أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. ثمة خلافات حادة بين قيادات الحركة الشعبية – شمال- الامر الذي أفرز تساؤلات عديدة، أهمها؛ هل سيحدث انشقاق داخل الحركة؟ أم أن الخلافات ستكون سحابة صيف وتذهب؟ ولماذا الخلافات في هذا التوقيت؟
أسباب الخلاف
وتعود أسباب الخلافات إلى مواقف بعض قيادات الحركة المناوية للانقلاب، بجانب مشاركتهم في اجتماعات قوى الحرية والتغيير -المجلس المركزي- وهو الأمر الذي اعتبره قائد الحركة مالك عقار بأنه مخالف لموقف الحركة، مشيرا إلى أن الحركة الشعبية لم توفد أي من أعضائها للمشاركة في اجتماعات الحرية والتغيير المجلس المركزي، وأضاف “أي عضو شارك فيها يمثل نفسه”.
عرمان على الخط
وسرعان ما جاء الرد من أعضاء الحركة الذين شاركوا في اجتماعات “قحت” بقيادة عرمان، إذ وصفوا في بيان حديث عقار بأنه أمر مؤسف، مؤكدين أن الحركة الشعبية جزء أصيل من قوى الثورة السودانية، وأنها ساهمت في النضال التراكمي الذي قاد إلى ثورة ديسمبر 2018، مشرين إلى أن حديث عقار لم يحظ بتأييد الغالبية الساحقة من قيادات وأعضاء الحركة الشعبية وجماهيرها وأصدقائها، وأضاف البيان “معلوم للقاصي والداني منذ وقوع انقلاب 25 أكتوبر، حتى الآن أن الحركة الشعبية لتحرير السودان ممثلة في جميع هيئات الحرية والتغيير ولجانها المتخصصة ولن يتغيَّر ذلك وهي مع الشارع المناهض للانقلاب أمس واليوم، ولا حياد في الاختيار بين الجماهير والشارع والانقلاب”.
اتساع رقعة الخلافات
وتصاعدت حدة الخلافات داخل الحركة الشعبية، وذلك في اعقاب إعلان بثينة ابراهيم دينار وزيرة الحكم الاتحادي بالسودان -تابعة للحركة الشعبية- استقالتها من المنصب الوزاري، وقالت إن الاستقالة جاءت استمرارا انحيازها إلى قضايا الثورة ومطالب الشعب السوداني والسلام وهو الأمر الذي يتسق مع مجموعة عرمان المشارك في اجتماعات قحت المجلس المركزي.
خلاف حقيقي

بعد قيام الفريق أول عبدالفتاح البرهان بالإطاحة بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي في اكتوبر الماضي – يقول المحلل السياسي الفاتح محجوب؛ إنه حدث خلاف كبير بين مجموعة اليساريين الشماليين من الحركة الشعبية وبين قائدها مالك عقار، ولحسم الخلاف يقول الفاتح، تم عقد مؤتمر للحركة الشعبية -شمال- في النيل الأزرق وقد انحاز المؤتمر لرؤية القائد مالك عقار التي فحواها إن المحافظة على اتفاقية جوبا للسلام هو الأهم بالنسبة للحركة الشعبية شمال وأن اي معاداة للعسكر معناها انهيار الاتفاقية والعودة للحرب وهذا يعني عمليا الوقوع في احضان الحلو والقبول به قائد عام للحركة الشعبية شمال او مواجهة التصفية من قبل الحلو، مستدركا، لكن اليساريين الشماليين بقيادة ياسر عرمان لا ينظرون الي الامر بذات الطريقة لانهم غير مضطرين للحرب بل يمكنهم الانضمام للقوي السياسية السودانية وحجز جزء من مقاعد الحكومة الانتقالية المدنية القادمة ان تكونت عبر الانضمام لقوي الحرية والتغيير -المجلس المركزي- ولهذا يرى الفاتح الذي تحدث لموقع “أفريقيا برس”؛ أن القائد مالك عقار أضطر لاخطار قوى الحرية والتغيير -المجلس المركزي- رسميا بانه لم يرسل ممثلين له وان من يشاركون باسم الحركة الشعبية شمال غير مفوضين ولا يمثلون إلا أنفسهم وبذلك يقول الفاتح حتى ينزع شرعية تمثيل ياسر عرمان للحركة الشعبية شمال من دون الإعلان عن فصل ياسر عرمان من الحركة الشعبية شمال جناح مالك عقار لجهة إنه يعلم انه محتاج له في الصراع المتوقع على قيادة الحركة الشعبية شمال بعد توقيع الحلو على اتفاقية سلام آجلا ام عاجلا، وبالمثل يرى الفاتح أن ياسر عرمان يعرف أنه بحاجة للشرعية والنفوذ الذي يمثله مالك عقار في النيل الازرق وهو نفوذ بحسب الفاتح يفتقره ياسر عرمان ومن دونه لن يحقق طموحاته السياسية، وأضاف؛ لذلك فإن كلا الرجلين محتاج للآخر ولن يتم إعلان انشقاق رسمي، مشيرا إلى أن الخلاف بينهما هو خلاف حقيقي وأن أحد مظاهره استقالة وزيرة الحكم الاتحادي التابعة للحركة الشعبية شمال احتجاجا علي مواقف مالك عقار من قوي الحرية والتغيير -المجلس المركزي- ، مستدركا؛ ولكن هذا الخلاف سينتهي مع توصل القوى السياسية السودانية لحكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية وقتها تكون اسباب الخلاف قد تلاشت.
كروت تكتيكية

يقول الباحث السياسي عبدالقادر محمود صالح لموقع “أفريقيا برس”؛ إن الحركة الشعبية كانت جزء من نداء السودان والذي بدوره كان مشاركا في صياغة إعلان الحرية والتغيير وأحد مكوناته، وبعد إتفاق جوبا تشكل مجلس الشركاء الذي كان يضم المجلس المركزي ومكونات إتفاق جوبا، و أضاف “في رمال السياسة المتحركة، من الساهل أن تتبدل الظروف والمصالح وتتغير التكتيكات لكسب مزيد من الأرباح في ملعب الصراع السياسي”، مشيرا إلى أن مشاركة عرمان في إجتماع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير تأتي في إطار المساهمة في إيجاد إعلان دستوري لقوى الثورة بما فيها الحركة الشعبية شمال، مشددا هنا، على أن دعوة قحت للقوى السياسية شملت قوى سياسية عديدة ومتباينة لخلق توافق سياسي يقوم على الإعلان الدستوري المقترح والذي بحسب محمود يجد التأييد والدعم القوي من جهة المجتمع الدولي ودول الترويكا، وكذلك تدعمه دول إقليمية ذات تأثير كبير على المشهد السياسي الراهن، ورأى أن مشاركة عرمان في اجتماع المجلس المركزي لقحت لن تؤثر على وضع الحركة الشعبية، وتماسكها السياسي، لجهة أن الحركة الشعبية عانت من الانشقاقات الداخلية قبل وبعد التوقيع على إتفاق جوبا، ويضيف، “عقار كعضو في مجلس السيادة الانقلابي وضع نفسه في دائرة الحرج والتي تسببت في اتساع الهوة بينه وقوى الثورة، لذلك خطوة عرمان تعد آخر كروت الحركة الشعبية (التكتيكية) في الانخراط مجددا في العملية السياسية” التي في نظر صالح ستفضي إلى توافق حول الإعلان الدستوري المقترح والذي بدوره سوف يعمل على إدارة ما تبقى من الفترة الإنتقالية ، ومضى قائلا “عرمان اتهم في أكثر من مرة بأنه يعمل على شق صف الحركة الشعبية بعد وفاة جون قرن”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس