نذر انقسامات داخل الحركة الشعبية بقيادة عقار

19
نذر انقسامات داخل الحركة الشعبية بقيادة عقار
نذر انقسامات داخل الحركة الشعبية بقيادة عقار

أفريقيا برس – السودان. أعلنت وزيرة الحكم الاتحادي في السودان، بثينة دينار، أنها ستتقدم باستقالتها من منصبها، بالتزامن مع خلافات تضرب تنظيمها، الحركة الشعبية ـ شمال، بقيادة مالك عقار، ما يشير إلى نُذر انقسامات قد تواجه الحركة، أحد الموقعين على اتفاق السلام في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

وخرجت الخلافات إلى السطح بين رئيس الحركة، عضو المجلس السيادي مالك عقار، ونائبه ياسر عرمان وقادة آخرين، بسبب الموقف من تطورات العملية السياسية في البلاد.

وقالت الوزيرة، الثلاثاء، في حسابها الرسمي على موقع «فيسبوك»: «استمراراً لانحيازي لقضايا الثورة ومطالب الشعب السوداني والسلام، سوف أتقدم باستقالة مسببة من منصبي كوزيرة للحكم الاتحادي موجهة للدولة والحركة الشعبية التي شرفتني باختيارها لي».

وعقب انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تم اعتقال ياسر عرمان نائب رئيس الحركة، والمستشار السياسي لرئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، ضمن قيادات قوى «الحرية والتغيير» والمسؤولين في الحكومة الانتقالية.

وبعد نحو أسبوعين من الانقلاب، عاد رئيس الحركة مالك عقار، إلى منصبه عضواً في مجلس السيادة، الذي أعاد تشكيله القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وتأتي الخلافات بين عقار وعرمان، في خضم الموقف السياسي المتضارب لرئيس الحركة الشعبية ونائبه بالنسبة للموقف من الانقلاب العسكري في البلاد، والبقاء في تحالف قوى «الحرية والتغيير» المناهض للانقلاب.

فبينما ينخرط عرمان في التحالف المعارض الذي يشدد على إنهاء الانقلاب العسكري وقيام حكومة مدنية كاملة، ينتقد عقار بشكل مستمر التظاهرات ومواقف «الحرية والتغيير» وبات أقرب إلى خانة العسكر.

وفي عام 2017، انقسمت الحركة إلى مجموعتين، عندما أعلن مجلس تنظيمي عزل عقار وعرمان ومبارك أردول، وقتها من مناصبهم، وتعيين القائد الحالي عبد العزيز الحلو رئيساً للحركة، وقائداً عاماً للجيش الشعبي.

ويوم الإثنين، شدد ممثلو الحركة الشعبية في المجلس المركزي والمكتب التنفيذي لـ«الحرية والتغيير» ياسر عرمان، الحاج بخيت، إحسان عبد العزيز، منال الأول، على أن حركتهم جزء من المجلس وضد الانقلاب ولا تراجع عن ذلك.

وقالوا، في بيان: «تناولت وسائل التواصل الاجتماعي رسالة منسوبة للرفيق مالك عقار فحواها أن الحركة الشعبية لتحرير السودان لا تمثيل لها في الحرية والتغيير».

وأضافوا: «حول هذه الرسالة، فإننا نود أن نقول، الحركة الشعبية لتحرير السودان جزء أصيل من قوى الثورة السودانية وساهمت في النضال التراكمي الذي قاد إلى ثورة ديسمبر/ كانون الأول 2018».

وتابعوا: «نعلن تمسكنا القاطع بكل ما حققته اتفاقية السلام وكل ما حققته من مكاسب لشعوب المناطق التي عانت من ويلات الحرب، ونؤكد على مشاركة تلك المناطق الفاعلة في ثورة ديسمبر التي وضعت السلام بندا بارزا في أجندتها».

دور رئيسي

وأكمل البيان: «اتفاقية السلام مرتبطة عضوياً بتحقيق التحول المدني الديمقراطي، والحركة الشعبية لتحرير السودان من المؤسسين لقوى الحرية والتغيير في العام 2019، وأحد الموقعين على إعلان قاعة الصداقة في الخرطوم في أغسطس/ آب 2021 ولعبت دورا رئيسيا في ذلك. كما أنها اتخذت قراراً ضمن فصائل الجبهة الثورية في المؤتمر التداولي في مدينة الدمازين، عاصمة إقليم النيل الأزرق، في مارس/ آذار 2022 بالاستمرار في عضوية الحرية والتغيير».

وأكمل البيان: «معلوم للقاصي والداني منذ وقوع انقلاب 25 أكتوبر 2021 حتى الآن، أن الحركة الشعبية لتحرير السودان ممثلة في جميع هيئات الحرية والتغيير ولجانها المتخصصة ولن يتغير ذلك، وأنها تظل مع الشارع السوداني المناهض للانقلاب، أمس واليوم ولا حياد في الاختيار بين الجماهير والشارع والانقلاب».

وشدد البيان على أن «الحركة الشعبية سوف تستمر في مقاومة الانقلاب وفي العملية السياسية التي تؤدي إلى سلطة مدنية ديمقراطية وتحافظ على ما تحقق من سلام وتنفيذه واستكماله».

وأكد أن «البيان المنسوب لعقار مؤسف ولن يحظى بتأييد الغالبية الساحقة من قيادات وأعضاء الحركة الشعبية وجماهيرها وأصدقائها وندعوهم للتعبير عن رأيهم علنا ولكل حادثة حديث».

في المقابل، قال عقار في بيان : «برزت أنباء عن مشاركة الجبهة الثورية في اجتماعات قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي» مضيفاً «الحركة الشعبية قيادة مالك عقار لم توفد أيا من أعضائها للمشاركة في اجتماعات المركزي، أي عضو شارك يمثل نفسه وليس الحركة».

وشدد على أن «علاقتهم مع أي جسم سياسي أو مبادرة يحددها موقف التنظيم أو السلطة من اتفاق سلام جوبا دون تجزئة وتنفيذ بنوده لا سيما الترتيبات الأمنية وعودة النازحين واللاجئين».

ويعد إقليم النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد المعقل الرئيسي للحركة. وشهد الإقليم الذي يحكمه القيادي في الحركة، أحمد العمدة بادي، الشهر الماضي أحداث عنف قبلي أودت بحياة العشرات. حيث اتهم بعض الأحزاب السياسية حاكم الإقليم وعقار، بتأجيج العنف هناك.

وقالت الحركة الشعبية ـ شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، والحزب الشيوعي، إن الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار، وراء أحداث العنف القبلي.

ومع انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اتخذت الجبهة الثورية التي تضم الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار، وتجمع قوى تحرير السودان، بقيادة الطاهر حجر، وحركة جيش تحرير السودان ـ المجلس الانتقالي، بقيادة الهادي إدريس، موقفاً ضبابياً، بينما أعلنت أنه انقلاب، انخرط قادتها في مناصب سيادية ووزارية، قبل أن تقوم بمبادرة لحل الأزمة السياسية في البلاد.

وعقب انقلاب العسكريين بدأ عقار باتخاذ مواقف وتصريحات متطرفة ضد قوى «الحرية والتغيير» والثورة بشكل عام.

بوادر انقسام جديد

وفي ظل توالي البيانات من داخل الحركة الرافضة لموقف عقار واستقالة دينار، يعتقد مراقبون أن الحركة قد تواجه انقساماً جديداً، بعد خروج القيادي السابق فيها خميس جلاب، وتأسيسه تنظيماً بالاسم نفسه.

وفي خضم الاستقطاب السياسي الحاد الذي تشهده البلاد وتفاقم الأزمة، يبدو أن المكون العسكري أكبر الأطراف الرابحة من التشظيات التي تضرب القوى السياسية والحركات المسلحة، والتي يمكن أن تطال حركات مسلحة أخرى، في ظل حالة من التناقضات السياسية وتضارب المصالح، بعد إعلانه الخروج من العملية السياسية.

حراك سياسي

وتأتي نُذر الانقسامات في الحركة في ظل حراك سياسي من كل الأطراف. فبينما يرعى العسكر مبادرة أطلق عليها «نداء أهل السودان» يقودها رجل الدين الصوفي، الطيب ود بدر، وتضم الأحزاب والمجموعات التي كانت تعمل مع حزب المؤتمر الوطني المحلول، انخرط المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» في ورشة تنظمها نقابة المحامين السودانيين وكيانات ديمقراطية أخرى، لكتابة إعلان دستوري جديد، حضرها ممثلو دول الترويكا ورئيس بعثة يونيتامس، فولكر بيرتس، والسفير السعودي في الخرطوم علي بن حسن جعفر، ودبلوماسيون أجانب. لكن لجان المقاومة أكدت أنها ليست جزءاً من أعمال هذه الورشة، معتبرة ذلك محاولة للالتفاف على مواثيق لجان المقاومة.

ومن جهة العسكر، أكد القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، على استمرار الجهود في تشكيل حكومة انتقالية، في الوقت الذي لا يزال نائبه موجوداً في إقليم دارفور منذ عدة أسابيع، وسط تقارير تشير إلى وجود خلافات بينهما.

ومنذ انقلاب الجيش على الحكومة الانتقالية في 25 تشرين الأول/إكتوبر الماضي، قتل نحو 116 متظاهرا خلال قمع الأجهزة الأمنية للتظاهرات المناهضة للانقلاب، حسب لجنة أطباء السودان المركزية، بينما تجاوز عدد المصابين 6000 وفق إحصاءات منظمة «حاضرين» الناشطة في علاج مصابي الثورة السودانية.

وفي 4 حزيران/يونيو الماضي، أعلن البرهان خروج العسكر من العملية السياسية التي تيسرها الآلية الثلاثية المشتركة المكونة من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي وإيغاد، مطالبا المدنيين بالتوافق على حكومة مدنية تدير البلاد وصولا للانتخابات.

وقرر حل المجلس السيادي وتكوين مجلس للأمن والدفاع عقب تكوين الحكومة قال إنه سيكون معنيا بمهام الأمن والدفاع ومهام أخرى يتوافق حولها مع الحكومة المدنية.

وبعدها بيومين، أعفى البرهان الأعضاء المدنيين الخمسة في المجلس السيادي، بينما أبقى على القادة العسكريين الخمسة وثلاثة ممثلين للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام.

ووصف نائب رئيس المجلس السيادي، محمد حمدان دقلو «حميدتي» في حوار مع هيئة البث البريطانية، الإثنين الماضي، الانقلاب العسكري الذي شارك فيه بـ«الفاشل».

واعتبر المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» إقرار «حميدتي» بفشل الانقلاب، تأكيدا على الحراك الشعبي يمضي نحو تحقيق أهدافه وإسقاط الانقلاب، بينما أكد أن إعلان البرهان الخروج من العملية السياسية محاولة جديدة للمراوغة والالتفاف على مطالب الشارع السوداني.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here