هل ينجح “الإنتربول” باستعادة عناصر النظام السابق من تركيا؟

134

بقلم : أحمد جبارة

أفريقيا برسالسودان. ما إن أطاحت الثورة السودانية بنظام المؤتمر الوطني المنحل في العام 2019، حتى بدأت قياداته بالبحث عن ملاذٍ آمن تحسبا للملاحقات والمحاكمات، فمنهم من توارى عن الانظار في الداخل، ومنهم من أختار ملجأ خارج جغرافيا البلاد.

تركيا الحاضنة

الشاهد أن تركيا ذات الأيدولوجيا الإسلامية أصبحت “مأوى” للهاربين من بقايا النظام السابق وذلك لاعتبارات عديدة أبرزها محافظة تركيا على مصالحها في السودان باعتبار أنها تمنح قيادات من نظام البشير إقامة دائمة ومن ثم تدعمهم حتى الوصول إلى سدّة الحكم من جديد.

بداية الهروب

العباس حسن أحمد البشير، الشقيق الأصغر للرئيس عمر البشير

أول الذين فروا إلى تركيا الشقيق الأصغر للرئيس المخلوع العباس حسن أحمد البشير والذي بحسب تقارير فإنه يملك إستثمارات عدة، فضلا عن عقارات وأصول كثيرة. والعباس لم يكن الوحيد من الشخصيات النافذة ممن لجأوا إلى تركيا، فوزير المالية الأسبق والمحسوب عن النظام السابق بدر الدين محمود غادر ايضا إلى هناك، في وقت قالت فيه مصادر إنه تمكن من تحويل مبالغة مالية إلى حسابات تركيا.
كذلك من الهاربين إلى تركيا الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني حامد ممتاز، فيما ترجح مصادر أن تكون زوجة البشير هي الأخرى في تركيا. ايضا من الذين اختاروا ملجأ في بلد آخر؛ مدير جهاز الأمن الأسبق صلاح “قوش” ونائب المخلوع الفريق ابن عوف واللذان أتخذا مصر ملجأ لهما.

مطالبات النيابة

في السياق أصدرت النيابة العامة في وقت سابق، مذكرة توقيف بحق 33 هاربٍ إلى الخارج، وخاطبت الإنتربول الدولي، لاستعادة العناصر الهاربة إلى تركيا، وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق معتز موسى ومساعدي الرئيس المعزول عمر البشير يضاف إليهم عددٌ من القيادات المنتمية للإخوان والحركة الإسلامية المنبثقة عنها، كانوا تمكنوا من الهرب إبان سقوط النظام.

القبض على قوش

وشملت قائمة المطلوبين للنيابة العامة مدير جهاز المخابرات العامة السابق الفريق أمن صلاح عبد الله قوش، وكانت النيابة أشارت في تصريحات سابقة أنها طالبت مصر بتسليم صلاح قوش بعد تدوين بلاغات ضده بتهمة قتل متظاهري حراك ديسمبر، وسرت أنباء أن الجانب المصري أوضح أن قوش لم يدخل أراضيه قبل أن يصرح سفير القاهرة بالخرطوم أن قوش موجود في الأراضي المصرية بعلم الحكومة السودانية وصرح أكثر من مسؤول حكومي أنهم بصدد استرداد صلاح قوش وتقديمه للمحكمة بتهمة القتل العمد، وغادر قوش السودان في منتصف ابريل من العام 2019م بعد استقالته من موقعه كمدير لجهاز المخابرات العامة، وأشيع في أوقات سابقة أن قوش دخل الخرطوم متسللاً أكثر من مرة، وأظهرت بعض الصور قوش في القاهرة وهو محاط بعدد من الشباب في أحد الميادين المصرية.

موافقة مصر على تسليم “قوش”

وخلال الأسبوع الماضي بحث النائب العام مبارك محمود مع القاهرة تسليم مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الأسبق صلاح عبد الله “قوش” وبعد تفاهمات مع مصر أسفرت في النهاية موافقتها مبدئياً على تسليم الرجل للخرطوم، حيث كشفت مصادر مقربة من النيابة العامة عن موافقة مصر على تسليم المطلوبين للنيابة على رأسهم قوش، وقالت المصادر لـ”الترا سودان” إن النيابة توصلت لتفاهمات مع نظيرتها في مصر بالموافقة المبدئية بشأن تسليم المطلوبين بالقاهرة، وأضاف أحد المصادر: “في السابق كان هناك رفض مصري لتسليم المطلوبين ولكن حدث اختراق في الملف وتفاهمات في عملية التسليم”.

رئيس الحركة الإسلامية في قفص الاتهام

ايضاً طالبت النيابة في وقت سابق بالقبض على رئيس الحركة الإسلامية علي كرتي والذي كان وقتها خارج السودان وكانت النيابة أخرجت في أوقات سابقة نشرة إعلامية وصفت فيها كرتي بالمتهم الهارب وطالبت المواطنين بالمساعدة في القبض عليه، ويواجه كرتي تهم تقويض النظام الدستوري وبحسب متابعات “السوداني” إضافة إلى تهمٍ أخرى قيدتها لجنة إزالة التمكين منها حيازته على 99 قطعة أرض دون وجه حق.

مدير الأمن السابق

الفريق محمد عطا المولى عباس، سفير السودان السابق لدى الولايات المتحدة الامريكية

كما تتضمن قائمة المطلوبين للنيابة العامة أيضاً؛ سفير السودان السابق لدى الولايات المتحدة الأمريكية الفريق محمد عطا المولى عباس، الذي كان يشغل منصب مدير المخابرات العامة لمدة تسع سنوات. وكانت النيابة قيدت بلاغا ضده بتهمة قتل متظاهري سبتمبر 2013 وهي الفترة التي كان يعمل فيها محمد عطا مديراً للمخابرات العامة، وبعد سقوط النظام السابق أصدر المجلس العسكري الانتقالي حينها قراراً بإعفاء محمد عطا من موقعه كسفير للسودان بواشنطن، وتشير الأنباء إلى أن محمد عطا اتخذ من تركيا وجهة له عقب إنهاء فترة عمله بواشنطن.

رموز أخرى

ويظهر أيضا في قائمة الاسماء المطلوبة للنيابة العامة ويجري العمل على استردادهم عبر الانتربول؛ العميد محمد إبراهيم عبد الجليل الشهير “بود ابراهيم” وتلاحقه النيابة بتهمة السعي لتقويض النظام الدستوري والمشاركة في الانقلاب الذي قاده رئيس هيئة الأركان السابق هاشم عبد المطلب، وعرف ود ابراهيم في الأوساط السياسية بمشاركته في الانقلابات العسكرية ابرزها انقلاب 2013 الذي نفذه ضد الرئيس السابق البشير، وتلاحقه تهم المشاركة في انقلاب هاشم عبد المطلب، كما تلاحق النيابة رجل الأعمال ومدير شركة زادنا التابعة للقوات المسلحة أحمد محمود حامد المعروف بأحمد الشايقي، دونت ضده نيابة الجرائم المواجهة ضد الدولة ومكافحة الارهاب بلاغاً وطالبته بتسليم نفسه وطالبت الشرطة الأمنية بتسليم نفسه، ايضاً من الاسماء المطلوبة لدى السلطات وتسعى لاعتقاله عبر شرطة الانتربول يبرز اسم رجل الأعمال والمدير السابق لشركة سين للدقيق طارق سر الختم وهو من أوائل الذين طالبت الحكومة بتوقيفهم بعد أن سرت أنباء تقول بأنه تم توقيفه في إحدى الدول العربية قبل أن تنفي النيابة العامة عملية اعتقاله، ويمت طارق سرالختم بمصاهرة مع الرئيس السابق عمر البشير، وورد اسمه في إحدى جلسات محاكمة البشير بتهمة الحيازة على النقد الأجنبي.

ورقة ضغط

ساطع الحاج، خبير قانوني ورئيس الحزب الناصري -العدالة الاجتماعية

الخبير القانوني ورئيس الحزب الناصري -العدالة الاجتماعية – ساطع الحاج بدأ حديثه لـ “أفريقيا برس” متشائما بتسليم القاهرة “قوش” للخرطوم لجهة أن مصر دائما ما تحبذ أن يكون لديها أوراق ضغط على الحكومات، كما أستدل ايضا بعدم تسليم مصر لأي سياسي معارض في كل عصورها وهو الأمر الذي اعتبره الحاج بالصعوبة أن تسلم مصر المطلوبين للسودان ويتم محاكمتهم في الداخل، ونوه إلى أن موافقة مصر لتسليم “قوش” لا تعد إلا مناورة سياسية أو حديث للإستهلاك، جازماً بأنها لن تسلم “قوش. وحول بقية المطلوبين من بقايا النظام السابق في تركيا يقول ساطع: إن تركيا ظلت طول فترة حكم أردوغان تأوي العناصر الإسلامية الفاسدة بدوافع اقتصادية وأيديولوجية، داعيا إلى ضرورة محاسبتها بالطرق القانونية الدولية، فضلا عن ضغطها حتى تسلم المطلوبين لدولهم، واعتبر هدف تركيا من احتضان بقايا النظام السابق يرتكز على إنعاش اقتصادها لجهة أنهم يملكون رؤوس أموال كبيرة، كما لايستبعد أن تكون تركيا تريد دعم الإرهاب من خلال احتضانها عناصر النظام السابق حسب تعبيره.

لماذا تأوي تركيا رموز النظام السابق؟

راشد التجاني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أمدرمان الاسلامية

يقول أستاذ العلوم السياسية راشد التجاني في حديث لـ”افريقيا برس”؛ إن سقوط البشير جعل تركيا في وضع لايحسد عليه وهو الأمر الذي جعلها تحتفظ بقيادات من رموز النظام السابق على أراضيها، وأرجع التجاني الخطوة إلى إستخدامهم أوراق ضغط على حكومة الخرطوم، فضلا عن تقويتهم لبلوغهم الحكم من جديد، مشيراً إلى أن تركيا تريد إستعادة أمجاد الدولة العثمانية في منطقة الشرق الأوسط، وبهذا اعتبر التجاني أن بلوغ ذلك لايتم إلا بوجود عناصر تأويهم ومن ثم تدعمهم بهدف السيطرة على بلدانهم. وطالب التجاني بضرورة أن تحترم تركيا الثورة السودانية وتسلم الهاربين للحكومة، مقترحا في الوقت نفسه إتخاذ إجراءات ضد أنقرة في الأمم المتحدة لما قامت به من أعمال عدائية بحق الثورة عبر عدم تعاونها رغبتها في تسليم المطلوبين للسودان، منوها إلى أنه لاتوجد عقبات في التسليم سوى ما أسماه تعنت الدول باعتبارها تأوي المطلوبين لإعتبارات سياسية ومصالح تخدم أجندتها، داعيا الدولة إلى ضرورة اتباع منهج القانون في المطالبة بالقبض على الفاسدين في الخارج.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here