هل سيكرر البرهان سناريو سوار الذهب؟

110

بقلم: أحمد جبارة

أفريقيا برسالسودان. أثارت تصريحات الفريق عبد الفتاح البرهان، بشأن تسليمه السلطة لحكومة منتخبة في 2023، استفهامات واسعة أبرزها: هل يوفي البرهان بوعده؟ أم سينقض العهود؟ وهل سيكرر البرهان تجربة المشير سوار الذهب سيما إنه استشهد بذات التجربة؟

تجربة ناجحة

الدكتور عبده مختار موسى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية

أستاذ العلوم السياسية بجامعة أمدرمان الإسلامية عبده مختار رجح في حوار مع “أفريقيا برس”؛ أن يسلم البرهان السلطة لحكومة منتخبة أسوة بالمشير سوار الذهب، ونوه إلى أن البرهان زاهد في السلطة ويريد أن يستشهد بتجربة سوار الذهب التي كانت ناجحة، وتوقع أن يشكل البرهان حكومة من كفاءات مستقلة يكون على رأسها رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك على اعتبار أنه رمز للثورة السودانية وخيار الشعب، واعتبر مختار أن الواقع الآن يحتم على البرهان الامتثال لأوامر الشعب السوداني وإنه لا مفر غير هذا الواقع على اعتبار أن الشعب السوداني لن يقبل إلا بالحكم المدني.

سناريو مخيف

الدكتور عبدالوهاب الطيب، أستاذ الدراسات الأفريقية بجامعة أفريقيا العالمية

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة افريقيا العالمية عبدالوهاب الطيب بشير في إفادته ل”افريقيا برس”؛ إن المقاربات بين تجربة البرهان وسوار الذهب تبدو موجودة وممكنة، مستدلاً بالمسار الذي جاء به البرهان والذي قال عنه “جاء في أعقاب فترة انتقالية” بينما سوار الذهب “جاء بعد حكم عسكري”،مستدركا: “لكن مهما ما حدث في شكل الاختلافات لدى التجربتين أو المقاربات فإنهما يبقيان سلطتين عسكرتين قد وعدوا بتسليم السلطة لحكومة منتخبة خلال سنة”.

وذهب عبدالوهاب إلى أن تجربة البرهان كانت في فترة انتقالية شهدت مخاطر عديدة أبرزها التشاكس بين المكون المدني العسكري، وقال: “ذات الشراكة كانت تحكمها الوثيقة الدستورية والتي سماها البرهان فيه بيانه بأنها خطوة تصحيحية بينما اعتبرها الشارع انقلاباً”.
وقطع عبدالوهاب بأنه مهما تكن من وجود مقاربات واختلافات في تجربة الحكمين فإن نهاية فترة البرهان ستكون مثل تجربة سوار الذهب بحيث سيسلمها لحكومة منتخبة، ورسم عبدالوهاب سيناريوهات عديدة لفترة حكم البرهان حيث قال: “يمكن أن تحدث مواجهات عنيفه وخفيفة بين المكون العسكري والشارع، فضلا عن سيناريو إقليمي مساند ومندد لحكم البرهان مثلما حدث للانقلاب الذي تم في تشاد وإثيوبيا وغينيا”، وهي بحسب عبدالوهاب، سببت لهم تنديداً دولياً بيد أنهم استمروا في الحكم، ولم يستبعد عبد الوهاب أن تحدث فوضى وعدم استقرار في السودان في حال استمرت المواجهات بين العسكر والمدنيين وهو الأمر الذي بحسب عبدالوهاب يؤدي إلى تدخل المجتمع الدولي والوصايا الدولية مثلما حدث في ليبيا والعراق.

واضاف عبد الوهاب: “كذلك قد يحدث سناريو أخر تتمخض عنه تسوية بين المكون العسكري والمدني في السلطة لكن لايمكن أن تعيد تجربة التسوية الشراكة بين قحت والمكون العسكري التي كانت في السابق”.

تشبث البرهان

عادل خلف الله، عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير

لكن القيادي بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله، يذهب بعيدا عن سابقيه، إذ يرى في حوار مع “أفريقيا برس”؛ أن تجربة سوار الذهب لن تتحقق لاعتبارات عدة، أهما أن القياس والاستشهاد بالتجارب السابقة لايتم بالوعود وإنما بالممارسات الفعلية، موضحا أن تجربة البرهان أكدت أن السبب الرئيسي لانقلابه على مهام الفترة الانتقالية ومطلوبات التحول السلمي الديمقراطي هو تشبثه بالسلطة وعدم ايفائه بالوعود التي أدى القسم عليها في الوثيقة الدستورية قبل عامين.

واعتبر خلف الله أن تسليم السلطة للمدنيين لا تكون بالوعود التي تطلق، منوها إلى أن سوار الذهب ذاته كان قد أبدى رغبته في الاستمرار في السلطة، مستدركا؛ “لكن إرادة الشعب السوداني وتمسك القوى السياسية وقتها حال دون مواصلة مشواره في الحكم” ، واعتبر خلف الله أن ما قام به البرهان انقلاب كامل الدسم، مؤكداً أن جميع تجارب الأنظمة العسكرية والانقلابية في السودان كانت تسعى لقطع التحول الديمقراطي، مشيراً إلى أنها ايضا دائماً ما كانت تتشبث بالسلطة وتنفرد بها حتى يتم الاطاحة بها من قبل الانتفاضات الشعبية، وجزم خلف الله بأن البرهان لن يسلم السلطة لحكومة منتخبة على اعتبار أنه يسعى للتربع على الحكم بمباركة إقليمية ودولية.

لماذا الاستشهاد بتجربة سوار الذهب؟

ويرى مراقبون أن استشهاد البرهان بتجربة سوار الذهب كان الغرض منها إرسال تطمينات للشعب السوداني فحواها “إنه زاهد في السلطة وإنه سيسلمها لحكومة منتخبة” مؤكدين أن تجربة سوار الذهب تجربة نادرة ولن تتحق في السودان على اعتبار أن الفترة الحالية مغايرة تماما عن فترة سوار الذهب ، كما أن البرهان ذاته لا يملك صفات تشبه المشير سوار الذهب الذي كان اميناً مع شعبه ومحباً لتطلعات ورغبات الجماهير، فضلا عن كونه زاهداً في السلطة، وأشار المراقبون إلى أن كل هذه الصفات غير متوفرة في شخصية الفريق عبدالفتاح البرهان.

من هو سوار الذهب؟

هو الرئيس الخامس لجمهورية السودان، الذي حكم في عام 1985 عندما تسلم السلطة أثناء انتفاضة 1985، بصفته أعلى قادة الجيش، وبتنسيق مع قادة الانتفاضة من أحزاب ونقابات، ولد سوار الذهب بمدينة الأبيض، في عام 1935، وتلقى تعليمه وحفظه للقرآن الكريم على يد والده، وفي عام 1955 تخرج من الكلية الحربية في السودان، وهو العام نفسه الذي سبق حصول البلاد على استقلالها، قبل أن تدخل أحزابها في صراعات السياسة والنفوذ. وفي عام 1971، وأثناء انقلاب دبره العسكري السوداني الرائد، هاشم العطا، رفض تسليم حامية مدينة الأبيض العسكرية عندما كان قائدا لها، حتى استعاد الرئيس الخامس للسودان جعفر نميري مقاليد الحكم بعد أيام قليلة. ورغم هذا الموقف، إلا أنه جرى استبعاده عن السودان ولم يعد إلا عقب تغيير القيادة السودانية موقفها منه، ليتولى منصب رئيس الأركان ووزير الدفاع. وفي أعقاب انتفاضة أبريل 1985 التي أطاحت بحكم جعفر النميري، تولى سوار الذهب رئاسة المجلس العسكري الانتقالي وتمت ترقيته لرتبة “مشير”، وقد تعهد بعد تسلمه السلطة بأن يتخلى عنها خلال عام واحد لحكومة منتخبة، وبالفعل أوفى بوعده بعد عام وقام بتسليم السلطة للحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء الصادق المهدي، ثم اعتزل العمل السياسي.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here