية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس
