بقلم : بدرالدين خلف الله
أفريقيا برس – السودان. انفاذاً لاتفاق سلام السودان، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن، مرسوماً دستورياً بمنح الحكم الذاتي لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وجاء المرسوم الذي حمل الرقم 9 لسنة 2021م وبحسب نص القرار، فإن التعيين يأتي عملاً بأحكام الوثيقة الدستورية لسنة 2019 وبناء على اتفاق جوبا للسلام بالسودان بين الحكومة الانتقالية وأطراف العملية السلمية.
نظام الحكم
وحدد المرسوم أن يكون نظام إدارة المنطقتين وفقاً لما جاء في المادة (٨) من الفصل الثالث/ الباب الثالث والتي نصت على الآتي: “اتفق الطرفان أنه دون المساس بوحدة السودان شعباً وأرضاً أو السلطات الحصرية أو المشتركة أو المتبقية، تتمتع المنطقتان بحكم ذاتي تمارس فيه السلطات المنصوص عليها في هذا الاتفاق.
تعميم
وقالت وزيرة الحكم الاتحادي بثينة إبراهيم دينار بناءاً على المرسوم يكون نظام الحكم في المنطقتين وفق الترتيبات الشاملة الواردة في اتفاق جوبا لسلام السودان، وأشارت إلى مخاطبة الوزارات الاتحادية ذات الصلة بالمرسوم. فيما أكد وكيل أول وزارة الحكم الاتحادي د. محمد صالح يس، أن صدور المرسوم عالج أكثر القضايا تعقيداً في نظام الحكم بالولايات الثلاث، وجذور مسببات الحرب بها، ما يعد خطوة مهمة ومتقدمة في تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان. وكانت اتفاقية جوبا قد أقرت عودة نظام الحكم الفدرالي في البلاد القائم على 8 أقاليم بدلا من 18 ولاية ومنح الأقاليم نسبة من مداخيل الثروة وتقاسم التمثيل في المجالس والحكومة.
مخاوف
ويخشى مراقبون من تحول حق الحكم الذاتي للمنطقتين إلى انفصالهما بحكم تعقيدات الحرب الدائرة في المنطقتين منذ عشرات السنين فضلاً عن حلقات السلام التي لم تكتمل بعد، ودفعت بعض المراقبين إلى إبداء مخاوفهم من مطالبة المنطقتين بحق تقرير المصير، لاعتبارات عدة منها السياسية والأمنية ماجعل البعض يطالب بتطبيق التجربة الأمريكية في السودان وإقامة نظام فدرالي ينظم علاقة المواطن بالدولة من خلال دستور شامل متفق حوله تجنباً لحدوث تقسيم آخر يطال أقاليم السودان.
استحقاق قانوني
يشير الكاتب الصحفي والمحلل السياسي نصر الدين العماس إلى أن المرسوم الدستوري استحقاق جاء وفقاً لاتفاق جوبا للسلام ويكفل لولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان إعادة صياغة وتعديل دستور الولاية وممارسة حق التشريع وفقاً لدستور 1973 تعديل 1974 ومعالجة قضايا الأرض. ويرى العماس أن المرسوم ركن إلى نص المادة 8 «اتفق الطرفان، دون المساس بوحدة السودان شعباً وأرضاً أو السلطات الحصرية أو المشتركة أو المتبقية”. وقال لموقع “أفريقيا برس” إن تأثير المرسوم إيجابي في إنفاذ الاتفاق لكنه يخشى من حدوث مشكلات أخرى بشأن ولاية جنوب كردفان التي يتفاوض نيابة عنها عبدالعزيز الحلو، مما يعني وجود اتفاقيتين حول ولاية واحدة وهذا من شأنه تفجير صراع متجدد وثلاثي بين الحركتين الشعبيتين و الحكومة الانتقالية بحسب رأيه.
مكونات أخرى
ويتابع “من المهم النظر إلى حجم وجود الحركة الشعبية شمال بقيادة عقار في تلك الولايتين ومعرفة ماذا كانت هناك مكونات أخرى من شأنها أن تخلق توترات داخلية تعيق تنفيذ المرسوم. وأشار العماس إلى وجود حركتين كبيرتين من حيث الثقل والجمهور لم توقعا اتفاقا بعد مثل حركتي عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور. ويؤكد على أن مرسوم الاتفاق يرفع نسبة الطموحات لدى الحركتين ربما تصل إلى درجة المطالبة بحق تقرير المصير.
أبعاد مختلفة
وتذهب الكاتبة الصحفية رقية الزاكي إلى أن حق الحكم الذاتي له أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية. وترى في حديثها لموقع “أفريقيا برس” أن منح الولايتين حق الحكم الذاتي سيغير شعورها بالتهميش ويجعلها تشعر بالقبول والرضا. بيد أنها أبدت مخاوفها من أن يقود منح الحكم الذاتي إلي المطالبة بالانفصال ويلحق بجنوب السودان لاسيما في ظل منح المنطقتين صلاحيات واسعة تقود إلى شعور بالرغبة في الاستقلالية الكاملة والانفصال. ولمحت الزاكي إلى أن الحكومة الانتقالية احتفظت ببعض الصلاحيات الهامة في الوقت الذي تتم فيه الموافقة على الحكم الذاتي، فالقضية بحسب رأيها لها أبعاد متباينة تتعلق بالظروف والمواقف السياسية والمجتمعية. ووقعت الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية، على اتفاق جوبا للسلام في أكتوبر 2020.