بقلم: أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. أثارت تصريحات رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق ركن عبدالفتاح البرهان -بشأن عزمه ترك السياسة والتقاعد من القوات المسلحة بعد انتخابات2023- إستفهامات كثيرة أبرزها، هل يوفي البرهان بوعده؟ أم ثمة طموح سياسي يراود الجنرال؟ وهل تصريحاته بشأن اعتزاله العمل السياسي تتماشى مع الواقع؟
وعود سابقة
ولم تكن المرة الوحيدة التي يعلن فيها البرهان، اعتزاله للعمل السياسي، حيث سبق وأن قال: “لا رغبة لدينا في الاستيلاء على السلطة”، وأكد فى كلمة له: “نجدد قولنا للسياسيين إن قواتنا هى من أجهضت المحاولة الانقلابية ولا رغبة لدينا فى الاستيلاء على السلطة”.ولحقه ايضا في ذلك، نائبه في المجلس السيادي محمد حمدان حميدتي دقلو حيث أكد في عدد من اللقاءات إنهم لايطمحون في الاستيلاء على السلطة وإنه شخصيا تقدم باستقالته ثلاثة مرات من مجلس السيادة.
حكم البرهان
تولى عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي خلفا لوزير الدفاع الفريق عوض بن عوف، الذي استقال من منصبه بعد يوم واحد فقط من توليه رئاسة المجلس الذي عزل الرئيس السابق عمر البشير. ووقع المجلس العسكري الانتقالي الذي ترأسه البرهان وممثلو قوى الحرية والتغيير -التي قادت الاحتجاجات- اتفاق تقاسم السلطة، والذي ينص على تكوين مجلس حاكم انتقالي من المدنيين والعسكريين، ويمهد الطريق نحو انتخاب حكومة مدنية، كما نص الاتفاق على مناصفة الفترة الانتقالية بحيث يتقاسم المكون المدني رئاسة السلطة مع المكون العسكري، لكن الأخير خالف نص الاتفاق، إذ قام رئيس المجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بإجراءات يوم 25 أكتوبر الماضي وصفت باالانقلاب، وهو- الوقت الأقرب لتسليم السلطة للمدنيين- كما إنها اعتبرت بالنسبة للكثيرين بأنها قطع للطريق أمام المدنيين وعدم تسليمهم رئاسة السيادي الذي مازال يترأسه البرهان ونائبه حميدتي منذ عهد البشير.
هيمنة العسكر
يقول القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار في إفادته لـ”أفريقيا برس”: “إن المكون العسكري في السودان، أساسا مهيمن على المشهد السياسي، لذلك تصريحاتم عن إنهم غير راغبين في السلطة تبدو متناقضة ومخالفة للواقع”، واعتبر كرار قرارات 25 أكتوبر تؤكد الرغبة الجادة للبرهان في التمسك بالسلطة، منوها إلى أنه يريد أن يتمسك بها حتى النهاية على اعتبار أنها تحميهم من المحاكمات والملاحقات الجنائية، فضلا على أن السلطلة تعطيهم نفوذا إقتصاديا وسياسيا، وهنا يشير كرار إلى أن أغلب المؤسسات الاقتصادية في السودان يسيطر عليها الجيش، وقال كرار: “إن تصريحات البرهان بشأن اعتزاله العمل السياسي تعد تخديرا للشعب السوداني حتى يصل إلى انتخابات 2023 ويترشح لها”، مؤكدا أن الشعب لن ينتظر هذا الوقت على اعتبار أنه سيسقطه ويودعه إلى مزبلة التاريخ حسب تعبير كرار.
نزوع البرهان السلطوي
في الصدد قال القيادي في قوى الحرية والتغيير، عادل خلف الله لـ”أفريقيا برس”: “إن قيام البرهان بالانقلاب على مسيرة التحول الديمقراطي والذي جاء متزامنا مع تسليم السلطة للمدنيين، وعدم إشارته لتسليم رئاسة السيادة ايضا للمدنيين في الاتفاق الذي تم مع حمدوك، يخالف تصريحاته ويؤكد نزوع البرهان السلطوي”، مضيفا: “كذلك تمركز السلطة في يد البرهان تؤكد على أنه متشبث بالسلطة وأنها وقائع لا تنفيها مجرد تصريحات”، وأردف: “البرهان ظل يؤكد بأنه حريص على التحول الديمقراطي منذ بداية الفترة الانتقالية ولكن تصريحاته عمليا تتناقض مع الواقع حيث حتى الان لم يلتزم بالوثيقة الدستورية وكل تصريحاته كانت قولا وليست فعلا”. وبشأن اعتزامه اعتزال العمل السياسي، يقول خلف الله: “لقد سبقه في ذلك البشير وكل الدكتاتوريين الذي حكموا السودان ولكن في النهاية كانت مجرد تصريحات بغرض المراوغة والخداع، وتسأءل خلف الله في ختام حديثه لـ”أفريقيا برس”: “اذا لم يكن للبرهان طموح سياسي، لماذا قوض الفترة الانتقالية؟ ولماذا لم يعلن للشعب السوداني تسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين؟”
طموح البرهان
كذلك لم يستبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، عمر محمد علي، أن يكون للبرهان طموح سياسي لما قبل الانتخابات، مستدلا بالتصريحات السابقة و التي خرجت من رؤساء عسكريين في السودان، مشيرا إلى أنهم دائما ما يخالفون العهود، معتبرا ذلك بمثابة صفات للنخب السياسية في السودان سيما العسكريين.
وشدد عمر في حديثه لـ”أفريقيا برس”؛ على ضروة تظافر الجهود بين المدنيين والعسكريين في الظروف الحرجة التي يمر بها السودان، بغض النظر عن من له طموح سياسي، ودعا للاحتكام للانتخابات وأن تجهز الأحزاب نفسها للاستحقاق الدستوري، وقطع بأنها غير جاهزة وتحتاج إلى إصلاح داخلي، واردف: “ثلاثون عام والأحزاب السياسية لم تستفد من معارضتها للنظام السابق، فضلا على أنها لم تتهيأ للانتخابات، غير أنهم كانوا يعارضون وينفذون الاضرابات والاعتصامات فقط دون تأسيس منهجي”. ورأى عمر، إن كان هنالك ثمة طموح للقيادات العسكرية فإنه يرجع للدعم الخارجي الذي تتلقاه المؤسسة العسكرية، حيث بحسب عمر، فإن ذات الدعم هو الذي يحرك القائد العسكري للبحث عن طموح سياسي لكي يخدم مصالحه وأجندة الخارج.
زهد البرهان
لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة أمدرمان الاسلامية، عبده مختار يذهب بعيدا عن سابقيه، إذ توقع في حديثه لـ”أفريقيا برس” أن يسلم البرهان السلطة لحكومة منتخبة في 2023 أسوة بالمشير سوار الذهب، ونوه إلى أن البرهان زاهد في السلطة ويريد أن يستشهد بتجربة سوار الذهب التي اعتبرها تجربة ناجحة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس
